مؤشرات على توافق بين حكومة اليمن والانفصاليين.. وتحذيرات

ظهرت مؤشرات بشأن اقتراب نهاية التمرد الذي قاده الانفصاليون المدعومون من الإمارات على الحكومة المعترف بها في مدينة عدن، جنوبا، برعاية سعودية، وسط تساؤلات وشكوك حول صيغة الحل المرتقبة.

تصريح وزير الخارجية اليمني، محمد الحضرمي، الثلاثاء، بشأن الحوار الذي يجري برعاية من المملكة لإنهاء تمرد "المجلس الانتقالي" المدعوم إماراتيا على الحكومة وعودة مؤسسات الدولة، كان أحد أبرز المؤشرات.

وقال الحضرمي، إن حوار جدة يرتكز على الثوابت الوطنية في "الحفاظ على وحدة وأمن اليمن، وعودة جميع مؤسسات الدولة" إلى العاصمة المؤقتة عدن.

وذكر الوزير أن الحوار يقوم أيضا على "دمج جميع التشكيلات العسكرية الخارجة عن الدولة والتابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في إطار وزارتي الدفاع والداخلية".

"مرحلة جديدة"

من جهته، قال رئيس وزراء اليمن السابق، أحمد بن دغر، إن كل المؤشرات والتحركات التي تقودها السعودية تشير إلى أننا أمام مرحلة جديدة من عاصفة الحزم ومستوى أعلى من جهود التحالف لاستعادة الدولة ودعم الشرعية في البلاد.

وتابع في منشور عبر صفحته بموقع "فيسبوك": "مرحلة جديدة بأهداف ثابتة ووسائل مختلفة، يتعزز فيها الاتجاه نحو توحيد الصفوف، وتجاوز الخلافات، والذهاب نحو الأصل في المعركة، وهو هزيمة الانقلاب الحوثي، والتصدي للمشروع الإيراني في اليمن والمنطقة".

وأضاف أن "هذه المرحلة من المفترض أن تتغير فيها أساليب ووسائل وآليات القيادة في التعامل مع المناطق المحررة، وقد خلت أو تكاد تخلو من الازدواج القيادي المهلك في التعاطي مع تعقيدات الوضع في اليمن وتناقضاته".

ولفت إلى أن "الأساليب والوسائل والأدوات والآليات السابقة أنتجت كل هذا الكم الكبير من الحروب الداخلية والضحايا وهذا الاحتقان الشديد، واستدعت آلام الماضي وضغائنه وأحقاده دفعة واحدة.. وخرجت نهارا جهارا على المعلن من أهداف التحالف، حتى كدنا نُهدي الحوثيين نصرا والإيرانيين غنيمة دون حرب".

اقرأ أيضا: هكذا رد قرقاش على هجوم وزراء في حكومة اليمن على الإمارات

وأكد رئيس الوزراء اليمني السابق أن الجوهري في هذه المرحلة، كما هو جوهري في المرحلة السابقة وإن تم الخروج عليه، هو أن يظل هدف الحفاظ على اليمن موحدا أرضا وشعبا وهوية مع كل خطوة نحو المستقبل.

واعتبر أن غير ذلك تهديد أكبر ومخاطر أشد، على اليمن وعلى المملكة والأمة.

وأردف بن دغر قائلا: "النصر أو الهزيمة في هذه المواجهة التاريخية في مرحلتها القادمة معيارهما الخروج باليمن من هذه الكارثة، التي تسبب بها النزوع العنصري للحوثيين، وانبعاث المناطقية موحدا متحدا، منتصرا على نفسه، ومنتصرا لأمنه ومصالحه العليا وأمن ومصالح جواره، أو منقسما".

وأوضح أن ما سلب من صلاحيات ومهام الدولة والشرعية في المرحلة السابقة، وهو سبب رئيسي فيما وصلنا إليه اليوم من انقسام وصراع وجنوح للعنف، وتخلّ عن القيم، يجب أن يستعاد دون تردد، ودون إبطاء.

وشدد على أن تستعيد الدولة دون غيرها ممثلة في الرئيس ومجلس النواب والحكومة دورها في بناء الجيش والأمن، وأن تخضع كل الوحدات العسكرية، بما فيها الوحدات المناطقية، لسلطة مباشرة وحقيقية للدولة، بما فيها المرتبات وحق التسليح والتدريب".

ودعا إلى أن تباشر الدولة بناء جيش وطني تنتفي منه صفة الطائفية والمناطقية، وأن تبدأ الشرعية بنفسها في المناطق المحررة.

