ننشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للكاتب البريطاني روبرت فيسك، قال فيه إن الفنان والمقاول محمد علي يغضب عبد الفتاح السيسي بفيديوهاته اللاذعة والمضحكة والمتحذلقة ورسائله على مواقع التواصل الاجتماعي.،التي يبثها من منفاه الاختياري في إسبانيا،
والتي يسخر فيها من الرجل الذي أطاح بأول رئيس منتخب في مصر، لدرجة أنها جعلت
الناس ينزلون إلى الشارع في القاهرة في أيلول/ سبتمبر الماضي.
ونقل فيسك عن
محمد علي قوله، إنه يحاول تنظيم الحراك المعارض للسيسي، وأنه يدعو للحرية والمساواة
في مصر، ولا يسعى لسلطة، لافتا إلى أن العفوية في خطاب محمد علي قد تكون هي السبب
خلف الشعبية التي يتمتع بها.
وتاليا نص
المقال الكامل كما ترجمته "عربي21":
إن الفنان
والمقاول محمد علي يغضب عبد الفتاح السيسي بفيديوهاته اللاذعة والمضحكة والمتحذلقة
ورسائله على مواقع التواصل الاجتماعي التي يبثها من منفاه الاختياري في إسبانيا،
والتي يسخر فيها من الرجل الذي أطاح بأول رئيس منتخب في مصر، لدرجة أنها جعلت
الناس ينزلون إلى الشارع في القاهرة في أيلول/ سبتمبر الماضي. ولكن محمد علي
البالغ من العمر 45 عاما، وبعد الكثير من التواضع المصطنع، اعترف بأنه يحب أن يؤدي دور السيسي ولو ليوم واحد.
وإن كان وصفه
للرئيس – فاسد ومفسد ويقود قبيلة من ضباط الجيش المحابين – قريب من الحقيقة فأتصور
أن السيسي قد يحب أن يؤدي دور علي ليوم أيضا. فدور المعارض الذي يدخن السيجارة تلو
الأخرى خلال تسجيلات الفيديو، الذي يطالب بقبض مستحقاته لبناء قصر للسيسي، قد
يكون دورا مرضيا لرجل لا يدعي فقط بأن النفوذ لم يفسده، بل إنه أنقذ مصر من
"الإرهاب" الإسلامي. السيسي يقول إن اتهامات علي "كاذبة".
وعلي بالتأكيد
ليس بطلا مصريا متواضعا؛ فالممثل – معظم أفلامه لم تكن ناجحة، بما في ذلك فيلم
كلفه مليون جنيه إسترليني – لديه اليوم جمهور كبير. ويدعي ويكرر إلى حد الملل بأن
كل ما يريده هو دفع مستحقاته. وكما تقول الكاتبة السينمائية، ليلى أرمن، إن الممثل
حول خلافه مع السيسي إلى كونه اقتتال على المال: "أعطني مالي". كما أنه
عمل لمدة 15 عاما كمقاول مع الجيش.
ولكن بمجرد أن
تتحدث إلى علي تكتشف سبب الشعبية التي يتمتع بها.
وقال لي علي في
مقابلة هاتفية: "كنت رجل أعمال وممثلا.. ولدي أموال لأعمل أفلام وأسافر في كل
أوروبا، واستخدم فقط جهاز تليفون محمول وعلبة سجائر لتسجيل فيديوهاتي. وكنت دائما
غنيا. وأحاول أن أكون الصوت الذي يجعل الناس ينزلون للوقوف ضد السيسي. ولو نزلوا
كلهم فلن يكون هناك خطر على الحياة، لن يؤذى منهم أحد".
ونزل في أيلول/
سبتمبر آلاف المعجبين بـ "علي"، ملهمين بأسلوب هجومه الفريد بالفيديو
وغيره من المعارضين الذين تبعوه، فعلا إلى الشارع في القاهرة، والإسكندرية،
والسويس، يطالبون باستقالة السيسي وهم يهتفون: "قول ما تخفش.. السيسي لازم
يمشي" و"الشعب يريد إسقاط النظام" – الشعار القديم الذي هتفوا به ضد
حسني مبارك. ولكن الشرطة قامت بإطلاق الغاز المسيل للدموع وفرقوا المتظاهرين
وقاموا باعتقال بعض المتظاهرين. وعادة ما يلازم الضرب كل هذه الاعتقالات في مصر.
