بعد مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي
العراقي أبو مهدي المهندس بهجمات أمريكية، برزت تساؤلات حول خطوات واشنطن اللاحقة في
التعامل مع قادة المليشيات العراقية، التي تصنف معظمهم على لوائح الإرهاب.
"الصدمة
اللامتوقعة"
الخبير العراقي في شؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي، قال في حديث
لـ"عربي21"، إن الولايات المتحدة الأمريكية بعد 27 ديسمبر/ كانون الأول، بدأت
تتبع تكتيكات "الصدمة اللامتوقعة" إذ إنها تتبع أسلوب رد "الضربة بالضربة"،
بالشكل والزمان الذي لا يمكن توقعه.
ولم يستبعد الهاشمي في ظل الصراع المتنامي بين واشنطن وطهران، أن تضرب
القوات الأمريكية أهدافا أخرى في العراق، فإن الأوضاع قابلة للتصعيد إذا رد أي طرف
على قواتها.
وأشار إلى أن "فصائل محور المقاومة في العراق وسوريا ولبنان واليمن
ملزمة برد محدود ومضبوط، تستطيع من خلاله أن تؤكد لقواعدها الجماهيرية أنها لا تقف مكتوفة
الأيدي إزاء الاستهداف الأمريكي، مع عدم التصعيد إلى درجة تخرج فيها الأمور عن نطاق
السيطرة، وتذهب في اتجاه مواجهة لا تستطيع فصائل محور المقاومة دخولها في هذه المرحلة".
وأوضح الهاشمي أن "حالة الغضب لدى الفصائل الشيعية ممكن أن يتلاشى
مع مرور الوقت، وأمريكا من الممكن أن تسمح بضربات هنا وهناك، لكنها إذا كانت موجعة
فإنها سترد ضمن تكتيكاتها الجديدة".
ولفت إلى أن "ثلاثة فصائل من أصل 67 فصيلا من الحشد الشعبي في
العراق، تدعو إلى المواجهة مع الولايات المتحدة، وهذا يشير إلى وجود انقسام في القرار
داخل الحشد الشعبي والمقاومة الشيعية".
اقرأ أيضا: طهران: نهاية الوجود الأمريكي في المنطقة بدأت
ورأى أن "تصريحات رئيس الحشد الشعبي فالح الفياض، والقيادي فيه
هادي العامري، ركزت على الطرق القانونية والسياسية في تشريع قانون لجدولة خروج جميع
القوات الأمريكية، ولم يتوعدوا بالمقاومة المسلحة لإخراج القوات الأمريكية، وهذا دليل
على وجود الانقسام".
"سيناريو
متوقع"
من جهته، قال السياسي العراقي وائل عبد اللطيف إن "الوضع خطير
ومتأزم في العراق، فمع أن مراسم التشييع لم تنته بعد، فقد شاهدنا اليوم السبت، سقوط
قذائف على المنطقة الخضراء وقاعدة بلد العسكرية".
وأكد عضو البرلمان السابق أن "الموقف الأمريكي تجاه الحشد الشعبي
كان سلبيا منذ تشكيله وإقرار قانونه في البرلمان العراقي، فهي بقيت تعتبره مليشيات
تابعة للدولة، لذلك فإن موضوع استهداف سليماني والمهندس لن ينته وستكون له تداعيات".
وأشار عبد اللطيف إلى أن "ما نشهده اليوم هو ثورة غضب آنية، في
مرحلة التشييع والوفاة، فالنفوس لا تضبطها ضوابط، وبذلك سيكون لموضوع قتل هذين الرجلين
تداعيات خطيرة".
وتوقع أن "يكون لإيران رد عسكري حاسم تتبناه رسميا، وكذلك الحشد
الشعبي الذي يتوعد ويتهيأ للثأر، في المقابل أمريكا تزيد من تحشيد قواتها في العراق،
لكن لا أحد يعرف متى المواجهة، فهذه قرارات الحرب عند الطرفين".
وحول ما إذا كانت أمريكا ستستهدف قيادات أخرى في الحشد الشعبي، قال
القاضي عبد اللطيف: "بالتأكيد، فإن الولايات المتحدة تعتبر الحشد الشعبي مليشيات
خارجة عن القانون، وتعرفهم بأماكنهم وشخوصهم".
وأوضح أن "أمريكا لديها تكنلوجيا متطورة، فهي رصدت سليماني خلال
جولته من لبنان إلى سوريا، ثم العراق، واليوم السلطات العراقية تحقق مع شخصين أحدهما
عراقي والآخر سوري كانا على متن الطائرة".
وأردف عبد اللطيف أن "الولايات المتحدة كانت تراقب حركة سليماني
من ولاية كاليفورنيا"، مشيرا إلى أن "الطرفين يراقبان بعضهما، والغلبة للتكنولوجيا
التي تعتبر رقم واحد في حروب اليوم، فهي لا تكبد خسائر بشرية هائلة، وأن الطائرات المسيرة
ضرباتها موجهة ونوعية".
"قائمة
أهداف"
عقب عملية اغتيال سليماني والمهندس، صنفت الولايات المتحدة الأمريكية قائدين في مليشيا "عصائب أهل الحق" على لائحة الإرهاب العالمية، وهما زعيم
المليشيا قيس الخزعلي وشقيقه ليث.
وفي وقت سابق، وضعت واشنطن على لوائح الإرهاب، زعماء مليشيات "النجباء"
أكرم الكعبي، و"كتائب الإمام علي" شبل الزيدي، ومدير أمن الحشد الشعبي حسين
فالح المعروف باسم "أبو زينب اللامي".
وتوقع الباحث والأكاديمي العراقي وحيد عباس لـ"عربي21" أن
تستهدف الولايات المتحدة الأمريكية المزيد من قادة المليشيات الشيعية الموالية لإيران،
في ظل التصعيد الجاري بالعراق.
وبحسب قوله، فإن "أي أحد لم يتوقع أن تقتل واشنطن شخصيتين مهمين
لإيران والعراق، هما سليماني والمهندس، وقد حدث الأمر دون سابق إنذار، لذلك فإن ما
دونهما أصبح من غير المستبعد أن تطالهم ضربات واشنطن".
ولفت عباس إلى أن "الولايات المتحدة اعتبرت كل من شارك في المظاهرة
التي انتهت باقتحام سفارتها في بغداد هم أعداء لها، وعبرت عن ذلك من خلال تغريدة وزير
خارجيتها مايك بومبيو".
ونشر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الأربعاء الماضي، صور أربعة
أشخاص عراقيين، وصفهم بأنهم "إرهابيون أتباع لإيران"، واتهمهم بأنهم من
"دبروا الاعتداء" على السفارة الأمريكية في بغداد.
وكتب بومبيو في حسابه على موقع "تويتر": "جرى تنظيم
الهجوم من قبل الإرهابيين أبو مهدي المهندس وقيس الخزعلي، وساعدهم رجل إيران هادي العامري
وفالح الفياض".
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الجمعة، أن الولايات المتحدة لديها
قائمة أهداف، وهي جاهزة لتنفيذها في أي وقت، محذرا من أن واشنطن مستعدة للقيام بأي شيء
ضروري ضد النظام الإيراني الذي يسعى لزعزعة استقرار دول الجوار.
ما سيناريوهات الرد الإيراني على اغتيال أمريكا لسليماني؟
المليشيات تهدد.. هل يفلح برلمان العراق بإجلاء الأمريكان؟
"على خط المواجهة".. ما تداعيات أحداث سفارة واشنطن في بغداد؟