* الأجواء غير مهيأة لحدوث انقلاب عسكري آخر.. هذا أمر مستبعد حاليا إلا إذا وصل الحال لمرحلة حرجة
* المجلس العسكري جماعة من الوطنيين يُحبون الوطن ويدافعون عنه بما لديهم من قيم عسكرية وإيمانية
* على المجلس العسكري أن يكون حذرا في إطلاق أي تصريحات بشأن محاولات الانقلاب.. إما أن يكون صادقا أو ليصمت
* تواصلنا مع المجلس العسكري وحدثت بيننا تفاهمات ونرى أن الأمر يسير للأحسن في المستقبل القريب
* نرفض وجود أي بعثات سياسية أممية في بلادنا لأنها ستتدخل في شؤوننا الداخلية.. وندعو لمواجهة هذا الأمر
* ما تقوم به لجنة إزالة التمكين دعاية سياسية تهدف لإزالة كل ما له صلة بالنظام السابق.. وهي ليست جهة قضائية
* لم يحدث أي تغيير ملحوظ علينا في جماعة الإخوان بعد تغيير نظام البشير.. ونشارك مع الحكومة في النواحي العلمية
* نتواصل مع بعض الأحزاب المؤثرة في السودان بشأن عمل مشترك يُخرج بلادنا مما هي فيه الآن
* ترحيل بعض المعارضين المصريين إلى القاهرة سيُعد انتكاسة كبيرة في شعار الثورة.. ونتمنى ألا يحدث ذلك
أكد المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين بالسودان عادل
على الله، أن "الأجواء غير مهيأة لحدوث انقلاب عسكري آخر، إلا إذا وصل الحال إلى
مرحلة حرجة، لكن في ظننا الأمر لا زال آمنا ويمكن تسميته بالحالة الباردة، وليست
هناك مؤشرات على أن الجيش سيقوم بانقلاب على العسكر الذين معه"، لافتا إلى أن
"الشعب غير مهيأ الآن لمثل هذا الانقلاب، إنما هو مهيأ لإجراء مصالحة كاملة
بين فئات الشعب المختلفة حتى تمر هذا الفترة الانتقالية بسلام".
وقال على الله، في مقابلة خاصة مع "عربي21"،
إنهم تواصلوا مع المجلس العسكري من أجل "الوصول إلى حلول ترضي الشارع، ومن
أجل الإبقاء على الدستور الإسلامي"، مضيفا: "حدثت بيننا تفاهمات بالفعل
(لم يكشف تفاصيلها)، ونحن نرى أن الأمر إن شاء الله يسير للأحسن في المستقبل
القريب".
وكشف المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين بالسودان عن
قيامهم بـ "مباحثات ومشاورات مع بعض الأحزاب المؤثرة في السودان، كي يكون
هناك عمل مشترك للخروج بالسودان مما هو فيه الآن".
وشدّد على أن "اعتزام الخرطوم ترحيل عدد من
المعارضين المصريين إلى القاهرة سيُعد، إن حدث، انتكاسة كبيرة في شعار الثورة (حرية..
عدالة)"، مؤكدا أن هذه الخطوة "تخالف الأعراف والمواثيق الدولية، خاصة أن الكل
يعلم ما تقوم به مصر من إجراءات بشأن حالة حقوق الإنسان، ولذلك نحن نتمنى ألا يتم
ذلك الأمر".
وفي ما يلي نص المقابلة كاملة:
إلى أي مدى تأثرت جماعة الإخوان بالواقع الجديد في السودان؟ وهل هناك إجراءات اتخذت ضدكم؟
الحكم الذي حدث بعد تغيير نظام البشير، لم يُحدث أي
تغيير ملحوظ علينا في جماعة الإخوان المسلمين في السودان، بل تواصلنا مع مَن هم في
السلطة حاليا، ولم يحصل أي شيء أمني ضدنا، بل على العكس طُلب منّا أعضاء للمشاركة في
مجمع الفقه الإسلامي، وبالفعل لنا أعضاء يمارسون أعمالهم حاليا مع هذه الحكومة في
النواحي العلمية.
