* التبعات الاقتصادية لأزمة كورونا بمصر ستكون "هائلة" والموازنة العامة ستشهد مزيدا من العجز
* أتمنى نجاح النظام في إدارة أزمة كورونا لكني قلق للغاية.. وهذه رؤيتي لتجاوز الأزمة بشقيها الصحي والاقتصادي
* لست ضد أي حوار مع مؤسسات الدولة لكن السيسي مرفوض.. وأدعو لعقد اجتماعي جديد
* الحديث عن صفقة بين النظام والقوى المدنية درب من دروب الوهم.. والسيسي لا يريد إلا الاستسلام المطلق له
* أؤيد تأجيل أي خلاف سياسي بين جميع القوى الوطنية وحتى التي بيننا وبين النظام
أدان
زعيم حزب غد الثورة والمرشح الرئاسي المصري السابق، أيمن نور، أي عنف أو إرهاب أو استخدام
سلاح في مواجهة الدولة، لافتا إلى أن "هناك شكوكا حول التفسير السياسي لحادثة
الأميرية التي وقعت مؤخرا في ظل إقحام بعض العناصر التي ربما لا تتفق مع الواقع".
وأكد،
في الحلقة الثانية والأخيرة من مقابلته مع "عربي21"، أن "مواجهة
الدولة المصرية للظواهر التي لها علاقة بالعنف والإرهاب تحتاج للمراجعة، وفي حاجة لتجفيف
منابع هذه الظاهرة عبر معالجة سياسية ومجتمعية وليس فقط معالجة أمنية".
واستبعد نور حدوث صفقة ما بين النظام والقوى المدنية داخل مصر، على
خلفية أزمة كورونا وقرب الانتخابات البرلمانية، قائلا إن "هذا درب من دروب الوهم، لأن السيسي لا يريد إلا الاستسلام المطلق دون أي شروط، وأي اتفاق ذلك
الذي يمكن أن تُبرمه مع شخص كلما قدمت له وردة، ضربك على أصابعك أو سكب بنزينا وأشعل
عود ثقاب في ملابسك وفي المساحة المشتركة بينك وبينه".
وأشار
إلى أنه ليس "ضد أي حوار مع مؤسسات الدولة – وليس السيسي – على أن يكون الجميع مدعوون لإصلاح الوطن، وفقا لعقد اجتماعي جديد، وقواعد شفافة للمحاسبة والعدالة الانتقالية. أما الحديث
عن مقاعد برلمانية، ومكاسب سياسية، وصفقات ما، فلن يجد السيسي إلا أشباه المرشح
الكومبارس في انتخابات الرئاسة السابقة، موسى مصطفى موسى، ليقبلوا بمثل هذا".
وفي ما يأتي نص الحلقة الثانية والأخيرة من المقابلة:
كيف تعلق على الحادث الذي جرى مؤخرا في منطقة الأميرية بالقاهرة؟
في
البداية لابد من الإدانة البالغة الوضوح والشدة والمباشرة، لكل عنف أو إرهاب أو استخدام
سلاح في مواجهة الدولة في أي موقع أو في أي مكان، وحادثة الأميرية هي حادثة مؤسفة بكل
معنى الكلمة، لكن لها دلالتها التي لابد من قراءتها قراءة صحيحة ومتأنية وموضوعية.
وأعتقد
أن بث عملية تبادل إطلاق النار بين هذه المجموعة وبين قوات الشرطة يشف بدرجة ما عن أن
هناك عملية بالفعل تمت، وأن هناك مجموعة من المسلحين تبادلت إطلاق النار مع القوات
الشرطية التي كانت في مواجهة هذه المجموعة، وهذا الجزء من الرواية مهم، لأننا في مواقف
سابقة، وفي أحداث سابقة على مدار السبع سنوات الماضية، كان الشك يرتقي لوجود هذه العملية
أصلا.
وفي
كثير من الأحيان كنا نرى مجرد صور لمجموعة من القتلى وبجوارهم عدد من الأسلحة، كصورة
نمطية متكررة، زاد الشكوك حولها ليس فقط لتكرارها، لكن ثبت في أحوال كثيرة أن عددا من
هؤلاء الذين قُتلوا إما إنهم كانوا معتقلين سابقين، وكان بعضهم يُكتشف أن آثار البصمات مازالت
موجودة على أصابعه بما يفيد أنه كان رهن الاعتقال قبل عملية التصفية، أو إنهم كانوا
مختفين قسريا، كما يحدث في الكثير من الحالات، أن شخصا يختفي لمدة طويلة ثم يظهر جثة
وإلى جواره قطعة سلاح.
