تتعدد الآثار السلبية لتداعيات فيروس
كورونا (كوفيد- 19) على الشركات
المصرية، بداية من
النشاط السياحي وما ترتبط به من أنشطة خلفية كالغذاء والنقل، ونشاط الطيران، وشركات تصدير الحاصلات الزراعية التي تضررت من صعوبات التصدير للسوق
الصينية وزيادة نولون الشحن إليها، وتضرر العديد من الأنشطة التي تعتمد على مكونات إنتاج صينية، والتي تشمل الصناعات الدوائية والنسيجية والكيماوية والصناعات الهندسية والالكترونية والسيارات والدباغة وغيرها.
وباتساع أضرار كورونا بالعديد من البلدان التي أغلقت مدارسها وجامعاتها وأغلقت مطاعمها وعلقت أنشطتها الرياضية، إضافة إلى وضع عدد من قبل الدول مصر بين الدول التي علقت رحلات الطيران معها، سيمتد الأثر السلبي إلى العديد من الأنشطة التصديرية، خاصة الصناعات الغذائية وشركات تشغيل العمالة في الخارج.
وتزداد درجة الأثر السلبي المتوقع بالنظر إلى أحوال الشركات المصرية قبل ظهور فيروس كورونا. فمن بين 219 شركة مقيدة في
البورصة المصرية، أعلنت 99 شركة حتى الرابع عشر من آذار/ مارس عن نتائج قوائمها المالية عن العام الماضي، وتضمنت تحقيق 19 شركة خسائر، منها 11 شركة تستمر خسائرها للعام الثاني، كما تراجعت أرباح 34 شركة في المقارنة لقيمة أرباحها عام 2018.
خسائر بقطاع الأسمنت والسيراميك
ومع زيادة الأرباح أو التحول من الخسارة إلى الربح في 46 شركة، فقد كان من بينها عشر مصارف مقيدة بالبورصة. والمعروف أن المصارف المصرية تستثمر معظم مواردها في أدوات الدين الحكومي عديمة المخاطر مما يجعل ربحها مضمونا، من خلال الفارق الكبير بين ما تحصل عليه من فوائد لأدوات الدين وما تعطيه لأصحاب الودائع المصرفية.
وتضم قائمة الشركات المستمرة بالخسارة للعام الثاني: الإسماعلية الوطنية للصناعات الغذائية (فوديكو) والقاهرة للزيوت والصابون، وليسكو مصر للسيراميك، والمصرية للدواجن، ورواد مصر للاستثمار السياحي، والإسكندرية للأسمنت، والإسماعلية الجديدة للتطوير والتنمية العمرانية، والقاهرة الوطنية للاستثمار والأوراق المالية.
ومن بين الشركات التي حققت خسائر في العام الماضي: الإسماعيلية مصر للدواجن، والنعيم القابضة للاستثمارات، وبرايم القابضة للاستثمارات المالية، والسويس للأسمنت، والشرقية الوطنية للأمن الغذائي، وأسمنت طرة، والإسكندرية الوطنية للاستثمارات المالية، وأودن للاستثمارات المالية. وكانت أعلى قيمة للخسائر للشركات التي أفصحت عن أدائها حتى الآن: السويس للأسمنت بنحو مليار و179 مليون جنيه، وأسمنت طرة 617 مليون جنيه، وليسكو مصر 301 مليون جنيه، والإسكندرية للأسمنت 236 مليون جنيه، نظرا لصعوبة تسويق الأسمنت داخليا وخارجيا.
وظهر تراجع الأرباح بشكل واضح بقطاع العقار والسياحة، وكان من أبرز الشركات التي تراجعت أرباحها: إعمار مصر للتنمية، لتصل 1.7 مليار جنيه مقابل 3.4 مليار جنيه نظرا لانخفاض الإيرادات وزيادة المصروفات البيعية والتسويقية والمصروفات الإدارية، و"جي بي أوتو" (مجموعة شركات غبور للسيارات) لتصل إلى 224 مليون جنيه مقابل 672 مليون جنيه، لانخفاض المبيعات وزيادة مصروفات البيع والتسويق والمصروفات الإدارية، ومصر لإنتاج الأسمدة (موبكو) لتصل إلى 1.6 مليار جنيه مقابل 3.2 مليار جنيه، لانخفاض المبيعات وزيادة تكلفة المبيعات وزيادة المصروفات التسويقية والمصروفات الإدارية، والعربية للأسمنت لتصل 29 مليون جنيه مقابل 232 مليون جنيه، لانخفاض إيرادات المبيعات وزيادة تكلفة المبيعات والمصروفات التمويلية، والسويدي الكتريك لزيادة تكلفة المبيعات والمصروفات الإدارية والمصروفات التمويلية.
