نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمراسليها "ديرك براون" و"غريغوري ماير"، عن عمليات الضغط الشرسة التي تقوم بها شركات النفط الصخري ضد السعودية، وطالبت فيها بفرض العقوبات عليها وعلى روسيا.
وحثت الشركات البيت الأبيض على إجبار الدول النفطية على خفض الإنتاج دعما للأسعار، مستعينة بوزير الطاقة السابق ريك بيري وفي عملية الضغط، التي شملت المطالبة بمنع وصول الخام السعودي إلى أكبر مصفاة في أمريكا الشمالية.
وتقول الصحيفة، إن منتجي النفط الصخري يواجهون تهديدا وجوديا بعد انهيار الطلب على النفط، وسط أزمة فيروس كورونا وحرب الأسعار التي بدأتها السعودية وروسيا، وأدت لانهيار سعر برميل النفط الخام إلى 20 دولارا.
وتعد صناعة النفط الصخري غير مجدية عندما يصبح سعر برميل النفط أقل من 50 دولارا، فيما تم بيع سندات بعض شركات النفط الصخري، حيث توقع المستثمرون إفلاسات واسعة في هذا القطاع.
وجاء الرئيس دونالد ترامب لمساعدة هذه الصناعة عندما تحدث يوم الخميس عن اتفاق قريب لتخفيض إنتاج النفط بين السعودية وروسيا، مما أدى لارتفاع الأسعار. إلا أن الكرملين أنكر وجود اتفاق أو يجري العمل عليه.
وتقول الصحيفة إن حملة الضغط التي بدأتها هذه الشركات، تأتي رغم مقاومة من أكبر مجموعة لوبي في صناعة النفط الأمريكية "معهد البترول الأمريكي"، الذي يمثل كبرى مجموعات إنتاج النفط الأمريكية، ويعارض التحكم في الإمدادات.
ومن بين المقترحات التي قدمتها شركات النفط الصخري، منع النفط الخام من السعودية الوصول إلى مصفاة النفط الضخمة "موتيفا" في "بورت آرثر" بتكساس، وفرض تعرفة جمركية على النفط الأجنبي وتعليق قانون "جونز"، الذي يساعد على رفع أسعار النفط الذي يشحنه الموردون المحليون، وجعله أغلى من النفط الذي تحمله شركات النفط الأجنبية.
وحث منتجو النفط الصخري البيت الأبيض على التفكير أيضا في تعليق الدعم العسكري الأمريكي للمملكة، وفرض عقوبات جديدة على قطاع الطاقة الروسي، أو رفع العقوبات الحالية في حال أبدى الكرملين تعاونا.
يشار إلى أن واشنطن فرضت عقوبات جديدة على شركة "روسنفت" التي تملكها الحكومة الروسية مؤخرا.
ومن المتوقع أن يلتقي ترامب مع مدراء في صناعة النفط الصخري الجمعة، حيث سيناقش معهم استراتيجيات ما بعد موافقة السعودية وروسيا على قطع سريع لإنتاج النفط، في حال تم بالفعل.
اقرأ أيضا: إيكونوميست: تداعيات خطيرة على السعودية بسبب كورونا والنفط
وقال بوب ماكنالي، مدير شركة استشارات الطاقة "رابيديان إنرجي"، إن "الخطة +أ+ هي دفع السعودية وروسيا لخفض الإنتاج. ولو اقتضى هذا وقتا طويلا أو فشل، فسيلجأ الرئيس إلى خطة ب وهي إجراءات حمائية لحماية المنتجين المحليين".
وفي الوقت الذي دعا فيه هارولد هام، مدير شركة النفط الصخري كونتينتال ريسورسز والصديق المقرب من ترامب إلى التحقيق في السعودية وروسيا بتهمة التلاعب في أسعار النفط، إلا أن تدخل بيري كان له تأثير أكبر في البيت الأبيض، حسبما قال مدير شركة نفط صخري. وقال شخص على معرفة بالمحادثات: "بدأ بيري بحرف الموجة، وهو يفهم ما يجري ولديه علاقات عميقة مع جماعات الوسط"؛ في إشارة إلى البلدة في تكساس التي تعدّ مركز تجارة النفط الصخري، بحسب الصحيفة.
ولم يعلق البيت الأبيض على تدخل "بيري" حيث قال المتحدث باسمه، إن وزير النفط السابق وإن "كان يهتم بأسواق الطاقة الأمريكية وصناعتها، إلا أنه يتبع قواعد الأخلاق الفدرالية وليس مسجلا في شركات اللوبي لأي من العاملين في الصناعة". ولكنه قال قبل فترة في مقابلة مع "فوكس نيوز"، إنه ينصح الرئيس بأمر مصافي النفط بتكرير النفط المنتج محليا لفترة ما بين شهرين وثلاثة أشهر، و"يرسل رسالة أننا لن نسمح بتدفق النفط الأجنبي إلى هنا".
وكتب رؤساء معهد النفط الأمريكي وصناع الوقود والبتروكيماويات الأمريكيين، وهي منظمة ضغط أخرى إلى الرئيس دونالد ترامب دعوه لرفض القيود على النفط الأجنبي. وقالوا إن القدرة على شراء النفط حول العالم "بما في ذلك نفط الشرق الأوسط"، تظل "مفتاح تميز لمصافي النفط الأمريكية".
وكان الرئيس ترامب قد تحدث يوم الأربعاء عن صناعة النفط الأمريكي، التي قال إنها "تعرضت للخراب" بسبب انهيار الأسعار، وحذر من أنه قد يتخذ خطوات قاسية ضد السعودية وروسيا.
ومنذ أسابيع، خفضت شركات النفط الصخري النفقات وأجلت خطط الحفر. وأعلنت شركة ويتنغ بتروليوم للنفط الصخري يوم الأربعاء عن تقديم أوراق إفلاس، لتكون أول شركة نفط صخري تعلن عن إفلاسها.
وتمثل محاولات أمريكا الدفع باتجاه رفع أسعار النفط تحركا محرجا للرئيس الذي طالما طالب بتخفيض أسعاره. إلا أن محاولات شركات النفط الصخري لاتخاذ موقف متشدد ضد السعودية وروسيا، حققت زخما.
ففي يوم الإثنين قدمت شركتا إنتاج وهي بارسلي إنرجي وبايونير ناتشرال ريسورسز، مشروعا لمناقشة تخفيض إنتاج واسع مع مفوضية سكك الحديد في تكساس، التي تشرف على شركة النفط والغاز في تكساس. وعارض معهد البترول الأمريكي هذا التحرك وحذر مدير شركة نفط صخري قائلا، إن الشركات الكبرى تريد عودة دينامية الكارتل (أوبك) إلى الولايات المتحدة، مضيفا أن الشركات الكبرى تتصرف ضد مصالح أمريكا الآن.
بلومبيرغ: كيف عمقت حرب النفط السعودية قلق حلفائها بالخليج؟
FT: هل تستجيب السعودية لضغوط ترامب وتنهي حرب النفط مع روسيا؟
أويل برايس: حرب النفط الحالية قد تؤدي لإفلاس السعودية