يشهد
العراق حملة اغتيالات واعتقالات وتهديدات
غير مسبوقة، طالت عددا من
الصحفيين والناشطين، بالتزامن مع دعوات تحشيد للخروج في
مظاهرات احتجاجية يوم 25 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، وذلك بعد الانتهاء من
"زيارة أربعينية الحسين" التي تجري حاليا في كربلاء.
ولعل آخرها، مقتل صحفي وعائلته بالكامل في
محافظة السليمانية، واغتيال آخر في محافظة ميسان، إضافة إلى اعتقال الناشط شجاع
الخفاجي، المشرف على حساب "الخوة النظيفة" التي تعتبر من أكبر صفحات
"الفيسبوك" في العراق.
اعتقالات وتهديدات
لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، حذرت
على لسان مقررتها النائبة وحدة الجميلي، من تداعيات الاعتقالات والقمع التي طالت
وتطال الناشطين والإعلاميين قبل المظاهرات المزمع انطلاقها في 25 تشرين الأول/
أكتوبر الجاري.
وقالت الجميلي في حديث لـ"عربي21"
إنه "بالفترة الأخيرة حصل ما هو أخطر من قمع المتظاهرين، وهو اعتقال الناشطين
أو تغييبهم قسريا، إضافة إلى قتلهم، وهناك حالة قتل لصحفي في محافظة ميسان، وأخرى
لصحفي في قناة (إن آر تي) مع عائلته، وعلى الرغم من القول إنها جنائية، لكن هناك
بعض الشكوك تقول إنها متعمّدة".
وأكدت النائبة العراقية، اعتقال مجموعة من
"الصحفيين المهمين جدا" وتغييبهم، وهناك حالات من التهديد المباشر
لبعضهم إضافة للناشطين الذين يحاولون تسليط الضوء على ما يجري كونهم سلطة رابعة.
وحمّلت الجميلي، الحكومة المسؤولية الكاملة،
ودعتها إلى مراعاة الإعلان العالمي لمبادئ حقوق الانسان، وإذا تراجعت في هذه
المسألة، فستكون في مصاف الدول المتخلفة، وربما تُفرض عليها عقوبات من المجتمع
الدولي، ومجلس حقوق الانسان العالمي.
وبخصوص دور اللجنة الرقابي، قال الجميلي إن
"رئاسة البرلمان شكلت لجنة مشتركة من لجنتي الأمن والدفاع وحقوق الإنسان مع
الجهات الأمنية، متمثلة بالقائد العالم للقوات المسلحة، إضافة إلى وزيري الدفاع
والداخلية، ورئيس جهاز الأمن الوطني، لكنها لم تجتمع بسبب (الأربعينية)، وستستأنف
أعمالها بعد انتهاء المناسبة، ابتداء من يوم الأحد المقبل، للوقوف على آخر
المستجدات".
وفي حال لم تتوقف الاعتقالات بحق الإعلاميين
والناشطين، أكدت الجميلي أن "البرلمان سيكون له إجراءات، وكنا قد جمعنا
تواقيع لاستجواب القائد العام للقوات المسلحة للوقوف على الانتهاكات في التي حصلت
في المظاهرات الأخيرة".
وشددت وجود "حالة من القمع رافقت
المظاهرات الأخيرة، وهي سابقة خطيرة لم تحدث قبل ذلك، إضافة إلى أن ذلك كله، فإنها
تقوض الديمقراطية التي ناضل واجتهد الشعب العراقي وقدم تضحيات تصل إلى مليون ونصف
المليون شخص، حتى وصل إلى ما وصل إليه اليوم، وتأتي جهات حكومية أو غيرها أو جهات
خارجية وتقمع المتظاهرين، فهذا أمر مرفوض جدا".
تخوّف من 25 أكتوبر
وأعربت النائبة العراقي عن مخاوفها من
"المظاهرات المزمع الخروج بها في يوم 25 من الشهر الجاري، والتهديدات
المقابلة، وهذا الأخطر والأهم، وننتظر ما سيحدث في الاحتجاجات المقبلة، واعتقد
المظاهرات بعد الأربعينية ستكون شديدة وأكثر قسوة من التي سبقتها".
