تسعى أنقرة من خلال مشروع قناة اسطنبول، إلى تأمين ممر بحري حر للسفن الدولية المارة من تركيا، في خطوة سوف تؤثر على اتفاقية مونترو التي تنظم حركة المرور عبر مضايق البحر الأسود للسفن التجارية في أوقات السلم والحرب.
اتفاق مونترو
وأبرمت اتفاقية مونترو في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 1936، بمشاركة دول من بينها الاتحاد السوفياتي وتركيا وبريطانيا وفرنسا واليونان وبلغاريا ورومانيا ويوغسلافيا واليابان وأستراليا. وتتضمن 29 بندا وأربعة ملحقات وبروتوكول.
اتفاقية مونترو تحدد الحمولة الإجمالية للسفن البحرية لدولة من خارج حوض البحر الأسود بمقدار عشرين ألف طن، أما الحمولة الإجمالية لكافة السفن التابعة للدول الواقعة خارج حوض البحر الأسود فتحدد بثلاثين ألف طن، وقد تزيد حتى 45 ألفا. كما تحدد الفترة القصوى لوجود هذه السفن الأجنبية في حوض البحر الأسود بثلاثة أسابيع.
وفي حال تجاوز سفن الدول خارج حوض البحر الأسود للمدة المعينة (أي 21 يوما) فإن ذلك يعتبر إخلالا بالاتفاقية الدولية، وبذلك تتحمل الدولة التي سمحت بعبور السفن (أي تركيا) المسؤولية المباشرة حتى وإن لم يذكر ذلك في بنود الاتفاقية.
اقرأ أيضا: انتقادات لإمام أوغلو بعد هجومه على أهم مشروع مائي تركي
وتطالب تركيا باتخاذ تدابير أكثر صرامة تجاه السفن التي قد تشكل خطرا على البيئة منها سفن نقل البترول ومشتقاته.
وفي عام 2011، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مشروع فتح قناة مائية جديدة توازي مضيق البوسفور في القسم الغربي لمحافظة اسطنبول.
تفاصيل المشروع
ويبلغ طول القناة من 40 إلى 45 كم، وعرضها ما بين 145 إلى 150 مترا، ويبلغ عمقها من 20 إلى 25 مترا، وسيبنى فوقها ستة جسور، وذلك في القسم الأوروبي من مدينة اسطنبول.
وسيتم إغلاق مضيق البوسفور تماما أمام حركة الناقلات، وستتشكل شبه جزيرة جديدة وجزيرة جديدة في اسطنبول.
ويعرفه الأتراك بـ"مشروع العصر"، ويعد أضخم عمل مائي في تاريخ الجمهورية التركية، سيعزز مكانتها في مجال المعابر المائية.
وتسعى تركيا من المشروع، لتخفيف حركة السفن في مضيق البوسفور، والتقليل من الأضرار التي تبعثها السفن الناقلة للمواد الخطيرة، وخاصة النفطية.
وتشكل مساحة قناة اسطنبول 30 مليون متر مربع من المدينة الجديدة التي سيتم إنشاؤها على مساحة 453 مليون متر مربع، وسيتم بناء مطار على مساحة 78 مليون متر مربع، ومجمع سكني على مساحة 33 مليون متر مربع.
اقرأ أيضا: أردوغان يعلن مشروعا من أكبر المشاريع ببلاده ويعتبره "رسالة"
كما سيتم تخصيص مساحة 108 مليون متر مربع للطرق، و167 مليون متر مربع لأعمال البناء والإعمار، و37 مليون متر مربع مساحات خضراء مشتركة (منتزهات).
ومن المزمع أن تستخدم أتربة حفريات القناة في إنشاء جزر صناعية في بحر مرمرة، وملء الحفر في مناجم الفحم، علاوة على بناء مناطق استجمام، وقد يتجاوز تكلفة المشروع 10 مليار دولار.
جسور وأرصفة
سيتم بناء أرصفة الطوارئ في القناة، لضمان حركة آمنة لمرور السفن، والاستجابة لحالات الطوارئ في حالة وقوع حادث أو تعطل.
