بعد نحو عام
من خلو منصب السفير الإسرائيلي بمصر، قرّرت حكومة الاحتلال الإسرائيلي المصادقة
على تعيين السفيرة أميرة أورون، كأول سيدة بهذا المنصب في القاهرة منذ اتفاقية
سلام "كامب ديفيد" 1979.
تعيين أورون،
يأتي بعد جدل دام منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2018، بالأروقة السياسية والدبلوماسية
الإسرائيلية؛ بين اختيار خارجية الاحتلال لها ورفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو
لتعيينها ورغبته بتعيين الوزير السابق أيوب قرا، حتى تم الاتفاق الثلاثاء الماضي
على تسلم أورون، مهمتها بالقاهرة الأحد المقبل.
وتعمل أورون،
بأروقة الخارجية الإسرائيلية منذ 1991، ولمدة 27 عاما قامت بأعمال سفير تل أبيب
بتركيا حتى 2015، وخدمت 5 سنوات بسفارة الاحتلال بالقاهرة، وتعود لها الآن بعدما
بقي المنصب شاغرا لأكثر من عام، خلفا للسفير دافيد جوفرين الذي شغل المنصب منذ
2016، وحتى أيار/ مايو 2019.
وهي مستشرقة
على دراية بالدراسات الإسلامية وتتحدث اللغة العربية، بجانب خبرتها كمتحدثة رسمية
لوسائل الإعلام العربية، ولها كتابات دائمة بالصحف العبرية، وفي 7 أيار/ مايو
2017، كتبت بصحيفة "هآرتس"، وفي وقت مبكر جدا حول صفقة القرن، التي
مازال المصريون والعرب يحاولون فك رموزها.
"التطبيع
الشعبي مهمتها"
وفي دلالات
تعيين سفير إسرائيلي الآن، أكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، عبدالله
الأشعل، أن "السفير الإسرائيلي السابق نشر مقالا بصفحة كاملة بصحيفة (المصري
اليوم)، قال فيها: مهمتي تحسين العلاقات مع الشعب المصري وليس مع الحاكم الذي لا
نجد صعوبة بالتعامل معه".
الأشعل، أضاف
لـ"عربي21"، أن "السفير السابق كان يريد إقناع الشعب المصري
بإسرائيل، وإثر مقاله خرجت حملة بالإعلام المصري لشيطنة الفلسطينيين، وبعدها جاء
قرار الجامعة العربية المدعوم سعوديا باعتبار حماس، والجهاد، وحزب الله، منظمات
إرهابية، وذلك لتمكين إسرائيل".
وحول السفيرة
الجديدة أكد أنها "كانت مديرة المركز الأكاديمي بالسفارة الإسرائيلية وعاشت
بمصر 5 سنوات، وميولها صهيونية حتى النخاع، وجاءت لاستكمال المهمة التي لم يحققها
سلفها؛ وهي تطبيع العلاقات على المستوى الشعبي".
اقرأ أيضا: المصادقة على تعيين أميرة أورين سفيرة إسرائيلية بمصر
ويعتقد أن
"مهمة أورون الأساسية تطويع المعارضين للتصهين، والتركيز على الإعلام،
والمحاضرات بالجامعات، ونشر المطبوعات لخبرتها بها، وطرح اشتراكات للراغبين
بالمركز الأكاديمي بالسفارة".
وتوقع السياسي
والأكاديمي المصري، مع قدوم أورون، أن "يخرج من الإعلام المصري عملاء تهلل
وتسوق لصفقة القرن ويهونون آثارها، وأن نشهد موجة جديدة عنيفة جدا من التطبيع
تساندها الحكومة المصرية، وتستهدف المصريين والعرب ولشيطنة الفلسطينيين والإدعاء
بأن اليهود أفضل وأكثر نفعا".
وحول مدى
ارتباط تعيين سفير إسرائيلي الآن بصفقة القرن وترتيباتها الاقتصادية، أكد الأشعل،
أنها "بالطبع سيكون لها دور بتنفيذ الخطة الاقتصادية التي تم عقد مؤتمرها
العام الماضي بالبحرين، لإنعاش الفلسطينيين اقتصاديا مقابل أراضيهم".
وختم بقوله:
"نعيش عصر القرن الإسرائيلي، ولهذا يجب محاربة التطبيع وتعريف الناس
بالحقيقة، لأن إسرائيل تتوحش ومصر المتضرر الأكبر وما يحدث هو المسمار الأخير
بحياة مصر".
"مهمة
صعبة بوقت صعب"
من جانبه، قال
مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير أحمد القويسني،: "هناك اتفاقية سلام
موقعة بين البلدين وعلاقات دبلوماسية وتمثيل دبلوماسي وتبادل للاستخبارات طبقا
للاتفاقية".
وأضاف
لـ"عربي21"، أن "تعيين أي سفير يقتضي موافقة الدولة التي سيعتمد
لديها، وبالتالي فتعيين أورون، يخضع لموافقة مصرية قبل أن تقوم بدورها في رعاية
المصالح الإسرائيلية المصرية، وذلك بعد اقتراح الجانب الإسرائيلي تعيينها، كعرف
دبلوماسي طبقا لاتفاقية فيينا".
ويعتقد
القويسني، أن "موقع السفير الإسرائيلي بالقاهرة حساس خاصة لدولتين كانت
بينهما حروب ثم اتفاقية سلام، والعلاقات ذاتها لها حساسية خاصة وتقتضي سفير لديه
درجة من الإلمام بالثقافة والتاريخ والصور الذهنية لدى الشعبين عن الآخر، ولأن
للسفير واجبات اجتماعية وثقافية وجزء من عمله علاقات عامة".
وأكد أنه
ولذلك فإن "اختيار السفير المصري للعمل بتل أبيب واختيار السفير الإسرائيلي
للقاهرة يجب التوقف عنده، خاصة وأنك أمام دولة تحتاج تطبيعا وتصر عليه بينما لم
يصل بعد حد التطبيع على النطاق الشعبي".
وأضاف السفير
السابق، أنه "رغم أن القضية الفلسطينية محل جدل ومطروحة للتفاوض بالأروقة
الدولية؛ فإن تعيين سفير الآن يأتي بوقت عصيب للغاية خاصة وإسرائيل مؤيدة من القوى
الأحادية بالعالم وتستولي على أراضي عربية بموقف خارج الشرعية والقانون الدولي
والضمير العالمي إن وجد".
ويرى أنه
"وبالتالي فإن السفير المعين سيكون عمله له حساسية كبيرة تشوب أداءه، فكيف
سيتحدث مع الأروقة والمنظمات والهيئات الثقافية والشعبية المصرية؟، وكيف يتحدث
باسم إسرائيل وهي تستولي على الأراضي العربية؟، فقط سيتحدث مع الخارجية المصرية
وهو يعلم أن من يتحدث إليه دبلوماسي يرفض سلوك إسرائيل".
"لا
تعليق"
وفي الوقت
الذي لم يرد فيه المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية على سؤال
"عربي21"، حول دلالة تعيين أورون، كأول سيدة سفيرة في القاهرة منذ
اتفاقية سلام "كامب ديفيد"، الآن؟، خلت الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية
المصرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أي تعليق على تعيين أورون، حتى كتابة
التقرير.
وأكد صحفيون
ونشطاء أن أورون، درست الحالة المصرية، حتى أن الصحفي أشرف أبو الهول، قال
بـ"فيسبوك": "الدبلوماسية التي ستعين رسميا سفيرة لإسرائيل تحفظ
حواري وشوارع القاهرة وتتكلم اللهجة المصرية".