رغم أن وزارة الصحة في النظام
المصري قد أعلنت خلو مصر من الإصابة بفيروس
كورونا بعد تعافي المصاب الوحيد بالفيروس وخروجه من مستشفى العزل، وتأكيد المتحدث باسم الوزارة أن الفريق الطبي المتابع لحالة المريض، وهو أجنبي، أجرى كافة الفحوص والتحاليل الدورية عدة مرات وجاءت سلبية، بعد قضاء المريض 14 يوما داخل الحجر الصحي، ما يؤكد أن مصر خالية تماما من الفيروس.. إلا أن حكومة أونتاريو بكندا أعلنت أن رجلاً في الثمانينيات من عمره ثبتت إصابته بفيروس كورونا، والعلاقة هنا بين إصابة الرجل الكندي والفيروس أن الرجل كان في زيارة في مصر قبل وصوله إلى أونتاريو، وهو ما يعني أن الرجل إما أن يكون قد حمل الفيروس من مصر أو كان مصابا به ونقله لمن خالطوه في مصر.
ومع نفي السلطات الصحية في النظام المصري وجود أي حالة للإصابات بالفيروس في مصر، تجد أن تصريحات وزيرة الصحة في النظام المصري متضاربة ومرتعشة، ما يؤكد أن هالة زايد تفتح الباب أمام التكهنات، فقد قالت إن "فيروس كورونا غالباً جاء مصر، ومستعدون للأسوأ"، وفي تصريح ثان قالت: "أي دولة مهما بلغت قوتها لا يمكنها تجنب الإصابة بكورونا"، ثم تنفي أن تكون الحالات المكتشفة لمرضى مصريين! محيلة الأمر إلى أن المصابين الذين تم الكشف عنهم في فرنسا وكندا منذ أيام لم يصابوا في مصر!
وتحليلا لهذه التصريحات تستطيع أن تقرأ التخبط، فما معنى أن يصاب المريض في مصر أو غيرها، طالما أنه أقام في مصر وخالط المصريين؟ وهنا أنا لا أبحث عن إثبات إصابة المصريين بالفيروس (حماهم الله من كل سوء)، ولكن أريد كشف حالة عدم
الشفافية التي يعيشها النظام حتى في أهم ما يمس حياة البشر وأعمارهم، ليس فقط في مصر، ولكن في العالم كله.
إخفاء المعلومة معناه بالنتيجة اتخاذ القرار الخطأ، والقرار هنا لا يخص الشعب المصري الذي لا يعبأ بأمنه الصحي النظام الحاكم، ولكن هذه المعلومة تخص العالم بأسره، ما يعني عدم السيطرة على المرض وتدمير الجهود العالمية في مكافحة المرض.
عدم الشفافية هذه لا تنسحب على المعلومات الصحية التي يخفيها النظام عن العالم، بل تنسحب على كل ما يعيشه المواطن المصري في حياته اليومية. فبحسب مؤشر الشفافية العالمية فإن مصر تحتل المرتبة الـ105 بين دول العالم في معدل
الفساد، وهو ما يعكس حالة الشفافية التي تعيشها مصر، بداية من الأموال الساخنة غير معروفة المصدر والتي دخلت مصر خلال الفترة السابقة، والتي أنعشت الاقتصاد المصري وهميا، والتي تعني إسقاط مصر بالكلية فيما لو كشفت دوليا، مرورا بالموازنة العامة التي لا يعرف حتى من أقروها حقيقة مدخلاتها أو نفقاتها، أو ميزانية القوات المسلحة ونصيبها في اقتصاد البلاد، ولا القوات المصرية التي ترسل شرقا وغربا لتقاتل كالمرتزقة الذين يعودون جثثا هامدة تلقى في صحراء سيناء؛ متهمين شراذم الإرهاب بقتلهم، انتهاء بالحالة الصحية التي تعيشها البلاد.
تعاطي السلطات الصحية في مصر مع حالات الإصابة بفيروس كورونا، حتى مع الإعلان عن ترؤس
السيسي اجتماعا وزاريا بخصوص انتشار الفيروس، والأرقام التي تعلن من جهة حكومته، كل ذلك يمثل امتحانا جديدا في معايير الشفافية سقط فيه النظام المصري مع العالم.. هذا النظام الذي يفقد مصداقيته كل يوم، لا على المستوى الشعبي فقط بل على المستوى العالمي. فلا يزال المجتمع الدولي يتعامل مع النظام في مصر منذ الانقلاب على النظام المنتخب في الثالث من تموز/ يوليو 2013 بمنطق الأمر الواقع. فالمجتمع الدولي لا يهمه في الحقيقة سوى مصالحه، وهي الورقة التي استطاع النظام أن يلعب عليها خلال الفترة السابقة بنجاح، لكن هذا النجاح لن يدوم إذا ما استمر الخداع والكذب الذي قد يودي بالعالم أجمع.