تتداخل أوراق الحل المقترحة للأزمة التي يمر بها لبنان وسط استمرار التظاهرات الحاشدة، والتي قوبلت بقمع أمني لمحاولة فتح الطرق.
التظاهرات التي تستمر في مختلف المناطق اللبنانية، تأتي في ظل تلويحات هي أشبه بإنذار أخير من قبل أمين عام حزب الله حسن نصر الله مفاده أن البلد متجه نحو فوضى لو استمر الوضع على الايقاع نفسه من "قطع الطرقات والتظاهرات في الساحات.
وبينما يحبس اللبنانيون أنفاسهم تحسبا من اصطدام شارعين متعارضين في الساحات، تعود قضية استقالة الحكومة لتطرح مجددا كخيار قد يلتقي معه المتظاهرون والسلطة في المنتصف، وإن كانت الحكومة الجديدة المقترحة التي يتداول بشأنها في بعض الأروقة السياسية لن تخرج من عباءة القوى السياسية الحالية مع تبديل وجوه بارزة ببعض وزراء "التكنوكراط" إرضاء للشارع الغاضب، بحسب مراقبون.
وتطرح التساؤلات حول الأهداف غير المرئية للتظاهرات المضادة من قبل مناصري "الثنائي" أمل وحزب الله وما تبعها من اعتداء على تجمعات ومتظاهرين مطالبين بإسقاط النظام خلال اليومين الماضيين، مع تعاظم الحديث عن محاولة جدية من قبل الحزب لإخماد انتفاضة الشارع تحت عنوان "الخطر الخارجي" الذي يهدد المقاومة.
ورأى عضو تكتل لبنان القوي المؤيد لرئيس الجمهورية النائب آلان عون أن "الحلول تبدو ضبابية لغاية اللحظة في ظل الانتظار الموجع الذي تفرضه لعبة شد الحبال بين المتظاهرين والسلطة"، متابعا في تصريحات لـ"عربي21": "ترفض السلطة تقديم مزيد من التنازلات من دون التيقن بأنها ستصل الى نهاية أكيدة للأزمة، في الوقت الذي لا يمكن معرفة ارتفاع السقف الذي ستصل إليه مطالب المتظاهرين بينما يستمر البلد في استنزاف نفسه".
ووصف عون المشهد بأنه "أشبه بعضّ للأصابع بين طرفين ينتظر منهم الآخر لكي يقبل بشروط الآخر".
وعن توجيه جزء من الشارع اللبناني اللوم لرئيس الجمهورية لعدم اتخاذه منذ بداية عهده مواقف حازمة للحد من الفساد ومحاربة المفسدين، قال: "أعتقد أن التسوية الرئاسية حدت من قدرة العهد على الاصلاح والتغيير لأنها وضعته في قيود مع الأطراف التي أنجز معهم هذه التسوية، ولأن منطق التوافق الذي يحكم البلد يفرض نفسه مع ضرورة الانفتاح على أطراف لانتفق معها في مجالات عدة".
وأضاف أن "الواقع التمثيلي لقوى سياسية حتم علينا عدم المضي بما نطمح إليه من معالجات استنادا إلى مبدأ التوافق السياسي، وقد عاد هذا الواقع التمثيلي وتجدد بعد الانتخابات النيابية الأخيرة لتبقى الأمور أسيرة هذا المنطق".
وأقر عون بأن "الاستقرار السياسي والحرص على حماية لبنان من أي هزات سياسية جاء على حساب العمل الإصلاحي الذي كنا نخطط ونطمح لتحقيقه"، مشددا على أن المواطنين أعطوا السلطة "فترة زمنية لكنهم لم يلمسوا نتائج إيجابية قبل أن ينفد صبرهم من الطاقم السياسي المكون للحكومة وهذا ما تعكسه مواقفهم الرافضة لإعطاء أي مهلة زمنية للحكومة لتحقيق تقدم أو إنجازات حقيقية".
