نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا، تحدثت فيه عن ضرورة مراجعة بريطانيا نظرتها للمهاجرين، بعد دورهم بالخدمات الصحية في أزمة "كورونا" الحالية.
"الغارديان"، في تقرير للصحفية نسرين مالك، قالت فيه إن الطبيب من أصول سودانية، أمجد الحوراني، ظن أنه يعاني من أنفلونزا. وظن أنه كان مرهقا قليلا، أو أنه لم يأخذ حظا كافيا من النوم. ومع دخوله المستشفى بسبب صعوبة في التنفس، حيث تم وضعه على جهاز تنفس، كان الأمر قد تأخر، وبعد ثلاثة أسابيع توفي بمرض كوفيد-19 (كورونا) عن عمر يناهز 55 عاما.
ولم يعلم الطبيب، الذي كان يعمل مستشارا للأذن والأنف والحنجرة لدى الخدمات الصحية الوطنية (NHS) في بريطانيا، بأنه أصيب بالفيروس، فقد تم تخديره لفترة طويلة قبل أن تظهر نتيجة الفحص الثالث إيجابية، وكان التشخيص حتى وصول نتيجة آخر فحص هي أن المريض يعاني من التهاب رئوي ثنائي عنيد.
وبحسب "الغارديان"، فإن آخر الكلمات التي قالها المريض الذي عمل طبيبا حتى آخر لحظة، هي: "لماذا يأخذون وقتا طويلا، يجب عليهم أن يضعوا لي الأنابيب".
شقيق الحوراني قال للغارديان: "لم يكن على علم حتى بأنه بحاجة إلى معدات واقية.. لقد كان يقوم بوظيفته فقط".
وكان الحوراني أحد ستة أولاد استقر أبوهم في المملكة المتحدة عام 1975، والأب أيضا كان يعمل في المجال الصحي (مستشارا في الأشعة).
ويتحدث شقيق الحوراني، بأن حب أخيه الراحل لمهنته جعل من منزله ملتقى للأطباء السودانيين المتدربين، وأولئك الذين يبحثون عن النصح والتوجيه في رحلتهم المهنية.
وتابع: "من كانوا بحاجة لمكان للعيش به، وجدوا ملجأ في بيت الحوراني بالمجان".
ولفتت الغارديان إلى طبيب آخر هو عادل الطيار، من أصول سودانية، وقدّم حياته خلال خدمته للمرضى، بعد إصابته بكورونا قبل أيام.
وأضافت أن الطيار ورغم تقاعده عن العمل، قرر العودة للتطوع في مكافحة "كورونا"، إلا أن الفيروس تمكّن منه، علما أن لدى الطيار اثنين من الأبناء يعملان طبيبين في بريطانيا.
"الغارديان" قالت إنه "بعد وفاتهما، تم النظر إلى إسهامات الحوراني والطيار وعائلتيهما لخدمات الصحة الوطنية على أنها أمثلة تحتذى. صحيح أنهما كانا موهوبين وليسا أنانيين، ولكنهما ليسا استثناء. بل كانا جزءا من مجتمع من أطباء الصحة في المملكة المتحدة المولودين في الخارج أو المولودين لمهاجرين".
ويتذكر شقيق الحوراني كيف أن البريطانيين كانوا يرفضون مخالطتهم وهم أطفال؛ نظرا للون بشرتهم.
وعلقت الغارديان: "بعد ثلاثين عاما، أصبحت بريطانيا أكثر تنوعا، لكن الكراهية تجاه المهاجرين انتقلت إلى من هم في مواقع أعلى، فبدأت تسمع على ألسنة السياسيين بدلا من أطفال المدارس. والسردية التي يضعونها للبلد بشكل عام، والخدمات الصحية بشكل خاص، هي أنها تستنزف من اللاجئين الذين لا يقدمون شيئا ويأخذون كل شيء. وكانت تلك دائمة كذبة، ولكن لم تكن أوضح مما هي عليه اليوم".
وأضافت أنه "بجانب الحوراني والطيار، أضيف في قائمة الشرف أطباء، منهم ألفا سعدو، الذي كان متطوعا في منطقة هارتفوردشير، إحدى أكثر المناطق التي يتفشى فيها الفيروس، إضافة إلى الدكتور حبيب الزيدي، والممرضة المختصة في وحدات الإصابات الطبية الحادة، أريما نسرين".
وكشفت "الغارديان" أن "44 بالمئة من العاملين في مجال الصحة ببريطانيا، إما من ذوي البشرة السمراء، أو الآسيويين".
وانتقدت "الغارديان" الإجراءات المعقدة من الحكومة، والتكاليف الباهظة التي يحتاجها الأطباء المهاجرون من أجل الحصول على رخص ممارسة عملهم.
وقررت الحكومة مؤخرا تجديد رخص العاملين في الخدمات الصحية لمدة عام، بشكل مجاني.
وتابعت بأنه "بالإضافة لدفعهم الضريبة والتأمين الاجتماعي، يتم اقتطاع مبلغ إضافي سيرتفع من 400 جنيه إسترليني إلى 624 جنيه إسترليني في تشرين أول/ أكتوبر المقبل".
وختمت الصحيفة تقريرها بالقول: "عندما تعود الأمور إلى طبيعتها، ويتم استخدام الخدمات الصحية على أنها مجرد ورقة سياسية، ويلام المهاجرون لنقص التمويل لها، تذكروا أمجد الحوراني وكل الآخرين الذين سقطوا على الخطوط الأمامية لإنقاذ الأرواح. تذكروا أسماءهم وقصصهم والعائلات التي تركوا خلفهم. وتذكروا بأن الخدمات الصحية الوطنية ليست مستنزفة من المهاجرين، بل إن المهاجرين هم من يرفدونها".
للاطلاع على النص الأصلي (هنا)
إندبندنت: مسلمو بريطانيا هم الأكثر تضررا من كورونا.. لماذا؟
التايمز: كيف يهدد فيروس كورونا مستقبل الرأسمالية؟
الغارديان: إغلاق مدارس بريطانيا خطوة على طريق طويل