نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا من إعداد كل من ديف ألبا وشيرا فرانكل، تقولان فيه إن الطبيب المسؤول عن سياسة مكافحة فيروس كورونا، الدكتور أنتوني فوسي، يتعرض لحملة تشويه من اليمين المتطرف ويتهمونه بمحاولة تقويض الرئيس دونالد ترامب.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الرئيس ترامب وصف في 20 آذار/ مارس وزارة الخارجية بـ"الدولة العميقة"، وكان خلفه مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، الدكتور أنتوني فوسي، الذي خفض رأسه وبدأ بحك جبهته، واعتقد بعض من شاهدوا الحادثة بأن فوسي استخف بكلام الرئيس، ما قاد إلى حملة واسعة عليه في مواقع التواصل الاجتماعي.
وتفيد الكاتبتان بأن منشورا على "تويتر" و"فيسبوك" وصف فوسي ظلما وبهتانا بأنه جزء من مجموعة سرية تعارض ترامب، مشيرتين إلى أنه تمت مشاركة المنشور آلاف المرات، ووصل إلى 1.5 مليون شخص.
وتلفت الصحيفة إلى أن فوسي، الذي يعد من أكثر دعاة اتخاذ إجراءات طارئة لمكافحة الفيروس، أصبح بعد أسبوع هدفا لنظرية مؤامرة بأنه يقوم بحملة تعبئة لتقويض سلطة الرئيس، مشيرة إلى أن هذا الزعم الخيالي أدى إلى جذب قطاع واسع من أنصار ترامب، حتى بعد فوز فوسي بمتابعة قطاع كبير من الرأي العام لاستعداده لمناقضة تصريحات الرئيس وتصحيح كلامه الخاطئ وتصريحاته الوردية عن قدرة إدارته على احتواء فيروس كورونا.
ويذكر التقرير أن تحليلا للصحيفة شمل 70 حسابا على "تويتر"، التي تبنت هاشتاغ تزوير فوسي، أشار إلى أن كل حساب ينشر المزاعم حوالي 795 مرة في اليوم.
وتنوه الكاتبتان إلى أنه تم تأكيد المشاعر المعادية لفوسي من تغريدات أرسلها مدير "جوديشال ووتش" توم فيتون، وبيل ميتشل اليميني المتطرف، الذي يدير برنامج "يور فويس أمريكا"، وعدد آخر من المدافعين عن ترامب، مثل شيفا أيادوري الذي قام بنشر رسالة إلكترونية أرسلها الدكتور فوسي إلى هيلاري كلينتون عندما كانت وزيرة للخارجية، وتم نشرها أكثر من مرة.
وتشير الصحيفة إلى أن أشرطة الفيديو التي تنشر نظريات مؤامرة عن الدكتور فوسي في "يوتيوب" حظيت بآلاف المشاهدات، وتمت مشاركة منشورات على "فيسبوك" أكثر من مرة، بحسب تحليل "نيويورك تايمز"، لافتة إلى أن هناك منشورا معاديا لفوسي نشر على "تويتر" يوم الثلاثاء، جاء فيه: "عذرا أيها الليبراليون نحن لا نثق بالدكتور أنتوني فوسي".
ويجد التقرير أن الفيضان من الأكاذيب التي استهدفت الدكتور فوسي يكشف عن الحزبية المتطرفة التي أدت إلى دق إسفين في الطريقة التي يفكر فيها الأمريكيون، مشيرا إلى أن أنصار ترامب قاموا على مدى السنوات الماضية بشيطنة وتشويه أي شخص لم يتفق مع الرئيس.
وتستدرك الكاتبتان بأن الهجوم على الدكتور فوسي يثير الدهشة؛ لأنه واحد من أهم خبراء الأمراض المعدية في العالم، ويعد واحدا من الدائرة التي يعتمد عليها ترامب لمواجهة فيروس كورونا الذي ينتشر بشكل واسع في أمريكا.
وتفيد الصحيفة بأنه بعد أسابيع من التقلب بشأن خطورة الفيروس على أمريكا، فإن الرئيس قرر اتخاذ مواقف حازمة، فغير عدد من ممثلي اليمين المتطرف مواقفهم، لكنهم اتهموا الديمقراطيين والصحافة الليبرالية بأنهم يحاولون تشويه صورة الرئيس.
