لم تكن ولادة الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي بعيدة عن تدخلات الفواعل الإقليمية والدولية، إلا أنها كانت أصعب هذه المرة لأسباب عدة، أبرزها غياب قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني، حسبما أفادت مصادر سياسية.
وبعد مخاص عسير ولدت حكومة الكاظمي،
فجر اليوم الخميس، بتصويت البرلمان على 15 وزارة ورفض 4 أخرى، وتأجيل وزارتين
سياديتين هما: النفط والخارجية، بسبب خلافات بين القوى السياسية لم تتمكن مفاوضات
اللحظات الأخيرة من حلها.
الدور الإيراني
وفي حديث لـ"عربي21"، كشفت
مصادر سياسية خاصة، طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن "وفدا إيرانيا وصل إلى بغدد
قبل 5 أيام من إتمام تشكيل الحكومة، وضغط طيلة هذه المدة على القوى السياسية
الشيعية، لإنجاح تمرير رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي".
وأوضحت أن "الوفد الذي يرأسه السفير
الإيراني السابق لدى بغداد حسن دنائي فر، أشرف على مفاوضات القوى السياسية الشيعية
لتشكيل الحكومة العراقية، وضغط عليها بشدة للقبول بالكاظمي وتمريره في
البرلمان".
وأكدت المصادر: "لولا الوفد الإيراني
لما مُررت الحكومة، لا سيما أن زيارة الجنرال إسماعيل قاآني السابقة إلى بغداد، هي
من أبعدت رئيس الوزراء المكلف السابق عدنان الزرفي، والاتفاق على اختيار الكاظمي
بديلا عنه، وهذا يعد أول اختبار له بعد غياب قاسم سليماني".
وبخصوص رفض رئيس ائتلاف "دولة
القانون" نوري المالكي لحكومة الكاظمي واتخاذ موقف مغاير لتحالف
"الفتح" بزعامة هادي العامري، وكلاهما مقرب من إيران، أوضحت المصادر أن
"المالكي كان موقفه رافضا منذ البداية للكاظمي، وأصر على ذلك، وأن بعض قوى
قريبة منه اعتبرت قراره خاطئا".
ورأت المصادر أن "الإتيان
بالكاظمي رئيسا للوزراء كان بانسجام أمريكي إيراني غير مباشر، وربما تكون مهلة
الثلاثة أشهر التي منحتها واشنطن لبغداد كاستثناء من العقوبات الإيرانية، هي
بمثابة مكافأة لطهران على موقفها من تمرير حكومة الكاظمي".
"حكومة ناقصة"
من جهته، قال النائب رعد المكصوصي عن تحالف "سائرون" بقيادة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إن "90 بالمئة من حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، جرى تمريرها في البرلمان بأريحية تمامة، وبقبول أغلب القوى السياسية".
ونفى المكصوصي لـ"عربي21" علمه
بوجود وفد إيراني يدير المفاوضات مع القوى السياسية الشيعية في العراق، وقال:
"لم أكن قريبا من الفريق المفاوض لتحالف سائرون مع الكاظمي، وبالتالي ليس لدي
أي علم عما إذا كان هناك وفد إقليمي من عدمه".
ولفت النائب إلى أن "القوى
السياسية اتفقت مع الكاظمي على ضرورة إكمال التشكيلة الوزارية، بعد رفض مرشحي أربع
وزارات وتأجيل وزارتي النفط والخارجية"، مؤكدا أن "رئيس الحكومة وعد
البرلمان بأن يكمل النواقص في الحكومة خلال مدة أقصاها 15 يوما أي مع حلول عيد
الفطر المبارك".
وحول رفض الأكراد التنازل عن وزارة المالية وإصرارهم على عدم قبول وزارة الخارجية، أوضح المكصوصي أن "وزارة المالية
ذهبت إلى قوى سياسية أخرى غير الكردية، وبالتالي فإن وزارة الخارجية أيضا هي من
الوزارات السيادية، والتي كانت في السابق تدار من وزير كردي".
"إدارة عراقية"
وفي السياق ذاته، قالت البرلمانية هدى جار الله عن تحالف "المحافظات المحررة" بقيادة السياسي خميس الخنجر، إن "جميع القوى السياسية كانت حريصة على تمرير حكومة الكاظمي، لأن الفشل يعني ذهاب العراق نحو المجهول في ظل ظروف صعبة يعيشها على مختلف النواحي، الاقتصادية والصحية والأمنية".
وعن الدور الإيراني في تمرير الحكومة،
قالت البرلمانية لـ"عربي21" إنها لم تطلع على "وجود أطراف خارجية
ضاغطة في عملية تشكيل الحكومة، وإنما القوى السياسية العراقية من مختلف المكونات
كانت عازمة على تمرير مصطفى الكاظمي وتشكيلته الوزارية".
ونوهت إلى أن "تحالف المحافظات
المحررة" لم يكن حريصا مثل باقي القوى السياسية على استحقاقه الوزاري، بقدر اهتمامه
في تمرير الحكومة بالبرلمان والقبول بخيارات الكاظمي.
ولفتت هدى جار الله إلى أن
"الحكومة الحالية أمامها تحديات كثيرة، ونأمل في تظهر لنا توجهاتها خلال
مرحلة قصيرة لمعالجة الأزمات الحالية، وتلبية متطلبات الشعب، ولا سيما أن أغلب
القوى السياسية مساندة لها".
وكان السفير الإيراني في بغداد إيرج
مسجدي، قد بعث برقية إلى مصطفى الكاظمي، مهنئا إياه بمناسبة حصوله على ثقة
البرلمان العراقي بتعيينه رئيسا جديدا للحكومة.
ونشر مسجدي تغريدة عبر حسابه في "تويتر"
اليوم الخميس، كتب فيها: "أهنئ السيد مصطفى الكاظمي ووزراءه والبرلمان
العراقي على منح الثقة لأغلبية التشكيلة الوزارية (الجديدة)". وتمنى السفير الإيراني
للحكومة الجديدة النجاح في خدمة الشعب العراقي.
وقدم وزير الخارجية الأمريكي، مايك
بومبيو، التهنئة للكاظمي على نيل حكومته للثقة. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في
بيان إنّ "بومبيو هنّأ الكاظمي خلال مكالمة هاتفية بحصوله على ثقة
البرلمان".
وأشار البيان إلى أن بومبيو أبلغ رئيس
الحكومة العراقية الجديد بأنّه، لمدّة 120 يوما، لن تفرض الولايات المتّحدة عقوبات
على العراق لاستيراده الغاز والكهرباء من إيران.
وأضافت الخارجية الأمريكية في بيانها أنّ
الوزير أبلغ الكاظمي كذلك بأنّ "هذه البادرة هدفها إظهار رغبتنا في المساعدة
في توفير الظروف الملائمة لنجاح الحكومة".
اقرأ أيضا: ترحيب دولي بنيل الكاظمي ثقة البرلمان العراقي
عقبات تواجه الكاظمي في تشكل حكومة العراق وتؤخر إعلانها
ما حقيقة إنشاء قاعدة إيرانية بالعراق قرب السعودية والأردن؟
تفاصيل مشاورات الكاظمي مع قوى عراقية لتشكيل الحكومة