نشر موقع "بلومبيرغ نيوز" تقريرا للكاتب لوي لايت، يكشف فيه عن عمليات إماراتية لاستهداف قناة "الجزيرة" في الولايات المتحدة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن جماعات لوبي تعمل لصالح الإمارات تحاول الضغط من أجل تسجيل "الجزيرة" قناة تعمل لصالح بلد أجنبي.
ويقول لايت إن الإمارات العربية قامت بحملة ضغط، هدفها إسكات وعرقلة عمل شبكة الجزيرة الإعلامية في أمريكا، مشيرا إلى أن الحملة تشمل استخدام شركة لوبي لمقابلة عدد من الموظفين في الكونغرس في واشنطن، وكذلك حملة رقمية منفصلة تقوم على حسابات على "تويتر" تسيطر عليها الإمارات ومواقع على الإنترنت، دون الكشف عن ارتباطاتها.
ويلفت الموقع إلى أن قناة "الجزيرة" تعد واحدة من أهم شبكات الأخبار العربية في مرمى النزاع بين قطر وجاراتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر، مشيرا إلى أن القناة تعمل من قطر، ولديها علاقات مع حكومتها.
وينوه التقرير إلى أن القناة أثارت الجدل من خلال البرامج التي تعرضت لانتقادات حتى من بين المشرعين الأمريكيين والجماعات المؤيدة لإسرائيل، الذين قالوا إنها تمنح منبرا للجماعات الإرهابية والدعاية المعادية لإسرائيل، وفي المقابل فإن القناة حصلت على الثناء بسبب كشفها عن ممارسات الأنظمة الديكتاتورية.
ويفيد الكاتب بأن عشرات الملايين في العالم العربي يتابعون برامج القناة، التي عادة ما تعالج موضوعات لا تتجرأ بقية القنوات العربية الأخرى على التطرق لها، بما في ذلك تغطيات ناقدة للإمارات والسعودية وبقية الأنظمة العربية، لافتا إلى أن أعداءها يقولون إن "الجزيرة" لا تخصص مساحة النقد ذاتها للحكومة القطرية.
ويبين الموقع أن مقابلات وسجلات عامة وتحليلا للحسابات التي تم وقفها على "تويتر" تكشف عن الحملة الإماراتية، التي تجري منذ أكثر من عام، وحاولت استهداف الكونغرس والوكالات الفدرالية والعالم الرقمي.
وبحسب التقرير، فإن حملة اللوبي و"تويتر" تهدف لإقناع المشرعين والجهات المنظمة لعمل المؤسسات الإعلامية في الولايات المتحدة بإجبار قناة "الجزيرة" على التسجيل كوكيل أجنبي مع وزارة العدل الأمريكية، وبناء على قانون تسجيل جماعات اللوبي والمصالح التي تخدم الأطراف الأجنبية.
ويوضح لايت أن خطوة كهذه ستجعل القناة بوقا إعلاميا، مثل "روسيا اليوم" و"الصين اليومية"، ما يعني فقدانها مصداقيتها الإعلامية، ومنعها من حضور مناسبات معينة، والطلب منها الكشف عن عقودها.
ويذكر الموقع أن شركة "أكين غام شتراوس هور أند فيلد أل أل بي"، وهي أكبر شركة لوبي من ناحية الموارد، حصلت على 1.9 مليون دولار من الإمارات في ستة أشهر حتى حزيران/ يونيو 2019، مشيرا إلى أن السجلات عن الحملة الإماراتية تظهر أن الشركة أشارت إلى موضوعات تتعلق بمؤسسات إعلامية تملكها الحكومة القطرية بأنها أهم القضايا التي تستحق الطرح.
ويكشف التقرير عن أن العاملين في شركة "أكين غام"، الذين يمثلون الإمارات، قابلوا في خلال هذه الفترة أشخاصا، واتصلوا بآخرين، وأرسلوا رسائل إلكترونية لأكثر من 30 موظفا في مجلسي النواب والشيوخ، وذلك حسب الملفات المنشورة عن جهود اللوبي، وقابلوا مسؤولين يعملون في إدارة دونالد ترامب ومؤسسات بحثية مؤيدة لإسرائيل.
