أرجع
سياسيون وناشطون مصريون، في مجال مقاومة التطبيع مع إسرائيل، غياب ردود الأفعال
الشعبية على بدء تنفيذ صفقة الغاز الإسرائيلي لمصر، للقبضة الأمنية القمعية التي
يفرضها نظام الانقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي، على المجتمع السياسي
والنقابي.
وحدّد
الخبراء، الذين تحدثوا لـ "عربي21"، عدة أسباب أخرى، تقف وراء غياب ردود
الأفعال الشعبية، منها السيطرة الأمنية الكاملة على النقابات المهنية، وسجن المئات
من رموز حركات مقاومة التطبيع، والانشقاق السياسي الذي شهدته مصر، منذ الانقلاب
العسكري الذي جرى في تموز/ يوليو 2013، والتعامل الخشن من نظام السيسي تجاه معارضي
سياساته.
"آلة
إعلامية وأمنية"
من
جهته، أكد عضو تجمع "نقابيون ضد التطبيع"، أحمد رامي، أن "هناك
اختلافا كبيرا بين الموقف الرسمي لسلطة الانقلاب، وبين المواقف الشعبية تجاه
التطبيع"، موضحا أن "الموقف الشعبي لم يتغير كثيرا عن الوقت السابق،
ولكنه يقف أمام إجراءات قمعية متواصلة جعلت صوته خافتا".
ويوضح
رامي، لـ "عربي21"، أن "نظام السيسي يستخدم آلته الإعلامية
والسياسية من أجل الترويج للتطبيع واعتباره أمرا طبيعا، وأن العدو الآن ليس
إسرائيل، أو حتى إثيوبيا التي تُهدد شريان الحياة، المتمثل في نهر النيل، وإنما
العدو هو تركيا، وحماس، وكل مربع المقاومة الرافض للانقلاب العسكري، وبالتالي يتم
شيطنة كل ما هو ضد النظام وضد مصالحه".
وحسب
رامي، فإن "هذه الآلة التي يتم إنفاق المليارات عليها، تدعمها قبضة أمنية لم
تشهدها مصر من قبل، ويدعمها أيضا قضاة موالون للنظام العسكري، وسيطرة كاملة على
النقابات والأحزاب السياسية، ورغم كل ذلك فإنه في كل مناسبة يؤكد الشعب المصري
وشبابه الواعي، رفضهم للتطبيع، وهو ما ترجمه الشاب المعتقل حاليا عز منير، والذي
رفع علم فلسطين في استاد القاهرة، ردا على القرار الأمريكي، بشرعنة المستعمرات
الإسرائيلية في فلسطين المحتلة".
"الربيع
العبري"
وفي
تعليقه على بدء تصدير الغاز الإسرائيلي للأردن واقترابه من مصر، أكد محمد سيف
الدولة، المستشار السابق للرئيس الراحل محمد مرسي، أن "ثورة 25 كانون الثاني/
يناير 2011، هي التي أجبرت المجلس العسكري على وقف تصدير الغاز المصري لإسرائيل"،
موضحا أن استيراده الآن، يُعد أفضل رد على كل من وصفوا ثورات الربيع العربي بأنها
ثورات الربيع العبري.
وأضاف
سيف الدولة، من خلال حسابه على فيسبوك، قائلا: "بدأت السلطات الأردنية
استيراد الغاز الفلسطيني المغتصب المسمى زورا (بالغاز الاسرائيلى)، فى صفقة مدتها 15
سنة، وقيمتها 10 مليار دولار، وستلحق بها مصر بعد أيام قليلة في صفقة مماثلة
تتراوح قيمتها بين 15 و 20 مليار دولار".
واتهم
سيف الدولة، الأنظمة العربية بأنها "غارقة في مستنقع التطبيع مع العدو"،
لكنه وجّه التحية للقوى الوطنية في الأردن التي تتصدى للتطبيع، ونظمت حملات شعبية
وإلكترونية، لوقف استيراد الغاز من الاحتلال.
وقال
المستشار السابق للرئيس المصري: "كلنا غارقون في مستنقع التطبيع مع العدو،
ولكن في الأردن لا تزال القوى الوطنية قادرة على الكلام والتعبير والحركة
والاعتراض، وتنظيم حملات مثل حملة غاز العدو احتلال، بينما في مصر من يرفع علم
فلسطين، يزج به في السجون".