وينكر السيسي أن
لديه سجناء سياسيين، ولكن منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش تقولان إن هناك
ما لا يقل عن 60 ألف (والعدد في ازدياد). أشعر أن لدى علي شيئا من الضمير بخصوص
مأزق المعتقلين حيث أجاب: "عندما
طلبت من الناس النزول، قليل منهم كان يعرف من أنا .. لم يكن الأمر منظما. لم أكن
أتوقع هذا الشكل من التظاهر. ولكن الآن أحاول أن أنظم التأثير الذي أدرك الآن أنني
أمتلكه. في البداية كنت أنا فقط أشتكي على الحكومة – لم أكن أعرف أنني أمتلك هذا
التأثير. بعدها أردت أن أتحدث كيف يجب علينا أن يكون هدفنا واحد، وأن نتحدث بصوت
واحد. في البداية عندما قدمت نفسي لم يعرفني كثير من الناس (في مصر) أو يثقوا بي.
وكان الإعلام الاجتماعي وسيلة ليعرفني الناس".
وقد شوهدت
فيديوهات علي مئات آلاف المرات منذ أن بدأ بنشرها في 2 أيلول/ سبتمبر. وقال إن
السيسي وزوجته كانا يتجولان في قصر جديد في منطقة الحلمية الجديدة في القاهرة في
كانون الأول/ ديسمبر 2012 عندما كان الناس يموتون في المظاهرات خارج القصر الرئاسي
ضد مرسي. كما اتهم الجيش بأنه تعاقد معه لبناء فيلا رئاسية في الإسكندرية بقيمة 10
ملايين جنيه إسترليني ليقضي فيها السيسي وعائلته فيها عيد الفطر.
كما اتهم محمد
علي شخصين كبارا من حاشية السيسي بخصوص فندق فاخر للمخابرات العسكرية في منطقة
الشويفات في القاهرة الجديدة، الذي يتضمن عدة مخالفات بناء. وكان هو المقاول
للمشروع الذي يقول إنه كلفته 74 مليون جنيه استرليني. وأتبع ذلك فيديوهات أخرى من
معارضين للنظام حيث تحدثوا عن حوادث فساد داخل المخابرات العسكرية المنقسمة. وكان
السيسي رئيس المخابرات العسكرية حتى عام 2012 عندما تم تعيينه وزيرا للدفاع من
الرئيس مرسي. وقال السيسي بأن مزاعم الفساد في الجيش والحكومة هي "كذب
وتشهير" وترقى إلى الافتراء.
إنها هذه
العفوية من محمد علي ومتابعيه قد تكون هي السبب خلف الشعبية التي يتمتع بها. في
شباط/ فبراير عام 2011 عندما تمت الإطاحة بمبارك كان ما يزال متعاقدا مع الجيش –
ويقول "لم ألعب أي دور في الثورة. كما أنه لا يتعاطف مع محمد مرسي، الرئيس الإخواني
الذي أطاح به السيسي بعد 12 شهرا فقط في السلطة. ويقول محمد علي: "لقد كان
رجلا جيدا ولكنه كان ساذجا – وكنت واحدا من أوائل من ذهبوا للميدان للتظاهر ضده.
والأمر الذي جعلني أكون ضد مرسي هو أنه كان يريد خلافة إسلامية في مصر – وما كنت أريده
أنا هو دولة حديثة".
