طلب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، من اللجنة الوزارية الاقتصادية، تصورا شاملا حول سيناريوهات أثر انتشار فيروس كورونا القاتل على الاقتصاد العالمي، والتأثيرات المتوقعة على الاقتصاد المصري، وسبل منعها أو الحد منها.
وقال المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء، نادر سعد، الثلاثاء، إن مدبولي ترأس اجتماعا للجنة الاقتصادية، ناقش خلاله السيناريوهات المتوقعة حول تدفقات المستثمرين وأداء البورصات العالمية والمحلية، وكذلك أسعار البترول في الأسواق العالمية، في حالة انتشار فيروس "كورونا" المستجد بوتيرة أسرع.
وأعلنت وزارة الصحة والسكان المصرية، الاثنين، اكتشاف إصابة ثانية بفيروس كورونا، داخل البلاد لشخص أجنبي.
وكشفت السلطات المصرية، الأحد، أنها اشتبهت في إصابة 1443 شخصا بفيروس "كورونا"، لكن النتائج جميعها كانت "سلبية"، باستثناء شخص أجنبي كان حاملا للفيروس، وتماثل للشفاء لاحقا.
القطاعات المتضررة
وحذر خبراء اقتصاديون ومصرفيون من تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد المصري، خاصة التي تعتمد على حركة السفر والتنقلات مثل السياحة والعمالة بالخارج وحركة مرور السفن بقناة السويس، والاستثمارات الأجنبية، إلى جانب قطاع السلع المستوردة خاصة من الصين.
وأكدوا، في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، أن مصر ستكون خسائرها مضاعفة من تفشي كورونا عالميا، خاصة أن اقتصادها يعتمد بشكل أساسي على الخارج، سواء عبر الاقتراض لسد فجوة السيولة الدولارية الكبيرة بالبلاد، أو عبر الاستيراد لتلبية أكثر من 60 بالمئة من احتياجاتها الأساسية والضرورية.
وقدرت "وكالة "بلومبيرغ الأمريكية حجم خسائر الاقتصاد العالمي بنحو 160 مليار دولار نتيجة انخفاض مساهمة الصين في الناتج الإجمالي العالمي نظراً لاضطلاعها بدور أوسع في نظام التجارة العالمي.
اقرأ أيضا: حرب عالمية ضد كورونا.. والبنك الدولي يساعد بمليارات
ومع إعلان مصر عن اكتشاف أول إصابة بالفيروس، الأحد، انخفض المؤشر الرئيسي للبورصة بأكثر من 6 بالمئة، وخسر 32 مليار جنيه (ملياري دولار) من قيمته السوقية في جلسة واحدة، بدفع من تهاوي البورصات العالمية والإقليمية خلال تداولات الجمعة.
تضافر المخاطر
وتضافرت البيانات السلبية لمؤشرات الاقتصاد المصري خلال شهر شباط/فبراير 2020، مع مخاطر كورونا المحتملة على مجمل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بالبلاد، حيث أظهر مؤشر مديري المشتريات الرئيسي لمصر التابع لمجموعة "آي إتش إس ماركت" انكماشا للشهر السابع على التوالي.
وأرجع بيان صادر عن المجموعة، الثلاثاء، استمرار انكماش القطاع الخاص غير النفطي في مصر، إلى انخفاض معدلات الإنتاج والطلبات الجديدة والتوظيف، إلى جانب تراجع درجة التفاؤل في ظل المخاوف بشأن تأثير فيروس كورونا على الاقتصاد الصيني.
وقال فيل سميث الاقتصادي لدى "آي إتش إس"، إن تفشي فيروس كورونا بالصين لا يضغط على حجم طلبيات التصدير الجديدة فحسب بل ويضعف ثقة الشركات.
وفي سياق المؤشرات السلبية للاقتصاد المصري، تراجعت إيرادات قناة السويس إلى 458.2 مليون دولار في شباط/فبراير، مقابل 497.1 مليون دولار في كانون الثاني/يناير الماضي. وتراجع الجنيه المصري أمام الدولار خلال الأيام الماضية نحو 10 قروش، إلى 15.61 جنيه للشراء، مقابل 15.50 جنيه.
