نشرت صحيفة "لا نووفا بوصولا كوتيدينا" الإيطالية تقريرا
تحدثت فيه عن عرض حكومة الوفاق الوطني في طرابلس على الولايات المتحدة إقامة قاعدة
عسكرية في ليبيا، سعيا للحصول على دعمها في التصدي لهجوم حفتر المدعوم من روسيا
ومصر والإمارات.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن عرض
وزير الداخلية الليبي فتحي باشاغا باستضافة قاعدة جوية وبحرية أمريكية في ليبيا
يأتي في وقت تحدّث فيه وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر عن رغبة إدارة ترامب في
تقليص الوجود العسكري الأمريكي في إفريقيا.
وأوضحت الصحيفة أن العرض الليبي من الصعب قبوله رغم ما قاله باشاغا
في مقابلة مع وكالة بلومبرغ، حيث أكد أن "ليبيا مهمة في البحر الأبيض
المتوسط؛ لديها ثروة نفطية، وساحل يبلغ طوله 1900 كيلومتر، وموانئ تسمح لروسيا بأن
تراها بوابة إلى إفريقيا". وأضاف الوزير "نأمل أن تشمل إعادة توزيع
القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا ليبيا، حتى لا تترك لروسيا مساحة
لاستغلالها".
وأشارت الصحيفة إلى أن عرض باشاغا يبرز من ناحية الدور الروسي في
دعم حفتر، الذي وقّع في كانون الثاني/ يناير 2017 على اتفاقية تعاون عسكري مع
موسكو تشمل استخدام ميناء طبرق كقاعدة للأسطول الروسي. ومن ناحية أخرى، يعزز عرضه
محاولة طرابلس التقارب السياسي مع الولايات المتحدة، وهو ما يتجلى بشكل جيد في
الزيارة الأخيرة التي قام بها أحمد معيتيق، نائب رئيس حكومة الوفاق الوطني ورجل
مصراتة القوي، إلى واشنطن.
ومن جهتها، كانت الولايات المتحدة قد أرسلت قوات خاصة إلى طرابلس
ومصراتة لمحاربة تنظيم الدولة في سرت. وتنشر الولايات المتحدة اليوم حوالي ستة
آلاف جندي في إفريقيا، معظمهم في جيبوتي والنيجر، لكن هذا العدد يشمل أيضًا قوات
المارينز التي تدافع عن الهياكل الدبلوماسية.
ونقلت الصحيفة عن باشاغا قوله إن "إعادة الانتشار الأمريكي
ليس واضحا بالنسبة لنا"، لكن "إذا طلبت الولايات المتحدة قاعدة، لن
نمانع كحكومة ليبية ذلك لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة والحفاظ على مسافة بعيدة
عن الدول الأجنبية التي تتدخل في ليبيا"، وذلك في إشارة واضحة إلى روسيا ومصر
والإمارات التي تدعم بشكل مباشر هجوم حفتر الذي تبعد طليعته مسافة خمسة كيلومترات
فقط عن وسط طرابلس.
وأضاف باشاغا أن "الروس ليسوا في ليبيا من أجل حفتر فقط ولكن
لديهم استراتيجية كبيرة في ليبيا وإفريقيا". وهو يهدف بذلك إلى تسليط الضوء
على كيفية تزامن تقليص حجم القوات الأمريكية في إفريقيا مع تعزيز وجود موسكو في
القارة السوداء.
وأشارت الصحيفة إلى أنه كان لدى الولايات المتحدة بالفعل قاعدة
جوية في ليبيا، قاعدة ويلس فيلد، وهي غير بعيدة عن طرابلس استخدمها البريطانيون في
خمسينيات القرن العشرين حتى سنة 1970. ومع وصول القذافي إلى السلطة، تمكن السوفييت
من النفاذ إلى القواعد الجوية والبحرية في ليبيا.
وأفادت الصحيفة بأن الجبهة الليبية لا تزال قضية حساسة بالنسبة
للولايات المتحدة، خاصة بالنسبة لسياسة ترامب التي تقوم على الحد من التورط في
النزاعات، هذا إلى جانب عدم نسيان الهجوم الذي تعرضت له القنصلية الأمريكية في
بنغازي الذي راح ضحيته السفير كريستوفر ستيفنز في سنة 2012.
ولهذا السبب، لن يصادق الكونغرس على عرض إنشاء قاعدة عسكرية في
ليبيا، مع الأخذ بعين الاعتبار مخاطر تعريض القوات والمركبات للهجمات الإرهابية
وعدم استقرار المستعمرة الإيطالية السابقة. فضلا عن ذلك، لا يحتاج البنتاغون من
الناحية العسكرية إلى هذه القاعدة لمراقبة الوجود الروسي في البحر الأبيض المتوسط،
لأن لديه العديد من القواعد في إيطاليا واليونان.
وفي الختام، أوردت الصحيفة أنه لإيقاف هجوم حفتر على طرابلس،
سيتعين على حكومة الوفاق الوطني التعويل في الوقت الحالي على المساعدات العسكرية
التركية الكبيرة. وفي هذا الصدد، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: "في
ليبيا عكسنا الوضع الذي كان" قبل وصول تركيا "لصالح حفتر". في
المقابل، ندد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوجدانوف، يوم الخميس، بنقل
المقاتلين الأجانب إلى ليبيا بدعم من تركيا.
اقرأ أيضا: الحكومة الليبية تتهم روسيا بالوقوف وراء هجمات طرابلس