هذه
الروايات المتكررة في السنوات الأخيرة أصبح حولها كثير من الشكوك، ولم يعد لها مصداقية
في الرأي العام، لكن العملية التي تمت يوم 14 نيسان/ أبريل أعتقد أنها عملية حقيقية،
إلا أن عدم الشك في وجود عملية لا يعني الثقة الكاملة في الرواية الرسمية التي ظهرت
متأخرة، والتي ظهرت خالية من تفاصيل رئيسية كان ينبغي أن يتضمنها أي بيان رسمي يظهر
عن عملية شبيهة، فلم يتم التحدث عن أسماء الجناة خاصة أنهم جميعا تمت تصفيتهم، وبالتالي فإن الطبيعي أن أسماءهم وصور بطاقاتهم أو ما يفيد بهويتهم أصبح متوفرا لدى الجهات الرسمية
وجهات التحقيق الأولى، ولم يتحدث البيان أيضا عن الصفة التشريحية، والأسلحة التي استخدمت،
والأعيرة النارية التي تسببت في مقتل الضابط المقدم الحوفي.
وكذلك
لابد أن نلاحظ أن هناك تفسيرات مختلفة للحادث، وفقا لشهادات شهود العيان الذين تحدثوا
لبعض وسائل الإعلام، وكذلك المغايرة بين هذه الشهادات والبيان الرسمي المقتضب، وما
تحدثت عنه السلطات في بعض وسائل الإعلام، وبالتالي فإن هناك شكوكا حول التفسير السياسي لهذا
الحادث، وإقحام بعض العناصر التي ربما لا تتفق مع الواقع.
فالحديث
أن هذه المجموعة كانت تستهدف الكنائس في يوم عيد الأقباط، هذا الكلام حوله علامات استفهام،
خاصة في ظل الإعلان الرسمي للكنيسة مطلع الشهر الجاري عن إيقاف جميع الصلوات وتحديدا
صلوات عيد القيامة ضمن الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا، وكذلك فكرة أن هناك
أيضا حظر تجول، بمعنى أنه ليس هناك أشخاص متوقع أن يترددوا على الكنائس في هذه المناسبة،
وبالتالي فإن فكرة التوظيف السياسي للحادث واردة وغير مقبولة، ونتمنى أن النظام لا يستخدم
مثل هذه الحوادث إلا في الإطار الصحيح حفاظا على المصداقية والحيادية.
ولا
نستطيع أن نتجاهل أن السيسي خرج يوم 7 نيسان/ أبريل في الاجتماع الذي ظهر فيه مُكمّما
ليتحدث بدون مناسبة في اجتماع مخصص لفيروس كورونا، عن أن مواجهة الإرهاب مازالت مستمرة،
ولا أعرف إن كان لديه معلومات مثلا عن هذه المجموعة يوم 7 نيسان/ أبريل أم إنها مصادفة،
أم إن الإعلام المصري خلال الساعات الأخيرة بعد الحادث حاول أن يربط ما بين كلام السيسي
وبين هذه الحادثة.
وهذه
الحادثة بالقطع مُدانة، ومرفوضة، ولا مبرر لها، لكن لابد أن نسأل عن مدى نجاح النظام
الذي يتساند وجوده بشكل كامل على أنه هو النظام الذي يواجه الإرهاب، ويجتزئه في سيناء
وفي غيرها، إذ بنا نكتشف وجود مجموعة مسلحة بهذا القدر المزعج إلى درجة كبيرة، ونرى
التسليح داخل القاهرة وفي منطقة شعبية ضخمة مثل منطقة الأميرية التي يسكنها أكثر من
مليون مواطن، وتُعتبر من المناطق الحيوية والصناعية والعمالية، وأن يكون الإرهاب داخل
هذه المنطقة كلاما بالغ الخطورة.
ومواجهة
الدولة المصرية للظواهر التي لها علاقة بالعنف والإرهاب هي أيضا تحتاج للمراجعة، وفي
حاجة لتجفيف منابع هذه الظاهرة لمعالجة سياسية ومجتمعية وليس فقط معالجة أمنية.
على صعيد آخر، كيف تقيم طريقة إدارة النظام لأزمة كورونا؟
أنا
ضد الأحكام المطلقة ولا أميل لفكرة التعميم؛ فليست كل الإجراءات التي اتخذت صحيحة
أو خاطئة، لكن للأسف بعض الإجراءات الصحيحة تأخرت عن موعدها، والأخطر هو غياب الشفافية
والمصارحة للناس من خلال أرقام مُدارة بهدف تأجيل الكارثة.
