هل تستطيع إيران طرد الولايات المتحدة من العراق؟

نشر موقع المركز الاستراتيجي الروسي للثقافات تقريرا تحدث فيه عن بلوغ التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران مرحلة خطيرة للغاية، وذلك ما تكشف عنه المعلومات الواردة من العراق.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن كل من يعتقد أن قضية اغتيال الجنرال قاسم سليماني قد أغلقت وصارت طي النسيان وأن إيران منشغلة بأزمتها الحالية متوّهم ولا يعرف جيدا الفرس. وفي الواقع، إن الضربة التي نفذتها القوات التابعة للحرس الثوري الإيراني على قاعدتين أمريكيتين في العراق في الخامس من كانون الثاني/ يناير لم تكن انتقامًا وإنما كانت مجرد "صفعة لاستعادة الوعي".

وأوضح الموقع أن الجانب الإيراني يدرس خيارات مختلفة ويأخذ جميع التدابير من أجل تجنب نشوب نزاع مسلح مباشر مع الولايات المتحدة. في الوقت ذاته، تمتلك إيران ضمن ترسانتها ما يكفي من الوسائل لشن حرب بالوكالة، مثل ما يحدث في سوريا واليمن والعراق. ويمكن أن يرضي انسحاب القوات الأمريكية من العراق وإضعاف النفوذ الأمريكي في المنطقة ككل تعطش إيران للانتقام. وقد تساهم هزيمة ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة في إضعاف العقوبات المعادية لإيران بشكل كبير وبدء مفاوضات على قدم المساواة، الأمر الذي يخدم مصالح طهران.

وذكر الموقع أن قصف السفارة الأمريكية في بغداد وشن هجمات على القواعد العسكرية التي تتمركز فيها القوات الأمريكية يتم بانتظام. وفي آذار/ مارس، زار العميد إسماعيل قاآني العراق مرتين، ليحل بذلك محل سلفه قاسم سليماني. وخلال هذه الزيارة، التقى قاآني بقيادة الجماعات الشيعية الرئيسية التي لها تأثير على الوضع وتعتمد إلى حد كبير على إيران.

بناء على ذلك، كان تغيير موقف ائتلاف الفتح بقيادة هادي العامري، وتيار الحكمة الذي يتزعمه عمار الحكيم، وائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي، والاتفاق على عدم منح الثقة لحكومة عدنان الزرفي من بين نتائج المفاوضات. وبدلا من الزرفي الذي يعتبره الكثير من العراقيين مجرد دمية أمريكية، رشح قادة الجماعات الثلاث رئيس جهاز المخابرات العراقي، مصطفى كاظمي.

اقرأ أيضا: تحالف "القوى العراقية" يدعم الكاظمي لتشكيل الحكومة

وأورد الموقع أن وكالات الاستخبارات الأمريكية تبذل قصارى جهدها لتتبع تحركات إيران. وفي الثاني من نيسان/ أبريل، صرح ترامب بأن إيران ووكلاءها يخططون لمهاجمة القوات الأمريكية أو أصولها في العراق، محذرا من أنه في حال حدث ذلك سوف تدفع إيران ثمنا باهظا للغاية. في المقابل، رد رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري أن أي هجوم من قبل الولايات المتحدة سيعقبه رد قوي من إيران.

وأشار الموقع إلى أن إدارة ترامب تواجه ظروفا عصيبة في الوقت الراهن بسبب المشاكل مع الصين والسعودية، وانخفاض أسعار النفط وبالطبع أزمة فيروس كورونا، الذي يتبعه انخفاض في الإنتاج والبطالة والصعوبات الأخرى. إن كل هذا يحدث قبل ستة أشهر من الانتخابات الرئاسية، التي تعتمد نتائجها إلى حد كبير على مدى فعالية الإجراءات التي اتخذها البيت الأبيض في مواجهة هذه التحديات الخطيرة. وعلى خلفية ذلك، بدأت القضايا الأخرى التي تعتبر ذات أهمية جغرافية استراتيجية تتلاشى. فعلى سبيل المثال، لم تعد واشنطن تذكر الحملة العالمية ضد الإرهاب، ولم تعد تعتبر حركة طالبان عدوا ما دفعها لتقليل عدد الوحدات العسكرية في أفغانستان.

وأفاد الموقع بأن الوضع في العراق يتطور بشكل سريع. فخلال الأسبوعين الماضيين، سحب الأمريكيون قواتهم ونقلوا الجنود من أربع قواعد عسكرية. وفي الوقت نفسه، تحتفظ القوات المسلحة الأمريكية بالحق في استخدام مرافق كبيرة مثل قاعدة بلد الجوية، فضلا عن مطارين في العاصمة العراقية. بشكل عام، تظهر إعادة توزيع القواعد رغبة واشنطن في اتخاذ مواقع بالقرب من الحدود الإيرانية.

كما طالب ترامب في العديد من المناسبات بأن يقوم شركاء الناتو بدور أكثر نشاطًا في العمليات. وفي الثاني من نيسان/ أبريل، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، عن أن وزراء خارجية الحلف وافقوا على تعزيز بعثة التدريب في العراق والتدخل في إطار بعض الأنشطة التدريبية التي نفذها التحالف الدولي، بما في ذلك تدريب ضباط الصف.

وذكر الموقع أن جمهورية التشيك سحبت جميع قواتها من العراق بسبب القيود الكبيرة على المهام العملياتية. وعلى صعيد آخر، لا يشكل الوضع الذي يفرضه فيروس كورونا في العراق تهديدا كبيرا لدرجة إجلاء الأفراد العسكريين على وجه السرعة بالطائرات، لا سيما أن السلطات اتخذت تدابير جادة تتمثل في إيقاف الحركة الجوية تمامًا وإغلاق الحدود وحظر التجول في جميع أنحاء البلاد.

وفي الختام، أكد الموقع أن جميع الاحتجاجات التي غطت أكثر من نصف البلاد قد حُظرت، ومع ذلك تتداول مواقع التواصل الاجتماعي معلومات خاطئة على الإنترنت، التي يهدف جزء منها إلى إثارة الذعر وزعزعة الاستقرار.