يصوت مجلس النواب التونسي، يوم غد الجمعة، على حكومة رئيس الوزراء التونسي المكلف، الحبيب الجملي، وسط مصير غامض للثقة التي يسعى إلى تحقيقها، وسط خلافات مع الأحزاب وعدم تمكنه من إحراز ائتلاف حكومي.
وأعلنت أغلب الكتل اعتزامها عدم التصويت لصالح حكومة الجملي، في حين يبدو الأخير معولا على "قلب تونس" للتصويت لصالح حكومته، وهي ثاني أكبر الأحزاب في البرلمان بعد النهضة.
وكلف الرئيس التونسي، قيس سعيّد، منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، مرشح النهضة، الجملي، بتشكيل الحكومة.
وقرّر كل من "التيار الديمقراطي، وحركة الشعب" اللذين يشكلان "الكتلة الديمقراطية" في البرلمان (41 نائبا)، عدم المشاركة في حكومة الجملي.
اقرأ أيضا: البرلمان التونسي يحدد الجمعة جلسة منح الثقة لحكومة الجملي
وقال التيار الديمقراطي إن قراره "يأتي استنادا إلى أن التصور العام للحكومة لا يرتقي إلى مستوى التحديات المطروحة في البلاد".
أما حركة الشعب، فقالت إن "العرض المقدم من الجملي لا يلبي الحد الأدنى مما طلبته الحركة، وبالتالي فإنها غير معنية بالمشاركة في الحكومة".
والتحقت كتل برلمانية أخرى، نهاية الأسبوع الماضي، بموقف حزبي "التيار" و"الشعب"، في رفض منح الثقة للحكومة.
وأعلن الجملي، الخميس الماضي، تركيبة حكومة كفاءات مستقلة من 28 وزيرًا و14 كاتبًا للدولة.
وعبرت كتلة حركة "تحيا تونس" (ليبرالية- 14 نائبًا) وكتلة الإصلاح الوطني (مشكلة من أحزاب- 15 نائبًا) وكتلة المستقبل (9 نواب)، رفضها منح الثقة للحكومة.
وشككت هذه الكتل في استقلالية أعضاء الحكومة الذين اقترحهم الجملي.
الجملي وحيد؟
الرئيس السابق للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية (حكومي)، طارق الكحلاوي، قال للأناضول: "بالإضافة إلى الكتل غير المشاركة في مفاوضات تشكيل الحكومة، فإن الحزب المكلِّف (النهضة) له مشكل مع رئيس الحكومة".
وأبدى مجلس شورى "النهضة" تحفظات على شخصيات مقترحة في الحكومة (دون أن يسميها)، ودعا الجملي إلى "إجراء تعديلات ضرورية في إطار احترام القانون والدستور".
اقرأ أيضا: تونس.. تثبيت موعد الثقة بحكومة الجملي والتعديلات بعد المصادقة
وأضاف: "وحتى الحليف المحتمل، الذي زكى بعض المستقلين (لتولي حقائب وزارية)، حزب قلب تونس أعلن عبر رئيسه أنه غير راض عن الحكومة".
وتابع: "هناك إشكال جدي في بإمكانية مرور الحكومة أمام البرلمان"، مستبعدًا أن تؤدي مفاوضات اللحظات الأخيرة إلى أي نتائج.
وأضاف: "يمكن القول إن الرجل (الجملي) تُرك تقريبًا معزولًا.. يبدو أن كتلة النهضة تريد تأجيل الجلسة العامة إلى 14 يناير (كانون ثاني الجاري)، وهو اليوم الأخير في آجال تشكيل الحكومة".
مفاوضات مستمرة
بدوره، رأى الباحث المختص في الفلسفة السياسية المعاصرة، رياض الشعيبي، أنه "من الصعب الجزم بسقوط حكومة الجملي قبل المرور إلى البرلمان؛ فمفاوضات اللحظات الأخيرة ما زالت مستمرة بين القوى السياسية الممثلة في البرلمان".
وأضاف الشعيبي أن "لقاء حصل بين القروي والجملي، ورغم أنه لم يتسرب شيء كبير منه، إلا أنها تعتبر محاولة من الجملي لكسب تأييد كتلة قلب تونس".
وعلى عكس ما ذهب إليه الكحلاوي، فقد اعتبر الشعيبي أن "موقف النهضة محسوم، وهو التصويت لهذه الحكومة في كل الظروف، باعتبار أنها الحركة التي كلفته، ومن غير المعقول ألا تمنحه الثقة".
"النهضة" والجملي
الناطق باسم حركة النهضة، النائب عماد الخميري، قال إن "التصويت للحكومة محسوم بقرار الشورى (مجلس شورى الحركة)، لكنه (المجلس) سجّل في نفس الوقت اعتراضه على تركيبتها في بعض الأسماء".
وأضاف: "الشورى دعا الرئيس المكلف إلى بذل الجهد والاتصال السياسي مع الكتل والأحزاب لتذليل الصعوبات أمام الحكومة".
وأقر الخميري بأن "هناك جهدا اتصاليا يقوم به الرئيس المكلف، وحتى النهضة، لتذليل أي صعوبة كي تنال الحكومة ثقتها أمام البرلمان".
إذا فشل الجملي
في حال فشل حكومة الجملي في نيل الثقة رأى الكحلاوي أن "البديل سيكون الفقرة الثالثة من الفصل (المادة) 89 من الدستور، حيث يكلف الرئيس شخصية يختارها لتشكيل الحكومة".
وبحسب الدستور فإنه "عند تجاوز الأجل المحدد دون تكوين الحكومة، أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب، يقوم رئيس الجمهورية، في أجل عشرة أيام، بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية، لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر".
واستبعد الكحلاوي اللجوء إلى انتخابات مبكرة، وهو ما يوافقه فيه الشعيبي، الذي رأى أن "الأحزاب السياسية غير مستعدة للتفريط في مكاسبها والدخول في مغامرة جديدة"، في إشارة إلى احتمال خسارة مقاعد، إذا أعيدت الانتخابات، بعد أربعة أشهر من التكليف الأول، وفق الدستور.
في حين اعتبر الناطق باسم "النهضة" عماد الخميري أنه "من السابق لأوانه الحديث عن حكومة يعينها الرئيس".
النهضة تريد تعديلات على الحكومة.. الأحزاب ترفض والقانون يجيب
خلافات حادة وراء التأجيل المتواصل لحكومة الجملي بتونس
بالأرقام.. هذه حظوظ حكومة الجملي بعد إعلانه ائتلافا حكوميا