وما تقييمكم لأداء المجلس العسكري وطريقة إدارته للأمور في البلاد؟
المجلس العسكري تولى السلطة في البداية مع جزء من
المدنيين، وهم في رأينا جماعة وطنيين يُحبون الوطن، ويدافعون عنه بما عندهم من قيم
عسكرية وقيم إيمانية، وخاصة ما نعرفه عن رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح
البرهان، وكذلك نائب رئيس المجلس السيادي وقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان (حميدتي)،
الذي نشأ على القرآن الكريم، وتخرّج من خلال الخلاوي المعروفة بـ "الكتاتيب"
(مراكز حفظ القرآن)، وهو يحب الوطن كثيرا ويدافع عنه.
فقط كان الخلاف مع بعض اليساريين الذين يتولون الأمر في
بعض الوزارات؛ فهم أحيانا يطلقون في بعض وسائل الإعلام تصريحات تنافي الأخلاق والمُثل
التي نؤمن بها كجماعة الإخوان المسلمين، مثل محاربة القيم الإيمانية على سبيل
المثال، وقد غيّروا بعض الأشياء التي ألفها الناس واعتادوا عليها كرفع الآذان أو
عدم نقل صلوات الجماعة أو الجمعة في شهر رمضان وغيرها في التلفزيون القومي. وهذه الأمور
لم يألفها السودانيون منذ ثلاثين عاما، وهم بدأوا يغيّرون فيها؛ ظنّا منهم أنها
تابعة للنظام السابق، وبالتالي فليس لنا مآخذ على المجلس العسكري بقدر ما لنا مآخذ
على بعض اليساريين الذين تولوا بعض الوزرات في السودان.
وهل حدث ثمة تواصل بينكم والمجلس العسكري؟
تواصلنا مع المجلس العسكري أو مع بعض القيادات في
النظام العسكري الانتقالي، من أجل الوصول إلى حلول ترضي الشارع ومن أجل الإبقاء
على الدستور الإسلامي، وحدثت بيننا تفاهمات بالفعل، ونحن نرى أن الأمر إن شاء الله
يسير للأحسن في المستقبل القريب. كما تواصلنا مع بعض الأحزاب المؤثرة في السودان،
كرئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي، وجماعته، وجلسنا معهم أكثر من مرة،
وتواصلنا مع بعض القيادات الأخرى، لكي يكون هناك عمل مشترك للخروج بالسودان مما
هو فيه الآن.
حزب الأمة القومي بالسودان أعلن مؤخرا تجميد أنشطته في هياكل قوى إعلان الحرية والتغيير (الحاضنة السياسية للحكومة) لأسبوعين، داعيا إلى اعتماد عقد اجتماعي جديد من أجل إصلاح هياكل الفترة الانتقالية.. كيف تنظرون لهذه الخطوة؟
حزب الأمة السوداني أعلن وقف نشاطه مع قوى الحرية
والتغيير، التي تمثل الجسم الرئيسي للحكومة الانتقالية الحالية، وهذا يأتي كنوع من
الضغط الذي يمارسه حزب الأمة، لأنه يرى أن هناك مشاكل يعيشها السودان الآن، سواء
كانت مشاكل اقتصادية أو أمنية أو معيشية ومشاكل خلافية، وعلى رأسها الضائقة الاقتصادية التي
يعيشها الناس الآن، الأمر الذي جعل حزب الأمة، وهو له قاعدة في السودان،
يريد أن يكسب الجولة الأخرى المقبلة إذا جاءت الانتخابات عبر الضغط على هذا النظام،
لكي يغير نظامه أو يلجأ للانتخابات.