وأشار عون إلى أن "الأزمة انفجرت بوجه جميع السياسيين بما تحمله من مدلولات معيشية وصرخات تعبر عن حالة القهر والحرمان التي يكابدها الكثير من اللبنانيين".
ورفض عون الحديث عن محرك خارجي للتظاهرات في لبنان، قائلا إن "اندلاع الاحتجاجات ولدته شرارة عفوية ولا يمكن إهمال الصرخة الموجعة للشعب اللبناني، فأغلبية المتظاهرين يتحركون على خلفية اجتماعية ومعيشية وسط عدم ثقتهم بالطبقة السياسية والنظام القائم"، مستدركا: " لا نستبعد في الوقت عينه وجود انتهازيين يحاولون ركب موجة الغضب الشعبي إن كان على خلفيات سياسسة داخلية أو لأهداف خارجية، وهذا ما تبين من خلال إعلان حزبين مشاركين في الحكومة مشاركتهما في التظاهرات (يقصد الحزب الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط والقوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع) ما يؤكد مجددا اتجاه البعض لاعتلاء موجة الغضب الشعبي".
ودعا إلى وضع "معطيات التدخلات الخارجية أمام الرأي العام لأي طرف يمتلك دلائل في شأنها".
وعن مشاركة التيار في تظاهرات مدافعة عن رئيس الجمهورية، قال: "أطلقنا يد مجموعات منتمية للتيار للتعبير عن موقفها شريطة عدم الاحتكاك والدخول في مواجهة مع أي متظاهرين آخرين، لكن هذه التحركات غير منظمة"، لافتا إلى وجود حالة احتقان لدى شارع آخر "يريد أن يعبر عن غضبه ورفضه للشتائم التي تعرضت لها رموزه".
بدوره، خالف الكاتب والمحلل السياسي جورج علم حديث عون عن عدم وضوح التدخل الخارجي في التظاهرات الاحتجاجية ضد الحكومة والنظام في لبنان، وقال في تصريحات لـ"عربي21"، إن "هناك تدبير خارجي لما يحصل في الساحات وإن كان المشهد يوحي بمظهره الأولي بأنه صنع في لبنان".
ورجح علم لجوء البعض من المجتمع الدولي إلى "تأزيم الساحة اللبنانية بعد وصول حالة الخنوع التي تعيشها الحكومة الى ذروتها وهي الممثلة للأقطاب السياسية الأساسية في البلاد".
وأوضح بأن "المجتمع الدولي يسعى إلى تنفيذ لبنان ورقته الإصلاحية والتي عبر عنها رئيس الحكومة مؤخرا بما يرضي الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي ووكالات التصنيف".
وحول جدية الحكومة في المضي بالإصلاحات، قال: "يظهر من خلال نشاط رئيس الحكومة بأنه جاد في تطبيق ورقة الإصلاحات بدقة وعناية، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن الاتصالات الخارجية التي أجراها مؤخرا دعته الى الاستمرار في مهمة رئاسة الحكومة".
وعن التخوفات من انفلات الشارع على نفسه، دعا علم إلى "ضرورة التسريع في اتخاذ القرارات التي تحقق نتائج سريعة ومنظورة على المستوى الاقتصادي والمعيشي للمواطن كي تعود الثقة بإمكانية النهوض من الواقع الذي لم يعد خافيا على أحد".
ولفت الى أن دور رئيسي الجمهورية والحكومة يجب أن يكون حاسما لدفع كل الأطراف لتنحية الخلافات والمناكفات والعمل من أجل الإنقاذ وللدفع بلبنان بعيدا عن الهاوية والتي بات على حافتها في ظل التراكمات التي أفرزتها الحالة السياسية السابقة في لبنان".
اقرأ أيضا: تيار عون يقرر رفع السرية عن الحسابات المصرفية لمسؤوليه
هل تؤثر أحداث لبنان والعراق على نفوذ إيران؟ مراقبون يجيبون
الكهرباء أزمة الأزمات في لبنان.. ما سببها ومن المتسبب؟
مع تصاعد "الشتائم".. هل فقد الشارع العربي الهتاف التقليدي؟