انتقادات
واسعة طالت رئيس الوزراء الماليزي
مهاتير محمد، من أنصار النظام العسكري الحاكم في
مصر وأذرعه
الإعلامية، إثر "
قمة كوالالمبور" الإسلامية المصغرة، وهو ما
يخالف الحفاوة الرسمية والإعلامية التي طالما حظي بها مهاتير عند قدومه لمصر سابقا.
وشهدت
كوالمبور، منذ الأربعاء، قمة إسلامية مصغرة من قادة ماليزيا وتركيا وقطر وإيران، غاب
عنها حلف السعودية والإمارات ومصر، فيما أكد مهاتير محمد، (94 عاما) أن القمة تهدف
للنهوض بالأمة الإسلامية.
وفي
هجومها على القمة؛ اتهمت صحيفة "اليوم السابع"، المقربة من جهات سيادية
مصرية، الحضور في كوالالمبور، بأنهم زعماء التطرف والإرهاب، وقالت: "قمة
كوالالمبور.. زعماء التطرف والإرهاب يبحثون شؤون 1.6 مليار مسلم"، وكتبت:
"قمة كوالامبور.. قبلة حياة للإخوان ومخطط لضرب التعاون الإسلامي".
وبنفس
الطريق حاولت صحيفة "الفجر"، تشويه زعماء القمة وربطهم بالإرهاب، وقالت
بعض عناوينها: "قمة ماليزيا.. شجاع اليهود ومحفظة إسرائيل للدفاع عن
الإسلام"، و"قمة ماليزيا.. إسلامية على الطريقة الإخوانية برعاية
تركية"، و"قمة كوالالمبور ضمت داعمي الإرهاب وكلمة أمير قطر نكتة".
تلك
الصورة الجديدة بالإعلام المصري تغاير واقع زيارات مهاتير، لمصر بعهد حسني مبارك،
مطلع شباط/ فبراير 2006، حيث قوبل صانع النهضة الماليزية ورابع رئيس وزراء بها من
(1981 إلى 2003)، بكثير من الحفاوة الرسمية والإعلامية.
اقرأ أيضا: أردوغان يتهم الرياض بالضغط على دول لعرقلة قمة كوالالمبور
وهي
الحفاوة التي تضاعفت كثيرا عند زيارته لمصر، إثر ثورة يناير وتحديدا في حزيران/
يونيو 2011، وجولته بميدان التحرير وسط القاهرة؛ حيث أفردت وسائل الإعلام مساحات
واسعة للحديث عن تجربته الاقتصادية، ونقلت صحف القاهرة لقاءاته بالرموز الثورية
والوطنية، وخرجت عناوينها لتقول: "الحكومة تستعين بـ مهاتير محمد للمشاركة فى
إنقاذ الاقتصاد".
واستلهم
الكتاب المصريون بالصحف والمحللون في الفضائيات كثيرا من نجاحاته ودعوا السلطات
المصرية حينها للتعلم من تجربته، فيما تسابقت الصحف والفضائيات المصرية للحوار
الحصري معه، ومنها "المصري اليوم"، والإعلامية منى الشاذلي.
كما
شهدت زيارة مهاتير للقاهرة في أيار/ مايو 2013، بعهد الرئيس محمد مرسي، حفاوة
إعلامية كبيرة، وخرجت وكالة "أنباء الشرق الأوسط" الرسمية بعناوين مثل
"مهاتير محمد يزور القاهرة لعرض التجربة الماليزية".
المثير
أن إشادة الإعلام المصري بمهاتير محمد، وتجربة ماليزيا، استمرت حتى بعد الانقلاب
العسكري، منتصف 2013.
وحمّلت
صحيفة "روزا اليوسف" الحكومية والمعروفة بتوجهاتها العدائية للإسلاميين
مقالات بعناوين مثل "كيفية الاستفادة من التجربة الماليزية علي الحالة
المصرية"، في تموز/ يوليو 2014، وفي نفس التوقيت كتب موقع مصراوي:
"ماليزيا ..قصة نهضة بدأها بائع الموز المتمرد".
وقبل
عام وفي 9 أيار/ مايو 2018، أشاد الإعلامي المقرب من السلطات عمرو أديب، عبر
فضائية "on"، بعودة مهاتير محمد، لرئاسة وزراء ماليزيا بعد 15 عاما،
وطالب العرب بالتعلم من تجربته الجديدة.