وهذه طريقة ذكية
لتفادي أي تعاطف من الإخوان المسلمين. لأن الأكيد هو أن كثيرا من الذين ما يزالون
مستعدين للمطالبة بنهاية نظام السيسي لا يسعون لمصر إسلامية. ويصر محمد علي
"أريد أن أرى مصر مثل بلد أوروبي تحترم شعبها وتحترم نظامها السياسي"،
ملقيا جانبا بكل أضواء الخطر الحمراء من التاريخ. ألم تكن أوروبا هي سبب تفكك
العالم العربي؟ ألم يكن سايكس وبيكو وبلفور أوروبيين؟ ألا يدعم الغرب السيسي
ومعظم زملائه الدكتاتوريين اليوم؟
ويجيب علي:
"هذه تجربتي في أوروبا، أحب التعاون الذي يظهره الناس، الناس منفتحون على بعض
والحدود مفتوحة.. أشعر بأني آمن ومحمي. أريد أن يُطبق هذا في مصر. يفصل بيننا البحر
الأبيض المتوسط. وأفهم دعم الحكومات الأوروبية لحكومة السيسي أنه مجرد التقاء
مصالح".
ويضيف، "إن
السيسي من الذكاء بحيث يحول وجوده في السلطة إلى مصلحة لهم. نوع من الابتزاز: أيها
الأوروبيون سيتدفق عليكم المهاجرون من مصر ما لم أبق في السلطة. ولكن العكس هو
الصحيح. فإن استمرار السيسي سيتسبب بطوفان من المهاجرين إلى أوروبا. الناس يعيشون
فقرا مدقعا، وحتى الحصول على ماء نظيف أصبح صعبا".
وقرر السيسي –
الذي أزعجته هجمات علي – أن يرد خلال موتمر الشباب مخالفا ما سماه "تحذيرات
وكالات الاستخبارات"، مثبتا أنه ليس فقط في بريطانيا فقط يخالف زعيم مستشاريه
قبل أن يذهب للشعب.
فقال السيسي:
"كل الأجهزة قالوا لي لو سمحت ما تتكلمش.. طب حأقول ليكو حاجة .. كادوا يبوسو أيدي
والله ما تعمل كدة .. قلت لهم أنا بيني وبين الناس الثقة.. هما مصدقيني لما حد
يلعب في الحتة ديت ويقول لهم الراجل اللي انتو مصدقينو دا مش مزبوط.. دا أخطر حاجة
في الدنيا".
والمريب بشكل
أكبر هو أنه أبدى تخوفا على الجيش من هجمات علي.. مع أنه حرص على عدم ذكر اسم
خصمه.
"انتو
مش خايفين على جيشكو .. مش خايفين على ضباطكم الصغيرين أن تهتز ثقتهم في قياداتهم ويتقال
عليهم أنهم ناس مش كويسين؟ انتو متعرفوش الجيش ولا أيه؟.. الجيش مؤسسة مغلقة حساسة
جدا.. جدا .. جدا لأي سلوك مش مزبوط خاصة لو اتقال على القيادات".
ويقول علي:
"كل ما أدعو له هو الحرية والمساواة في مصر". ولا أسعى لسلطة. فأولا هناك
أشخاص مؤهلون أكثر مني ليقودوا البلد. نعم أعرف ما يكفي عن السيسي لألعب دوره،
والسيسي يعرف ما يكفي عني في الفيديوهات. يمكن أن استمتع أن ألعب دور السيسي ليوم.
هناك شيء من
الاستهار في شخصية محمد علي، في فيديوهاته هناك شباك مفتوح خلفه البحر الأبيض
المتوسط. ويقول إنه حاول تدخين السيجار، ولكنه يفضل السجائر لتسجيلاته. "فهل
سأعود – إن شاء الله- ولكن لأكون ممثلا ورجل أعمال فقط".
حسنا، سنرى ماذا
يحصل، وعلى أي حال فقد ضمن محمد علي، الممثل غير الناجح، مكانا صغيرا له في
التاريخ؛ لأنه كان أول شخص يكشف الصدوع في نظام السيسي الفاقد للرحمة.
موقع أمريكي: محمد علي كاد أن يسقط السيسي بالصدفة
ترحيب بدعوة محمد علي بين النشطاء.. وعمرو أديب يهاجم
"علي" يشرح بالخارطة آلية الفساد في المؤسسة العسكرية بمصر