كنت،
وما زلت، أتمنى أن تنجح إدارة النظام للأزمة، لكن لا أملك أن أخفي قلقي من محدودية عمليات
الفحص والمسحات والتحاليل، ومن قلة الإمكانيات المرصودة لهذا الغرض، وعدم إنفاق المبالغ
التي رُصدت لهذا الغرض على الوقاية والعلاج، بقدر إنفاقها على الآثار الاقتصادية المترتبة
على الكارثة.
وما تقييمك الشخصي لأداء وزيرة الصحة خاصة وأنك قدمت في التسعينيات استجوابا لوزير الصحة وكان له صدى كبير حينها؟
عندما
يكون السيسي رئيسا للجمهورية، ومصطفى مدبولي رئيسا للوزراء، فلا أندهش أبدا أن تكون
هالة زايد وزيرة للصحة. لتجلس محل مصطفى النحاس الذي تولى هذه الوزارة عام 1936، كما
شغل هذا الموقع أسماء كبيرة في عالم الطب والسياسة وفي حياة المصريين مثل عبد الفتاح
باشا الطويل، ومحمد كامل البنداري بك (في وزارة محمد محمود الثانية)، وكذلك تولى هذا
الموقع علي إبراهيم باشا، وهو من هو في تاريخ الطب في العالم، وقد تولى هذه الوزارة
عدة مرات في وزارات حسن صبري وحسين سري 1940، كما تولى هذه الوزارة النبوي المهندس،
وإبراهيم بدران، وفؤاد محي الدين، وحلمي الحديدي، والمخزنجي، وإسماعيل سلام، وعمرو
حلمي، إلى آخر قائمة الأسماء التي أعتقد أن هالة زايد أكثرهم خفة وأقلهم علما، وقدرة
على الإدارة، وقدرة على مواجهة أزمة بهذا الحجم.
فعندما
هاجمت الكوليرا مصر عام 1947 في حكومة النقراشي، أتى بالدكتور نجيب إسكندر باشا وزيرا
للصحة، واستمر في حكومة إبراهيم عبد الهادي لاستمرار جهوده في مواجهة الكوليرا، لكننا
في أزمة الكورونا أتينا بأضعف مَن يمكن أن يواجه مثل هذه الأزمة وحمّلناه المسؤولية،
فأنا بالفعل أشفق على هذه السيدة التي لم أسمع عنها يوما قبل توليها الوزارة، ولن أسمع
عنها ثانية بعد أن تغادرها، وهو ما أتمنى أن يكون قريبا.
خلال الأزمات الكبرى نجد هناك جدلا بشأن دعوات الاصطفاف "الاضطرارية" بين المعارضة والنظام، وتأجيل الخلافات من أجل التفرغ لتلك "الأزمات الكبرى".. فهل تؤيد دعوات تأجيل أي خلاف سياسي مع النظام لمواجهة الأزمات الكبرى كفيروس كورونا أو قضية سد النهضة مثلا أم إن المعارضة لابد أن تكون مستمرة في معركتها ضد النظام على طول الخط حتى في الأزمات الكبرى؟
أؤيد
تأجيل أي خلاف سياسي، بين القوى السياسة بعضها البعض، وبينها وبين النظام، بل أدعو للتساند
بين الجميع لتجاوز الأزمات الكبيرة، لكن هذا التساند وفقا لفهمي، يتم بتنوير المجتمع،
ووضع الحقائق أمامه، لا بإخفاء الحقائق، أو تبرير الأخطاء، والتستر عليها، ولا بالتطبيل
والتهليل للنظام. ولا أيضا بتخويفه وصب اللعنات مسبقا فوق رأسه بمناسبة وبغير مناسبة.
أنا
شخصيا أنتمي لمدرسة سياسية في المعارضة تؤمن بأنه لا ينبغي أن تؤيد ما ينبغي أن تعارضه،
ولا ينبغي أن تعارض ما ينبغي أن تسانده.
لكن
أحيانا أشعر أن نكبتنا في نخبتنا التي لا تفهم أهمية أن تؤيد ما ينبغي تأييده دون أن
يرهبك التخوين. وأن تعارض ما ينبغي أن تعارضه دون أن يرهبك التخوين من الطرف الآخر.
في تقديرك، كيف ترى انعكاسات جائحة كورونا على الوضع والنظام الصحي وعلى الوضع الاقتصادي في مصر؟
البنية التحتية للنظام الصحي في مصر تعاني من اختلالات هيكلية
مزمنة، وزيادة أعداد المصابين في مصر – لا قدر الله – سيكشف فداحة هذه الاختلالات،
فضلا عن ضعف إجراءات الوقاية المبكرة، والأخطر هو محدودية الفحوص والعينات العشوائية
في المجتمع، وتضييقها لأقصى درجة، ما يؤدى لصعوبة اعتماد الرواية الحكومية، وسردية
الأرقام الرسمية.
