يقول مروان المعشر وزير الخارجية الأردني الأسبق: «فلسطينيو الداخل خرجوا من الرماد ليحملوا اليوم لواء الدفاع الحقيقي، لا اللفظي، عن الهوية الفلسطينية».
نعم، لقد أدت نتائج الانتخابات الإسرائيلية وستؤدي إلى مزيد من الفرز والاستقطاب، بمعنى أن الكنيست الإسرائيلي سيحاول منع مشاركة عربية فاعلة بعد أن بات العرب موحدون وراء «القائمة المشتركة» ولا يمكن تفريقهم.
وهذا ما أكده الكاتب الإسرائيلي «جاكي خوري» باستخلاصه: «نتائج الانتخابات تنقل رسالة واضحة للوسط العربي: خطاب السلام، المساواة، الشراكة والاندماج، بما يزيد الدافعية من أجل الخروج للتصويت، لكنه لم يغير واقع دولة إسرائيل اليمينية، وكل زيادة في تمثيل الجمهور العربي في الكنيست لن تزيد احتمالية الاندماج والتأثير. بل ستؤدي إلى تطرف الجمهور الإسرائيلي وإقصاء العرب».
ومن جانبه، كتب «تسفي برئيل» متهكما: «إسرائيل تملك ذخرا وطنيا لا مثيل له لخلق هوية وطنية. أقلية عربية (20%) تجسر جميع الفجوات وتغلق نقاط الخلاف وتُحدث الأخوّة بين الخصوم وتحدد لكل مواطن يهودي مستوى وطنيته. لكن المشترك بين (أزرق أبيض) و(الليكود) في المسائل الأساسية، هو القاعدة التي ستستند إليها أي حكومة مستقبلة. ولا حاجة لتبرير عدم قدرة العرب على أن يكونوا شركاء، وأن يواصلوا تمثيل العدو، لأنهم وحدهم يستطيعون توحيد يهود إسرائيل».
إن حضور فلسطينيي 48 في الكنيست بواقع 15 عضوا
يسمح لهم بإنشاء كتلة قادرة على عقد تحالفات وممارسة ضغوط فعالة لاستثمار أي هوامش
ضيقة في ظل تصاعد اليمين الإسرائيلي. إنهم صوت قوي لفضح ممارسات إسرائيل
وديمقراطيتها الزائفة. وإن قدرتهم من داخل الكنيست تتيح لهم فرصة عرض تظلماتهم
وكسب التأييد لأهلهم في الضفة والقطاع لإنهاء الاحتلال وتقرير المصير. وهذا دون أن
ننسى فرص تحصيل الحقوق العربية لفلسطينيي 48 التي جاءت عبر أداء متميز لـ«القائمة
المشتركة».
وقد وصفت «هآرتس» نتائج القائمة بـ«الزلزال»: «فالناخبون العرب خرجوا بأعداد كبيرة للتصويت للقائمة المشتركة، إلى جانب أنهم حصلوا على دعم إضافي من الناخبين اليهود».
وأضافت: «يجلب أعضاء القائمة المشتركة إلى الطاولة احتياجات
المجتمع العربي في المجالات الأكثر اشتعالا».
وعن مهمات المستقبل، كتب جواد بولس يقول:
«سيكتب على القائمة المشتركة أن تتصدر المعارضة السياسية للحكومة المقبلة وسيكون
دورها هاما وصعبا، لكنه سيفسح لها فرصتين تاريخيتين:
الأولى، أن ترسّخ بين الجماهير العربية طراز عمل سياسي وحدوي جديد وناضج يعتمد عامل المواطنة كصمغ موحّد بين عدة أطياف سياسية متمايزة، دون أن يفرط الشركاء في مفاهيمهم الخاصة حول مكانة الهوية الجامعة وأهمية المحافظة على الكرامة الوطنية العامة.
والثانية، أن تأخذ دورها وتتحول إلى عنوان سياسي ديمقراطي بديل، ستلجأ إليه أكثرية المواطنين العرب وجميع المواطنين اليهود الذين يفتشون عن مستقبل لدولتهم، غير مبنيّ على استعمار واضطهاد الشعب الفلسطيني».
إن المشاركة في الانتخابات ليست موقفا مبدئيا
بل تكتيكا وربما استراتيجية في المرحلة الراهنة، إذ تتيح لفلسطينيي 48 تنظيم
أنفسهم في الداخل الإسرائيلي، والضغط من أجل حقوقهم المدنية والوطنية في إسرائيل،
علاوة على حقوق باقي إخوانهم من فلسطينيين الضفة والقطاع والشتات. أما سياسة
مقاطعة الانتخابات فتؤدي إلى تضاؤل الأحزاب العربية، وإلى فراغ في القيادة، ما
يعيد تقوية صيغ العوائل والحمائل والطوائف التي لطالما لعبت بها الحكومات
الإسرائيلية.
وفي هذا السياق، وضح أيمن عودة، رئيس القائمة العربية المشتركة، «كيف
أن الإجراءات السليمة هي الأداة الأنجع للوصول إلى الهدف، الذي هو بطبيعته ثلاثي:
المكانة، الشرعية، والتأثير في القرار السياسي». وأضاف: «الشعب يريد الوصول إلى
المعادلة الجوهرية، وهي الكرامة والتأثير والبعد الوطني والمواطنة والهم اليومي
والموقف السياسي الكريم».
(الاتحاد الإماراتية)