نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا للكاتب بن وايت، يقول فيه إن أحد أوائل مشاريع القوانين التي قدمتها الحكومة المحافظة الجديدة، بحسب التقارير، ستمنع "المجالس المحلية من مقاطعة شركات بعينها"، وهو تحرك يوصف بأنه يستهدف حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات (BDS) التي يقودها الفلسطينيون.
ويشير وايت في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن البرنامج الانتخابي لحزب المحافظين وعد بأن "يمنع المؤسسات العامة من القيام بحملات مباشرة أو غير مباشرة لمقاطعة أو سحب استثمارات أو فرض عقوبات ضد بلد أجنبي"، استنادا إلى أن مثل تلك التحركات "تقوض تماسك المجتمع".
ويلفت الكاتب إلى أنه في الوقت ذاته، فإن "مبعوث الحكومة الخاص لشؤون ما بعد المحرقة"، أريك بيكلز، قال لمؤتمر في القدس يوم الأحد بأن "BDS معاداة للسامية ويجب التعامل معها كذلك"، ضمن تصريحات احتفى بها أصدقاء إسرائيل المحافظون.
وينوه وايت إلى أنه بحسب تقرير لمؤسسة Jewish News Syndicate اليمينية، فإن بيكلز قال إن "حكومة جونسون ستجعل المقاطعة غير قانونية للمؤسسات الحكومية والعامة، وهو تحرك يمنعها من العمل مع أي شخص يؤيد جهود عزل إسرائيل ومعاقبتها ماليا".
ويقول الكاتب إلى أنه "ليس من الواضح إلى الآن بالضبط ما الذي تخطط له الحكومة، فقد تكون محاولة تخويف أكثر من كونه قانونا جديدا، وأصدرت الحكومة عام 2016 مذكرة توجيهية للشراء للسلطات المحلية، تم فيها تأكيد السياسة السارية، بدلا من (منع المقاطعة) كما روج لذلك لأشهر في السابق، أما القيود التي فرضت بشأن صناديق التقاعد للسلطات المحلية فيتم تحديها في المحاكم".
ويستدرك وايت بأن "خططا أكثر راديكالية قد تكون قادمة، مثلا منع المجموعات المؤيدة لـBDS من استخدام مرافق السلطات المحلية (كما شهدنا في ألمانيا)".
ويؤكد الكاتب أن "ما يحدث في بريطانيا هو جزء من صورة أكبر لهجوم مكثف على الفلسطينيين وحلفائهم، بقدر ما يحدث في أمريكا وفرنسا، وما يوحد تلك التطورات هو جهد متضافر من الحكومة الإسرائيلية ومؤيديها لحماية نظام الأبارثايد من المساءلة، ولذلك ففي الوقت الذي تقوم فيه إسرائيل بتوطيد دولة أبارثايد على الأرض، فإنها تقوم بخطوتين مرتبطين لتشويه سمعة المعارضة الدولية على أنها (معاداة للسامية)".
ويشير وايت إلى أن هاتين الخطوتين هما:
أولا: أي فعل يتعلق بالمساءلة -حتى مجرد وضع العلامة الصحيحة على منتجات المستوطنات الإسرائيلية، ناهيك عن مقاطعتها- يشكل "تمييزا" ضد إسرائيل، ولذلك فهو عمل معاد للسامية.
وثانيا: التشكيك في هوية إسرائيل أو انتقادها على أنها "دولة يهودية" بسبب ما يعنيه ذلك للفلسطينيين، يعد أيضا "معاديا للسامية"، وهو ما من شأنه أن يمنع الدعوة إلى تحويل حالة الأبارثايد القائمة إلى دولة واحدة ديمقراطية بعد أن فشل حل الدولتين.
ويعلق الكاتب قائلا إن "كلا هذين العنصرين يشكلان جزءا من التعريفات لمعاداة السامية التي تستخدم لخنق أي حوار، بما في ذلك في وثيقة تشكيل التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة (IHRA) وكما كتب جاريد كوشنر في صحيفة (نيويورك تايمز) الأسبوع الماضي: (تعريف التحالف الدولي يجعل من الواضح صحة ما قالته الإدارة علنا وتم تسجيله عنها: معاداة الصهيونية هي معاداة السامية)".
