طرح رئيس مجلس الدولة الليبي، خالد المشري مبادرة جديدة وصفها بأنها تطرح حلولا عملية للأزمة السياسية في بلاده، وسط تساؤلات عن أهداف وتداعيات هذه الخطوة التي تتزامن مع حالة "تحشيد" واسعة لمؤتمر دولي تستضيفه دولة "ألمانيا"، وما إذا كانت المبادرة ضغط أم خطوة استباقية للمؤتمر.
وأكد "المشري"، خلال مؤتمر صحفي في العاصمة طرابلس، أن "المبادرة تطرح حلولا عملية للخروج من هذا النفق المظلم، بما يزيل مبررات الصراع والحروب ويشرك جميع مكونات الشعب في خارطة لحل شامل وأنه راعى فيها الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي وروح التوافق بين مجلسي النواب والدولة، وفق وصفه.
"محاور وجدول زمني"
وتضمنت المبادرة، التي طرحت بشكل شخصي وليس رسميا، جدولا زمنيا لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، كما حوت 5 محاور لتحقيق ذلك، ومنها: المسار الدستوري ويشمل إجراء تعديل للإعلان الدستوري طبقا للآليات المعتمدة في الاتفاق السياسي، ومسار سياسي يتضمن إنهاء المرحلة الانتقالية بانتهاء الأجسام السياسية الحالية بعملية انتخابية وفق خطة زمنية واضحة".
اقرأ أيضا: ليبيا.. السراج والمشري يطالبان بدعوة كل المعنيين لمؤتمر برلين
كما تضمنت مبادرة "المشري" الحديث عن المسار الأمني والذي يتطلب وقف فوري لإطلاق النار وفقا لضوابط، وهي انسحاب القوات المهاجمة للعاصمة من الحدود الإدارية لمدينة طرابلس الكبرى وفرض حظر للطيران الحربي بكافة أنواعه بمساعدة الأمم المتحدة، ومحور حول معالجات حكومية عاجلة وآخر حول إجراءات بناء وتعزيز الثقة"، وفق بنود المبادرة.
والسؤال: ما واقعية وإمكانية نجاح هذه المبادرة الآن؟ وما أهداف "المشري" من هذه الخطوة؟
"خلل وتصرف شخصي"
وكشف مصدر من مجلس الدولة، فضل عدم ذكر اسمه، لـ"عربي21" أن "هناك حالة عدم قبول بالمبادرة من غالبية الأعضاء وانتقاد لقيام "الرئيس" (المشري) بهذا الإجراء دون عرضه على المجلس، ومؤكد أنها مبادرة شخصية".
وأوضح في تصريحات خاصة أن "المبادرة تعتريها جملة من نقاط الخلل أولها أنها صدرت عن رئيس المجلس دون علم الأعضاء وأنها جاءت في توقيت الحاجة فيه ملحة إلى تمتين محاور القتال ودعمها، بالإضافة إلى أن المبادرة تنص على أمور لا يمكن تطبيقها أو على الأقل ستكون صعبة التنفيذ".
وتابع: "لكن الخلل الأكبر في المبادرة مطالبتها بانسحاب القوات "الغازية" (قوات حفتر) إلى الحدود الإدارية لطرابلس وهو تنازل عن الحد الأدنى المطلوب وهو عودة هذه القوات من حيث أتت، والتخوف أن يُستخدم ذلك على أنه مطلب يمكن البناء عليه"، وفق تقديره.
لكن رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر "الليبي-الليبي"، محمد عبدالسلام العباني أن "مبادرة "المشري" تتطابق مع مبادرة طرحها المؤتمر من قبل مع اختلاف بسيط في بعض المحاور، وأن هذه المبادرة ستنجح حال تم تنفيذها بالطريقة الصحيحة وبدون تحايل"، وفق تعبيره.
وأوضح لـ"عربي21" أن "أي مبادرة يكون هدفها لم الشمل والابتعاد عن الحروب والقتال وحل كل المشاكل سلميا وبالحوار هي خطوات مرحب بها، شرط أن تراعي بعض الأمور ومنها: عدم استبعاد أي طرف أساسي في الحوار وتجاوز كل الخلافات، وأن تؤكد على ضرورة الإسراع في الانتخابات"، كما قال.
"برنامج عملي ومتكامل"
وبدوره أشار وزير التخطيط الليبي الأسبق، عيسى التويجر إلى أن "مبادرة "المشري" تأتي في ظل وجود فقر في المبادرات التي يمكن أن تقدم حلولا عملية للأزمة الليبية متى توفرت الإرادة الدولية، وهي أعدت لتقدم برنامج متكامل يغطي المرحلة الانتقالية وتستند إلى الاتفاق السياسي الذي هو مرجعية مؤتمر "برلين".
اقرأ أيضا: ما سر عودة الدبلوماسية الأمريكية إلى الشرق الليبي الآن؟
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21" أن "هذه الخطوة تؤكد أن الليبيين ليسوا قاصرين على تقديم الحلول أو التنازلات حتى وأن المشكلة تكمن في التدخل الخارجي الذي يرفض أي حلول توافقية ويصر على الحل العسكري وإقصاء بل وتصفية كل من يقف ضده"، حسب رأيه.
الباحث الليبي، جمال سعيدان وصف المبادرة بأنها "متأخرة جدا وأنها التفاف على مؤتمر "برلين" الذي قد ينتج عنه حسب بعض التسريبات حكومة جديدة منفصلة عن "المجلس الرئاسي" الذي سيتكون من "السراج" ونائبين عن الشرق والجنوب"، وفق معلوماته.
وتابع: "لقد أخذ الليبيون فرصة طويلة ولم يستطيعوا حل الأزمة، لذا لن تكون لمبادرة "المشري" أو غيره صدى وأن اجتماع دول (5+5 ) في ألمانيا سيتكفل بحل المعضلة من جذورها وسيعاقب من يخالف ذلك"، كما صرح لـ"عربي21".
ليبيا.. هل يحاول "برلمان طبرق" لملمة شتاته باجتماعات القاهرة؟
ماذا وراء تحركات بوتين بخصوص الملف الليبي؟
بعد تكرار هجماته.. ما الذي يريده حفتر من الجنوب الليبي؟