أثارت خطوة الولايات المتحدة
الأمريكية بوضع القيادي في حزب الله اللبناني محمد كوثراني على قائمة المطلوبين، ورصد مبلغ 10 ملايين دولار مكافأة لمن يدلي بمعلومات تقود إلى مكانه، جدلا بين
المليشيات المسلحة بالعراق.
كوثراني يتولى الملف العراقي في
حزب الله، وأسندت إليه إيران مؤخرا مهمة توجيه المليشيات العراقية بعد مقتل
الجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، حسبما
ذكرت "رويترز" في شباط/ فبراير الماضي.
"تمهيد للاستهداف"
وتعليقا على الموضوع، قال حامد
المطلك العضو السابق بلجنة الأمن والدفاع ببرلمان العراق لـ"عربي21"، إن
"الحكومة بالعراق ضعيفة ولن تستطيع التعاطي مع أي قرار أمريكي".
وأضاف أن "الفصائل
العراقية أثبتت في أكثر من موقف أنها أقوى من الدولة، وما تزال حتى اليوم تتحدى
السلطات الأمنية في قصف القواعد العسكرية، ولذلك لا أعتقد أن العراق يستطيع أن ينفذ
أو يتفاعل مع العقوبات التي تفرضها واشنطن على شخصيات محددة".
لكن في الجانب الآخر، أوضح المطلك
أن "كوثراني لبناني الجنسية، وشاهدنا عقوبات وتصنيفات كثيرة على لوائح
الإرهاب أصدرتها الولايات المتحدة، لكن الشخصيات لم تتخذ بحقها أية إجراءات،
وتتنقل من بلد إلى أخرى، فلماذا لا يتم تطبيقها بجدية في دول أخرى بعيدا عن
العراق؟".
ورأى المطلك أن "التصنيف
ورصد مبلغ مالي للإدلاء بمعلومات حول كوثراني، قد يمهد لاستهدافه كما حصل مع
سليماني والمهندس، إذ لم تتمكن من اعتقاله، وأيضا قد يفتح بابا لتصنيفات أخرى بحق
شخصيات غيره، وكأن لسان حال واشنطن: نصنف ونستهدف".
"فرز خاطئ"
من جهته، قال الخبير الأمني
العراقي فاضل أبو رغيف لـ"عربي21"، إن "العراق غير ملزم بأي قرار
تتخذه وزارة الخزانة والمخابرات الأمريكيتين. الأمر الآخر أن محمد كوثراني لا يعد
من الكادر الشرقي (الإيراني) وإنما ضمن مجموعة ثانوية، بمعنى أنه غير مؤثر لا على
الفصائل ولا الكتل السياسية، ولا يمتلك القدرة على التأثير بالقرار العراقي".
وأوضح أن كوثراني كان "يمثل
في المرحلة السابقة رأيا شرفيا غير لوجستي، ولم يثبت في يوم ما أنه شارك في عملية
تنصيب وزاري أو في مسؤولية أخرى بالعراق، ولا يملك أي قدرة للتهديد، أو أن هناك
مؤشرا على أنه يتبع أسلوب العنف".
وأعرب عن اعتقاده بأن تصنيف
كوثراني ورصد مبلغ مالي لقاء معلومات عنه، "يجعل الشخص تحت طائلة الاستهداف،
وهو يندرج تحت الحرب النفسية والحملة الإعلامية، وأن ما ورد يمثل إما قصورا في
الرؤية الأمريكية تجاه الأشخاص المؤثرين وغير المؤثرين، أو أنها عملية فرز خاطئة
للشخصيات".
ولفت أبو غريف إلى أن تصنيف
كوثراني بهذه الطريقة، "ربما هي عملية تمهيد لقرارات لاحقة يراد منها إحداث
فوضى وإنشاء كانتونات جديدة، تؤدي إلى مزيد من العنف على المسرح العراقي".
"لا نية لتسليمه"
أما الخبير في شؤون الجماعات
المسلحة هشام الهاشمي، فقد رأى في سلسلة تغريدات على "تويتر" أن
"محمد كوثراني المنسق السياسي بين حزب الله اللبناني والأحزاب السياسية
العراقية، وله صلات عميقة مع الفصائل الولائية (تتبع ولاية الفقيه)، معروف عنه أنه
لا يهتم كثيرا لأمنه الشخصي خلال وجوده في العراق، وقد يكون أسهل استهدافا من قبل
الدرونز".
وقال الهاشمي إن "كوثراني
ربما سيغير من وضعه على مستوى أمنه الشخصي، وسيكون أكثر تخفيا في زياراته للعراق،
ولا توجد أي نية لتسليم الحكومة العراقية كوثراني إلى الولايات المتحدة، في حال
دخل الأراضي العراقية، فبغداد غير مرتبطة باتفاقية ثنائية لتسليم المطلوبين إلى واشنطن".
وأشار إلى أن "مهمة
كوثراني في العراق عبارة عن منسق سياسي بين حزب الله اللبناني والبيت السياسي
الشيعي بكل أطرافه، وهو أيضا كان له دور في إجراء مصالحات بين شخصيات من السنة
والقوى السياسية الشيعية من السياسيين، الذين تفاقمت الفجوة بينهم، وقد ساهم بشكل
كبير بإجراء هذه المصالحة".
وأردف الهاشمي قائلا: "قد تكون واشنطن لديها معطيات عن كوثراني
بأنه قام بأعمال عدائية، وإحداها أنه قد يكون شارك مع جهات مسلحة في قمع تظاهرات
2019، أو ربما لدوره الأخير بملء الفراغ الذي تركه الجنرال قاسم سليماني بالعراق".
عرضت الولايات المتحدة، الجمعة،
ما يصل إلى عشرة ملايين دولار مقابل معلومات عن الشيخ محمد الكوثراني، الذي وصفته
بأنه أحد كبار القادة العسكريين بجماعة حزب الله في العراق، الذي كان مساعدا
للجنرال قاسم سليماني القائد في الحرس الثوري الإيراني.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية
في إعلان هذه الجائزة، إن الكوثراني "تولى مسؤولية بعض التنسيق السياسي
للجماعات شبه العسكرية المتحالفة مع إيران"، التي كان ينظمها سابقا سليماني.
وأضافت في بيان: "بهذه
الصفة كان يسهل تحركات الجماعات التي تعمل خارج نطاق سيطرة الحكومة العراقية، التي
قمعت بشكل عنيف الاحتجاجات وهاجمت بعثات دبلوماسية أجنبية، وشاركت في نشاط إجرامي
منظم على نطاق واسع".
ولفتت الوزارة إلى أنها تعرض
هذا المبلغ مقابل الحصول على معلومات بشأن أنشطة وشبكات ومساعدي الكوثراني، في
إطار جهود لتعطيل "الآليات المالية" لحزب الله الذي مقره لبنان.
ووصفت الولايات المتحدة
الكوثراني الذي يحمل الجنسيتين العراقية واللبنانية في 2013 بأنه إرهابي عالمي،
واتهمته بتمويل جماعات مسلحة في العراق والمساعدة في نقل مقاتلين عراقيين إلى
سوريا، للانضمام إلى قوات نظام بشار الأسد ضد مقاتلي المعارضة.
اقرأ أيضا: واشنطن ترصد ملايين مقابل معلومات عن قيادي بفصيل عراقي