ويلفت وايت إلى أن مؤلف النص الذي اعتمد عليه التحالف في صياغة تعريفه، كينيث ستيرن، اضطر أن يرفع صوته للقول بأنه يتم استخدام ادعاءات "معاداة السامية" لمهاجمة حرية التعبير الشرعية، وقال: "أظن لو أن كوشنر أو أنا ولدنا في عائلة فلسطينية تم اقتلاعها عام 1948، لكانت لنا رؤية أخرى حول الصهيونية، ولا يحتاج ذلك أن يكون لأننا نشهر باليهود أو نعتقد أنهم يتآمرون لإيذاء الإنسانية".
وأضاف ستيرن: "كما أن هناك حوارا داخل المجتمع اليهودي، عما إذا كانت يهودية الشخص تتطلب منه أن يكون صهيونيا، ولا أدري إن كان يمكن حل هذا السؤال، لكن يجب أن يخيف اليهود كلهم أن تكون الحكومة (الأمريكية) هي من تقدم الجواب لنا على هذا السؤال".
ويرى الكاتب أن الادعاء بأن BDS معادية للسامية يعزز الجهود لتسميم أو حتى تجريم النشاط الداعم لفلسطين، مشيرا إلى قول السفير الإسرائيلي للأمم المتحدة، داني دانون في 2016: "نشجع سن قوانين في عدة بلدان ضد BDS.. لتصبح مقاطعة إسرائيل غير قانونية ببساطة".
وينوه وايت إلى أن الحكومة الإسرائيلية تعمل في هذا المجال إلى جانب المجموعات غير الحكومية، التي تركز على تشويه صورة المنظمات الفلسطينية والإسرائيلية والدولية التي تبرز انتهاكات إسرائيل للقوانين الدولية، وتهاجم أي مبادرة مصممة لمحاسبة إسرائيل.
ويفيد الكاتب بأن الأنصار الرئيسيين لهذه الجهود لا يخفون جهودهم، كما يمكن رؤية ذلك في فيديو لحوار في وقت سابق هذا العام، تضمن NGO Monitor ويوجين كونتوروفيتش من المركز اليميني Kohelet Forum،بالإضافة إلى منظمة Shurat HaDin وممثل عن وزارة الشؤون الاستراتيجية.
ويقول وايت: "مثلا يقوم كونتوروفيتش بتفسير التداخل بين من هم في إسرائيل ويسعون لتطبيع ودعم الوجود الدائم لإسرائيل في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك المستوطنات غير الشرعية، وفي الوقت ذاته جعل معارضة الاحتلال والضم خارج إطار التصرفات المقبولة".
وينقل الموقع عن المحرر المشارك لمجلة "ديسنت"، جوشوا ليفير، قوله في وقت سابق من هذا الشهر: "في الوقت الذي يخرج فيه نموذج حل الدولتين أخيرا من المشهد، فإن الحكومة الإسرائيلية تقوم بالدفع بمبادرات حول العالم لجعل معارضة واقع الدولة الواحدة معاديا للسامية".
ويبين الكاتب إنه "تحت حكم رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، للأسف أن هناك سببا لتوقع أن تكون حكومة محافظين تسعى لعلاقات جيدة مع إدارة ترامب -وبحكومة تحتوي على داعمين ملتزمين لإسرائيل- متحمسة لأن تؤدي دورا في نزع صفة الإنسانية عن الفلسطينيين".
ويقول وايت: "إن كان ذلك يبدو مبالغا فيه، استمع إلى كلمات المحرر أمجد العراقي، الذي حذر الأسبوع الماضي من (الرسالة المخيفة) التي ترسل بها حكومات مثل الحكومة الأمريكية والفرنسية، وهي أنه (ليس من حق الفلسطينيين الاستقلالية السياسية بصفتهم شعبا يكافح لأجل العدالة وحقوق الإنسان)".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "هذا الواقع القاتم الذي يتم التنازع عليه وهنا في بريطانيا، سيحمي وطيس المعركة للإصرار على إنسانية الفلسطينيين وحقوقهم الأساسية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
جدعون ليفي: كوربين هو الأمل ولو كنت بريطانيا لانتخبته
MEE: برنامج حزب المحافظين يعد بحظر حملات مقاطعة إسرائيل
واشنطن بوست: هذه خطة ترامب الحقيقية للشرق الأوسط