خفضت الحكومة المصرية سقف توقعاتها لنمو الاقتصاد سواء للعام الجاري أو العام المالي المقبل الذي يبدأ في تموز/ يوليو القادم، بعد وضع مستهدفات مرتفعة، ورفع سقف التوقعات في مشروع الموازنة الجديدة 2020-2021 التي وافقت عليها الحكومة نهاية الشهر الماضي.
وتوقعت وزيرة التخطيط المصرية هالة السعيد، تراجع معدلات النمو خلال الأشهر الستة المتبقية من العام المالي الحالي، بسبب تفشي وباء كورونا، وأثره السلبي على الاقتصاد المصري، بعد تصريحات سابقة بأن الحكومة تستهدف الوصول بمعدل النمو الاقتصادي إلى 6% العام الحالي.
وقالت وزيرة التخطيط، الأحد، إن مصر تتوقع تباطؤ النمو الاقتصادي إلى 4.5 بالمئة في الربع الثالث و1% بالمئة في الربع الرابع من السنة المالية الحالية 2019/ 2020؛ بسبب تداعيات تفشي فيروس كورونا.
تراجع الاحتياطي أيضا
تأتي تلك التوقعات بتراجع النمو الاقتصادي، مع إعلان البنك المركزي المصري أن احتياطي النقد الأجنبي في مصر فقد 5.4 مليارات دولار دفعة واحدة خلال شهر آذار/مارس، وانخفض إلى 40.1 مليار دولار، وهو أقل مستوى له منذ سنتين.
اقرأ أيضا: احتياطي النقد الأجنبي لمصر يفقد 5.4 مليار دولار دفعة واحدة
وذكر المركزي في بيان أنه استخدم المبلغ لتوفير احتياجات السوق المصرية من النقد الأجنبي، وتغطية تراجع استثمارات الأجانب والمحافظ الدولية، بالإضافة إلى ضمان استيراد سلع استراتيجية، وكذلك سداد الالتزامات الدولية الخاصة بالمديونية الخارجية للدولة.
وتوقعت وزيرة التخطيط المصرية أن يستمر معدل تراجع النمو؛ بسبب توقف حركة السياحة والطيران، ليصل في الربع الأخير من العام المالي الجاري، إلى 2% أو يتراجع في أسوأ الظروف إلى 1% إذا استمرت الأزمة بشكل أكثر حدة.
وقالت دراسة لشركة "كوفاس" الألمانية لتأمين القروض، صدرت حديثا، إن "هروب رؤوس أموال من الدول الناشئة خلال آذار/ مارس الماضي، تجاوز أربعة أضعاف المبلغ الذي سجل بين عامي 2008 و2009، حيث كان العالم يواجه أزمة اقتصادية كبرى".
ويساهم قطاع السفر والسياحة بنسبة 12% من الناتج المحلي الإجمالي في مصر، ويضم نحو 10% من العمالة بنحو 3 ملايين عامل، فيما بلغت عائدات السياحة في 2019 نحو 13 مليار دولار (4% من الناتج المحلي الإجمالي).
عبث الانشغال الحكومي بالأرقام
ووصف رئيس الأكاديمية الأوروبية للتمويل والاقتصاد الإسلامي، أشرف دوابة، انهماك الحكومة المصرية في الحديث عن نسب النمو "بالعبث"، قائلا: "الاقتصاد العالمي دخل في مرحلة كساد، وقد يصل لأعلى فئة فيه، وهي الفئة الخامسة، (انهيار العرض مع الطلب) إذا استمرت الأزمة، وانشغال الحكومة بمعدلات النمو هو نوع من العبث، والأولى هو التفكير في الحفاظ على استمرار الوضع الحالي".
وأوضح لـ"عربي21" أن "خفض توقعات حكومة السيسي لنسبة النمو في ظل هذه الظروف أمر طبيعي"، مشيرا إلى أن "أكثر القطاعات تضررا هي السياحة والعاملون بالخارج، الذين يواجهون الآن مشاكل في عدة دول، وإيرادات قناة السويس؛ لأن الاقتصاد المصري، هو اقتصاد ريعي".
اقرأ أيضا: هل تستجيب الحكومة بمصر لضغوط رجال أعمال لعودة العمل؟
واقترح دوابة على الدولة "المساهمة في تمويل المشروعات الصغيرة، وتسهيل القروض، وتحمل مسؤولياتها والتنسيق مع المؤسسات الكبرى الحكومية والقطاع الخاص حتى الخروج من الأزمة والذي
يتوقف على وجود علاج من الفيروس (كورونا) من عدمه، وفترة توفيره بالأسواق، والتي تتراوح بين 6 شهور و18 شهرا".
عوامل تراجع النمو
من جهته؛ قال الباحث الاقتصادي، حافظ الصاوي، إن "تخفيض نسبة النمو هو وضع طبيعي ويتناسب مع وضع الاقتصاد المصري والعالمي، ولا يمكن أن تكون استثناء في ظل تداعيات أزمة كورونا الاقتصادية الكبيرة على العالم ومصر".
وأضاف لـ"عربي21": "كل توقعات المؤسسات الدولية والبنك والصندوق الدوليين، تؤكد أن نمو الاقتصاد العالمي سوف يتراجع؛ متأثرا بأزمة كورونا"، مشيرا إلى أن "مصر تأثرت بالأزمة بشكل كبير؛ لأن كل مصادر معدلات النمو متراجعة مثل قناة السويس وتحويلات العاملين بالخارج وعوائد السياحة والصادرات السلعية وصادرات البترول".
وتوقع الصاوي أن تستمر مسببات تراجع النمو "خاصة مع وجود فترة حظر مسائي؛ وهو مؤثر على الاقتصاد المصري؛ لأنه يعتمد بشكل ليس بالقليل على الاقتصاد غير المنظم (غير الرسمي) المتمثل في غلق العديد من جهات وأماكن العمل كالأسواق الشعبية والمقاهي والمطاعم وأماكن الترفيه، بالإضافة إلى تسريح الكثير من العمالة في العديد من القطاعات المتأثرة بالأزمة على رأسها السياحة".