قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن مسجد غامكول
شريف، أحد أكبر المساجد في انجلترا، يمتلئ عادة بالمصلين خلال شهر رمضان المبارك،
ولكنه اليوم فارغ بشكل كبير إلا من التوابيت المكدسة، لضحايا فيروس كورونا.
وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21": كل
عدة ساعات تتوقف سيارة نقل موتى خارج سرادق أبيض، أقيم في موقف سيارات مسجد غامكول
شريف، وكتب على بابه الآية القرآنية: "إنا لله وإنا إليه راجعون".
وأضافت: "يخرج متطوعون بملابس واقية، وكمامات لإدخال
التوابيت إلى السرادق، حيث يتم تغسيل الموتى، وتكفينهم ثم وضعهم في الثلاجات".
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا
المسجد في مدينة بيرمنغهام، يعد ثاني أكبر مدينة في بريطانيا والتي تأثرت بشكل كبير
بالفيروس، كان قبل تفشي الفيروس، يستقبل جنازة أو اثنتين في الأسبوع. ولكن الشهر الماضي، بذروة العدوى، كان
يصل إلى المسجد خمس أو ست جثامين في اليوم الواحد.
وقالت: إن هذا الأمر اضطر إدارة المسجد إلى بناء غرفة
موتى مؤقتة، في موقف سياراته والتي فتحتها للمتوفين من كل الأديان.
وقال جاويد أخطر، مدير الجنازات في المسجد، بينما أزاح
الكمامة عن فمه ليتنفس بحرية: "لم أعد أعرف عدد الموتى الذين مروا من هنا..
لم أر في حياتي مثل هذا".
ووصل عدد ضحايا الفيروس يوم السبت 31800 شخص في
بريطانيا ومع أن لندن كانت هي بؤرة الحالات والوفيات، ظهر أن بيرمنغهام والمنطقة
المحيطة بها مؤخرا باتت مركزا لتفشي الفيروس.
وسجلت إدارة مستشفيات الجامعة في برمنغهام، في نيسان/
أبريل الماضي، والتي تغطي شبكة من المستشفيات في منطقة وسط انجلترا، عدد وفيات
أكبر من أي إدارة مستشفيات في انجلترا.
وتأثرت المجتمعات من الخلفيات السوداء والأقليات الدينية
والذين يشكلون حوالي 26% من سكان بيرمنغهام البالغ عددهم 842000 نسمة، أكثر من
غيرهم مما جعل الحكومة تحقق في الأسباب. وقد أظهرت دراسة للخدمات الصحية في
انجلترا أن 16% من ضحايا فيروس كورونا الذين ماتوا حتى الأسبوع المنتهي في 17
نيسان/ أبريل هم من الأقليات الإثنية.
ومن بين 100 من العاملين في الصحة فقدوا حياتهم بسبب الفيروس،
كان 63 من تلك الخلفيات.
وقال وزير الصحة البريطاني، مات هانكوك، في مؤتمر صحفي
الشهر الماضي: "رأينا وفيات في كامل المجتمع بشكل عام، ولكن أيضا بين أولئك
الذين يعملون في الخدمات الصحية الوطنية، نسبة أعلى ممن توفوا من الأقليات وذلك في
الواقع يقلقني".
وقد أصيب عدد من أعضاء لجنة إدارة مسجد غامكول شريف،
الذين ساعدوا في إقامة غرفة الموتى المؤقتة في موقف السيارات التابع للمسجد بفيروس
كورونا، وبقي يدير هذا العمل مجموعة من المتطوعين الشباب.
وقال طارق محمود، 24 عاما، الذي تطوع في المسجد وقام
بالتعامل مع أول جثمان الأسبوع الماضي، وكان جثمانا لرجل توفي في منتصف العمر داخل
السجن: "كل واحد في المجتمع يعرف شخصا مات أو شخصا مصابا".
وتقسم غرفة الموتى المؤقتة إلى أربعة أقسام. في المدخل وهناك
عدد من التوابيت الفارغة المكدسة فوق بعضها مجهزة للوفيات الجديدة.
وإلى اليسار يوجد ثلاجات صناعية تتسع لنحو 400 جثمان،
ومقابلها ستارة تغطي طاولة غسل الموتى.
وأشارت الصحيفة إلى أنه وفي يوم ماطر في الأيام الأخيرة كان
أخطر، مدير الجنازات، ومعه متطوع يحاولان وضع جثمان على الطاولة للغسل، وكانت
المغسلة والأرضية تطوف بالماء ولكن لم يكن لديهما الوقت لتجفيفها لأنه كان عليهما الذهاب وإحضار جثمان آخر.
