نشر موقع مودرن ديبلوماسي الأمريكي مقال رأي للكاتب، رحات شاه، تحدث فيه عن اتفاق السلام المبرم بين الولايات المتحدة وحركة طالبان الأفغانية في قطر يوم 29 شباط/ فبراير سنة 2020.
وقال الكاتب في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه وفقا لنظرية الواقعية الجديدة، حين تعتقد الدول أن أفعالها قانونية، ستستخدم القوة خارج أراضيها.
وعندما تعتقد أن الأفعال التي تقوم بها حاليا غير قانونية، فإنها ستتوقف عن استخدام القوة. وبعد مرور حوالي 19 سنة على حربها في أفغانستان، تعد هذه المرة الأولى التي تعتبر فيها الولايات المتحدة أن طالبان تمثل جهة فاعلة من غير الدول التي تعدّ طرفا مؤثرا شرعيا، حيث كان يُطلق عليها سابقًا اسم "الإرهابيين".
وفي الوقت الراهن، سيكون لأصحاب المصلحة الحق المشروع في حكم أفغانستان وتحديد مستقبل كابول.
وأفاد الكاتب بأن الولايات المتحدة قد وقعت اتفاق سلام مع حركة طالبان الأفغانية في العاصمة القطرية، الدوحة في 29 شباط/ فبراير 2020.
وجاء في هذا الاتفاق أنه في حال لم تنتهك طالبان بنود هذه المعاهدة، ستسحب واشنطن قواتها في غضون 14 شهرًا من تاريخ توقيعها.
وتجدر الإشارة إلى أن الملا عبد الغني برادر وقّع هذه المعاهدة مع كبير المفاوضين الأمريكيين زلماي خليل زاد. ويعود الفضل للتوصل إلى هذا الاتفاق التاريخي إلى دور الوساطة الذي لعبته الحكومة الباكستانية.
وأورد الكاتب أن كتاب "من الحرب إلى السلام" للكاتب، تشارلز كيغلي، يعتبر من أشهر الكتب التي تناولت مسألة عملية السلام في إطار العلاقات الدولية، حيث ذكر أنه في حال اعتقد الطرفان أن تكلفة الحرب كانت إيجابية، ستستمر الحرب بين الجانبين إلى الأبد.
وفي حال كان كلا الجانبين يعتقدان أن التكلفة سلبية، فستتوقف هذه الحرب، وسيوافق الطرفان على اتفاق سلام، وهو ما ينطبق على اتفاقية السلام المبرمة بين الولايات المتحدة وحركة طالبان.
لذلك، لسائل أن يسأل: كيف كانت التكلفة سلبية بالنسبة لكلا الجانبين؟ كيف سيبدو مستقبل أفغانستان؟
وأكّد الكاتب أنه للإجابة على هذه الأسئلة، من الضروري أولا فهم دور باكستان والأطراف المؤثرة الأخرى مثل إيران وروسيا والهند، فضلا عن أهميته بالنسبة للأمن الإقليمي، الذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمستقبل أفغانستان.
وفي الواقع، لا يمكن إنكار أهمية الدور الذي لعبته الحكومة الباكستانية في جمع الأطراف المتنازعة من أجل إرساء السلام والازدهار في المنطقة.
اقرأ أيضا : جامعة أمريكية تكشف الكلفة الحقيقية للحرب في أفغانستان
والجدير بالذكر أن السياسة الخارجية في باكستان شهدت تغيرات كبيرة في عهد عمران خان مقارنة بالحكومات السابقة، حيث تحوّلت باكستان الآن من المصالح الأحادية إلى المصالح المشتركة، وهو أمر ضروري لعملية السلام والأمن الإقليميين.
وعلى سبيل المثال، كانت باكستان أول دولة تدعم حكومة طالبان دبلوماسيًا في أفغانستان في الفترة المترواحة بين عامي 1996 و2001.