وسيشمل المشروع 6 جسور يحمل أحدها سكة حديدية، وسيتم بناء 4 جسور أخرى ضمن المشروع.
مقاوم للزلازل
تبين خلال إعداد المخطط الأولي للمشروع أن القناة لن تتعرض لأي آثار سلبية جراء احتمال وقوع المد البحري الزلزالي "تسونامي"، كما أخذ بعين الاعتبار خلال إعداد المخطط، إحصائيات هبوب الرياح لحوالي 25 عاما قادما، كما تمت دراسة العواصف والموجات البحرية العميقة في البحر الأسود ومرمرة.
8 مليار دولار
ومن المقرر أن تفتتح تركيا مشروع القناة عام 2023، مع مرور 100 عام على تأسيس الجمهورية، ومن المتوقع أن تلجأ السفن التجارية إلى المرور عبر القناة الجديدة، بدلا من الانتظار لأيام عدة على مضيق البوسفور، بسبب تكدس السفن، وستكون الرسوم المفروضة على المرور من القناة الجديدة أقل من مصروفات انتظار الفن، ويتوقع الاقتصاديون أن تدر ما لا يقل عن 8 مليارات دولار سنويا على خزينة الدولة.
ويقول وزير النقل والبنية التحتية التركية، جاهد توران، إن في الوقت الذي يتزايد فيه الخطر الذي تشكله السفن البحرية أكملت وزارته الأعمال الفنية لمشروع القناة، مشيرا إلى أن المتوسط السنوي لعدد السفن التي تعتبر قناة البوسفور هو 44 ألف.
أكثر المشاريع الاستراتيجية
وأشار توران، إلى أنهم يواصلون عملهم لإنجاز أكثر المشاريع الاستراتيجية الضخمة للبلاد، مؤكدا أن وزارته أنهت الدراسات المتعلقة بتأثير المشروع على البيئة.
وأضاف أن العالم يتابع مشروع القناة الذي يعد من أجل أمن السير والأرواح والمال والبيئة إلى جانب النسيج التاريخي لمضيق اسطنبول.
وهاجم رئيس بلدية اسطنبول الكبرى، أكرم إمام أوغلو مشروع "قناة اسطنبول" ووصفه بـ"الكارثي".
وقال إمام أوغلو، إن مشروع "قناة اسطنبول"، يترتب عليه نتائج قد تغير نظام التوازن البيئي في المدينة، مضيفا أن "هذا المشروع ليس خيانة لاسطنبول فقط، بل مشروع قتل".
اقرأ أيضا: تركيا تعلن مسار قناة اسطنبول الجديدة
وأضاف: "هو مشروع كارثي لا لزوم له، وعند الانتهاء منه، فهذا يعني خسارة اسطنبول التاريخية".
بدوره قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، إن "مشروع قناة اسطنبول سيغير التاريخ، ويشكل نقطة تحول للبلاد في النقل البحري".
الكاتب التركي إرسين رامو أوغلو، أكد أن هذا المشروع يعد مهما للغاية بالنسبة لتركيا، ويشكل مصدر دخل مهم، حيث يقول الخبراء إن الإيرادات ستكون أربعة أضعاف تلك التي تجبى من قناة بنما.
ونقل الكاتب التركي عن المؤرخ إلبير أورتايلي، قوله: "لوزان تغيرت وستتغير أكثر، مونترو تعني تصحيح لوزان، وسيتم تصحيحها أكثر، ولا يمكن أن يمر هذا العدد الكبير من السفن إلا وقد تحصل حوادث بشكل يومي".
وشدد على أن قناة اسطنبول ستكون علامة فارقة في العالم البحري، وسنصنع التاريخ في النقل البحري.
هل نجحت قمة حلف الناتو.. وماذا حقق ترامب منها؟
لماذا تعترض أوروبا على الاتفاق التركي الليبي وكيف سترد أنقرة؟
روسيا تدخل على خط الاتفاقية "الليبية-التركية".. ما أهدافها؟