نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا، أعده مراسلها من العاصمة القطرية الدوحة، ديكلان وولش، يقول فيه إن السعودية وحلفاءها شنوا ولأكثر من عامين حربا اقتصادية ضد قطر، إلا أن هناك شيئا أهم من السياسة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الكثير من مشجعي كرة القدم السعوديين سافروا إلى قطر لحضور مباريات كأس العالم للأندية، لافتا إلى رحلة مشجع سعودي اسمه ماجد القحطاني، الذي سافر إلى الكويت، ومنها إلى قطر، حيث أخبر أهله أنه في سياحة، وعندما وصل إلى الدوحة وجد مشجعين غيره من السعودية، التي قادت حملة مشددة وحصارا اقتصاديا على قطر، ومنعت سكانها من السفر إلى هناك.
ويرى وولش أن سرية القحطاني لم تكن ضرورية؛ لأن الحكومة السعودية بدأت، على ما يبدو، تتغاضى عن هذا الحظر، فيما يفسر على أنه آخر علامة على ذوبان الجليد بين البلدين، مشيرا إلى قول القحطاني: "هذا النزاع بين الحكومتين.. صدقني لا مشكلة بين الناس العاديين، وكلنا إخوة".
وتفيد الصحيفة بأن المسؤولين القطريين والسعوديين بدأوا محادثات لإنهاء الحصار، الذي منع الطيران القطري من التحليق في أجواء الدول الجارة، وأغلق الحدود مع السعودية.
ويلفت التقرير إلى أن ابنة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومستشارته البارزة إيفانكا حضرت في الأسبوع الماضي مؤتمرا كبيرا في العاصمة القطرية، بالإضافة إلى وزير الخزانة ستيفن منوشين، اللذين حثا الطرفين على إصلاح العلاقات، مشيرا إلى أن هناك تكهنات واسعة بين الخبراء الخليجيين والغربيين حول إمكانية تقديم تنازلات، من خلال رفع القيود على الطيران القطري، وإمكانية فتح الحدود السعودية مع قطر.
ويفيد الكاتب بأن الأطراف كلها تؤكد أن المحادثات مبدئية، وأن حليفة السعودية، الإمارات العربية المتحدة، أقل تقبلا لتخفيف الموقف من قطر، إلا أن المحادثات تعد وعدا حتى الآن، حيث بدأ مشجعو كرة القدم يخرقون جدار الحصار.
وتنقل الصحيفة عن العامل في مجال الإسعافات الطبية، سعود خالد (25 عاما)، قوله: "نأمل بأن ينتهي قريبا، ربما بعد عدة شهور"، وكان يتحدث من استاد خليفة يوم الثلاثاء، وأضاف: "أصبح المناخ في كلا البلدين إيجابيا"، فيما وقف خلفه مشجع يحمل العلم السعودي، وهو أمر لم يكن معهودا قبل أشهر في ظل النزاع.
ويستدرك التقرير بأن الرياضة والدبلوماسية في الخليج متشابكتان، وذلك لأن كرة القدم، التي تعد من أكثر الرياضات انتشارا في العالم، أصبحت طريقا للطموحات والخلافات السياسية والتآمر بين حكام الخليج، فكما أنفق حكام قطر والإمارات والسعودية أموالا طائلة على شراء اللوحات الفنية وبناء المتاحف، فإن كرة القدم أصبحت مركز التنافس، أو ما يمكن وصفه بسباق التسلح الرياضي.
ويذكر وولش أنه سمح للمرأة السعودية في كانون الثاني/ يناير 2018، بدخول الملاعب الرياضية، كخطوة من خطوات تخفيف القيود الاجتماعية، مثل السماح للمرأة بقيادة السيارة وافتتاح دور السينما.
وتنوه الصحيفة إلى أن المشاعر الغاضبة برزت أحيانا في الملاعب، فعندما هزم الفريق الوطني القطري فريق الإمارات في مباريات كأس آسيا، التي نظمت في الإمارات، رمى المشجعون الإماراتيون الأحذية على الفريق الفائز، وعندما هزم الفريق القطري فريق كوريا الجنوبية (6-0) لم يكن في الملعب من يشجع الفريق القطري سوى مشجعة واحدة، كورية الجنسية كانت ترتدي القميص القطري.