أما التبعات الاقتصادية الحالية، وعلى المستوى المتوسط، فللأسف
هي هائلة خاصة على مستوى العمالة اليومية والهامشية التي لن تتحمل عبء المكوث في البيت.
وستشهد الموازنة العامة مزيدا من العجز، خاصة أنها تعتمد
في قرابة الـ75% من مواردها، على مصادر سيادية مثل الرافد الضرائبي (ضرائب وجمارك)، وهو
ما سينخفض بشدة بفعل الجائحة، فضلا عن توقف إيرادات قطاع السياحة والصادرات، ووقف واردات
حيوية، ما يؤدى لتضخم سريع، وانخفاض الناتج القومي وتحويلات المصريين بالخارج 25 مليار
دولار، وانخفاض قيمة الصادرات غير السلعية (البترول والغاز) بعد انهيار أسعار النفط..
إلخ.
ومع عدم القدرة على تلقي المزيد من المساعدات الإقليمية، فليس أمام النظام في مواجهة الأزمة الاقتصادية غير الاعتماد – فقط – على القدرة الادخارية
للشعب، وهي في الأصل منخفضة جدا ولا تحتمل التعويل عليها في ظل انخفاض معدلات ونسب
الادخار، وكذلك زيادة نسبة العمل الفردي، والموسمي، والقطاع الخاص الذي يعتمد على دوران
الاقتصاد، والذي لن تنقذه الحلول الساذجة مثل زيادة عجز الموازنة، أو الإصدار النقدي
غير المنضبط.
وما هي الروشتة التي يمكن أن تقدمها لتجاوز الأزمة بشقيها الصحي والاقتصادي؟
الاقتصاد العالمي كله سينزلق للركود، وليس التباطؤ، ومصر
من الدول التي ستتأثر بشدة للاعتبارات التي سبق ذكرها، وهو ما يؤثر سلبا في قدراتها
على مواجهة الجائحة طبيا وتقليل آثارها على الناس اقتصاديا.
وإذا كان لي أن أنصح برأي في حدود المعلومات المتوافرة، وبعض
الآراء الاقتصادية، فأشير لمجموعة من النقاط الهامة على رأسها تعديل بنود الموازنة
العامة القادمة (2020/ 2021)، والتي سيبدأ تنفيذها خلال الشهرين المقبلين، وذلك بتحويل
ما تم رصده للمباني والإنشاءات – قرابة الـ150 مليار – لتمويل الإجراءات الصحية، وبناء
المستشفيات، وتعزيز قدراتها، وتمويل النفقات الاجتماعية للعاملين الذين تحولوا لعاطلين،
خاصة في القطاع الخاص، والخاص غير المنتظم (حوالي 20 مليون مصري) بما فيهم العاملون
في الاقتصاد غير الرسمي، والعمالة الموسمية.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة
والإحصاء، أكد أن مصر لديها مخزون "أسمنتي" هائل، وأن هناك نحو 1.866 مليون مبنى مكتملة، وخالية تماما، وبالتالي فإن وقف الاستثمار الأسمنتي في موازنة 2020/ 2021 لن
يكون له مردود سلبي كبير على هذا القطاع. أما عن العمالة في مجال الإنشاءات فيتم توجيهها
للعمل في الإنشاءات في مجال المنشآت الصحية لتعويض العجز، في هذا القطاع، بفعل خلل
هيكلة الإنفاق العام في السنوات، بل والعقود الماضية.
وهناك ضرورة إلى أن تفرض الدولة سيطرة مؤقتة على القطاع الطبي
وشركات صناعة الأجهزة الطبية والدوائية والوقائية ذات الصلة بمكافحة وعلاج الفيروس
(دون مساس بطبيعة الملكية)، ويشمل ذلك فتح كافة المستشفيات العسكرية للمدنيين مجانا
وغيرها من المستشفيات الفئوية (الشرطة – الكهرباء – الطيران – السكة الحديد – الدعاة)،
وغيرها، فضلا عن مستشفيات القطاع الخاص والمستشفيات التعليمية.
وأشدّد على ضرورة تبييض السجون بالإفراج عن أكبر عدد من السجناء
والمحبوسين احتياطيا، خاصة الأطباء والعاملين في المجال الطبي (قرابة ألف شخص)، وإسناد
أدوار مباشرة لهم لسد العجز الكبير في الطواقم الطبية – خاصة – في الأقاليم والقرى.