فلماذا
تغيرت صورة ماليزيا، ومهاتير محمد، في عيون الصحافة والإعلام المصري؟
"التماهي مع السلطة"
وفي
إجابته قال الإعلامي والسياسي، أحمد عبدالعزيز، إن "الإعلام المصري غير
مهني، فهو منحاز دائما وأبدا، منذ انقلاب يوليو 1952، إلى السلطة وتحديدا الجناح
القوي والمسيطر في السلطة".
وأضاف
بحديثه لـ"عربي21": "إذن، فهو ليس إعلام الشعب، وإنما إعلام (مَن
غلب)؛ وعلى ذلك، فمن الطبيعي أن يتغير موقفه من مهاتير محمد، بتغير (الغالب) في
مصر".
وأوضح
المستشار الإعلامي السابق للرئيس الراحل محمد مرسي، أنه "أثناء زيارة مهاتير
لمصر في 2011، كان الإعلام يتملق الروح السائدة وقتذاك، والتي كانت تنذر بوصول
الإخوان المسلمين إلى السلطة، وكذلك في مايو 2013، أي قبل الانقلاب بشهرين
ونيّف".
وأكد
أن الإعلام المصري اليوم، "يواصل مهمته في التماهي مع السلطة التي تناوئ
وتعادي المشروع التركي، وكل ما يتصل به، أو يقيم شراكة استراتيجية معه، وقد كان
لافتا بالفترة الأخيرة، التقارب الماليزي التركي في كثير من المواقف، وهذا بالطبع
يثير غضب السلطة بمصر، ومن ثم إعلامها".
"من صاحب تجربة إلى شيطان"
وفي
تعليقه يرى الكاتب الصحفي قطب العربي، أن "صورة مهاتير تغيرت بالإعلام المصري،
نتيجة دعوته للقمة الإسلامية ببلاده، بينما استبعدت مصر من مجموعة المؤسسين
لها".
وأكد
لـ"عربي21"، أن "الإعلام المصري يعتبر أن كل ما يتم استبعاد مصر
منه خطأ يجب محاربته"، مشيرا لحالة "التضافر بين الإعلام المصري
والسعودي والإماراتي؛ وأنهم يرون القمة موجهة بجزء منها ضدهم".
وأوضح
الكاتب المصري سوء تقدير إعلام الدول الثلاثة، مشدّدا على أن القمة "ليست
كذلك وأنها مهتمة بشؤون المسلمين بالعالم وليست ضدهم".
الأمين
العام المساعد للمجلس الأعلى للصحافة سابقا، أشار إلى "حالة الاحتفاء الشديد
بمهاتير، أيام مبارك، وإثر الثورة، وفي مقابلة الرئيس مرسي قبل الانقلاب بأسابيع،
رغم أنه كان خارج السلطة".
وأوضح
أن "الجميع كان يعتبر أنه صاحب تجربة ثرية يجب الاستفادة منها، كما اهتمت
النخب المصرية بالاستماع إليه ونقل تجربته؛ لكنه تحول إلى شيطان الآن لمجرد دعوته
للقمة ومصر ليست فيها".
وختم
العربي بالقول: "وحسب علمي فقد تم توجيه الدعوة لمصر كمشارك ولكن هناك موقف موحد مع السعودية والإمارت بعدم
الحضور، بل وإفشال القمة".
وفي
مقال له بصحيفة "رأي اليوم"، قال الصحفي الفلسطيني عبدالباري عطوان، إن
"الرّد على قمّة كوالالمبور الإسلاميّة لا يجب أن يكون بتحريضِ الجُيوش
الإلكترونيّة على إطلاق صواريخ الشَّتائم والسُّباب على الزّعماء المُشاركين في
هذه القمّة، والتّغنّي بأمجاد الماضي، فهذا نهجُ العاجِزين المُفلِسين، وإنّما
بإجراء مُراجعات جديدة ونقد ذاتيّ لمعرفة الأسباب التي هيّأت المجال لتهميش أكثر
من عِشرين دولة عربيّة إسلاميّة".
وعبر
مواقع التواصل الاجتماعي، كال أنصار السيسي، الاتهامات لمهاتير محمد، ووصف الباحث
الاقتصادي محمد النجار، عودته للسلطة في سن 94 عاما بأنها "سعار
السلطة"، وقال: "هذه مسخرة حقيقية، أعتقد أن هذا رقم قياسي لأي رئيس
وزراء في تاريخ العالم".