نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا لأستاذ الإعلام في جامعة نيويورك محمد بازي، الذي يؤلف كتابا عن حروب الوكالة بين السعودية وإيران، يقول فيه إن الرئيس دونالد ترامب لم يعد يتظاهر بأنه يهتم بمقتل جمال خاشقجي، الذي مضى عام على جريمة قتله في القنصلية السعودية في إسطنبول.
ويقول بازي في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "إدارة الرئيس دونالد ترامب تبدو بعد عام على الجريمة راغبة جدا بإعادة تأهيل سمعة ولي العهد السعودي القاسي محمد بن سلمان، ففي هذا الأسبوع سيكون وزير الخزانة ستيفن منوشين وصهر ومستشار ترامب، جارد كوشنر، ضمن الحضور للمؤتمر الباذخ الذي افتتح يوم الثلاثاء في العاصمة السعودية الرياض، وهدفه هو تلميع صورة ولي العهد بصفته مصلحا".
ويشير الكاتب إلى أنه سيشارك في المؤتمر الذي أطلق عليه "دافوس الصحراء" عشرات من رجال الأعمال ومديري الشركات الأمريكيين ومن الدول الغربية، الذين قاطع عدد منهم مؤتمر العام الماضي بعد اغتيال خاشقجي، الكاتب في صحيفة "واشنطن بوست"، لافتا إلى أن المخابرات الأمريكية توصلت في العام الماضي، وبدرجة عالية من الثقة، إلى أن هذه الجريمة ارتكبت بناء على أوامر من ولي العهد محمد بن سلمان.
ويلفت بازي إلى أن "إدارة ترامب ومديري وول ستريت يقومون اليوم بإرسال رسالة واضحة، وهي أن السعودية مفتوحة للتجارة، ولا تريد الشركات الأمريكية خسارة مليارات الدولارات التي يلوح بها قادة السعودية، ويأمل مديرو الشركات بأن يكون الغضب الدولي على جريمة القتل وسجل السعودية في حقوق الإنسان قد انتهى، وألا يكون هناك ثمن سياسي لحضور مؤتمر مبادرة استثمار المستقبل في الرياض".
ويذكر الكاتب إلى أنه يتوقع أن يشارك منوشين وكوشنر في جلسة حوار أثناء المؤتمر، الذي يستغرق ثلاثة أيام، من 29 – 31 تشرين الأول/ أكتوبر، مشيرا إلى أن مديرين تنفيذيين لشركات "جي بي مورغان تشيس" و"سيتي غروب" و"غولدمان ساكس" و"بلاك روك" و"بلاك ستون" وغيرها من الشركات المالية، سيكونون من بين الحضور.
ويقول بازي إن محمد بن سلمان ومساعديه يقومون بإغراء هذه الشركات باحتمال طرح أسهم شركة النفط السعودية "أرامكو" في السوق العامة، وإمكانية حصولها على ثروات على شكل أجور من العملية.
ويفيد الباحث بأن "الشركات الأمريكية والأوروبية لم تتوقف عن التعاون التجاري مع السعودية بعد مقتل خاشقجي، ومع أنها حاولت القيام بالعمل بطريقة هادئة ودون ضجيج، إلا أن ترامب وأعضاء في إدارته، خاصة كوشنر، الذي أصبح صديقا لابن سلمان، لم يترددوا أبدا في دعمهم للنظام السعودي، ومن هنا فإن دعم ترامب يرسل رسالة لقادة العالم ومديري الشركات بأن التعاون مع السعودية مسموح به وإن كان عليهم إدارته بطريقة هادئة، وفي العام الماضي سحب منوشين مشاركته في المؤتمر، لكن إدارة ترامب لم تتظاهر هذا العام حتى بالاحتجاج".
وينوه بازي إلى أنه "في ربيع 2018، عندما تجول محمد بن سلمان في الولايات المتحدة، عومل كأنه نجم، وقضى 3 أسابيع يتجول في البلاد من شرقها إلى غربها، والتقى مع قادة المال والأعمال ومديري شركات التكنولوجيا ونجوم هوليوود، وقدم على أنه مصلح يريد تحديث بلده القمعي".