الحكومة السودانية قررت لأول مرة إجازة تعديل القانون الجنائي ليشمل مادة خاصة بتجريم ختان الإناث.. كيف ترون ذلك؟ وما موقفكم في هذا الصدد؟
الحكومة السودانية كجماعة قامت على المعارضة فترة طويلة
جدا، وقد تأذوا كثيرا مما حدث لهم خلال فترة حكم النظام السابق، حيث سُجن بعضهم وعُوقب
آخرون منهم بالإبعاد وما إلى ذلك؛ فهم الآن يقومون بنوع من الانتقام، وخاصة في ما
يتولاه النائب العام الذي يرى أن تغيير النظام السابق يقتضي تغيير كل ما جاء به،
وهو يحاول أن يغير الأحكام الجنائية، وبعض الأحكام العرفية، ويعتزم الاعتراف باتفاقية
سيداو وغيرها، لكن لم يتم ذلك حتى الآن بطريقة رسمية، لأنها تحتاج إلى سنّ قوانين،
ونذكّر الإخوة جميعا في النظام الحاكم أنهم حكومة انتقالية ومطلوب منها أن تكون "انتقالية"،
وأن تُعد فقط للانتخابات القادمة، فليس للحكومة الانتقالية أي حق في تغيير القوانين
أو سنّ قوانين جديدة، لأن هذا الأمر يجب أن يتم من الحكومة المُنتخبة من قبل
الشعب، إلا إذا قصدوا أنهم يريدون أن يزيحوا النظام السابق وأخلاق الشعب السوداني.
كيف تقيمون عمل لجنة إزالة التمكين التابعة لمجلس السيادة السوداني؟
اللجنة التي أصدرها وسماها النظام الحالي بـ "إزالة
التمكين" ليست جهة قضائية في الدولة، إنما هي لجنة يفترض أنها تقوم برفع
الأمر إلى المؤسسة القضائية، وهي جهة سياسية غير قانونية بطبيعة الحال، ويجب عليها
أن تعمل وفقا لنطاق القانون، ولكن المسارعة للدعاية والإعلان أمر ينافي طبيعة أي جهة
قانونية، حيث تنشر وسائل الإعلام أن لجنة "إزالة التمكين" ألقت القبض
على بعض الذين كانت لهم صلة بالنظام السابق، ويقولون إن اللجنة وجدت لديهم أغراضا أو
أموالا وتتم مصادرة أراض أو كذا.
وما يعلنه النائب العام، وغيره من القضاة، أنه يجب أن يتم
هذا عن طريق القانون وليس عن طريق الدعاية السياسية ووسائل الإعلام، فالمعروف لدى الجميع
وفي أبسط مبادئ القانون أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وبالتالي كان الأولى
والأحرى إعمال القانون قبل أن يعلنوا هذه الأمور على الشعب، لأن هذا يمثل نوعا من الدعاية
السياسية وأنها إجراءات تهدف لإزالة كل ما له صلة بالنظام السابق، وهذا أمر ينافي
مبادئ العدالة التي ينادي بها الجميع، فإذا كانت هناك أمور خالفت القانون فيجب معالجتها
عن طريق القانون، لا عن طريق الإعلان ووسائل الإعلام، فمثل هذا يتم في النظام
الشمولي الذي لا يعتمد القانون، لكن نحن كجماعة نرجو أن يتم هذا قانونيا، ولا يتم
هذا عن طريق وسائل الإعلام.
وبالتالي كيف تنظرون لقرار بحل وإلغاء تسجيل منظمة الدعوة الإسلامية وحجز واسترداد جميع أموالها وأصولها داخل وخارج السودان لصالح الدولة؟
منظمة الدعوة الإسلامية، هي منظمة عالمية تتبع رئاسة
الجمهورية مباشرة، وكما علمنا من بعض وسائل الإعلام أنها رفعت دعوى قضائية لرئاسة
المجلس الانتقالي، لأن ما تم يخالف القانون، ولا يجب على الدولة مصادرة أي شيء
من ممتلكاتها، لأن المنظمة عالمية، والسودان محل المقر، وإذا كان السودان لا يوافق
على هذا المقر يجب عليه أن يعلنها إعلانا رسميا وهي تنتقل بدورها لدولة أخرى.