وتبددت آمال الحكومة المصرية في بيع الغاز عند سعر 5.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بعد تراجع الطلب في آسيا وأوروبا، وانخفض سعره في العقود الفورية للأسواق الآسيوية بنحو 50 بالمئة ليصل إلى 3 دولارات، وفق وكالة رويترز.
وألغت مصر عددا من عطاءات بيع الغاز المسال بسبب تدني الأسعار ما يهدد بفقدانها نصف العائد الذي حققته طوال عام 2019 والبالغ مليارا و236 مليون دولار.
اقرأ أيضا: "WTO": أثر كورونا على التجارة العالمية سيظهر خلال أسابيع
"حظر خليجي"
وقررت السعودية منع دخول المعتمرين إلى أراضيها مؤقتا، ما تسبب في إلغاء موسم عمرة رجب وشعبان ورمضان، حتى الآن، وتكبيد نحو 2600 شركة سياحية خسائر مالية بسبب إلغاء حجوزات الطيران والفنادق الخاصة بموسم العمرة، بالإضافة إلى خسائر قطاع الطيران.
وتأثرت حركة السياحة الوافدة إلى مصر بنسبة وصلت إلى 30 بالمئة خلال شهري كانون الثاني/يناير، وشباط/ فبراير 2020، وفق رئيس جمعية خبراء السياحة العرب، والتي حققت 13 مليار دولار إيرادات في 2019، ما يعني خسارتها نحو 4 مليارات دولار أو أكثر في حال استمرت الأزمة.
ومطلع الشهر الجاري، قررت قطر والكويت فرض قيود على دخول المصريين من خلال إصدار عدة إجراءات بما فيها وقف إصدار جميع أنواع التأشيرات، ما يهدد بتراجع تحويلات المصريين بالخارج هذا العام.
وقفز الدين الخارجي لمصر بنسبة 18 بالمئة على أساس سنوي بنهاية الربع الأول من العام المالي الحالي 2019/ 2020 إلى 109.36 مليار دولار، كما ارتفع الدين المحلي بنسبة 8 في المائة إلى 4.18 تريليون جنيه (270 مليار دولار)، بحسب بيانات البنك المركزي.
استرداد الأموال
وقال الخبير والمحلل الاقتصادي، وائل النحاس، إن أخطر شيء على الاقتصاد المصري هو "حدوث استرداد لأموال الاستثمار بعد انكشاف بعض المراكز المالية لبعض الدول أو المحافظ المالية أو رجال الأعمال، وهو ما يبرر انهيار البورصات العاملية والإقليمية والمحلية بنهاية الأسبوع الماضي.
وأوضح في حديثه لـ"عربي21" أن "هناك مخاطر مضاعفة على الدول تعتمد على الاقتراض من الخارج مثل مصر، لافتا إلى أن الحكومة تقترض من أجل السداد، والمستثمر الذي سيقوم بسحب أمواله لتغطية مركز مكشوف أو لتعويض خسائر لن يجد من يدخل مكانه لأن هناك ذعرا في أسواق المال.
الاستعداد للأسوأ
وتوقع الخبير المصرفي، شريف عثمان، أن يتأثر الاقتصاد المصري بشكل مباشر، قائلا: "التأثير الذي حصل في البورصة المصرية سيعكس التأثير الذي سوف يحدث في أغلب قطاعات الاقتصاد، مثلها مثل باقي دول العالم".
وأضاف في تصريحات إلى "عربي21": "السياحة ستتأثر بشكل كبير، حيث ستتضرر كل وسائل النقل والمواصلات والوكلاء والموظفين، وحركة الملاحة في قناة السويس؛ نتيجة تراجع حركة التجارة، خاصة القادمة من الصين"، مشيرا إلى أن "التأثيرات ستكون سلبية للغاية".
وتفيد الإحصاءات بأن حجم البضائع الصينية عبر قناة السويس سجل 115.6 مليون طن وتمثل 11.2 بالمئة من إجمالي المنقول، وفق جريدة المال.
وتمثل الواردات الصناعية ومستلزمات الإنتاج والسلع الوسيطة نحو 80 بالمئة من حجم واردات مصر من الصين، وفق رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار.
إجراءات حكومية استثنائية في مصر لوقف خسائر البورصة
ذعر "كورونا" يضرب أسواق مصر والخليج.. بماذا ينصح المحللون؟
تراجع إيرادات قناة السويس إلى 458.2 مليون دولار