شكك رئيس "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، أنس العبدة، بالتزام النظام السوري وروسيا بوقف إطلاق النار في شمال غرب سوريا، مشيرا إلى أنهما مع إيران، لا يزالون يحشدون على خطوط التماس في إدلب.
وفي حوار خص به "عربي21" في الذكرى التاسعة لاندلاع الثورة السورية، شدد العبدة على استمرارية الثورة السورية، لأن "الشعب السوري لن يرضى بعودة عقارب الساعة إلى الوراء".
ووصف رئيس الائتلاف علاقة المعارضة مع تركيا بـ"الاستراتيجية"، مؤكداُ أنه "لولا التواجد العسكري التركي الأخير في إدلب، لما كان ممكنا الحفاظ على المحرر منها حاليا".
من جانب آخر، أشار العبدة إلى جدية الولايات المتحدة في دعم المعارضة سياسيا ودبلوماسيا، بهدف الحد من التأثير الإيراني في سوريا.
وتاليا نص الحوار كاملا مع "عربي21":
- نبدأ من حلول الذكرى التاسعة لاندلاع الثورة السورية، إذ من الواضح أن الثورة بنظر البعض ليست بخير، لا سيما وأن مناطقها تتعرض للانحسار تدريجيا، اليوم كيف تنظرون إلى استمرارية الثورة السورية، وما هي أبرز التحديات التي تواجهها، وهي على أعتاب عامها العاشر؟
لا شك لدي بأن الثورة السورية هي أهم ثورة في التاريخ العربي الحديث. معجزة هي كانت في انطلاقتها، ومعجزة أكبر أضحت في استمرارها في وجه أعتى حلف للشر الإقليمي والعالمي، وسط صمت دولي يصل لحد التواطؤ.
الانحسار العسكري النسبي لا يعني على الإطلاق انحسار المطالب العادلة والسياسية للشعب السوري، والثورة الجزائرية تعطينا الدليل على ذلك.
وما لم تتحقق هذه المطالب فالثورة مستمرة، ولا يمكن لشعب يعشق الحرية كالشعب السوري أن يرضى بعودة عقارب الساعة إلى الوراء، ولا شك لدي بأن الثورة ستنتصر، لأنها تمثل إرادة شعب وصيرورة تاريخية لكل شعوب المنطقة. النظام يمثل الماضي بكل تخلفه وعبوديته والثورة توق لمستقبل مشرق يستحقه السوريون جميعا.
- ما هو مستقبل إدلب في ظل ما يبدو توافقا على حلول مؤقتة، هل سيتم تجميد الصراع إلى وقت طويل، أم أن روسيا لن تلتزم طويلا باتفاق وقف إطلاق النار برأيك؟
ما زالت هناك تحديات كبيرة تواجه الوضع الحالي في إدلب، سجل النظام وحلفاؤه من روس وإيرانيين ومليشيات طائفية وشذاذ آفاق سجلا مخزيا.
آمل أن يستمر وقف إطلاق النار لما في ذلك من حماية للمدنيين في هذه الظروف الصعبة، ولكن المؤشرات تدل على أن النظام وحلفاؤه يعتبرونه استراحة محارب وما زالوا يحشدون للعدوان مجددا.
- لماذا تصر روسيا على المضي في الحل العسكري، وما حقيقة الحديث عن مخاوف روسيا من تطبيق الولايات المتحدة لـ"قانون سيزر"، هل فعلا روسيا دخلت في صراع مع الوقت؟
إن استراتيجية روسيا الثابتة قبل وأثناء تدخلها العسكري في أيلول/ سبتمبر 2015، هي العمل على عودة سيطرة النظام السوري على جميع الأراضي السورية، ولم تتغير هذه الاستراتيجية.
روسيا تسعى لذلك على الرغم من تحالفاتها الإقليمية، ولعبت تركيا والولايات المتحدة في منطقتي غرب وشرق الفرات دورا مهما في الوقوف بوجه هذه الاستراتيجية، التي لن تجلب حلا سياسيا ولا سلاما مستداما.
- ما جرى مؤخرا من عمليات عسكرية في إدلب، عكس ما بدا وكأنه تخل عالمي عن المعارضة السورية، باستثناء تركيا، فكيف تقيمون علاقتكم بالجانب التركي، والولايات المتحدة، وبالدول العربية؟
التخلي العالمي لم يكن وليد اليوم، فقد رافق الثورة منذ بدايتها، فهو ليس بالجديد أو المفاجئ، فقد كان هذا الدعم في أحسن أحواله ضعيفا ومترددا ورخوا، ويخلو من إرادة سياسية حقيقية للوقوف إلى جانب شعب في مواجهة نظام دكتاتوري إجرامي.
أما بخصوص العلاقة مع الجانب التركي، فهي استراتيجية، ولولا التواجد العسكري التركي الأخير في إدلب لما كان ممكنا الحفاظ على المحرر منها حاليا.