كما سمعنا الآن أن المنظمة بصدد الانتقال لدولة أخرى في
إفريقيا، وهذا يضر بالسودان أولا، ويؤدي لتشريد عدد من الموظفين. وإذا كان هناك
شبهات ما تتمثل في استغلال بعض الأفراد لهذه المنظمة على سبيل المثال، فيجب محاسبة
هؤلاء الأفراد لا محاسبة المنظمة ذاتها. فالمنظمة لها مجلس أمناء عالمي، ويكفينا
شرفا أنه كان على رأسها المشير عبد الرحمن سوار الذهب، وهو رجل عالمي، وشخصية
أمينة، وكان مواطنا سودانيا بجميع ما تعنيه كلمة سوداني، وأُشيد به في جميع المحافل
العالمية، وأخذ العديد من الجوائز العالمية،
وهو رجل يؤتمن على كل شيء، وبالتالي ما كان ينبغي فعل ذلك مع المنظمة حفاظا على
سمعة هذا الرجل، إلا إذا كان هناك شك في سودانية سوار الدهب وإدارته للمنظمة طيلة هذه المدة.
قبل أسبوع، اعتقلت الشرطة السودانية 23 من أُسر معتقلي نظام الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، بعد أن نظموا وقفة احتجاجية أمام سجن شمالي العاصمة الخرطوم.. كيف ترون هذا التصرف؟
بعض الأفراد الذين تم اعتقالهم على ما أظن أن هؤلاء هم قادة
الانقلاب العسكري في حكومة البشير، أو كانوا هم بقايا النظام السابق، والآن لهم عدة
شهور في الحبس داخل السجون، وهذا الحبس لم يصدر فيه أي حكم قضائي حتى هذه اللحظة،
ولم يتم إطلاق سراحهم، بل ظهرت بعض الأخبار أن بعضهم أصيب بوباء كورونا المستجد،
ونقل بعضم إلى المستشفى، وهذا جعل أسرهم تخاف عليهم فقاموا بتنظيم وقفة احتجاجية
أمام سجن كوبر المعروف في العاصمة الخرطوم، وقامت السلطات بحبسهم، لكن على ظننا أن
هذا حبس ليس له صلة سياسية، وإنما حبس لمخالفة أمر الطوارئ الذي أعلنته الشرطة، بسبب
كسر حظر التجوال، وسيتم إطلاق سراحهم بعد استيفاء بعض الشروط، ونظن أن الحكومة ستعالج
هذه القضية، لأنها أخذت طابعا عالميا بعد أن علم العالم أن هؤلاء لم يُطلق سراحهم،
وهم في مثل هذه الحالات الطارئة عُرضة للإصابة بالأمراض، ونظن نحن - كجماعة الإخوان
- أن الحكومة ستراعي ذلك تدريجيا حتى لا تثير غضب الشارع ضدها.
هناك جدل بالسودان حول طبيعة المهام للبعثة السياسية الأممية التي طلب حمدوك إنشاءها لدعم التحول والفترة الانتقالية في السودان.. فما هو موقفكم من هذا الطلب؟ وهل ترون بأنها ستكون أقرب للوصاية الدولية أم لا؟
بالفعل هناك جدل حول نظام استخدام بعض الجهات العالمية أو
ما يسمى الآن قانونيا بالبند السادس، هي جماعة ترسلها الأمم المتحدة عن طريق مجلس الأمن،
لكن لم يتم التصديق عليه حتى الآن؛ فلا زال إجراءات أولية.