وأدعو فتح المجال للقطاع الأهلي، والمجتمع المدني، لتفعيل
دوره في المواجهة والتكافل الذي تم القضاء عليه تماما خلال السنوات الأخيرة بفعل الضربات
الأمنية، والإدارة البوليسية، ولابد من تحفيز مجتمع رجال الأعمال على أداء وظيفته الاجتماعية،
وربط المساعدات والإعفاءات التي سيتم تقديمها للقطاع الخاص بمزيد من الالتزامات في
مواجهة الجائحة وتبعاتها الاجتماعية، وربطهم بالمؤسسات البحثية والبيئية لدعم القدرات
الابتكارية في هذا المجال.
وينبغي زيادة نسبة الواحد بالمئة التي خصصها الدستور الحالي
للبحث العلمي، والتي يذهب معظمها على الجهاز الإداري دون مردود فعلى على الأبحاث والعلماء.
ورفع أجور العاملين في القطاع الطبي، خاصة الأطباء والجهاز التمريضي والصيدلي، بصورة
حقيقية وبما يتناسب مع المطلوب من هذا القطاع في الفترة القادمة.
وأطالب بتقديم حوافز وتسهيلات ومساعدات فورية للقطاع الزراعي
مع التركيز على تغيير التركيب المحصولي لصالح القمح والحبوب والمحاصيل الاستراتيجية
التي ستتأثر بوقف تصدير بعض الدول لهذه المحاصيل مثل ما أعلنته رومانيا مؤخرا. وأخيرا أرى أيضا أنه ينبغي تشكيل حكومة طوارئ لإدارة الأزمة، يتولى
فيها وزارة الصحة، وزير مشهود له بالكفاءة المهنية ويحظى بثقة واحترام القطاع الطبي
والجمهور.
هل تتوقع حدوث صفقة ما بين النظام والقوى المدنية في مصر في ضوء أزمة كورونا حيث يتوقع البعض الإفراج عن معتقلي القوى المدنية وعقد صفقة قبل الانتخابات البرلمانية في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل؟
أحسب
أن هذا درب من دروب الوهم، فكيف تستقيم بنود اتفاق أو صفقة أول شروطها، أن تستسلم
بلا مناضلة، أن تنهزم بلا مقاومة، أن تعتذر على ما لم تفعل؟ وتأسف على أحلام مشروعة،
في وطن حر، وتبصم على شهادة وفاة كل القيم التي آمنت بها، ودفعت حياتك ثمنا لها؟ كيف لك أن تبرم صفقة أو اتفاقا يكرس فكرة الوطن المشطور
بين مواطنين ورعايا؟
كيف
تكون ليبراليا – مثلا – وتقبل بنفي الآخر والإقصاء للمختلفين، وتغض النظر عن حقوق الإنسان
وعن مدنية الدولة، وديمقراطية الحكم، وغياب العدل، وافتقاد العقل والعلم.. في مقابل ماذا؟
صفقة
مقاعد في برلمان عار جديد؟ أي اتفاق ذلك الذي يمكن أن تبرمه مع شخص كلما قدمت له وردة،
ضربك على أصابعك أو سكب بنزينا وأشعل عود ثقاب في ملابسك وفي المساحة المشتركة بينك
وبينه.
نعم
لست ضد أي حوار، مع مؤسسات الدولة – وليس السيسي – على أن يكون الجميع مدعوون لإصلاح الوطن، وفقا لعقد اجتماعي جديد، وقواعد شفافة
للمحاسبة، والحقيقة، والعدالة الانتقالية، أما الحديث عن المقاعد والمكاسب والصفقات
فلن يجد السيسي إلا أشباه "موسى مصطفى موسى" ليقبلوا بمثل هذا.
كيف ترى مشروع القانون الذي قدمه حزب الوفد لكي يتبرع المواطنون المصريون لصندوق "تحيا مصر" التابع لرئاسة الجمهورية؟
الذي
تقدم هو بهاء أبو شقة، الذي وضعوه على رأس حزب الوفد، وأشهد بحكم وجودي في الوفد
17 عاما من عمري أني لم أسمع باسمه يوما كوفدي. ومشروعه سقطة كبيرة كقانوني، فكلمة
(قانون) وكلمة (تبرع) نقيضان لا يجتمعان، فالقانون يعني الإلزام الذي لا مجال فيه للتبرع
أو التطوع أو الاختيار.
وأظن
أن كل الوفديين انتقدوا هذا الهزل، وقد وصلتني رسالة من بعض لجان الوفد في بعض المحافظات
مثل أسيوط وغيرها تصب اللعنات على من قدّم هذا المشروع، وأساء للوفد وتاريخه وقياداته.