نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا لأستاذ علوم الحكم في كلية كليرمونت ماكينا، تشارلز كيسلر، يقول فيه إن حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للانتخابات الرئاسية قد تفاجئ البعض في نغمتها.
ويشير كيسلر في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن بيرني ساندرز أعلن خلال خطاب أمام مؤيديه في نيو هامبشير، قائلا إن "هذا الانتصار هنا هو بداية نهاية دونالد ترامب".
ويستدرك الكاتب قائلا: "لكن انتظروا قليلا، ألم يكن تصويت مجلس النواب لصالح محاكمة الرئيس هو بداية نهاية دونالد ترامب؟ لم تحاكم أمريكا سابقا أي رئيس مرشح لدورة ثانية في الرئاسة، والآن بدأنا نرى بعض التضارب بسبب التحول من عملية دستورية إلى أخرى بسرعة، فلا يلام الشخص إن ظن أن عملية اختيار مرشح رئاسي للحزب الديمقراطي ليست سوى الفصل التالي لمحاولة إدانة الرئيس في الكونغرس، فسيحاول كل مرشح أن يثبت لحزبه القضية ذاتها ضد ترامب التي فشلوا في كسبها في مجلس الشيوخ ذي الأغلبية الجمهورية".
ويؤكد كيسلر أن "ساندرز وبيت بوتيغيغ وإيمي كلوبوتشار، كانوا الثلاثة الأوائل في الانتخابات الابتدائية في نيوهامبشير، وسيحاول كل منهم أن يجد لنفسه متسعا من خلال انتقاد الآخرين بما يتعلق بمدى شجبه لترامب، وأحيانا ربما يتذكرون قول شيء غير لطيف عن جو بايدين، الذي كان في المركز الأول سابقا، لكن مهمتهم هي أن يظهروا أن الرئيس وسياساته عار على أمريكا ويجب أن يذهب، وهذا أمر طبيعي".
ويجد الكاتب أن "ما هو ليس طبيعيا هو أن الديمقراطيين هذا العام يشعرون بأن عليهم أيضا شجب ترامب خاصة باعتباره خطرا على الدستور ونزاهة انتخابات 2020، وعليهم أن يظهروا أن جهود محاكمة الرئيس لم تذهب سدى".
ويتساءل كيسلر قائلا: "إذن، كيف سيدير ترامب حملته ضد أحد هؤلاء الديمقراطيين (أو حتى مايكل بلومبيرغ)؟ سترتكز نغمته الانتخابية على ثلاثة عناصر: الرئيس نفسه والاقتصاد ومعارضه الديمقراطي المنافس، وقد تكون تجربة المحاكمة وفرت له عنصرا رابعا، وهو ترامب بصفته مدافعا عن الديمقراطية".
ويقول الكاتب: "كونه نجا من المحاكمة في الكونغرس فإنه سيبدأ في موقف قوي، ولنتذكر أن شعبية كلينتون كانت أكبر بعد المحاكمة مما كانت عليه قبل المحاكمة، وبحسب شركة الاستطلاعات (غالوب) فإن نسبة من يرون أن ترامب مناسب للرئاسة وصلت إلى 49% بين المستطلعة آراؤهم، وهي أعلى نسبة منذ تسلمه المنصب، وكان ذلك خلال دراسة مجلس الشيوخ لقضيته، وقد تزيد هذه النسبة بسبب الاقتصاد الجيد وخطاب حالة الاتحاد".
ويلفت كيسلر إلى أن "الأمر أقل تأكيدا على المدى الطويل، فبين مؤيدي ترامب المتحمسين من ينظر إلى المحاكمة على أنها دليل على اضطهاد مؤسسة فاسدة له، وهو ما سيجعلهم يحبونه بشكل أكبر، لكنهم قليلون لإعادة انتخابه في سباق بين اثنين، ويحتاج ترامب إلى ملايين الناخبين الذين لا يلبسون قبعات (MAGA/ لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى)، الذين تزيد المحاكمة حتى بعد التبرئة من شكوكهم حول شخصيته وكفاءته".