ونحن كسودانيين لا نقبل بتدخل هذه الجهات العالمية في شؤون
السودان، لأنها ليست جهات استشارية، كما يدعي بعض الناس، إنما هي جهات ستأتي بقانون
يحميها وبتصديق من مجلس الأمن، وستستخدم هذه الجهات القانون وتتدخل في شؤون بلادنا
الداخلية، مثلما حدث في جميع الدول التي استدعت ما تسمى بالبعثات السياسية الأممية،
وهذا الأمر ينافي تماما طبيعة كل الدول العربية والإسلامية والأفريقية.
لذلك، نحن كجماعة الإخوان المسلمين نرى أنه يجب على
الدولة ألا تسارع في استجلاب مثل هذه الجماعات التي تأتي من الخارج، لأن هذا الأمر
حتى وإن طلبه رئيس الدولة فهو أمر خاص به، بينما يجب على المجلس العسكري، وعلى
الجيش، ويجب على الناس الذين لهم أحزاب لها قوة، أن يقفوا جميعا ضد هذا الأمر.
ونحن نرى أن هذا الأمر يضر بالبلاد أكثر مما يصلحه، ولو
كانت هناك استشارات فنية فلابد أن تكون عن طريق طلبات وبدبلوماسية معينة دون أن تُدخل
الناس في حرج. والشعب السوداني بطبيعته يرى أن هذا النظام نوع من الاستعمار الأبيض،
أو الاستعمار الذي يأتي بطريقة الإملاءات علينا، وهذا ينافي طبيعة السودانيين،
ونخشى أن يكون هناك رد فعل سلبي، لأن بعض الإسلاميين الآن وهم خلية نائمة إذا ما ظهر
هذا الأمر قد يقومون بمثل ما قامت به جماعة متشددة في السودان باغتيال أحد
الدبلوماسيين الأمريكان، ونخشى من تكرار مثل هذا الأمر.
رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، قال إن تنظيمات سياسية بالبلاد تهدد بعدم السماح بعبور الفترة الانتقالية، وتروج لانقلابات بواسطة الجيش.. كيف استقبلتم تلك التصريحات؟ وما هي تلك التنظيمات التي تحدث عنها؟
حديث البرهان عن أن هناك محاولة انقلاب عسكري يُخطط له
من قبل بعض القيادات السابقة هذا أمر دائما نسمع عنه في وسائل الإعلام، وهذه ليست المرة
الأولى؛ فقد حدث هذا الإعلان سابقا أكثر من مرة، ولكن البيّنة على من ادعى، ولابد
من بيّنة واضحة، وهذا يدل - إن كان الخبر غير صحيح - على مشكلة يعيشها النظام
الحالي، وهي عدم الطمأنينة بأن الجيش كله يد واحدة، وإن كان هذا الأمر حقيقيا، فتصبح
هناك عقدة في معالجة المشكلة قبل إخراج الأمر إلى الإعلام.
والحديث عن أي محاولة انقلابية يجب أن يتم بطريقة علمية
واضحة وقانونية، ويجب أن تكون هناك محاكمات علنية وشفافة ليعرف الناس الحقيقة
وأبعاد الأمر، وكي لا يعتاد الناس مثل هذه الطريقة المتبعة في الدول الإفريقية والدول
العربية التي هي ذات النظام الواحد.
ونحن في جماعة الإخوان نقول: يجب على المجلس العسكري أن يكون
حذرا في تناول مثل هذه الأخبار، فإما أن يكون صادقا ببيانات واضحة وأسماء مُعلنة وبتحرٍّ كامل ثم بعد ذلك إعلانها للرأي العام، وإما أن يصمت عنه.
