تصفه بعض الأطراف الشيعية العراقية بـ "رجل الولايات المتحدة" في العراق، في المقابل يخلو أي فيتو إيراني ضده.
لا يعد طارئا على الشارع أو المشهد السياسي في بلاده، رغم أنه لا ينتمي إلى أي حزب عراقي، فقد كان اسمه على قائمة المرشحين لرئاسة الحكومة بعد استقالة حكومة عادل عبد المهدي، وقبل ذلك بديلا لرئيس الوزراء السابق حيدر العبادي.
لا يخلو ترشيحه لمنصب رئيس الوزراء من معارضين، فقد وجهت له اتهامات من "كتائب حزب الله" بـ"التآمر" والتسبب بمقتل القيادي في "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس وقائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني، التي نفذتها واشنطن في بغداد.
اختار مصطفى عبد اللطيف مشتت، المولود عام 1967 في بغداد، لعائلة من قضاء الشطرة التابع لمحافظة ذي قار، لقب "الكاظمي" خلال عمله صحفيا في أكثر من مؤسسة عراقية ودولية.
اقرأ أيضا: تفاصيل مشاورات الكاظمي مع قوى عراقية لتشكيل الحكومة
بدأ حياته ممثلا لـ"الحزب الوطني الديمقراطي" في الشطرة، قبل أن يهاجر من العراق عام 1985، عن طريق كردستان العراق إلى ألمانيا ثم بريطانيا، وهو حاصل على شهادة البكالوريوس في القانون من "كلية التراث الجامعة" الخاصة عام 2012.
كان معارضا للرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وعاش في المنفى لسنوات عدة، وعمل صحفيا وكاتبا لموقع "المونيتور" الأمريكي، وتولى منصب رئيس تحرير "مجلة" الأسبوعية، التي كان يملك امتيازها الرئيس العراقي برهم صالح.
أدار الكاظمي من بغداد ولندن مؤسسة "الحوار الإنساني".
وبعد الغزو الأمريكي للعراق، عام 2003، عاد الكاظمي إلى بلاده، وشارك في تأسيس "شبكة الإعلام العراقي" تزامنا مع عمله كمدير تنفيذي لـ"مؤسسة الذاكرة العراقية"، وهي منظمة تأسست لغرض توثيق ما وصف بـ"جرائم النظام السابق".
اقرأ أيضا: فجّره الكاظمي.. إلى أين يصل الخلاف الشيعي الشيعي بالعراق؟
تزوج الكاظمي من ابنة مهدي العلاق، القيادي في حزب "الدعوة الإسلامية"، وأحد أشقائه عمل مستشارا لرئيس الوزراء السابق العبادي، وشقيقه الآخر مستشارا لمجلس الوزراء.
وكان تعيينه في موقع رئيس جهاز المخابرات الوطني العراقي عام 2016 من العبادي، بداية مشواره نحو رئاسة الحكومة، خصوصا وأن هذا التعيين جاء في ظل احتدام المعارك ضد تنظيم الدولة "داعش".
وسمح له هذا المنصب البعيد عن الأضواء بنسج علاقات قوية وإقامة روابط عدة مع عشرات الدول والأجهزة التي تعمل ضمن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.
وبرز اسمه مع مرشحين عدة خلال الاحتجاجات العراقية الأخيرة المطالبة بالإصلاح السياسي، لكنه لم يحظ بتوافق الأحزاب السياسية كافة وقتها.
وبعد اعتذار عدنان الزرفي، ومن قبله محمد توفيق علاوي عن تشكيل الحكومة، كلفه الرئيس العراقي بتشكيل الحكومة، على أن يقدمها لمجلس النواب خلال المهلة الدستورية المحددة لذلك وهي 30 يوما.
ويبدو أن ثمة قبولا إقليميا ودوليا للرجل، فبعد ساعاتٍ من تسميته، قال مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد شينكر، إن الكاظمي "أثبت في وظائفه السابقة أنه وطني وشخص كفؤ"، معربا عن أمله في أن يتمكن سريعا من تشكيل حكومة "قوية ومستقلة".
فيما رأى مصدر سياسي فرنسي رفيع، أن تسمية الكاظمي "تأتي مكسبا للعراق"، خصوصا في هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة، ولضمان تجديد استثناء بغداد من العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران.
وتبدو شخصية الكاظمي التي لا تعادي أحدا، وعقليته البراغماتية، وعلاقاته الجيدة مع كل اللاعبين الأساسيين على الساحة العراقية، عوامل قد تساعد على تجاوز حقول الألغام التي وقع فيها الزرفي وعلاوي، إضافة إلى عدم وجود "فيتو " إيراني عليه.
وخلال زياراته إلى الرياض رفقة العبادي، عام 2017، شوهد الكاظمي وهو يعانق مطولا "صديقه الشخصي"، ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان.
ويصفه مدير الدراسات في "كلية لندن للاقتصاد" توبي دودج، بأنه "مفاوض بارز ولاعب ماكر لا يمكنه الفشل". ويعول عليه بحكم علاقاته الواسعة في واشنطن، كما في طهران، على إنقاذ العراق من كارثة اقتصادية وسياسية تلوح بالأفق مع انخفاض أسعار النفط.
وسيضطر الكاظمي، بعد حصوله على دعم الطبقة السياسية العراقية التي تحتكر السلطة منذ 16 عاما، إلى إعادة نسج الروابط التي تقطعت مع العراقيين الغاضبين الذين تظاهروا خلال أشهر ضد "السياسيين الفاسدين".
وسيتعين عليه أيضا محاولة التفاوض بشأن القنوات الاقتصادية الحيوية للبلاد، إضافة إلى مسألة الإعفاءات الأميركية للعراق من العقوبات على إيران.
وفي أول خطاب له، بعد تسميته رئيسا للحكومة، قال الكاظمي إن الأسلحة يجب أن تكون في أيدي الحكومة فحسب، مشيرا إلى أن الأهداف الأساسية لحكومته تتمثل في "محاربة الفساد وإعادة النازحين إلى ديارهم".
وشدد على أن إجراء حوار جاد مع الولايات المتحدة بشأن تواجدها العسكري في البلاد، سيكون أولوية لحكومته. رافضا أن يكون العراق "ساحة لتصفية الحسابات".
الكاظمي، لم يتريث ولم يدع الوقت يضيع من بين أصابعه، فقد ضرب الحديد وهو ساخن، وأعلن أخيرا أن تشكيلة حكومته الجديدة اكتملت بانتظار المفاوضات مع الأحزاب والكتل السياسية، من أجل التوافق عليها، لتقديمها إلى البرلمان لكسب الثقة.
الزرفي مرشح لرئاسة الحكومة العراقية بنكهة أمريكية (بورتريه)