وذكر أن على الدولة أن تستعيد سلطتها على كل مرافق ومؤسسات الدولة الإدارية والمالية والخدمية، وألّا يسمح لغيرها بمؤسساتها المركزية والمحلية ممارسة أو اختطاف هذه الصلاحيات الممنوحة لها بحكم الدستور. مطالبا بأن يعاد للعلم والنشيد الوطني اليمني اعتباره وقيمته وقدسيته، كونهما رمزي الوطن وروح الشعب. يجب التوقف عن صناعة الأخطاء ذاتها التي حدثت في السنوات الماضية".

وحث المسؤول اليمني على التوقف عن صناعة الأخطاء السابقة والقطيعة مع الأسباب التي أدت إلى هذه الأخطاء، التي تكاد تذهب بنا إلى التقسيم والتمزيق والهاوية، عافية الوطن وبوابة النصر تبدأ من هنا.

وتطرق إلى الأهداف والمبادئ التي استدعت التحالف العربي بقيادة المملكة، التي قال إنه يجب بناء النصر وفقا لها، بالإضافة إلى عدم السماح للمتطرفين بالعبث بمستقبل شعب ووطن.

وحذر رئيس الوزراء اليمني السابق من إعطاء الإيرانيين فرصة أخرى أو مجالا أوسع للتمدد على حساب مصالحنا وأمننا، بل وعلى حساب وجودنا.

"تكمل ما بدأته أبوظبي"

من جهته، قال رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات السابق، أنور الخضري، إن ما يجري تداوله من أنباء عن توافق مرتقب بين الحكومة الشرعية والانفصاليين مؤشر على أن الأولى تعاني حصارا شديدا وضغوطا قوية لتطبيع حالة الانقلاب وشرعنة الطرف المنقلب.

وأَضاف في حديث خاص لـ"عربي21" أن أي تنازلات تقدم للانقلاب في عدن من شأنها تقويض هيبة الدولة وتغرس في جسدها كيانات جرثومية خبيثة كخلايا نائمة يمكن أن تعود للخيانة والغدر مجددا إذا أعطي لها الضوء الأخضر.

وبحسب الخضري، فإن تمكين هؤلاء دون أي ضمانات حقيقية هو تهديد لكيان الشرعية، وإفراغ لقوتها على الأرض خاصة. مؤكدا أن الانقلابيين -المجلس الانتقالي الجنوبي- قد حصلوا على الدعم المالي والعسكري اللازم لتمكنهم وتحركهم.

وأشار الباحث السياسي اليمني إلى أن ما فعلته السعودية بالحصانة لصالح (الرئيس الراحل، علي صالح) يتكرر في المشهد ذاته في عدن. موضحا أن المملكة تكمل ما ابتدأته الإمارات من جريمة هناك.

"شرعنة ولعب النار"

وفي السياق ذاته، يذهب الكاتب والمحلل السياسي اليمني، أحمد الزرقة، إلى أن الحديث عن وجود توافق لن يكون أكثر من شرعنة للانقلاب والضغط على الحكومة الشرعية للقبول به.

وقال في حديث خاص لـ"عربي21" إن عواقبه ستكون كثيرة، وتكرار لاتفاق السلم والشراكة بين الحكومة ومليشيا الحوثي في سبتمبر 2014.

وبحسب الزرقة، فإن إضفاء الشرعية على انقلاب عدن سيشجع أي طرف لديه مال وتمويل خارجي على تكرار ما حدث في صنعاء وعدن في مناطق أخرى

واتهم السعودية بالعمل على تقويض الشرعية، لكنه حذرها من أن هذه الطريقة لعب بالنار، واستجابة للضغوط الإماراتية على حساب أمنها الاستراتيجي.

وأوضح السياسي اليمني أن أي تفاهمات توافق عليها الشرعية قبل عودتها إلى عدن وانسحاب المليشيا الإماراتية من المؤسسات والمعسكرات، وتعويض ضحايا العدوان الإماراتي، تكون بذلك "تخلت عن مشروعيتها، وأصبحت الغطاء الذي يشرعن للمليشيات، وهي خيانة لليمن وللدستور ولأرواح من ضحوا ووقفوا في وجه الانقلاب. 

وفي اليومين الماضيين، تشير معلومات مسربة وتقارير لوسائل إعلام دولية إلى اقتراب الحكومة الشرعية من التوافق مع المتمردين الانفصاليين برعاية سعودية لإنهاء التمرد الذي قادوه في آب/ أغسطس الماضي.