ما فرص حدوث انقلابات جديدة داخل الجيش السوداني؟
نرى أن حدوث انقلاب عسكري في هذا الوقت أمر غير محبب،
ولا نرى أن الشعب مهيأ الآن لمثل هذا الانقلاب، إنما هو مهيأ لإجراء مصالحة كاملة
بين فئات الشعب المختلفة حتى تمر هذا الفترة الانتقالية بسلام، وفي ظننا أن الأجواء
غير مهيأة لحدوث انقلاب عسكري آخر؛ لأن الناس الآن ذاقوا طعم قليل من المدنية فهذه
تجعل بعض الناس لا يلجأون للعسكر مرة ثانية في الوقت الحالي، إلا إذا وصل الحال إلى
مرحلة حرجة، وفي ظننا أن الأمر لا زال آمنا ويمكن تسميته بالحالة الباردة، وليست
هناك مؤشرات على أن الجيش سيقوم بانقلاب عسكري على العسكر الذين معه، فهذا أمر
مستبعد في الوقت الحالي.
النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو أكد أن القوات المسلحة بكل مكوناتها على قلب رجل واحد، وأن القوات المسلحة هي الدعم السريع، والدعم السريع هو القوات المسلحة.. ما تعقيبكم؟
المجلس العسكري يؤكد أن هناك اتفاقا كاملا بين جميع الجهات
الأمنية الجيش والشرطة وقوات الدعم السريع التي هي القوة الضاربة الآن في السودان،
ونحن لا نشك في تأكيده، ولكن من المعلوم أنك حين تؤكد أمرا بديهيا فتأكيدك يعني أن
هناك شائعات أو أخبارا تدل على غير ذلك. هذا أمر معروف في الإعلام، وبالتالي فتأكيد
المؤكد قد يشير إلى وجود شائعات أو هناك فعلا نوع من الخلافات داخل القوات المسلحة،
وهذا أمر من طبيعة الفترة الانتقالية ومن المحتمل حدوثه.
الجهاز المركزي للإحصاء بالسودان قال إن معدل التضخم السنوي للبلاد ارتفع إلى 81.64% في آذار/ مارس الماضي.. فكيف ترى الأزمة الاقتصادية في ضوء ارتفاع أسعار السلع؟
زيادة التضخم من طبيعة السودان الآن في الوقت الحالي،
خاصة أن الحكومة الحالية متضاربة، والآراء ليست على قلب رجل واحد، والشارع السوداني
له آراء مختلفة، وأسعار السلع زادت بدرجة جنونية، وليس بمقدور الإنسان شراء السلع
بهذه الأسعار العالية؛ فهذا جعل السودان مستوردا في حين كان يجب أن يكون مُصدّرا لبعض السلع، ولكن للظروف الأمنية الحالية تعطلت بعض السلع الصادرة، وارتفع سعر
الدولار إلى رقم غير مُتوقع؛ فالحكومة الحالية كانت تتوقع في بدايتها أن يظل سعر
الدولار 50 جنيها، وهو الآن فاق الـ 130 ووصل إلى 150 جنيها، خاصة على خلفية الإغلاق
التام للدولة، ويتوقع أهل الاقتصاد أن يزيد هذا الدولار إلى أكثر من ذلك بعد فتح
المجال السوداني وعودة الحياة لطبيعتها، والآن الشركات الخارجية ليس لها أي صلة
بالسودان، وكذلك ليس هناك أناس يدخلون الدولار من الخارج، ولا زالت البنوك العالمية
لا تتعامل مع البنوك السودانية بطريقة مباشرة، مما جعل الأمر يتعقد ويزداد تفاقما،
وهو حالة عالمية، كما تعلم، لأن هناك ضعفا وتراجعا اقتصاديا عالميا في مختلف دول
العالم بسبب جائحة فيروس كورونا.