ويشير الكاتب إلى أن العاملين في الشركة اتهموا قناة "الجزيرة" بنشر العداء للسامية والترويج للجماعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة، وقالوا إن العائلة الحاكمة في قطر تسيطر على القناة وتقرر ما يجب نشره، وهو ما ترفضه قطر و"الجزيرة".
ويكشف الموقع عن أن لقاء عقدته شركة "أكين غام" مع مسؤول في إدارة ترامب، قام فيه موظفو الشركة بفتح جهاز حاسوب شخصي، وقدموا شريط فيديو أنتج بطريقة متقنة، وأظهر أن "الجزيرة" تعطي مساحة للجماعات الإرهابية في وقت الذروة، وقال المسؤول، الذي رفض الكشف عن هويته، إن الفيديو لا علاقة له بعمله مع الحكومات الأجنبية، ووصفه بأنه "غريب" وترافقه موسيقى تأثيرية درامية وصوت قوي، وقال إنه حول موظفي الشركة لمكتب آخر، ولم يناقش الموضوع معهم مرة ثانية.
ويلفت التقرير إلى أن شركة "تويتر" قامت في أيلول/ سبتمبر بتعليق 4500 حساب، التي كانت جزءا من الحملة التي تتحكم فيها الحكومة الإماراتية، مشيرا إلى أن أرشيفا للحسابات التي حجبتها شركة "تويتر" يكشف عن مئات الرسائل التي تلاحق نشرات "الجزيرة"، وبعضها يدعو بشكل واضح لتسجيلها كوكيل أجنبي.
ويفيد لايت بأن حسابا باللغة الإسبانية نشر في نيسان/ أبريل 2018، تغريدة جاء فيها أن "على إدارة ترامب اتخاذ الإجراءات لوقف الدعاية التي تقوم بها الشركات المدعومة من الخارج، التي تعمل داخل الولايات المتحدة دون قيود، مثل (الجزيرة) القطرية".
ويقول الموقع إنه بعيدا عن واشنطن، فإن "الجزيرة" كانت جزءا من النزاع الخليجي، الذي بدأ عام 2017 بحصار قطر، ومطالبة دول الحصار بإغلاق القناة ضمن عدد آخر من المطالب، مشيرا إلى أن القناة بدأت في عام 1996 بقرض 100 مليون من أمير قطر، واستفادت من فريق صحافي كان يعمل في قناة "بي بي سي" عربي التي أغلقت.
وينوه التقرير إلى أن القناة نشرت بعد هجمات 11/ 9 أشرطة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، مشيرا إلى قول قناة الجزيرة إنها مثل "بي بي سي"، التي تحصل على دعم من الحكومة البريطانية لكنها مستقلة في خطها التحريري.
وينقل الكاتب عن متحدث باسم القناة، قوله إن الحكومة القطرية تدعمها، "لكن لا سلطة تحريرية لها عليها"، مشيرا إلى أن الحكومة القطرية لن تغلق القناة استجابة لمطالب الحصار، وأضاف: "في الحقيقة هناك حملة تضليل ضدنا، وندرك أهمية ما تقدمه القناة في تفنيد المزاعم الخاطئة"، وأشار إلى أن إجبار القناة على التسجيل كوكيل أجنبي هو نوع من الرقابة، وقال إن القناة عادة ما تنشر قصصا ناقدة لقطر، مثل الانتهاكات للعمالة في ملاعب كرة القدم تحضيرا لمباريات 2020.
ويورد الموقع نقلا عن الشريك مع شركة "أكين غام" والمستشار لدى السفارة الإماراتية، هال شابيرو، قوله: "من الصعب فهم السبب لعدم تسجيل قناة (الجزيرة) كوكيل أجنبي"، وأضاف: "القانون والسابقة واضحان: الحكومات الأجنبية التي تملك وتعمل في الإعلام في الولايات المتحدة يجب عليها التسجيل والكشف عن الملكية والتمويل".