أما الولايات المتحدة فداعمة أساسية للحل السياسي، ولعدم إعادة التطبيع مع النظام المجرم، وللضغط الاقتصادي المطلوب لتخفيف إجرام النظام.
دعونا وما زلنا ندعو لدور عربي فاعل وقوي إلى جانب الشعب السوري، فهذا أقل ما يستحقه هذا الشعب العظيم من أهله وإخوته، وإن أي محاولات لإعادة التطبيع مع النظام أو إعادة تسويقه فلن تكون في مصلحة الدور العربي على الإطلاق، بل ستضر به، وتجعل أثره محدودا.
- هل لمستم جدية من الولايات المتحدة مؤخرا في دعم المعارضة السورية؟
لمسنا جدية من الجانب الأمريكي بما يتعلق بالدعم السياسي والدبلوماسي، وتمكين وإنفاذ العقوبات التي تستهدف النظام وأزلامه، والحد من التأثير الإيراني في سوريا.
-المسار السياسي للحل في سوريا لا زال معطلا، من يتحمل مسؤولية ذلك، وهل فعلا أن الأطراف الدولية لا زالت غير جادة بإنهاء المأساة السورية؟
المسار السياسي حاليا مجمد، وذلك ببساطة لعدم وجود إرادة دولية حقيقية للوصول لحل سياسي عادل، أما النظام فلم يكن يوما في وارد العمل على التوصل لحل سياسي، فهو كمشغليه الروسي والإيراني، يؤمن بالحل العسكري والعسكري فقط، رغم ادعاءات المدّعين منهم.
إرادة طرف في الحل لا تعني الإمكانية في التوصل إلى حل، وبالنسبة لنا، فإن هذا المسار هو خيار استراتيجي، ولكنه ليس الخيار الوحيد.
- يتم تحميلكم كمعارضة سياسية وعسكرية قدرا كبيرا من المسؤولية عن الانتكاسة الحالية للثورة بنظر النشطاء، هل لا زال الوقت متاحا للمراجعة وتدارك الأخطاء، ما هي خططكم في هذا الصدد؟
في هذا السؤال قدر كبير من التجني، تعرض النظام لمدة أسبوع واحد فقط ولأول مرة منذ 9 سنوات لطائرات مسيرة وقصف مدفعي مركز من جيش تركي احترافي فأحدث ذلك خللا كبيرا ومؤشرات انهيار دفعته للاستنجاد بقوات النخبة لدى المليشيات الطائفية مع استمرار الدعم الجوي غير المحدود من ثاني قوة في العالم، هذا كله والنظام يقاتل على جبهة واحدة، فكيف لنا أن نتخيل كيف صمد مقاتلو المعارضة الذين يمثلون جيشا من المتطوعين على مدى تسعة أعوام من القصف الجوي والأرضي والبحري والأسلحة الكيماوية وغيرها، من قبل ثاني أقوى قوة في العالم (روسيا)، وقوة إقليمية أساسية (إيران)، ونظام مجرم لا يعرف أي خطوط حمراء في التعامل مع الشعب؟
نحتاج إلى قليل من الموضوعية في قراءة المشهد، ليتبين لنا أن ما فعله الشعب السوري خلال تسع سنوات كان معجزة متكاملة الأركان.
ما تعرضت له إدلب وريف حلب الغربي خلال الأشهر الأربعة الأخيرة لا تستطيع دول مستقلة بجيوش احترافية في المنطقة مواجهته، وما تعرضنا له كثورة على الصعيدين العسكري والسياسي لم تتعرض له ثورة على الإطلاق.
ورغم كل ذلك صمدنا وكان قرارنا السياسي دوما متناسقا مع ثوابت الثورة، لذا كانت المؤامرة علينا كبيرة عن طريق إيجاد منصات معارضة رخوة في مواقفها والتزامها الثوري في محاولة لإضعاف قرارنا السياسي، ولكننا صمدنا في وجه ذلك كله وما زلنا نؤمن أن ثوابت الثورة هي مصدر مشروعية مؤسساتنا كافة.
- أخيرا، مراقبون يطالبون المعارضة بتغيير استراتيجيتها كليا، أي التركيز على النضال السياسي ارتكازا على القرارات الأممية، والتخلي نهائيا عن السلاح، هل تتفقون مع هذه الدعوات، أم ماذا؟
لن نزهد بأي جبهة للنضال ضد هذا النظام المجرم. جبهاتنا معه متعددة: سياسية، عسكرية، إعلامية، دبلوماسية، حقوقية، خدمية، وإغاثية، وعلى كل من هذه الجبهات ثوار عنيدون صابرون مصابرون يستلهمون من إرادة شعبهم توقهم للحرية وتحقيق النصر.
بعد دخولها السنة العاشرة...ما فرص استمرارية الثورة السورية؟
بعامها العاشر.. لاجئو الأردن ولبنان: الثورة السورية حية بقلوبنا
لماذا عرقلت واشنطن تبني مجلس الأمن لاتفاق أنقرة-موسكو؟