ويستدرك الكاتب بأن "سجل محمد بن سلمان كان واضحا، فبعد صعود والده للعرش عام 2015 عزز محمد بن سلمان من سلطته، وأطاح بالمنافسين له، ووسع سيطرته بطريقة غير مسبوقة على مؤسسة الأمن، وشن حربا كارثية في اليمن، وقمع المعارضة الداخلية، ومع ذلك واصل القادة السياسيون ومديرو الشركات التعامل معه، وكانوا يتطلعون للحصول على استثمارات من هيئة الاستثمارات العامة التي يتحكم بها ولي العهد، وتبلغ أرصدتها 320 مليار دولار".
ويقول بازي: "عادة ما يخطئ قادة الغرب، إما بسبب السذاجة أو لمصالحهم الخاصة، في تفسير اهتمامات القادة بالتكنولوجيا والتجارة على أنها دعم للإصلاحات السياسية، لكن محمد بن سلمان أظهر أنه يستطيع استثمار مليارات الدولارات في (أوبر)، ويواصل في الوقت ذاته حكم دولة بوليسية".
ويشير الباحث إلى أنه "منذ صعوده إلى السلطة كان ابن سلمان مسؤولا عن سلسلة من السياسات المدمرة التي هزت استقرار الشرق الأوسط، فحرب اليمن أدت إلى قتل عشرات الآلاف من المدنيين، وقادت إلى أسوأ كارثة إنسانية، وورطت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بجرائم حرب محتملة، وفرضت المملكة حصارا على الجارة الصغيرة قطر، وأمر الأمير باعتقال المئات من الناشطين والمعارضين السياسيين، ولم يتم الانتباه لهؤلاء المعارضين لأنهم ليسوا مرتبطين بعلاقات واسعة في الخارج مثلما كان خاشقجي".
ويجد بازي أنه رغم هذا السجل الصارخ، إلا أن مديري الشركات الأمريكية يحاولون تغليف تعاملهم مع السعودية على أنه دعم للإصلاح، مشيرا إلى أن مدير "بلاك روك" لاري فينك قاطع مؤتمر العام الماضي بعد مقتل خاشقجي، لكنه حضر مؤتمرا آخر في السعودية في شهر نيسان/ أبريل، وافتتحت شركته قبل فترة مكتبا لها في الرياض، وسيحضر مؤتمر هذا الأسبوع.
ويذكر الكاتب أن فينك كتب في موقع "لينكدإن"، قائلا: "مقتل جمال خاشقجي كان فظيعا"، لكنه قال إن محاورة ومشاركة الشركات في الحوار العام قد يدفع المملكة إلى الإصلاح، وأضاف: "لقد قلت مرارا لقادة السعودية، إذا أرادت السعودية أن تكون على المسرح العالمي فيجب أن يكون تصرفها بصفتها زعيمة دولية".
ويعلق بازي قائلا إنه "من السذاجة والنفاق اعتقاد قادة الشركات أن وجود الشركات الأجنبية سيغير نظام الأمير، فقد أكد الأمير ومستشاروه أنه يمكنهم تحمل الإدانة الدولية طالما لديهم نفوذ على من يتعاملون مع السعودية".
ويقول الباحث إن ترامب لا يظهر على الأقل اهتماما بالإصلاح وحكم القانون، ففي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي سئل إن كان سيلغي عقود أسلحة بالمليارات مع السعودية لو ثبت تورط قادتها في جريمة قتل خاشقجي، فكان رد الرئيس: "لن نقبل بهذا مهما كان، وفيما إن كنت سألغي 110 مليارات دولار سيتم إنفاقها في هذا البلد، فإن هذا أمر غير مقبول لي".
ويختم بازي مقاله بالقول إن "ترامب أسقط أي ذريعة بأن التحالف الأمريكي السعودي أكثر من مجرد علاقة معاملات قائمة على صفقات السلاح وأسعار مستقرة للنفط ومصالح الأمن الإقليمي، وفي النهاية فلماذا يعزل الأمير المتهور ويخسر أكبر مشتر للسلاح الأمريكي؟".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
WP: هل يكذب ترامب حول دفع الرياض تكاليف القوات الأمريكية؟
يو أس توداي: الشركات الأمريكية لم تعد مهتمة بمقتل خاشقجي
ناشونال إنترست: السعودية محاصرة.. هل ستنهار بهدوء؟