أثارت الخريطة الجديدة التي تضمنتها ما تسمى بـ"صفقة القرن" بعد طرحها من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية "دونالد ترمب"، سخرية الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي.
ورأى الكثير من الفلسطينيين أن
الخريطة بشكلها المطروح لا تعبر عن أبسط آمالهم بالتحرر من الاحتلال وإقامة دولة
مستقلة كما تزعم بنود الصفقة، معتبرين أن الاحتلال هو المستفيد الأول منها على
الأرض.
وتظهر الخريطة تحوّل المدن
الفلسطينية والمحافظات إلى تجمعات سكانية تفصل بينها المستوطنات والأراضي التي يسيطر
عليها الاحتلال، وبالتالي يصعب التواصل فيما بينها.
ويتحدث المواطن أبو أشرف عبيد من
مدينة رام الله عن خريطة فلسطين الجديدة بالقول إنها تشبه "الجهاز
الهضمي"، ولا تعبر عن أي حلم فلسطيني، كما أنها لا تشبه أي خريطة طبيعية لأي
دولة.
اقرأ أيضا: مواجهات مع الاحتلال بـ"يوم الغضب" رفضا لـ"صفقة القرن"
ويقول في حديث لـ"عربي21"
إن "أي خريطة طبيعية تمتاز بوحدة الأراضي فيما بينها وسهولة التنقل؛ ولكن هذه
الخريطة لا تملك شيئا من ذلك فهي تقطع أوصال فلسطين وتحولها إلى ما يشبه الفتات"،
بحسب تعبيره.
بدورها، ترى المواطنة رولا علوي من
مدينة نابلس أن "الخريطة الجديدة من الصعب جدا التعرف عليها أو رسمها أو حتى
تعليمها للأجيال القادمة"، مؤكدة أنها "تشبه كل شيء إلا فلسطين".
وتساءلت علوي في حديث لـ"عربي21":
"منذ متى كانت الضفة الغربية بهذ الشكل، حتى لو كنا غير معتادين عليها، ولا
نقبل إلا خريطة فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر".
تلاشي
ويشير مراقبون إلى أن "خريطة
فلسطين تتعرض في كل اتفاقية أو صفقة للتناقص تدريجيا؛ وهو ما يترجمه طمع الاحتلال
في الاستيلاء على المزيد من الأراضي على حساب حق الفلسطينيين في أرضهم، وبدعم واضح
وكامل من حلفائه".
وفي هذا الإطار، يوضح أستاذ العلوم
السياسية في الجامعة العربية الأمريكية بجنين أيمن يوسف أن "ما يمكن استنتاجه
من شكل الخريطة الجديدة، هو أن إسرائيل تستغل عدوانيتها والخلل في ميزان القوى مع
الجانب الفلسطيني؛ من أجل نهب الأرض والتوسع الاستيطاني العنصري كي تقتل أي
احتمالية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة متواصلة جغرافيا وديمغرافيا".
ويقول يوسف في حديث لـ"عربي21"
إن "خطة ترامب التي أظهرت الخريطة الفلسطينية من النقب الى الجليل كامرأة
راقصة، هو دليل واضح على الاستراتيجية والتوجه الأمريكي والإسرائيلي؛ ليس فقط من
أجل إفراغ الأرض من سكانها وقتل فرص التحرر الوطني الكامل، بل أيضا من أجل العمل
على أساس أن يبقى الفلسطيني فاقدا للثقة بقدرة وطنية شاملة وبقيادته السياسية، وهو
ما ظهر واضحا من خلال حجم التهكم والسخرية التي شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي
ردا على طرح مثل هذه الخريطة".
اقرأ أيضا: احتجاجات فلسطينية بالداخل المحتل رفضا لـ"صفقة القرن" (شاهد)
ويؤكد أن "الأمر يحتاج تفكيرا
استراتيجيا أعمق واستثمارا في الوحدة الداخلية والهوية الوطنية:، مشيرا إلى أهمية
بناء تحالف دولي مؤيد للحق الفلسطيني ليس فقط على مستوى الدول، ولكن أيضا على
مستوى الشعوب والهيئات والمنظمات المختلفة، وفق رأيه.
من جانبه، يعتقد المحلل السياسي عبد
الستار قاسم أن "الشارع الفلسطيني لا يثق بالسلطة الفلسطينية، وأكبر دليل على
ذلك، أن رئيسها محمود عباس أرسل رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو".
ويبيّن قاسم في حديث
لـ"عربي21" أن "السلطة كانت تقول إنها ستقاطع الاحتلال وأنها تشعر
بالندم على توقيع اتفاقيات مع إسرائيل، فكيف تتم هذه المقاطعة في ظل إرسال رسائل
لقادة الاحتلال"، مؤكدا أن "هذا يجعل نتنياهو يستهتر بالفلسطينيين بصورة
أكبر، ويظهر له ذلك بأنهم لا يملكون استراتيجية أو مبدأ أو جدية فيما يتم التصريح
به".
ويقول قاسم إن "ما حصل يظهر
للعالم أننا نكذب، فكيف نقول سنقاطع إسرائيل ومن ثم نرسل رسائل لقادتها؟"،
مضيفا أن "هذه الأعمال خبرناها على مدى سنوات طويلة، وتجعل الفلسطينيين يشعرون
بحالة إحباط مستمرة ويحولونها إلى سخرية".
أما بالنسبة للخريطة، فيؤكد قاسم أنها
"سوف تتلاشى إذا بقيت المعادلة بهذا الشكل؛ وأنه لن تقام دولة فلسطينية في
الضفة الغربية؛ وذلك لأن النظرية الأمنية الإسرائيلية تقول إنه لا دولة ستقام غرب
نهر الأردن سوى إسرائيل".
ويلفت إلى أن "هذا البند لم
يتغير منذ اتفاقية أوسلو إلى الآن ولم يختلف؛ وأن الاحتلال وحلفاءه سيستمرون في
تقليص المساحة المخصصة للفلسطينيين إلى أن يأتي اليوم الذي يقولون فيه نريد الأرض
بدون سكان".
ويتابع: "وسيلتهم في ذلك هي
الاستمرار في خنق الفلسطينيين أمنيا واقتصاديا ومعيشيا كي يهاجروا من بلادهم؛ وهو
ما حذرتُ منه الأردن مرارا بأنكم ستصبحون الوطن البديل وسيطردون الفلسطينيين إلى
هناك؛ وهذا الأمر يحتاج الحذر والدراسة لتخطيه، أما عن السلطة فهي غير جادة فيما
تقول ولن تصنع شيئا".
الـ"AQUA"..ترامب يخطئ باسم الأقصى ومغردون يتندرون (ِشاهد)
هل تعزز صفقة القرن حظوظ ترامب ونتنياهو الانتخابية؟
محللون يقرأون بنود المستوطنات ودولة فلسطينية وفق الصفقة