ويشير التقرير إلى أن لدى الشبكة ستة مكاتب في أمريكا، يعمل فيها 200 موظف، حتى بعد فشل الشبكة في إنشاء فرع لها في الولايات المتحدة عام 2016، لافتا إلى أن الأمريكيين يحصلون على محتويات القناة من المزودين للكوابل والأقمار الصناعية، وكذلك من مواقع الإنترنت "إي جي بلس".
ويلفت لايت إلى أن الشبكة تمددت في عدد من الدول العربية، فيما اتهمتها الدول المعادية بأنها أداة في يد السلطة القطرية، مشيرا إلى أنها كانت القناة الوحيدة التي نقلت مشاهد الربيع العربي عام 2011.
ويقول الموقع إنه في حال نجحت الإمارات في إجبار الجزيرة على التسجيل كوكيل أجنبي فإن مستقبلها في الولايات المتحدة سيكون قاتما، فبعد إجبار قناة "روسيا اليوم" على التسجيل بناء على قانون الوكلاء الأجانب في وزارة العدل عام 2017، قال محررها العام إنها منعت من تغطية مناسبات عدة، وجردت من الرخص الصحافية التي تسمح لها بالدخول للمناطق المحظورة في العاصمة، وتقوم بتقديم بيانات عن نشاطاتها وعشرات أشرطة "دي في دي"، وقائمة بمن تتصل بهم وتقابلهم من الأمريكيين.
وينقل التقرير عن شركة "تويتر"، قولها إنها كشفت عن حملة تديرها الإمارات ومصر، لافتا إلى أنه بحسب المواد المنشورة فإن الإمارات وشركاءها قاموا قبل أيام الحصار على قطر بتسجيل حساب "تويتر" اسمه "قطرليكس"، لديه 70 ألف متابع في وقت تعليق الحسابات، بالإضافة إلى أن سجلات أخرى منفصلة كشفت عن نشاطات لحسابات تابعة لـ"قطرليكس" في "فيسبوك" و"إنستغرام"، أصبحت ناشطة في الوقت ذاته، وفي آب/ أغسطس قام حساب "تويتر" بوضع تغريدة جاء فيها إن البيت الأبيض وضع "الجزيرة" على المشنقة.
ويبين الكاتب أنه في واشنطن قامت شركة "أكين غام" بلقاء آخر، قال فيه موظفوها إن الحكومة القطرية تسيطر بشكل كامل على الخط التحريري للقناة، وقال أحد الموظفين الذين التقوا بممثلي الشركة إنها حاولت الحد من التواصل المكتوب، ورفضت إرسال الوثائق، وهو أمر اعتقد الموظف أنه غريب.
وبحسب الموقع، فإن الأوراق المنشورة تظهر أن شركة اللوبي "أكين غام" حاولت الاتصال مع المفوضية الفيدرالية للاتصالات تسع مرات على الأقل، نيابة عن الإمارات العربية المتحدة؛ وذلك لمناقشة المطالب الضرورية التي تجبر شبكة إعلامية للتسجيل كوكيل أجنبي، وفيما إن كانت المفوضية لديها قانون آخر يجبر "الجزيرة" على التسجيل كوكيل أجنبي.
ويفيد التقرير بأن الإمارات وجدت حلفاء في الكونغرس، ففي حزيران/ يونيو كتب ثمانية مشرعين بقيادة السيناتور الجمهوري عن إيوا تشاك غراسلي لوزارة العدل، رسالة طالبوها فيها بالتحقيق في قناة "الجزيرة"، وفيما إن كان يجب تسجيلها كوكيل أجنبي، وقدمت شركة اللوبي رسائل إلكترونية ورسائل مع السيناتور غراسلي.
ويختم "بلومبيرغ" تقريره بالإشارة إلى قول المتحدث باسم غراسلي، إن اللجنة المالية في مجلس الشيوخ كانت تقوم بمراجعة نشاطات "الجزيرة" قبل اتصال الإمارات به.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
صندي تايمز: الإمارات تدير ظهرها للغرب وتتجه نحو الصين
الغارديان: هل تزيد هجمات بقيق مخاطر اشتعال حرب بالمنطقة؟
إندبندنت: هل هناك "محور شر" جديد في الشرق الأوسط؟