إنسايد أوفر: تركيا وروسيا تملآن الفراغ الغربي في المتوسط

نشر موقع "إنسايد أوفر" تقريرا تناول فيه الفراغ الذي تركه الغرب في المتوسط بعد أن انشغل الاتحاد الأوروبي بإعادة توزيع الكراسي على إثر خروج بريطانيا، بينما تنشغل الولايات المتحدة في الوقت الراهن بالمشاكل الدستورية التي تسبب فيها قرار عزل دونالد ترامب.

أوضح الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، أن جهات فاعلة دوليا على غرار تركيا وروسيا والصين استغلت الوضع وبصدد ملء الفراغ الحاصل على الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط. كما تمتلك الجزائر وتونس وليبيا وإسرائيل ولبنان والعراق قاسما مشترك فيما بينها، حيث تخضع لحكومات مؤقتة تدير الشؤون الراهنة. علاوة على ذلك، تمر كل هذه الدول بمرحلة انتقالية حساسة مع نتائج غير مؤكدة.

وأشار الموقع إلى أن الجزائر، أكبر بلد في أفريقيا تستورد منه إيطاليا لوحدها حوالي 30 بالمئة من الغاز، انتخبت للتو رئيسا جديدا بنسبة مشاركة هي الأقل على الإطلاق. وتخاطر تونس، التي يستشهد بها غالبًا كمثال للديمقراطية في العالم العربي ولؤلؤة البحر الأبيض المتوسط النادرة بالعودة إلى صناديق الاقتراع. أما ليبيا، فتشهد حربا بالوكالة بصدد التحول إلى صراع إقليمي واسع على غرار سوريا. كما لا يعرف إلى أين تتجه الاحتجاجات في لبنان والعراق ضد المؤسسة التي يقودها الشيعة ومتى ستتوقف هذه الاحتجاجات.

واعتبر الموقع أن الانتخابات التي جرت في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي في تونس، عطلت الإطار السياسي التونسي، حيث شهد الناخبون تفتتا عميقا عقب الأزمة الاقتصادية الخطيرة التي لا تزال مستمرة، والقلق المتزايد بشأن تفشي الفساد. وفاز حزب حركة النهضة في الانتخابات البرلمانية، وهو الحزب الذي أسسه رئيس البرلمان الحالي، راشد الغنوشي.

وفي الواقع، في ظل وجود 54 نائبا من أصل 217 مقعدا، لا تزال الحركة، التي تعد القوة السياسية الأولى في مجلس نواب الشعب، عاجزة عن الحكم بمفردها. وعُهد بالمشاورات لتشكيل أغلبية جديدة إلى الحبيب الجملي، البالغ من العمر 60 سنة، الذي يعتبر قريبًا للغاية من الحركة الإسلامية.

وأشار الموقع إلى أنه في الجزائر، انتخب رئيس الوزراء السابق، عبد المجيد تبون رئيسا ثامنا منذ الجولة الأولى بحصوله على 58.15 في المائة من الأصوات في انتخابات تخللها حراك شعبي وشهدت نسبة إقبال متدنية للغاية بلغت 39.9 في المئة. وعلى الرغم من تعيين الرئيس المنتخب حديثًا حكومة "مؤقتة" جديدة، إلا أن المظاهرات، لم تتوقف.

وأفاد الموقع بأن الاحتمال الوحيد المرجح في الوقت الراهن هو حل المجالس، مما سيسمح لأحزاب المعارضة بالعودة إلى الساحة السياسية. وعند هذه النقطة، يمكن للبرلمان المنتخب الجديد أن يكون بمثابة "الجمعية التأسيسية" الذي سيضع الأسس اللازمة لتغيير نظامي. في المقابل، قد يؤدي التحول الجذري إلى عدم الاستقرار، وهو سيناريو يجب تجنبه بالتأكيد.

في الحقيقة، يجب أن نتذكر أن إيطاليا هي أول عميل للاقتصاد الجزائري بفضل خط أنابيب الغاز ترانسميد الذي يعبر الأراضي الجزائرية والتونسية، حيث يجلب حوالي 30 بالمئة من الإمدادات الأجنبية من الميثان إلى صقلية. علاوة على ذلك، جددت الشركات الإيطالية الرئيسية مؤخرا عقودا مهمة في مجال التوريد مع الجزائر.

