أثارت مذكرة التفاهم التي وقعتها تركيا وحكومة الوفاق الوطني الليبية حول التعاون الأمني، والحدود البحرية، حفيظة دول متوسطية، لا سيما اليونان ومصر.
وفي حين رفضت مصر واليونان الاتفاقية، واستدعت الأخيرة السفير الليبي لديها للاحتجاج، تحت مزاعم أنها تنتهك حقوق دولة ثالث، فيما اعتبرتها القاهرة "عديمة الأثر"، تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتطبيقها والالتزام بكامل بنودها.
وكانت حكومة الوفاق الليبية وتركيا وقعتا اتفاقيتين إحداهما حول التعاون الأمني والعسكري وأخرى في المجال البحري، خلال لقاء جمع رئيس الحكومة الليبية فايز السراج والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إسطنبول الخميس الماضي.
ويثير رفض اليونان ومصر أسئلة مهمة حول أسبابه الحقيقية، وعلاقته بتراجع نفوذ الدول التي انتقدت الاتفاق في ليبيا، فضلا عن تأثيره المحتمل على هجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر المتواصل على طرابلس، خاصة بعد أن عبر الأخير عن رفضه للاتفاق ووصفه بـ"الخيانة".
المحلل السياسي الليبي فرج دردور قال، إن ردود الأفعال على الاتفاقية كشفت فضائح التدخل الدولي في ليبيا، ومن شأنها أن تحد منه.
اقرأ أيضا: أردوغان: سننفذ اتفاقنا مع ليبيا ونواصل التنقيب شرق المتوسط
ولفت في حديث لقناة فبراير الليبية تابعته "عربي21" إلى أن الدول التي انتقدت الاتفاق حين شعرت شعرت بالخطر على نفوذها في البلاد، تحركت لتدين هذا الاتفاق وتعلن رفضها له".
وحول موقف مصر أضاف: "هذه الاتفاقية رادعة، وهؤلاء يعلمون أن قدرات تركيا العسكرية تفوق قدراتهم، ورفضهم للاتفاق كشف تحديدا مدى التدخل السافر لمصر، وكأن ليبيا محافظة مصرية، وردة فعلهم كشفت أنهم متورطون في دعم الصراع في ليبيا، وهم يخشون أن تفتح هذه الاتفاقية باب التعاون العسكري والأمني بين الوفاق وتركيا".
من جانبه، قال الكاتب التركي، جيهون بوزكورت، إن تركيا ستزيد نشاطاتها وخطواتها في البحر المتوسط، معتبرا أن الاتفاق خطوة مهمة للغاية للمشروع التركي في شرق البحر المتوسط، لأنه "أعاق المخططات اليونانية المصرية هناك".
وأشار في حديث لصحيفة "أكشام"، وترجمته "عربي21"، إلى أن الاتفاق الليبي التركي سيغير من موازين القوى في شرق البحر المتوسط، في مواجهة "المشروع الأمريكي الأوروبي الإسرائيلي اليوناني، الذي تدعمه كل من السعودية ومصر"، وفق قوله.
وأوضح أنه بعد الاضطرابات التي عايشتها العاصمة الليبية، استولت اليونان على نحو 39 ألف كم مربع من المياه الإقليمية الليبية، على إثرها، قامت طرابلس في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بإرسال مذكرة إلى الأمم المتحدة، أكدت فيها على أنها لن تعترف "بالاغتصاب اليوناني للمياه الليبية".
وأشار إلى أن المنطقة ذاتها، "تقع ضمن نطاق المشروع التركي، حيث أن الحدود البحرية التركية الليبية تقابل جنوب غرب جزيرة كريت، وهذه الاتفاقية مع تركيا ستحافظ على الحدود الغربية لليبيا البلد الشقيق".
الكاتب والمحلل السياسي السنوسي بسكيري كتب لـ"عربي21" حول الاتفاق يقول، إن حكومة الوفاق، تدرك أنها تواجه عدوانا برعاية إقليمية دولية ودعم جوي وبري وبحري كبير، الأمر الذي يجعلها تتدارك نفسها بالبحث عن حليف يمكن أن يكون عونا للتصدي للعدوان وعليها أن تقنن هذا التعاون.
اقرأ أيضا: هذا ما يُقلق نظام السيسي من مذكرتي تفاهم أردوغان والسراج
وأضاف: "حرب حفتر على طرابلس وقعت دون أي مستند شرعي، فجل أعضاء البرلمان(طبرق) لم يكونوا على علم بقرار حفتر الهجوم على العاصمة وأكثر من نصف أعضائه رافضون له، ووقع الاعتداء خلافا للاتفاق السياسي وضد اتجاه المنتظم الدولي ممثلا في الأمم المتحدة، فهل يصبح الطعن في الاتفاقية مع تركيا بذريعة مخالفة الاتفاق السياسي ذا قيمة في ظل ما يقع فيه حفتر من خروقات وتجاوزات؟".
وحول سبب رفض حفتر للاتفاقية، ووصفها بالخيانة قال: "لعل سبب الرفض والوصف بالخيانة لأن الشريك في الاتفاق تركيا، ونقول أليست تركيا أقرب لليبيين من روسيا وفرنسا؟ وهل نتصور أن تركيا خطر على ليبيا بينما فرنسا وروسيا جالبتان للاستقرار والوئام والازدهار".
ولم يستبعد بسيكري أن يكون من بين دوافع إبرام الاتفاق الأمني والعسكري إرسال رسالة واضحة للأطراف الإقليمية والدولية الداعمة لحفتر بأن أنقرة جاهزة للمضي قدما وبكل ما تملك لدعم الوفاق للتصدي لأي تصعيد عسكري تقوده تلك الأطراف.
ورأى أن الاتفاقية الأمنية والعسكرية ربما ستسهم في احتواء التنافس الإقليمي والدولي على ليبيا، وستعزز من مخاوف الأطراف الدولية وحتى الإقليمية من تصعيد يصعب احتواؤه، وبالتالي فربما تصبح التسوية السياسية راجحة في قابل الأيام.
وفيما ترصد "عربي21" أبرز التعليقات على الاتفاق بمواقع التواصل:
— غزوان طاهر قرنفل (@G2218245) November 30, 2019
https://t.co/sK9tJwtaHe https://t.co/sK9tJwtaHe #اطمن_انت_مش_لوحدك
https://t.co/sK9tJwtaHe https://t.co/sK9tJwtaHe #اطمن_انت_مش_لوحدك
هذا ما يُقلق نظام السيسي من مذكرتي تفاهم أردوغان والسراج
اتفاقية "تركية-ليبية".. كيف ستغير في مجريات الصراع هناك؟
أزمة "سوخوي 35" الروسية.. هل يقتدي السيسي بأردوغان؟