وعن وضع المعتقلين من الصحفيين والناشطين، قالت
الجميلي: "لدينا تواصل مع الجهات التنفيذية الحكومية، لكن كل التقارير التي
تردنا منها، هي هزيلة ولا تمت للحقيقة بصلة، لكن تقارير المفوضية العليا لحقوق
الانسان هي الأقرب إلى الواقع".
إلا أن الجميلي، كشفت أنه "بالفترة
الأخيرة جاءت اتصالات للمفوضية بوجوب أن تكون تقاريركم قريبة من تقارير الحكومة،
وهذا توجه خطير جدا، حسب ما ورد على لسان أحد أعضاء المفوضية".
أما عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في
العراق، فاتن الحلفي فقد قالت لـ"عربي21" إن "المفوضية تتابع
اعتقال أي ناشط وأسبابها، وهناك تحقيقات تجري من الجهات التنفيذية، وممكن أن يحال
إلى القضاء أيضا".
وبخصوص اعتقال الناشط شجاع الخفاجي، قالت
الحلفي: "نحن لم نطّلع على الأوراق التحقيقية، أو سبب إلقاء القبض عليه، قد
تكون القضية جنائية أو عليه دعوى أو مذكرة القاء قبض".
وأكدت الحلفي، أنه "إذا كان اعتقاله لمجرد
نشره في مواقع التواصل الاجتماعي، فسيكون لمفوضية حقوق الانسان وقفه في هذا
الجانب".
وبخصوص أعداد المعتقلين منذ المظاهرات وحتى
الآن، أشارت إلى أن "إحصائياتنا لأعدادا المعتقلين في المظاهرات الأخيرة وصلت
إلى 1205، أغلبهم أطلق سراحه، وبقي منهم 10 أشخاص الذين ألقي القبض عليهم بالجرم
المشهود، أثناء محاولتهم قتل القوات الأمنية وإلقاء قنابل المولوتوف".
"هجرة إلى كردستان"
لكن مصدرا سياسيا، طلب عدم الكشف عن هويته، قال
لـ"عربي21" إن "الاعتقالات التي تطال ناشطين ومدونين عراقيين على
مواقع التواصل الاجتماعي، تبررها الحكومة على أنهم قد يكونون مدفوعين من جهات
خارجية لتقويض الأمن في البلاد".
وأضاف، أن "حملة الاعتقالات الأخيرة، أدت
إلى هجرة العديد من الإعلاميين ومكاتب القنوات الفضائية إلى إقليم كردستان العراق
خشية أن تطالهم تلك الحملة التي على ما يبدو أن السلطات الحكومية مستمرة فيها حتى
يوم 25 من الشهر الجاري".
وعلى إثر ذلك أدان سياسيون وإعلامين حملة
الاعتقالات والمطاردات للصحفيين، وتهديد مكاتب وسائل الإعلام في بغداد، وقال زعيم
التيار الصدري مقتدى الصدر في تغريدة على "تويتر" إنه: "لا يجب أن
تكمم أصوات الإعلام الحر، وأن أي اعتداء عليه من الدولة، هو قمع لحرية الصوت
المعتدل، فحاسبوا المعتدين".
وكتب المحلل السياسي العراقي، هشام الهاشمي على
"تويتر" قائلا: "عيب الكذب يا رئيس الوزراء أعطيت وعدا بإنهاء
الملاحقة والمتابعة للإعلاميين والمدونين، وفجر اليوم قوة تعتقل المدون شجاع
الخفاجي، وتأخذه الى مطار بغداد، بدون أوامر قبض وبطريقة مستهترة". وأضاف:
"إن أخطر عيب ليس، كما اعتقدنا هو أن لا يعرف الرئيس أن كلامه لا يطاع، بل أن
يعد ثم يقوم بنكران وعوده".
ومن المقرر أن تتجدد المظاهرات الشعبية في
العراق يوم 25 من الشهر الجاري، بعد اتفاق على تأجيلها جرى بين الحكومة تنسيقيات
المظاهرات إلى ما بعد انتهاء "زيارة أربعينية الحسين" التي يسير فيها
ملايين الشيعة إلى كربلاء مشيا على الأقدام.