كيف ترى السياسة الخارجية الحالية التي تنتهجها السلطات الحاكمة؟
نرى أن هناك سياسات تتخذها الدولة على عدة محاور، والذي
يراقب الحالة السودانية يجد أن هناك محاور عربية ضاغطة على الحكومة، ومحاور عالمية
ضاغطة عليها، والحكومة تحاول أن تنجح بقدر الإمكان في أن تعيش في حالة الوسط، وهو أمر
يصعب عليها، كما يصعب على الدول الإقليمية والخارجية أن يطمئنوا لسياسة البقاء في
الوسط؛ فلابد في السياسة العالمية أن توضح مع مَن تقف، فهل أنت تقف مع بعض الدول
العربية الضاغطة بشدة على السودان بما لها من قدرة مالية لدعم الاقتصاد السوداني،
أو مع بعض الدول
الغربية التي لها مصالح أيضا. والحكومة تواجه تلك الإشكالية الصعبة. ويجب أن تكون وزارة
الخارجية السودانية في شخص له تخصص ودقيق جدا، وله حساسية أمنية وله رؤية عالمية،
وله دراسات سابقة في هذا المجال، لكي يوفق بين هذه الجهات المختلفة، حتى يستطيع أن
يمر السودان في هذه الفترة الانتقالية.
كيف تنظر لمستقبل تجربة الحركة الإسـلامية في السـودان في ظل التحديات الراهنة التي تواجهها؟
نحن نطمئن على أن الوضع الحالي بالنسبة لجماعة الإخوان، إذا
تم بهذا الأمر، وعبر الناس المرحلة الانتقالية ووصلنا إلى مرحلة الانتخابات، سيكون
فيه خيرا لهذه البلاد، وخاصة أن هناك مساعيَ جادة لوقف الحروب داخل السودان، والتي
سيكون لها الأثر الأكبر على الحالة السودانية، وسيكون هناك جلسات ولقاءات للحد من
هذه الحروب التي أخذت من السودان كثيرا من موارده.
وإذا تمت مصالحة كاملة بمشاركة الشخصيات الوطنية إن كانوا
من جنوب كردفان أو دارفور أو شرق السودان أو كانوا من النيل الأزرق، وهذه كلها فئات
لها أسلحة، ولها أجندة، ولها مطالب، والدولة تحاول وتسعى لجلب هؤلاء جميعا إلى
ساحة الحوار والجلوس معا ووقف الحرب، ولكن هذا له ثمن فبعض الجهات ترفع شعار
العلمانية كشعار رسمي، وبعض الناس ترفع شعارات أخرى، ويجب أن يتم تحديد مصير هؤلاء
الناس الذين يعتبرون أنفسهم مُهمشين في نظام الدولة.
والدولة يجب عليها أن تراعي الحالة الكلية للشعب السوداني،
لأن السودان عاش هذه المشاكل منذ سنوات طويلة، ولم تُولد في زمن الإنقاذ، ولم تُولد
في زمن الحكومة الانتقالية، إنما هذه الأمور تمت من سنوات عدة، وكان من ثمراتها
التاريخية انفصال جنوب السودان، وهو ما يمثل ثلث ما يملكه السودان من أراض وتم فصلها بحكومة منفصلة حكومة جنوب السودان، ونخشى نحن جماعة الإخوان أن يتم هذا الأمر
بالتدريج، فكلما طلب الإنسان حق تقرير المصير فهو بداهة يطلب بذلك أن ينفصل عن
السودان، وهذه ستؤدي إلى تقسيم السودان، ونحن الآن في حاجة إلى الوحدة، وإلى
تجاوز هذه العقبات بطريقة مفيدة لنا جميعا.
ما تعقيبكم على اعتزام الخرطوم ترحيل عدد من المعارضين المصريين إلى القاهرة؟
ما انتشر في وسائل الإعلام الداخلية والعالمية أن
الحكومة السودانية بصدد إرسال بعض المعارضين المصريين إلى القاهرة هذا أمر إن تم سيُعد
انتكاسة كبيرة في شعار الثورة، وهي "حرية.. عدالة"، حيث يخالف هذا الأعراف
والمواثيق الدولية، خاصة أن الكل يعلم ما تقوم به مصر من إجراءات بشأن حالة حقوق
الإنسان، ولذلك نحن نتمنى ألا يتم ذلك.
"عربي21" تحاور المتحدث باسم حملة "الإخوان" لمواجهة كورونا