أبدت الحكومة
اليمنية المعترف بها تذمرا واستياء شديدين إزاء استغلال
جماعة
الحوثي اتفاق السويد الذي تم التوقيع عليه قبل ما يزيد عن عام ونيف، غطاء لتصعيدها
العسكري ضد قوات الجيش الوطني، وهو الأمر الذي يطرح أسئلة عدة حول ما تبقى من ذلك الاتفاق
بعد فشل تنفيذ بنوده في مدينة
الحديدة (غرب).
ولم يتردد مسؤولون يمنيون في مهاجمة
اتفاق ستوكهولم المتعلق بمدينة الحديدة،
واعتباره في "حكم الميت"، حيث لوح وزير الخارجية اليمني محمد الحضرمي بالانسحاب
من الاتفاق الذي جرى التوقيع عليه في 13 كانون أول/ ديسمبر 2018.
وقال الحضرمي في تصريح صحفي، في وقت سابق، إن اتفاق السويد المتعلق بالوضع
في مدينة الحديدة، وفر غطاء لتصعيد الحوثيين في مديرية نهم، شرقي العاصمة صنعاء.
أعقب ذلك، تصريح للمتحدث الرسمي باسم الحكومة، راجح بادي، حيث أوضح أن
"اتفاق ستوكهولم أصبح مشكلة وليس حلا".
"ولد ميتا"
وتعليقا على هذا الموضوع، قال الأكاديمي والسياسي اليمني، عادل الشجاع
إن اتفاق استوكهولم ولد ميتا؛ لأنه لم يكن وفق القرار 2216 الذي ينص على انسحاب الحوثيين
من العاصمة وبقية عواصم المدن الأخرى التي تحتلها مليشيا الحوثي.
وأضاف في حديث لـ"عربي21": "كانت الشرعية بحاجة لوقف المعركة
في الحديدة حتى تعيق قوات حرس الجمهورية وقوات العمالقة من أي تقدم"، على حد قوله.
وتابع: "إضافة إلى خطأ الأمم المتحدة التي اعتمدت على تقارير منظمات
إنسانية، صورت سقوط الحديدة بيد الجيش الوطني سيؤدي إلى كارثة إنسانية".
وأشار الأكاديمي اليمني إلى أن حكومة هادي هي "جزء من المشكلة وليست
جزءا من الحل"، مؤكدا أنه يفترض أن تشكل حكومة جديدة تتمتع بالشراكة الوطنية لتحقيق
أمرين اثنين: "استعادة الدولة من يد الانقلابيين وإعادة الإعمار".
و أما الحوثيون، وفقا للسياسي الشجاع، فهم المستفيدون من كل ما يجري "وكلما
طال الزمن اقتربوا من تحقيق أهدافهم الاستراتيجية".
وهاجم المبعوث الأممي الخاص لليمن، مارتن غريفيث، قائلا إنه "يريد فترته تطول لتحقيق مكاسب مادية، ولكي يضاف الملف اليمني إلى سيرته الذاتية ليس إلا".
ولفت الشجاع إلى أن المشكلة تكمن في تركيبة الشرعية التي خلقت لها صراع
داخليا وإقليميا، "مما حول الصراع مع الحوثي إلى صراع داخل الشرعية ذاتها".
"تاه في ألاعيب
السياسة"
من جانبه، قال رئيس تحرير صحيفة "الوسط" اليمنية (أسبوعية تصدر
بصنعاء)، جمال عامر إنه كان على قناعة منذ تم التوقيع على اتفاق السويد فيما يخص الحديدة
بأن طرف هادي وحكومته لن ينفذوا أي بند منه، مرجعا ذلك "لأنهم أرغموا على الموافقة
عليه وساعد في تمييع الاتفاق، أن بنوده تم صياغتها دون محددات واضحة وتحتمل وجهات نظر
مختلفة في تفسيرها".
وتابع حديثه لـ"عربي21": "على الأرض لم تتوقف المناوشات
وتبادل الاتهامات بخرق الاتفاق حتى يوم واحد".
وبحسب عامر، فإن الاتفاق كان منطلقه إنسانيا "وتاه في ألاعيب السياسة"،
مشيرا إلى أنه حتى التزام الأمم المتحدة بتنفيذ إجراءات بناء الثقة المتمثلة بإعادة
فتح المطار (مطار صنعاء)، ودفع المرتبات وتحييد الاقتصاد تبخرت، وبعد عام يتم ذر الرماد
على عيون اليمنيين بالسماح بنقل المرضى من ذوي الحالات الحرجة، وفقا لموافقة وتدقيق
مسبق من التحالف"، في إشارة إلى التحالف الذي تقوده السعودية الذي أعلن في اليومين
الماضيين إعادة فتح مطار صنعاء لنقل المرضى إلى مصر والأردن.
وأكد رئيس تحرير صحيفة الوسط أن تصريحات هادي وحكومته تثير السخرية، "كونها
عديمة حيلة ولا تملك القرار، وبالذات بعد التوقيع على اتفاق الرياض والتنازل عن كل صلاحياتهم
للسفير السعودي، بما في ذلك إصدار التعيينات أو حتى توجيه الجيش الذي صار مجردا من الأسلحة
الثقيلة والمتوسطة"، على حد قوله.
"انتهى عمليا"
وفي السياق ذاته، رأى الصحفي والناشط السياسي والحقوقي اليمني، محمد الأحمدي
أن اتفاق استوكهولم انتهى من الناحية العملية، "فقد أدى الغرض منه وزيادة، وهو
وقف عملية تحرير الحديدة، وضمان الإبقاء عليها تحت سيطرة المليشيا الحوثية".
وقال في تصريح لـ"عربي21": "خروج مدينة الحديدة عن سيطرة
المليشيا يعني سقوط المشروع الحوثي الذي سيجد نفسه معزولا في الجغرافيا اليابسة من
دون أي خط إمداد، وسيكون أقل مقدرة على أداء الدور المنوط به دوليا".
وأشار الأحمدي إلى أن تصريحات السفير البريطاني لدى اليمن، "لا تخرج
عن سياق الدور البريطاني الطموح في المنطقة، الذي يتطلب الإبقاء على قدر من الفوضى
الناجمة عن حكم الأقليات لإدارة الصراع وضمان إبقاء البلدان منتقصة السيادة".
كما اعتبر الصحفي اليمني أن حديث
السفير "آرون" عن الحل الشامل، هو "تلبية لرغبة الحوثيين الذين ظلوا
منذ جولة المشاورات الأولى يتحدثون عن الحل الشامل الذي يكفل الخروج عن المرجعيات ويؤسس
لمرحلة جديدة قائمة على الإقرار بسلطة الأمر الواقع الحوثية".
وكان السفير البريطاني مايكل آرون قد علق على تصريحات مسؤولي حكومة اليمن
بشأن اتفاق استوكهولم بالقول: "اتفاق ستوكهولم الذي توصلت إليه ىالحكومة اليمنية والحوثيون
كان مهما، وأدى إلى نتائج جيدة خلال الفترة الماضية".
واستدرك في تصريح نقلته عنه صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية،
في الأيام القليلة الماضية، قائلا: "الوضع تغير الآن، وهناك حاجة إلى اتفاق سياسي
شامل ليس محددا بمنطقة أو محافظة وحدها، وإنما اتفاق لوقف الحرب تماما في كل الجبهات".