"المزاج
واحد"
ووفق
الكاتب الصحفي والنائب السابق لمدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط الحكومية،
أحمد حسن الشرقاوي لـ "عربي21"، فإن "أجواء مناهضة التطبيع مع
إسرائيل، اختلفت في ظل النظام الحالي، عما كانت عليه في عهد السادات وأوائل عهد
مبارك، حيث كان يوجد وقتها تيار يساري قوي، ولديه رموزه وكوادره ومواقفه، كما كان
التيار الإسلامي في عنفوان قوته، خصوصا في الأيام الأخيرة لحكم السادات والسنوات
الأولى لحكم مبارك".
ويؤكد
الشرقاوي، المختص بشؤون الأمن القومي، أن "مقاومة التطبيع لم يكن قاصرا على
الأحزاب والنقابات المهنية، وإنما أيضا من خلال قوى التأثير الناعمة مثل الكنيسة
المصرية تحت قيادة البابا شنودة الثالث، التي وقفت جنبا إلى جنب مع الأزهر الشريف
في مقاومة التطبيع، وهو ما ترجمه البابا شنودة بقوله الشهير: (لن ندخل القدس، إلا
بعد تحريرها من الاحتلال الصهيوني، ولن ندخلها إلا وأيدينا في أيدي إخوتنا
المسلمين)".
اقرأ أيضا: مسيرات أردنية غاضبة رفضا لاستيراد "الغاز الإسرائيلي" (شاهد)
ويشير
الشرقاوي إلى أن "وجود هذه المواقف، وتوافر رموز كبيرة مناهضة للتطبيع، كان
يوفر الزخم الشعبي الرافض للتطبيع ويقويه، وهو الأمر الغائب حاليا، في ظل قيام
النظام الفاشي الحالي، بتصفية وتغييب كل رموز المعارضة، وكل ممثلي التيارات
السياسية المصرية من مختلف الأطياف".
ورغم
الصمت الشعبي عن تطور ملف التطبيع، إلا أن الشرقاوي يؤكد أن "غالبية المصريين
ترفض التطبيع"، مستشهدا باستطلاع للرأي أجرته صحيفة "جيروزاليم
بوست" في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، بمناسبة مرور 40 عاما على توقيع معاهدة
السلام المصرية الإسرائيلية، والذي أكد أن المصريين لا يزالون يرفضون التطبيع مع إسرائيل.
وحسب
الصحفي المصري، فإنه "خلال الفترة من 25 كانون الثاني/ يناير2011، وحتى 3
تموز/ يوليو 2013، بلغت عمليات التفجير لخطوط الغاز المصرية الذاهبة لإسرائيل، 27
تفجيرا، بينما الفترة التي تلت الانقلاب وحتى الآن، لم تشهد محاولة تفجير واحدة،
رغم مزاعم النظام بخصوص حربه على الإرهاب فى سيناء التي يمر بها خط الغاز، وهو ما
يطرح العديد من التساؤلات عن الجهات التي كانت تقف وراء هذه التفجيرات؟ ولماذا
توقفت خلال السنوات الأخيرة".
والأربعاء،
أعلن وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، عن بدء ضخ الغاز الطبيعي من حقل
ليفياثان بالبحر المتوسط إلى الأردن، متوقعا أن يبدأ التصدير إلى مصر في موعد
أقصاه 10 أيام، مؤكدا أن "إسرائيل أصبحت للمرة الاولى في تاريخها مُصدرة
للطاقة".
والجمعة،
شارك آلاف الأردنيين، بمسيرة حاشدة؛ لإسقاط اتفاقية الغاز الموقعة مع إسرائيل عام
2016. ويأتي
ذلك استمرارا للمطالبات الشعبية التي بدأت منذ الأيام الأولى لتوقيع الاتفاقية،
وبعد يومين فقط من إعلان عمان وتل أبيب عن بدء الضخ التجريبي للغاز.
وحمل
المشاركون في المسيرة، التي دعت لها الحركة الإسلامية وفعاليات شبابية وحزبية
ونقابية مختلفة، لافتات كتب عليها عبارات منددة بالاتفاقية وأخرى تهاجم الحكومة
الأردنية.
إسرائيل: بدء ضخ الغاز للأردن.. ومصر خلال 10 أيام
إسرائيل تحاول اختراق أزمة سد النهضة.. قدمت عرضا لإثيوبيا
إسرائيل: بدء تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر خلال أيام