وينقل التقرير عن أستاذ البيولوجيا في جامعة واشنطن، كارل بيرغستروم، الذي درس حملات التضليل، قوله: "هناك على ما يبدو جهد متواصل من جانب أنصار ترامب لنشر التضليل حول الفيروس"، وأضاف أن الدكتور فوسى تحمل العبء الأكبر من الهجمات، و"هناك شعور بأن الخبراء لا يمكن الثقة فيهم ولديهم أجندة لا تخدم الشعب، وهذا أمر مثير للقلق لأن الخبراء لا يتم الالتفات لهم".
وتلفت الكاتبتان إلى أن الإدارة كانت قد قللت من أهمية الخبرة العلمية عندما تعلق الأمر بالتغيرات المناخية، مستدركتين بأن الوضع مختلف الآن.
وتورد الصحيفة نقلا عن الأستاذة المساعدة في جامعة سيراكوز، ويتني فيليبس، قولها إنه "وسط وباء يجتاح أمريكا فإن المعلومات الدقيقة تصبح حاسمة"، مشيرة إلى أي محاولة للتقليل من شأن العلماء تعرض حياة طواقم الصحة للخطر، و"ما تكشف عنه هذه الحالة هو أن نظريات المؤامرة يمكن أن تكون قاتلة".
وينوه التقرير إلى أن معهد الحساسية والأمراض المعدية رفض التعليق، لكن المتحدث باسمه قال إن الدكتور فوسي سيواصل التعاون مع البيت الأبيض لمواجهة الفيروس.
وتنقل الكاتبتان عن فوسي، قوله في تصريحات لمجلة "ساينس": "عندما تتعامل مع البيت الأبيض، فيجب عليك في بعض الأحيان أن تقول الشيء مرة ومرتين وثلاث وأربع مرات.. سأواصل الدفع للإمام".
وتقول الصحيفة إن الحملة الهجومية على الدكتور فوسي تعد تحولا مفاجئا، مشيرة إلى أنه قاد المعهد منذ 1984، ويعد صوتا موثوقا به، وقدم النصح لكل رئيس منذ دونالد ريغان، الذي قدم له الاستشارة حول مرض الإيدز.
ويذكر التقرير أن النقاش على الإنترنت حول الدكتور فوسي كان حتى أسابيع إيجابيا، مشيرا إلى أن شركة "سيغنال لابس" حللت 1.7 مليون منشور، ورد فيه اسم الدكتور فوسي، وذلك في الفترة ما بين 27 شباط/ فبراير وحتى منتصف آذار/ مارس.
وتفيد الكاتبتان بأن معظم المنشورات التي وردت على الإنترنت والتلفزيون احتوت على مديح للدكتور، خاصة دفعه لمنع الطيران من الصين، مشيرتين إلى أنه ظل يظهر إلى جانب ترامب في مؤتمراته الصحافية، حيث تحدث بصراحة عن خطورة الوضع.
وتشير الصحيفة إلى أنه عندما لم يظهر فوسي، في 18 آذار/ مارس، فإنه ظهر "هاشتاغ أين الدكتور فوتشي؟"، وبعد يومين جاءت صورته وقد خفض راسه، وهي لفتة أثارت انتباه مؤيدي ترامب الذين رأوا فيها إهانة له.
وبحسب التقرير، فإنه بعد ذلك زادت المنشورات المعادية، التي دفعها مقال نشرته مدونة "ذا أمريكان ثينكر" المحافظة، التي نشرت الرسالة الإلكترونية المزعومة التي كتبها قبل 7 أعوام لكلينتون، ومدح فيها الدكتور فوسي موقف وزيرة الخارجية في جلسة اجتماع عام 2013 حول الهجوم على بنغازي.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه تم النظر إلى هذه الرسالة على أنها دليل لعلاقة الدكتور فوسي بمجموعة سرية تعمل لتقويض ترامب، ومنها انتشرت نظرية المؤامرة على مواقع اليمين المتطرف وتحولت لموضوع تشويه للدكتور فوسي.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
FP: لهذه الأسباب يتحمل ترامب مسؤولية الفشل بمواجهة كورونا
بوليتيكو: هل تجاهلت إدارة ترامب تحذيرات أوباما من وباء مقبل؟
فورين أفيرز: هل يقضي فيروس كورونا المستجد على العولمة؟