وقال أخطر: "هذا الأسبوع كان أبطأ، ولكن حتى الآن
من الصعب المواكبة.. وهذه الأيام هناك حاجة لساعة أو ساعتين لجلب جثمان لأن الكثير
من الناس يموتون واستصدار الوثائق يستغرق بعض الوقت".
وفي الجانب البعيد من غرفة الموتى، هناك ستة كراس
بلاستيكية وسجادات صلاة وضعت للقيام بصلاة جنازة مختصرة العدد.
وبحسب التعاليم الإسلامية، يجب أن يتم الدفن بأسرع وقت
ممكن، في العادة خلال 24 ساعة من الوفاة. ولكن مع كثرة عدد الوفيات في الأسابيع
الأخيرة تأخرت بعض الجنازات، أحيانا حتى سبعة أيام.
وقال محمد زاهد، عضو لجنة المسجد، بعد عودته من دفن رجل
في السابعة والثلاثين من عمره، توفي بعد أيام من إصابته بالمرض بالرغم من شبابه،
وعدم معاناته من أي حالات مرضية أخرى: "تعاني عائلات الضحايا بشكل خاص لعدم
وجود أحد حولهم يواسيهم".
وقال: "لا يسمح سوى لستة أشخاص بحضور الجنازة، فماذا
تفعل عندما يكون هناك خمسة أخوة وأختان للمتوفى؟.. من تأخذ ومن تترك في
البيت؟".
وفقد زاهد عمتين له بسبب فيروس كورونا، في نيسان/أبريل
ولم يستطع حضور جنازتيهما بسبب القيود على عدد المشاركين في الجنازة. ولدى سؤاله
عن حزنه لفقدان عمتيه قال: "لم يكن لدي فرصة للحزن، كيف يمكن أن أفعل ذلك، ونحن
نستقبل خمسة أو ستة جثامين في اليوم؟ ليس هناك وقت لذلك".
وكان أحد أكبر التحديات التي واجهت القيادات المجتمعية
للمسلمين، في بيرمنغهام هو إقناع المجتمع بالالتزام بقواعد الإغلاق الحكومي وخاصة
في أواخر آذار/ مارس عندما تم إعلانها ابتداء.
وقال خالد محمود، عضو البرلمان الذي يمثل برمنغهام، إنه
كان لدى كبار السن المسلمين والسيخ صعوبة في الابتعاد عن أماكن عبادتهم بسبب
تدينهم العميق.
وقال زاهد: "إنها تشبه الغابة في الخارج.. الكثير
من الناس يلزمون بيوتهم، ولكن هناك الكثير من الناس الذين لا يفهمون مدى خطورة
التهديد لأنهم لا يرونه بأعينهم".
وقالت بركة أيوب، 21 عاما، وهي طالبة هندسة من منطقة
ووشوود هيث في بيرمنغهام، إنها شهدت عدة اجتماعات دينية في الأسابيع الأولى من
الإغلاق. وأضافت: "أصبح الوضع أهدأ الآن، ولأننا في رمضان وبدأ الناس يرون
مدى خطورة الفيروس، ولكن بعض الأشخاص الأكبر سنا والعائلات الكبيرة لا يزالون
يجتمعون كل يوم للإفطار معا".
وقالت إنها خرجت لتتمشى في أحد الأيام مؤخرا ومرت من
أمام المسجد المحلي فرأت تابوتين يحملان في سيارة بينما وقفت عائلة ترتدي الكمامات وتبكي.
ونقلت الصحيفة عنها أنها، وبعد يوم رأت تابوتا آخر يتم إنزاله من السيارة، وقالت: "مات الكثير من الناس أمام أعيننا وهو أمر مخيف..
وشعرت أن كل ما أريد أن أفعله أن أمشي باتجاه العائلة وأعزي الأم وأحضنها.. ولكن
كل ما استطعت فعله هو أن أقف بعيدا وأراقب. شعرت بشعور غير طبيعي".
وشرح أخطر، مدير الجنازات، بعد عودته من جلب جثمان آخر
كيف يأخذ الأمر ساعات طويلة في بعض الأيام لجلب جثمان بينما تحاول المستشفيات ودور
رعاية المسنين التعامل مع الأعداد اليومية من الوفيات.
وقال: "شركات الجنازات الكبيرة تأتي بسيارات أكبر وتحمل
8 جثامين في سيارة واحدة، إنه جنون.. لا يمكن إدراك حجم تأثير هذا الفيروس إلا
عندما ترى الجثامين".
اضافة اعلان كورونا
هذه حصيلة كورونا عربيا خلال 24 ساعة.. الجزائر تتصدر الوفيات
كيف تصف ممرضة مهمة إطفاء جهاز التنفس عن مرضى كورونا؟
هذه حصيلة 24 ساعة لكورونا عربيا.. مؤشرات إيجابية بالكويت