وحين قررت الولايات المتحدة استخدام القوات في أفغانستان حيث استضافت طالبان تنظيم القاعدة، شكلت جميع الدول تقريبًا تحالفًا لمكافحة الإرهاب للانضمام "للحرب على الإرهاب" التي تقودها الولايات المتحدة، حيث لم يكن لباكستان خيار سوى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع حكومة طالبان، لأنها كانت معزولة في العالم، وتعرضت للتهديد من واشنطن باعتبار أن العواقب ستكون سيئة للغاية.
وذكر الكاتب أنه حين قطعت باكستان علاقاتها الدبلوماسية مع حكومة طالبان، دفعت إسلام آباد ثمنا باهظا خلال العقود التي تلت أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، حيث قتل العديد من المدنيين والعسكريين خلال الهجمات الإرهابية في باكستان. وفي الواقع، كان عمران خان أول زعيم سياسي ندّد بالحل العسكري في أفغانستان.
اقرأ أيضا : قتلى وجرحى في أول تفجير بعد توقيع اتفاق طالبان وأمريكا
وأشار الكاتب إلى أنه بعد مرور 19 سنة على هذه الحرب، وبسبب فشلها في تحقيق أهداف سياستها الخارجية وإعادة الوضع الطبيعي في أفغانستان، سعت الولايات المتحدة لإيجاد حل سياسي.
وفي ظلّ فشل جميع القوى الكبرى لإيجاد حل شامل للسلام، نجحت حكومة باكستان الجديدة بقيادة عمران خان في جعل الولايات المتحدة وحركة طالبان تتوصلان إلى اتفاق السلام.
وعموما، يمكن للمرء أن يستنتج أن باكستان غيرت بالكامل سياساتها السابقة تجاه أفغانستان وأضحت تركز في الوقت الراهن على السلام والازدهار الإقليمي.
وفي هذا السياق، نشر رئيس الوزراء الباكستاني تغريدة على حسابه على موقع تويتر بعد توقيع هذا الاتفاق، "نرحب باتفاق الدوحة الموقع بين الولايات المتحدة وحركة طالبان.
ويعد هذا الأمر هي بداية عملية السلام والمصالحة لإنهاء عقود من الحرب ومعاناة الشعب الأفغاني".
ومع ذلك، تتجنب باكستان التدخل في الشؤون الداخلية لجارتها أفغانستان. وللمرة الأولى تتفق الحكومة المدنية الباكستانية والجيش على الأهداف ذاتها.
لكن ماذا عن الأطراف المؤثرة الأخرى مثل الهند وروسيا وإيران؟ وهل سيسمحون لحكومة طالبان بالعمل؟
وتطرّق الكاتب إلى أنه من الممكن أن تجمع روسيا وإيران مصالح مشتركة مع طالبان. في المقابل، لا يعدّ الأمر كذلك بالنسبة للهند، نظرا لأن نيودلهي لن تسمح مطلقا لحكومة موالية لباكستان أو حكومة طالبان أن تتصدر المشهد السياسي في أفغانستان.
ومن المؤكد أن يؤدي تدخل الهند في السياسة الداخلية لأفغانستان إلى كارثة بالنسبة للشعب الأفغاني. لقد آن الأوان ليميّز الشعب الأفغاني عدوه من صديقه.
وخلص الكاتب إلى القول إنه منذ أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، أنفقت الولايات المتحدة أكثر من تريليون دولار على الحرب وجهود إعادة الإعمار في البلاد، كما قتل حوالي 2400 جندي أمريكي.
فضلا عن ذلك، ستكون أكبر خسارة تلك التي سيتكبدها ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة حيث أنه وعد بإنهاء "الحروب التي لا تنتهي". وإذا فشل في القيام بتلك المهمة، ستكون العواقب واضحة للغاية.
WP: اتفاقية ترامب مع طالبان وما تحمله من تداعيات تاريخية
مقال "حقاني" على "نيويورك تايمز": ماذا تريد طالبان؟
"FT": على السودان تفادي "مصيدة ميانمار".. ما هي؟