وبحسب التقرير، فإن الأمير محمد بن سلمان لم يتردد في استخدام كرة القدم وسيلة لتعزيز طموحاته الإقليمية، ففي أيلول/ سبتمبر قالت منظمة الفيفا إن لديها إثباتا على قيام شركة سعودية بالقرصنة على القناة الرياضية القطرية "بي إن"، التي أنفقت ملايين الدولارات للحصول على حق بث المباريات الرياضية لمشجعي كرة القدم في منطقة الشرق الأوسط.
ويشير الكاتب إلى أن الغضب زاد من قرصنة الشركة السعودية "بي أوت كيو" في عام 2018، في أثناء بث مباريات كأس العالم في روسيا، ما كلف القناة القطرية مبالغ هائلة، لافتا إلى أنه عندما حاولت الفيفا تقديم دعوى قضائية في المملكة ضد شركة القرصنة هذه، فإنها لم تجد محاميا سعوديا استعد لتمثيلها.
وتقول الصحيفة إن مباريات كأس العالم للأندية هذا الأسبوع تعد بروفة للجهود القطرية لاستقبال مباريات كأس العالم في عام 2022، وهو انقلاب مهم لدولة لا يتجاوز عدد سكانها 300 ألف نسمة، التي لم تتردد في استخدام ثروتها من الغاز الطبيعي لتقوية موقعها على المسرح العالمي، ومن هنا أصبح موضوع استضافة المباريات في وسط النزاع الخليجي.
ويلفت التقرير إلى أنه بعد فرض الحصار على قطر في حزيران/ يونيو 2017، بعد اتهام دول الحصار لها بدعم الإرهاب والتقارب مع إيران، وهي تهم تنفيها قطر، دعت دول الحصار الفيفا لتجريدها من حق استضافة المباريات.
وينوه وولش إلى أن شركة علاقات عامة في لندن، لها صلات مع خصوم قطر، بدأت جهود الضغط الممولة تمويلا جيدا، وحملة تتهم فيها الدوحة بسوء معاملة العمال الأجانب في مواقع بناء المدينة الرياضية التي ستقام عليها المباراة، ونشرت اتهامات عن دفع المسؤولين القطريين رشاوى كبيرة حتى تؤمن استضافة المناسبة.
وتذكر الصحيفة أن الإمارات استأجرت في عام 2014 محللا سابقا في وكالة الأمن القومي الأمريكي لقرصنة أجهزة الحاسوب الخاصة للمسؤولين القطريين ومسؤولي الفيفا؛ أملا في العثور على أدلة تدين قطر، بحسب ما كشفته وكالة أنباء "رويترز" الأسبوع الماضي، التي قالت إن المهاجم حاول إغراء رئيس اللجنة القطرية لكأس العالم من خلال إرسال صور مغرية لفتيات كأس العالم.
ويجد التقرير أن التوتر بدأ يخف في الأشهر الماضية، وكان مكان التغير في ساحات الملاعب، ففي تشرين الثاني/ نوفمبر أرسلت السعودية والإمارات فريقيها الرياضيين للمشاركة في مباريات كأس الخليج أو خليجي 24، التي عقدت في الدوحة، وعندما هزمت السعودية قطر 1-0 لم يتم إلقاء أحذية على الفائزين، وعندما فاز الفريق البحريني قدم أمير قطر الكأس له.
ويتحدث الكاتب عن العلاقات الإنسانية بين المشجعين السعوديين والضيوف القطريين، الذين تمت دعوتهم لتناول القهوة والتمر وتناول الطعام، مشيرا إلى أن هذه اللقاءات الحميمة تقف على خلاف المواجهة التي تبادل فيها الطرفان الشتائم والإهانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي بدأوا يبتعدون عنها لتحكم المسؤولين في الحكومة أو المخابرات بها.
وتورد الصحيفة نقلا عن القحطاني، قوله: "أعتقد أن منصات التواصل تقع تحت سيطرة المخابرات... نرى أن اللغة تتغير الآن وأصبحت لطيفة".
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه مع أن وجود المشجعين في قطر يعد غير قانوني، إلا أنهم ليسوا قلقين، فالمبرر جاهز، وهو تشجيع نادي الهلال.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
أويل برايس: هل انتهى حصار قطر؟ هذه حسابات الربح والخسارة
MEMO: لهذه الأسباب لن يحضر أمير قطر قمة الرياض
مونيتور: هذا هو ما سيدفع دول الحصار لحل الأزمة مع قطر