كشفت حادثة وفاة والد المعتقل حمدي قنديل أمام بوابة سجن طنطا العمومي (غرب الدلتا)، أثناء ذهابه لزيارة نجله المعتقل قبل أيام، عن جانب جديد من معاناة أهالي المعتقلين أثناء زيارة ذويهم، خاصة وأن الحادثة ليست الأولي، حيث سبقها مصرع والدة حازم فاروق نقيب أطباء الأسنان، أمام مجمع سجون طرة الجبل، بعد خروجها من زيارة نجلها المعتقل بسجن العقرب.
والمصير ذاته واجهته والدة المعتقل زيد عبد الغني، حين توفيت خلال توجهها لزيارة نجلها بسجن طرة، بعد أن صدمتها سيارة مسرعة أثناء عبورها الطريق المتجه للسجن.
وحسب مصادر حقوقية مهتمة بشؤون المعتقلين، فإن الأهالي يعانون من تعنت السلطات الأمنية في نقل أبنائهم للسجون القريبة من محل سكنهم، وإصرارهم على حبسهم بسجون معظمها يقع في النطاق الصحراوي، مثل الوادي الجديد بالصحراء الغربية، ووادي النطرون بالطريق الصحراوي بين القاهرة والإسكندرية، والمنيا العمومي الذي يبعد 350 كم عن القاهرة، وسجن أسيوط الجديد 550 كم من القاهرة.
وكشف أهالي المعتقلين الذين تحدثوا لـ "عربي21" عن معاناتهم خلال زيارة أبنائهم المعتقلين، وتراوحت بين طول المسافة، وتعنت إدارة السجون، وقسوة الظروف المناخية في فصل الشتاء.
تغريب
وتقول زوجة المعتقل إيهاب العزبي، المسجون بسجن ليمان المنيا، إنها تسكن بمحافظة القاهرة، وتبعد عن السجن بأكثر من 350 كم، بالإضافة إلى أن السجن يقع في وسط الصحراء، وهو ما يكلفها إيجار سيارة خاصة، تضطر لحجزها طوال اليوم.
اقرأ أيضا: معتقلة مصرية تستغيث للإفراج عنها بعد تدهور صحتها بالسجن
وتشير زوجة العزبي، إلى أن المشكلة الأكبر في فصل الشتاء، تتمثل في برودة الجو ونشاط الرياح والأتربة بشكل كبير، وضيق الوقت، ما يدفعها في كثير من الأوقات لعدم اصطحاب أبنائها الصغار، أو والدة العزبي المسنة، حتى لا يتعرضوا لمشاكل صحية.
وتقول زوجة العزبي، إنها تخرج من منزلها في الساعة الثالثة فجرا، لكي تكون أمام بوابة السجن العمومية في السادسة صباحا، لتستطيع حجز مكان بالمقدمة، على أمل أن تبدأ زيارتها في الساعة العاشرة صباحا، لكي تعود لمنزلها في حدود الساعة السادسة مساء، ما يعني أن رحلة الزيارة تستغرق ما يقرب من 12 ساعة متصلة.
ويتحدث مجدي شقيق ياسر سلامة، المعتقل بسجن الوادي الجديد عن مأساة أخرى، حيث تم تغريب شقيقه من سجن برج العرب بالإسكندرية، لسجن الوادي الجديد في الصحراء الغربية الذي يبعد عن الاسكندرية بأكثر من 790 كم، موضحا أن الزيارة تستغرق يومين ونصف، ما بين الذهاب والعودة للاسكندرية.
وعن سبب تغريب شقيقه للوادي الجديد، يؤكد مجدي سلامة لـ "عربي21"، أن السبب كان الاعتراض على الأحوال المعيشية والتضييق الذي يحدث معهم بسجن برج العرب، فردت عليهم إدارة السجن، بحملة تأديب واسعة كان من بينها التغريب والمنع عن الزيارة في بداية النقل للوادي الجديد، ولكن التأديب لم يكن لهم وحدهم وإنما لأهاليهم أيضا وبشكل قاتل.
معاناة عائشة
ويذكر مقربون من أسرة عائشة خيرت الشاطر لـ "عربي21"، شكلا أخر من معاناة أهالي المعتقلين مع تعنت السلطات الأمنية، حيث منعت وزارة الداخلية الزيارة عن عائشة المعتقلة منذ عام كامل بسجن القناطر الخيرية، وفي كل أسبوع تذهب والدتها وشقيقاتها لزيارتها، وفي البداية تطلب منهم إدارة السجن الإنتظار حتى تصلهم الأوامر، ويظلوا من الساعة السابعة صباحا حتى الثالثة عصرا، وفي النهاية تأتي الأوامر بعدم السماح للزيارة أو معرفة أية أخبار عنها.
اقرأ أيضا: منتدى برلماني يدعو المجتمع الدولي لوقف الانتهاكات بسجون مصر
وحسب المصادر نفسها، فإن عائشة لم يتم إحضارها للمحكمة لحضور جلسة التجديد الخاصة بها يوم 5 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، بسبب نقلها لمستشفى المنيل الجامعي بشكل سري، بعد تعرضها لأزمة صحية خطيرة، نتيجة إضرابها عن الطعام، اعتراضا على عدم فتح الزيارة، واستمرار حبسها نكاية في والدها نائب المرشد العام للإخوان المسلمين.
سياسة قمعية
وفي تعليقه لـ "عربي21"، يؤكد رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى المصري سابقا، عز الكومي، أن نظام الإنقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي، يتشفى في المعتقلين بمثل هذه الحوادث، في ظل قناعته بأن المعتقلين وأهاليهم ليس لهم قيمة وليس لهم حقوق، ولا يستحقون الحياة، وهو ما سبق وعبر عنه رئيس مصلحة السجون الأسبق حسن السوهاجى عندما قال لمعتقلي برج العرب : "أنت مسجون يعني مقيّد الحرية، تعامل برغبتنا وكما نريد نحن، وكما نرى أنك تستحق، لا كما تريد أنت".
واستبعد الكومي أن تكون حادثة وفاة والد قنديل، سببا في حدوث تغيير إيجابي لصالح أسر المعتقلين، مبررا ذلك بأن نظام الإنقلاب لا ينتقم من المعتقلين فقط، بل ينتقم من ذويهم كذلك بإهانتهم وتركهم بالساعات أمام بوابات السجون وتقليص مدة الزيارة لخمس دقائق، والحرمان من الزيارة بشكل كامل.
يصف الكومي سجن طنطا العمومي، الذي شهد الحادثة الأخيرة، بأنه من السجون سيئة السمعة، حيث شهد حالات قتل بطيء للمعتقلين، بالإضافة لوجود سلخانات لتعذيبهم ، ويتم منع التريض، والأدوية عنهم، كما يتم منع الطلاب من أداء الامتحانات، والزنازين لا يوجد فيها دورات مياه، ويتم الاكتفاء بوضع جردل لقضاء الحاجة بها داخل الزنزانة.
هكذا رد نظام السيسي على مبادرة النائب الطنطاوي
كيف تحولت مباريات الأهلي والزمالك لـ"شبح" يهدد نظام السيسي؟
هل تشتبك تركيا مع نظام الأسد.. كيف ستتأثر "نبع السلام"؟