ويبين الكاتب أنه "لذلك فما دامت قاعدة ترامب معجبة به فإنه مستعد للرهان على الناخبين الهامشيين الذين يحتاجهم بناء على ما فعله لهم مؤخرا، والمحاكمة لا تنفعه مع هؤلاء الناخبين، لكنه يراهن على أنها لا تضره كثيرا أيضا لأنه لم يتسبب بالضرر لهم، وسيحاول ترامب أن يشير إلى سجله العام في الرئاسة، خاصة في مجال الاقتصاد، وليس فقط سوق الأسهم المزدهر، لكن أيضا لأجور أفضل لمن هم في أسفل الطبقة الوسطى، وأرقام قياسية للبطالة (منخفضة)، ويمكن للناخبين حتى المتشككين عزو مثل هذا النجاح إلى براعته بصفته رجل أعمال، وذلك خطير؛ لأن الازدهار قد يكون هنا اليوم ويذهب غدا، لكن هكذا هي السياسية".
ويفيد كيسلر بأن "تأمينه ضد اقتصاد سيئ قبل يوم الانتخابات هو المرشحون الديمقراطيون أنفسهم، فسواء كان منافسه ساندرز أم بوتيغيغ أم كلوبوتشار أو أحد المرشحين الآخرين، فإن البديل عن الرئيس لن يكون مثل بريكليس (سياسي يوناني كان مؤمنا بالديمقراطية، حكم أثينا من عام 490 ق.م إلى 429 ق.م)، وقبل أربعة أعوام، هزم ترامب كلا من جيب بوش وهيلاري كلينتون المنحدرين من عائلتين من أقوى العائلات السياسية التي كانت لها إنجازات سياسية كبيرة، فمن ناحية سطحية، ماذا أنجز ساندرز أو بوتيغيغ أو كلوبوتشار في السياسة؟ فلماذا لا يكون متفائلا في الفوز؟".
ويستدرك الكاتب بأنه "حتى مع التبرئة مضافا إليها الاقتصاد الرائع والمنافس الضعيف، فإن المحاكمة تبقى حجر عثرة محتملا أمام انتخابه، ولذلك يحتاج ترامب إلى العثور على أمر إيجابي من تلك التجربة، والغريب أنه قد يكون وجده في دفاع محاميه عنه في مجلس الشيوخ، الذين وصفوه بأوصاف مختلفة: المدافع عن الشعب الذي يرفض أن يسمح بإخراج بطل الشعب من الرئاسة، والمدافع عن الرئاسة الدستورية في وجه أكثرية مثيرة للشقاق في مجلس النواب، ومعيد الاعتدال والتوازن إلى نظام سياسي أصابه جنون نصف قرن من التجاوزات الحزبية والاحتقان البيروقراطي".
ويقول كيسلر: "جهزوا أنفسكم للقاء دونالد ترامب، المدافع عن الديمقراطية الأمريكية، وهذا التوجه الجديد مبني على ندائه القومي أمريكا أولا، وكراهيته للقضاة الليبراليين، ويرد بشكل مباشر على اتهام المنافسين الديمقراطيين له بتهديد الدستور، وسيمنحه فرصة فريدة في الدفاع عن إدارته بأنها ذات عقل كبير".
ويختم الكاتب مقاله بالتساؤل قائلا: "هل سيستغل الفرصة؟ خطابه في نيوهامبشير قبل الانتخابات الأولية أظهر بعض مؤشرات في هذا الاتجاه، وأبقى على شجبه الذي أصبح الآن معروفا لمن وقفوا خلف محاكمته ووصفهم بالمرضى والشريرين السيئين والقذرين، لكن وعلى أي حال فإن الرئيس ومنافسيه الديمقراطيين والناخبين الأمريكيين بشكل عام سيكتشفون إنه ليس من السهل أن ننسى المحاكمة حتى وإن رغبنا في ذلك".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)