قدم مستشفى في مدينة سان بطرسبرج الروسية، يديره ويشارك في ملكيته أشخاص تربطهم صلات بالرئيس فلاديمير بوتين، علاجا طبيا لمرتزقة روس أصيبوا في الخارج.
مصادر هذه المعلومات هي ثلاثة أشخاص على معرفة بالمتعاقدين العسكريين الذين يتلقون العلاج، وموظف في المستشفى، ورواية صحفي كان شاهد عيان، وسجلات إحدى الشركات.
ويكشف العلاج الطبي للمتعاقدين العسكريين الذين أصيبوا في معارك في الخارج، في مواقع من بينها ليبيا وسوريا، والذي لم يٌنشر عنه شيء في السابق، أن المقاتلين تلقوا دعما غير مباشر من النخبة الروسية، حتى على الرغم من أن الكرملين ينفي أنهم يقاتلون في الخارج لحسابه.
يقضي القانون الروسي بأن تلتزم المؤسسات الطبية جميعها بإبلاغ الشرطة عن المصابين في قتال ليتولى التحقيق فيها، كما يمنع القانون المواطنين الروس من المشاركة في صراعات مسلحة كمرتزقة.
وتقول قاعدة البيانات (سبارك) التي تجمع معلوماتها من سجلات الشركات إن المستشفى مملوكة لشركة التأمين (أيه.أو سوغاز)، التي تذكر أن أقارب لبوتين وآخرين تربطهم صلات به من بين كبار مسؤوليها وملاكها.
وأيضا هناك علاقة عمل بين المدير العام للمستشفى فلاديسلاف بارانوف وابنة بوتين الكبرى ماريا.
وليس لدى رويترز دليل على أن ابنة بوتين لها علاقة بعلاج المتعاقدين العسكريين.
وقال بارانوف لرويترز في اتصال هاتفي: "انسوا مستشفياتنا، هذه نصيحتي لكم". وقال ردا على أسئلة مكتوبة: "لا أريد التواصل معكم".
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: "ليس لدينا معلومات عن هذا الأمر على الإطلاق".
ولم ترد وزارة الدفاع الروسية وشركة سوغاز وابنة بوتين على طلبات للتعليق.
ومن قبل، ذكرت رويترز ووسائل إعلام أخرى أن متعاقدين روس أفرادا قاتلوا سرا دعما للقوات الروسية في سوريا وأوكرانيا. وتجند المتعاقدين جماعة عسكرية خاصة تعرف باسم (فاغنر جروب) معظم أعضائها عسكريون سابقون.
ووفقا لاثنين من المتعاقدين العسكريين السابقين لدى مجموعة فاغنر، فقد جرى إرسال مقاتلين من المجموعة إلى ليبيا لدعم قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة خليفة حفتر الذي يقاتل الحكومة الليبية المعترف بها دوليا في طرابلس.
وتنفي روسيا استخدام مرتزقة، وقالت إن من يقاتلون في أوكرانيا وسوريا متطوعون. وكان بوتين قد صرح بأن متعاقدين عسكريين من الروس موجودون في سوريا، لكنهم يقدمون خدمات أمنية. وقال إنهم لا علاقة لهم بالدولة الروسية أو جيشها، وإن لهم الحق في العمل في أي دولة ما داموا لم ينتهكوا القانون الروسي بالمشاركة في قتال.
وعندما سئل بوتين في مؤتمره الصحفي السنوي يوم 19 كانون الأول/ ديسمبر عن وجود مرتزقة روس في ليبيا قال: "هل تصدقون ما تنشره وسائل الإعلام الغربية؟ هل تصدقون كل شيء؟" وأضاف أن روسيا تتعامل مع كل من رئيس الحكومة الليبية المعترف بها دوليا فائز السراج وخليفة حفتر.
ولم يتسن الاتصال بديمتري أوتكين مؤسس فاجنر جروب للحصول على تعليق.
قائد مصاب
كان ألكسندر كوزنتسوف يدخن سيجارة في الفناء الخلفي للمستشفى في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر، عندما قال إنه ذهب إلى ليبيا، وإن الروس هناك "يقاتلون الإرهاب الدولي لحماية مصالح موسكو".
وكان يضع ضمادات، كما كان على ذراعه جهاز معدني، وهو جهاز تثبيت معدني من النوع الذي يستخدم في علاج كسور العظام المضاعفة. ورفض الحديث عن إصاباته.
