نشرت مجلة ناشيونال ريفيو الأمريكية مقالا لرئيس تحريرها جاي نوردلينغر، انتقد فيه العلاقة الوطيدة لترامب بعبد الفتاح السيسي وأمثاله من الزعماء الديكتاتوريين في العالم، وتجاهله لآراء الشعب المصري ومعاناة السجناء السياسيين.
ويقول الكاتب في المقال الذي ترجمته "عربي21"، إن شادي حبش، مخرج الأفلام المصري، قام في 2018 بإخراج أغنية مصورة تسخر من الجنرال السيسي حاكم مصر. وبعد ذلك تعرض شادي للاعتقال والسجن، وظل لمدة عامين كاملين قابعا في سجن مشدد الحراسة دون محاكمة. وفي النهاية فارق الحياة عن سن 24 عاما.
وأشار الكاتب إلى أن السيسي خلال الشهر الماضي كان قد أصدر عفوا عن 4 آلاف سجين، في حركة رمزية وتقليدية بمناسبة عيد تحرير سيناء، وهو التاريخ الذي انسحبت فيه إسرائيل من هذه المنطقة في 1982. ولكن المشكل أن أولئك الذين شملهم العفو كانوا من المجرمين المدانين بجرائم الحق العام، ولم يتم إصدار أي عفو عن السجناء السياسيين.
اقرأ أيضا: القاهرة تؤكد وفاة المخرج "حبش" بمحبسه وتفتح تحقيقا
وتابع الكاتب بأن تقرير صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية ورد فيه أن ملابسات وفاة شادي حبش لا تزال مجهولة، إلا أن هذه الحادثة سلطت الضوء على الظروف غير الإنسانية في سجون مصر المكتظة، بعد أن كانت حادثة وفاة مواطن أمريكي في وقت سابق قد أدت لحدوث خلاف نادر مع إدارة ترامب.
وقد أوضحت الصحيفة أن شادي حبش تعرض للاعتقال في آذار/ مارس 2018، بعد أن قام بإخراج الأغنية المصورة التي أداها رامي عصام الذي يعيش في المنفى، والتي تسخر من عبد الفتاح السيسي وتصفه بكنية "بلحة". وقد شهد هذا الفيديو انتشارا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقالت الصحيفة أيضا إن عبد الفتاح السيسي رغم أنه جمع بين يديه سلطات تفوق أي حاكم مصري سابق منذ عقود، فإنه لا يظهر أي تسامح في التعامل مع من يتجرؤون على السخرية منه. وفي 2015 تعرض طالب يبلغ من العمر 22 عاما لحكم بالسجن لمدة ثلاث سنوات، بعد أن نشر على فيسبوك صورة كرتونية يظهر فيها السيسي في شكل ميكي ماوس. ولذلك فقد فضل كثيرون من الممثلين والكتاب والفنانين والرياضيين المصريين الهروب للمنفى؛ لتجنب اضطهاد السيسي، والبعض من هؤلاء تعرضوا لمحاكمات غيابية.
ويقول الكاتب إن دونالد رغم ذلك لا يتورع عن التعبير عن العلاقة المتميزة التي تجمعه بالسيسي، حيث أنه أثناء لقاء في فرنسا في شهر أغسطس/ آب الماضي، قال وهو يبحث عن السيسي وسط الحضور: "أين هو دكتاتوري المفضل". وفي الشهر الموالي، جلس ترامب والسيسي معا في اجتماع الأمم المتحدة، وقال الرئيس الأمريكي بعد ذلك أمام الصحفيين: "إنه لشرف بالنسبة لي أن أكون مع صديقي، وهو زعيم حقيقي".
وكان أحد الصحفيين الأمريكيين قد وجه لترامب سؤالا محرجا حول الأوضاع في مصر، قائلا: "ألست قلقا بشأن المتظاهرين المصريين الذين كانوا يطالبون برحيل الرئيس السيسي؟".
إلا أن ترامب رد بطريقة تنطوي على تهجم على الصحفيين حيث قال: لا لست قلقا، أعتقد أن المظاهرات تحدث في كل مكان. حتى صديقكم المفضل باراك أوباما حدثت في عهده الكثير من المظاهرات. لذلك أنا لست قلقا من هذا الأمر، إن مصر فيها زعيم رائع".
ويرى الكاتب أن التحالف الأمريكي المصري يبقى أمرا ضروريا لعدة أسباب استراتيجية. ولذلك فإن واشنطن دأبت على تقديم حوالي 1.5 مليار دولار من المساعدات للقاهرة في كل عام. إلا أن الأمريكيين يجب أن يكونوا واقعيين وتكون لديهم فكرة واضحة حول طبيعة النظام المصري وشخص عبد الفتاح السيسي. كما طالب الكاتب في السياق ذاته إدارة ترامب بأن تتذكر من حين لآخر ما تسمى القيم الأمريكية.
إذ إن اسم شادي حبش قد لا يعني أي شيء بالنسبة لكبار قادة العالم، والأشخاص المزعجون من أمثاله يتم سحقهم مثل البعوضة، ولكن هؤلاء الناس يعنون الكثير بالنسبة لله، ويجب علينا نحن أيضا أن نعيرهم بعض الأهمية.
وأشار الكاتب إلى أن كيم جونغ أون ديكتاتور كوريا الشمالية، بعد أن راجت أخبار عديدة حول تعكر حالته الصحية ووفاته، ظهر مؤخرا أنه على قيد الحياة، ليضع حدا لكل التكهنات والأحاديث التي راجت حول هذا الأمر لعدة أيام. وقد كانت ردة فعل الرئيس الأمريكي مستبشرة، حيث كتب تغريدة يقول فيها: "أنا سعيد لرؤيته يعود مجددا وفي صحة جيدة".
واعتبر الكاتب أن هذا الأمر يثبت مرة أخرى أن ترامب يتعامل بشكل ناعم جدا مع زعماء الأنظمة الديكتاتورية، ويكن لهم الإعجاب أكثر من قادة الدول الغربية من أمثال أنجيلا ميركل وجاستن ترودو وباقي القادة الديمقراطيين.
للاطلاع على النص الأصلي (هنا)