وجه طبيب شاب رسالة يائسة إلى العالم بعد أن قام
بمراقبة مئات مرضى فيروس
كورونا، مفادها أن المرضى يموتون بسبب العلاج نفسه الذي
يهدف إلى إنقاذ حياتهم.
وتوضح صحيفة "
ديلي ميل" البريطانية التي
نشرت تقريرا مطولا عن الموضوع، أنه "بعد أن يتم نقل المرضى إلى المستشفى، يتم
وضعهم على أجهزة
التنفس الصناعي التي تعمل على ضخ الهواء للرئتين ميكانيكيا، بالإضافة إلى المهدئات التي يتم نقلها عبر أنبوب إلى حلقهم".
وقالت إن "هذا العلاج يتم استخدامه للالتهاب
الرئوي القاتل، وقد تم استخدامه لأول مرة لمرضى فيروس كورونا المستجد في الصين، ثم
بعد ذلك انتشر في جميع أنحاء العالم".
ومع ذلك، قال الطبيب كاميور كايل سيدل في مقطع
فيديو على موقع يوتيوب، إنه من الخطأ استخدام أجهزة التنفس الصناعي بهذه الطريقة.
وأكد بشكل قاطع: " أخشى أن تؤدي هذه المعاملة
المضللة إلى إلحاق قدر كبير من الأذى في وقت قصير جدا. فيروس كورونا ليس التهابا رئويا، ولا يجب أن نتعامل معه على أنه كذلك".
الفيديو الذي انتشر كالنار في الهشيم، بشر بإعادة
التفكير بشأن علاج الحالات الشديدة من فيروس كورونا.
ويتساءل الخبراء عما إذا كانت أفضل طريقة لإنقاذ
المرضى هي إشباع دمهم بالأكسجين، عبر القناع دون استخدام جهاز التنفس الصناعي؟
في بداية انتشار المرض تهافتت الدول والحكومات على
شراء أجهزة التنفس الصناعي، حيث إنها كانت الأجهزة التي يعتقد أنها منقذة للحياة،
ولكن النقص الذي حصل في جميع أنحاء العالم، أجبر الحكومات على تقليص أهدافها، ومع
ارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا، توصل تحقيق أجرته صحيفة "ديلي
ميل" إلى أن آراء الطبيب كايل سيدل بعيدة كل البعد عن الجنون، وقد تكون
المفتاح لمنع أو الحد من الوفيات.
وقالت الصحيفة إن معدل وفيات الأشخاص الذين عولجوا
على أجهزة التنفس الصناعي مروعة. ففي دراسة بريطانية وجدت أن 98 مريضا تم وضعهم
على أجهزة التنفس الصناعي تعرض ثلثهم للوفاة. وفي نيويورك التي ضربها الفيروس
بشدة، فشل 80% من المرضى في التعافي بعد أن تم وضعهم على أجهزة التنفس الصناعي.
ويحذر الدكتور ديفيد فارسي، رئيس الأكاديمية
الأمريكية لطب الطورائ من استخدام التنفس الصناعي بشكل عشوائي، وقال: عالجنا
مرضانا بنجاح باستخدام الأكسجين الذي يتم إيصاله من خلال أنبوب أو قناع أنفي بسيط.
ولكن ما الذي تغير الآن؟ الجواب هو أن بعض الأطباء
لديهم نظريات جديدة مفادها أن أعراض الفيروس أقرب إلى صعوبات التنفس المرتفعة أو
التسمم بأول أكسيد الكربون. في كلتا الحالتين، يكافح المرضى من أجل الأكسجين، ولكن
هذا لا يعني بالضرورة أن رئتيهم مدمرة كما يحدث في حالة الالتهاب الرئوي الحاد.
وأوضح الطبيب كايل سيدل أنه بالنسبة لحالات الالتهاب
الرئوي، فإن جهاز التنفس الصناعي يقوم بالعمل الذي لم تعد عضلات الرئتين قادرة على
عمله لأنها متعبة للغاية. أما في حالة فيروس كورونا، فإن رئتي المرضى على ما يرام؛ إنهم يعانون من نقص في الأكسجين وليس فشلا في الجهاز التنفسي".
ويعتقد البروفيسور شريف سلطان، رئيس الجمعية
الدولية لجراحة الأوعية الدموية في إيرلندا، أن جهاز التنفس الصناعي ليس حلّا، وقال: "يجب علينا التوقف عن علاج المرضى بالأدوات الخاطئة".
ويشير البروفيسور سلطان إلى أن الدليل الحيوي على
اختلاف فيروس كورونا عن الالتهاب الرئوي، الكيفية التي يهاجم بها فيروس كورونا جسم
الإنسان، وأنه يؤثر على كلتا الرئتين في الوقت نفسه، ونادرا ما يؤدي إلى التهابات
رئوية.
وما يحير الأطباء ويحاولون فهمه، هو أن العديد من
المرضى الذين يعانون من فيروس كورونا يعانون من مستويات منخفضة للغاية من الأكسجين
عندما يصلون إلى المستشفى.
وبشكل غامض، هم لا يشعرون بعدم الارتياح، ويتصرفون
بشكل طبيعي وهم في حالة يطلق عليها الأطباء نقص التأكسج " السعيد" Happy hypoxia، ثم تتدهور حالتهم وينهارون
فجأة. والآن يبدو أن وضع هؤلاء المرضى على أجهزة التنفس الصناعي قد يجعل الأمر
أسوأ.
وعلى عكس مرضى الالتهاب الرئوي الذين يتم وضعهم
على أجهزة التنفس الصناعي لبضعة أيام، فإن مرضى فيروس كورونا يتم وضعهم على
الأجهزة لعدة أسابيع، وأحيانا حتى شهر.
أحد الأعراض المميزة لفيروس كورونا هي المادة المخاطية
الصفراء التي تسد ملايين الحويصلات الهوائية، مما يجعل من الصعب دفع الأكسجين عبر
جهاز التنفس الصناعي إلى الرئتين. ومن ثم لا يتمكن الأكسجين من اختراق الحاجز
المخاطي إلى الجسم. وهذا بدوره يتسبب في نقص شديد في الأكسجين بشكل كارثي.
يتبنى المزيد من الأطباء الآن فكرة أن مرضى فيروس
كورونا يجب أن يحصلوا على أقنعة التنفس البسيطة، التي يستخدمها بعض الأشخاص الذين
يعانون من توقف التنفس في أثناء النوم في منازلهم.
ويقول مؤيدو أجهزة التنفس الصناعي، إن سبب ارتفاع
معدل الوفيات بشكل كبير غير واضح، وقد يكون مرتبطا بحالتهم المتدهورة.
ويقول كايل سيدل، إن الآلات هي سلاح ذو حدين، يجب
ضبطها لضخ أقل قوة وإدخال المزيد من الأكسجين إلى المرضى.
ومع ذلك، فإن عالم الطب لن يغير اتجاهه بسهولة
خاصة في ظل الحالة الطارئة التي تجتاح العالم، "من الصعب تبديل المسارات
لقطار يسير بسرعة مليون ميل في الساعة"، مع وجود آلاف الأرواح في حالة حرجة.