تراجع الأرباح لزيادة تكاليف الإنتاج
وجهينة للصناعات الغذائية لزيادة تكلفة المبيعات ومصروفات البيع والتوزيع والمصروفات الإدارية وزيادة تكاليف إنهاء خدمة، وبالم هيلز للتعمير لانخفاض إيرادات النشاط، والقابضة المصرية الكويتية المصرية لانخفاض إيرادات النشاط وزيادة المصروفات الإدارية، والمصرية الدولية للصناعات الدوائية (إيبيكو) لزيادة تكلفة المبيعات والمصروفات الإدارية والمصروفات التمويلية، وشركة مستشفى كليوباترا لزيادة تكاليف النشاط العلاجي والمصروفات الإدارية والعمومية، والشمس للإسكان والتعمير لانخفاض المبيعات وزيادة المصروفات الإدارية، والجيزة العامة للمقاولات بسبب زيادة تكلفة المبيعات والمصروفات الإدارية والفوائد التمويلية، والقاهرة للدواجن لانخفاض المبيعات، وبيراميزا للفنادق والقرى السياحية لزيادة تكلفة الإيرادات ومصروفات التسويق والمخصصات والمصروفات الإدارية والمصروفات التمويلية، وكفر الزيات للمبيدات والكيماويات لزيادة تكلفة النشاط ومصروفات البيع والتوزيع وانخفاض ايرادات
الاستثمارات.
ويرى الكثيرون أن شركات البورصة البالغ عددها 219 شركة بالإضافة إلى 29 شركة مقيدة ببورصة النيل للشركات الصغيرة والمتوسطة، لا تعبر عن حال السوق المصرية التي يزيد عدد الشركات المساهمة فيها عن سبعة آلاف شركة، بخلاف شركات الأفراد وشركات المسؤولية المحدودة وشركات التضامن وشركات الشخص الواحد.
ونظرا لعدم التزام غالبية الشركات المصرية بالإفصاح عن قوائمها المالية، سواء بسبب تكاليف النشر أو الرغبة في عدم إطلاع المنافسين على أحوالها، فمن الصعب التعرف على واقع الشركات خاصة مع حالة الركود التي تخيم على السوق منذ تحرير سعر الصرف في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، وتراجع القوى الشرائية.
حيث لا تنشر الغرف التجارية أو الصناعية أية تقارير عن حالة السوق، خاصة مع القبضة الحديدية للنظام الحاكم التي تنظر بعين الريبة، لأية بيانات لا تتسق مع الصورة الإعلامية التي تروجها عن تحقيقها طفرة غير مسبوقة في المشروعات!
صعوبات للاستفادة من التراجع الصيني
وفي هذا السياق، فقد روجت الأبواق الإعلامية للنظام الحاكم أن
مشكلة فيروس كورونا التي ترتب عليها انخفاض تدفق المنتجات الصينية للأسواق الدولية، تمثل فرصة للمنتجات المصرية لاقتناص جانب من الصادرات الصينية، وخاصة بالمنتجات التي تزيد بها نسبة المكونات المحلية كالحاصلات الزراعية والسيراميك والمفروشات.
لكن على المستوى العملي يصعب ذلك في ظل حالة الارتباك بالسوق، فقطاع المنسوجات والملابس الجاهزة يعتمد على مكونات صينية يتعذر وصولها، وبالتالي لا يمكنه التوسع في الإنتاج إلى جانب قدم الآلات التي تحول دون هذا التوسع، وارتفاع سعر الفائدة المصرفية وارتفاع تكاليف الإنتاج وقلة العمالة المدربة، مما أدى لصغر حجم القطاع.
ويتكرر ذلك بقطاع الأدوية التي تعتمد على الصين في مكونات الإنتاج إضافة إلى صغر حجم نشاطها التصديرى، والذي بلغ في العام الماضي 270 مليون دولار فقط، كما يعاني قطاع الأثاث من ارتفاع تكلفة الخامات المستوردة ومنها مكونات صينية، مما يقلل من تنافسيته. ويشكو قطاع السيراميك من ارتفاع تكلفة الإنتاج، خاصة الغاز الطبيعي، مما يقلل من تنافسيته خارجيا.
أما قطاع الحاصلات الزراعية فذكر أنه لم يكن مستعدا لتلبية أية طلبات إضافية دولية، إلى جانب المنافسة القوية من جانب إسبانيا وتركيا والمغرب وإسرائيل، وارتفاع تكاليف الشحن البحرى، والأهم من ذلك أنه لم يتم إجراء دراسات من قبل المجالس التصديرية حول قضية الاستفادة من انقطاع السلع الصينية دوليا، كما لم تقم مكاتب التمثيل التجاري التابعة لوزارة التجارة الخارجية بحصر نوعيات تلك السلع وتوقيتات الطلب عليها وأبرز المستوردين لها.