اقرأ أيضا: هل تتفق روسيا وتركيا بتحديد مستقبل ليبيا على غرار سوريا؟

وأضاف الموقع أن الصراع في ليبيا اتنقل من صراع ضيق إلى سيناريو حرب أهلية دموية تفاقمت بسبب الحرب بالوكالة. وأعلن اللواء خليفة حفتر، الرجل القوي في الشرق المدعوم من مصر والإمارات وخاصة روسيا، عن بداية الهجوم الأخير لغزو العاصمة الليبية التي تخضع لسيطرة حكومة الوفاق التي تحظى بدعم تركيا.

وأوضح أن هذا الهجوم يندرج ضمن استراتيجية عسكرية تنطلق من بنغازي ودرنة بقيادة جيش طبرق. في المقابل، لا يعني ذلك غزوا سريعا بالنظر إلى طبيعة النسيج الحضري للمنطقة وتدخل ميليشيات مصراتة (المدينة التي تستضيف حوالي 300 جنديا إيطاليا) لوقف تقدم حفتر.  وكلما مر الوقت، كلما زاد خطر رؤية ليبيا مقسمة إلى مناطق نفوذ بين روسيا وتركيا، على الشاكلة السورية، حيث توصلت الدول أخيرًا إلى اتفاق لتقسيم البلاد، على حساب الأكراد.

واعتبر التقرير الاتفاقية التي أبرمها رئيس وزراء طرابلس، فايز السراج، مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ووجود المرتزقة الروس في ليبيا (تتراوح التقديرات بين 100 و1500 رجل، كثير منهم من قدامى المحاربين في الحرب في سوريا) لدعم الجنرال تدفع الأوروبيين للتحرك. ويبدو أن زيارة وزير الخارجية، لويجي دي مايو، إلى ليبيا جزء من هذا الرأي أي فكرة ضغط الجبهة الأوروبية الغربية و"الاستحواذ مجددا على مفاتيح اللعبة السياسية"، لكن الانطباع حاليا يتمثل في أن الأوان فات.

كما اعتبر أن مطالب المتظاهرين العراقيين واللبنانيين مشروعة وهي تتمثل في القضاء على الفساد وسن قانون انتخابي جديد وحل البرلمان، وبالتالي تنظيم انتخابات الجديدة.

وفي هذا الشأن، قال فيصل جاب، عالم الآثار والناشط الذي زار إيطاليا في الأيام الأخيرة، لوكالة نوفا الايطالية أن المشكلة تتمثل في أن القوانين الانتخابية تتغير لكن الأحزاب الكبيرة تواصل الفوز مرارا وتكرارا، مما يديم نفس دائرة الفساد. وأضاف جاب أنه سيكون لدى الأحزاب بالتأكيد بعض المرشحين الذين سيخدمون مصالحهم ولن يهتموا بمحاربة الفساد.

وذكر الموقع أن نظام الحكم القائم على المحاصصة الطائفية في العراق تواجه أزمة اليوم. وينطوي القضاء على هذه التوازنات السياسية-الطائفية الدقيقة باسم "الكفاح ضد السلطة"، دون فكرة محددة حول "ما يجب القيام به بعد ذلك" ودون بديل واضح، على خطر إحياء الصراعات الطائفية القديمة التي لم يتم التغلب عليها بالكامل.

وستعود إسرائيل إلى التصويت للمرة الثالثة خلال اثني عشر شهرا، وذلك في الثاني من آذار/مارس، ويعتبر ذلك رقما قياسيا. وأعاد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي يلاحقه القضاء، الولاية مرتين إلى يدي روفين ريفلين، مما خلق وضعا سياسيا معقدا.

ومنذ عدة أشهر حتى الآن، لم تكن الحكومة مسؤولة عن التعامل مع الشؤون الحالية، حيث تم تجميد القرارات المهمة خاصة الدبلوماسية والاستراتيجية منها. ومن وجهة نظر استراتيجية وعسكرية، تم حظر خطة الدفاع الخماسية، مع خطر الاستياء المتزايد من كبار ضباط القوات المسلحة في الكيان الوحيد في المنطقة برؤوس حربية نووية.

وقال الموقع إن الوضع على طول الحدود مع لبنان لم يتغير حتى الآن، فضلا عن سياسة الاحتواء الإيرانية في المنطقة. ربما مر الكيان اليهودي بأزمات أسوأ بكثير في التاريخ، لكن الصدام السياسي الإسرائيلي هو بمثابة ضوء تحذير آخر في منطقة يكون فيها التوتر مخيفا.