وقال مقاتل سابق تابع لفاغنر عولج في المستشفى ومتعاقد عسكري خاص آخر عندما تم إطلاعهما على صورة كوزنتسوف، إنه قائد وحدة هجومية تابعة لفاغنر غروب، وإنه أصيب خلال القتال في ليبيا.
وأكد كوزنتسوف أنه قائد عسكري خاص، لكنه لم يحدد الجهة التابع لها.
والمستشفى الذي افتتح في 2010 واحد من سلسلة المنشآت الطبية الخاصة التي افتتحتها سوغاز في أنحاء روسيا، حسبما يقول موقع الشركة على الإنترنت.
ويقول مقاتل فاغنر السابق، الذي عولج في سوغاز، إن المستشفى يقدم خدماته لمقاتلي فاغنر منذ عام 2016 على الأقل. وقال إنه عولج من إصابة في السنوات الأخيرة في نفس المستشفى مع خمسة أو ستة مرتزقة مصابين آخرين. وقال إنه أصيب في سوريا.
وقالت والدة متعاقد آخر مع فاغنر لرويترز إن ابنها عولج في مستشفى سوغاز بعد إصابة خطيرة في سوريا.
وفي الحالتين، كان علاج المقاتلين مجانيا بحسب المتعاقد ووالدة زميله. وقالا إنهما لا يعرفان من دفع تكاليف العلاج.
وقالت والدة المقاتل إن إحدى الخدمات الطبية التي حصل عليها ابنها تكلفت عشرة آلاف دولار، وإنها عرفت ذلك من أوراق علاجه. ولم تطلع رويترز على هذه الأوراق، وليس بإمكانها تأكيد ما قالته الأم.
ولدى سؤال القائد المصاب كوزنتسوف عمن تحمل تكاليف علاجه، قال أيضا إنه لا يعرف.
وطبقا لقاعدة بيانات حكومية رسمية عن عقود الدولة تقدم سوغاز تأمينا على الحياة والصحة لأفراد الجيش الروسي وأفراد الحرس الوطني.
صلات ببوتين
شاركت ابنة بوتين في تأسيس شركة أخرى تشغل فيها منصب عضو في مجلس الإدارة. والمدير العام لتلك الشركة، واسمها (أيه.أو نوميكو)، هو نفسه بارانوف المدير العام لسوغاز، طبقا لسجلات الشركة في قاعدة البيانات (سبارك).
وتقول نوميكو في موقعها على الإنترنت إن وحدة سوغاز التي تدير علاج المرتزقة واحدة من "شركائها"، لكن دون مزيد من التفاصيل.
نائب الرئيس التنفيذي لسوغاز هو ميخائيل بوتين، الذي تقول وسائل إعلام محلية إنه ابن أحد أعمام الرئيس الروسي. وأكد الكرملين أنه قريب من بعيد لبوتين. ويملك ابن عم أو ابن خال آخر لبوتين هو ميخائيل شيلوموف حصة نسبتها 12.5 في المئة في سوغاز من خلال شركة اسمها (أكسبت)، طبقا للسجلات الرسمية للشركة.
وطبقا لسجلات سوغاز يملك يوري كوفالتشوك الذي وصفه بوتين علنا بأنه صديق حصة مع زوجته في سوغاز عن طريق غير مباشر. فالزوجان يملكان ما يقرب من نصف شركة تسيطر على 32.3 في المئة من سوغاز من خلال شركة أخرى اسمها (أو.أو.أو أكفيلا).
وطبقا لموقع سوغاز على الإنترنت وسجلاتها، يرأس أليكسي ميلر الرئيس التنفيذي لشركة غازبروم الروسية مجلس إدارة سوغاز. وكان ميلر قد عمل في مكتب رئيس بلدية سان بطرسبرج في التسعينات مع بوتين قبل وصوله لمنصب رئيس الدولة.
ولم يرد ميخائيل بوتين وشيلوموف وكوفالتشوك وزوجته على طلبات للتعليق على المستشفى الذي يعالج متعاقدين مصابين في معارج خارج البلاد. ورفضت غازبروم الرد على أسئلة أعدت لميلر وميخائيل بوتين.
سخرية من "تقزيم" وزير الدفاع السوري في اجتماع مع بوتين
كيف يؤثر دور تركيا وروسيا في ليبيا على مؤتمر برلين
بثلاث نقاط.. هكذا برزت تركيا على الساحة الدولية خلال 2019