قالت رئيسة المجلس الثوري المصري، الدكتورة مها عزام، إن "سقوط الحكم العسكري ورحيله عن مصر بات مسألة وقت، لأن العسكر أصبحوا مكشوفين للجميع في الداخل والخارج، ومنظومتهم المستبدة مستمرة في الاضمحلال".
ودعت، في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، جموع
الشعب المصري في الداخل والخارج إلى "العمل بكل قوة على رفض وإسقاط المنظومة الديكتاتورية
بأسرها، كي لا يستمر مسلسل دمار وخراب مصر أكثر من ذلك".
وحول توقع البعض
سقوط السيسي عقب انتهاء أزمة كورونا، أضافت: "ليست القضية الرئيسية هي موعد
سقوط الديكتاتور؛ فالأخطاء التي يرتكبها تراكمية، والثمن الذي يدفعه شعبنا نتيجة
لهذه الأخطاء باهظ للغاية. ولذلك مع كل فشل لسياساته، ومع كل خيانة يرتكبها بحق
الوطن، تتقلص فترة سطوته، ولكن بإمكانه أن ينجو ما دام حاجز الخوف لم ينكسر تماما
بعد، وما لم يتحرك شعبنا لإسقاطه وإسقاط منظومته"، لافتة إلى أن
"الأعداد المناهضة لمنظومته تتزايد، وفشله الذريع أصبح واضحا للجميع".
وأكدت أن
"السيسي مُتمسك بالسلطة من خلال الطغيان ومساندة القوى الإقليمية والدولية،
والتي يسخر مصر لخدمة مصالحها، ولكن بالرغم من هذا الدعم إلا أنه ومنظومته مفلسان
سياسيا واقتصاديا، ومثله مثل الديكتاتوريات التي سبقته - كما رأينا في شرق أوروبا-
فسيأتي يوم نرى فيه انهيار هيكل المنظومة بأسره سواء كان الانهيار أثر حدث كبير أو
صغير".
وواصلت رئيسة
المجلس الثوري حديثها، بالقول إن "ما يجب أن يشغلنا جميعا هو أن نتأكد من قدرتنا
على محو آثار عقود من الانحلال نتيجة الديكتاتورية في مصر، وأن نعمل جاهدين كي
تستطيع مصر حينها أن تقف على قدميها مرة أخرى".
ولفتت عزام إلى أن "المجلس الثوري وجميع القوى والحركات
الوطنية المخلصة سيستمرون في بذل قصارى جهدهم لتعجيل سقوط منظومة السيسي، ولكن
الشعب في الداخل هم الذين بإمكانهم تحديد وقت وكيفية إسقاط هذه المنظومة الطاغية".
وتعليقا على عدم
تدخل الجيش في جائحة كورونا، نوّهت عزام إلى أن "القوات المسلحة تعلم تماما أنها
فشلت في إدارة البلاد، وتريد أبعاد مؤسستها عن تلك الأزمة، حتى لا يتم محاسبتها على
فشل آخر. والقيادة العسكرية الحالية ليست مهتمة بإنقاذ حياة المصريين، ومد يد
المساعدة الإنسانية، وفتح أبواب مستشفياتها للمواطنين المدنيين. وحين يتحدثون أو
يهددون بالتدخل هم يشيرون إلى زيادة تحكمهم بالمواطنين وبالشارع المصري لمنع أي تعبير
شعبي عن الاستياء".
اقرأ أيضا: ستة أعوام من حكم السيسي.. أين وصلت مصر؟
ورأت أن التعديلات التي
تم إقرارها على قانون الطوارئ ومنحت الجيش حق الضبطية القضائية "لا تعكس
تفاعل المؤسسة العسكرية مع جائحة كورونا، بل أن الأزمة كانت ذريعة استغلها قائد
الانقلاب لترسيخ قبضته الأمنية؛ فالقانون يعطيه الصلاحية لاعتقال أي مواطن يخالف
هذا القانون ومحاسبته أمام المحاكم العسكرية، وسجن المواطنين لمدة 15 سنة دون حق
الاستئناف، وهذا امتداد لسلطة محاكم الطوارئ، والذي استخدمته المنظومة منذ إعادة
محاكم قانون الطوارئ في 2017 ضد المعارضين السياسيين السلميين".
كما أن تعديلات قانون
الطوارئ، وفق رئيسة المجلس الثوري، قد توسع من "رقعة صلاحية المحاكم العسكرية
لمحاكمة مدنيين في أي حالة تنتج عن تطبيق ضباط الأمن لأوامرهم أو في أي وقت يأمر
السيسي بذلك".
وأردفت عزام:
"مع الأسف سيواجه شعب مصر معاناة متزايدة على الصعيد الاقتصادي، حيث كان يعيش
60% من الشعب المصري تحت خط الفقر حسب المعيار الدولي (1.9 دولار في اليوم) قبل الأزمة،
نظرا للفساد والفشل الاقتصادي لمنظومة الانقلاب، واستيلاء الجيش على 60% من قيمة
الاقتصاد. ومع الانهيار الأكيد في الدخل القومي ستزداد نسبة الشعب التي ستغرق تحت
خط الفقر إلى حد كبير".
ولفتت رئيسة المجلس
الثوري إلى أن "مصر تعيش الآن تحت خط الفقر المائي، ومُهددة بأزمة مجاعة حتى
قبل مخاطر بناء سد النهضة الإثيوبي، نظرا لسوء إدارة العسكر على مدى العقود الستة
السابقة".
وتابعت: "بدء
ملء سد النهضة مطلع الشهر المقبل مع خطر فيضان منطقة الدلتا بمياه البحر المالحة،
نتيجة الاحتباس الحراري فيما بعد ذلك، ينبئان بانهيار الأمن الغذائي المصري، وتعرض
مصر مستقبلا لمخاطر دائمة من النقص الغذائي والمائي، بينما يركز الكيان الصهيوني
على تطوير وبناء محطات تحلية المياه بما يزيد عن احتياجاته بعدة أضعاف استعدادا
لتصدير المياه للعالم العربي مستقبلا".
واستطردت رئيسة
المجلس الثوري قائلة: "إذا لم يحدث تغييرا جذريا في مصر سيواجه الشعب مستقبلا
مليئا بالمخاطر الوجودية وأجيال تواجه فقرا متزايدا وخطيرا وهجرة متفاقمة سواء كان
ذلك بطرق شرعية أو غير شرعية".
واستدركت بالقول:
"هذا لا يعني أن مصر ليس لها مكانة استراتيجية هامة في المنطقة، ولكن نفوذ
مصر سيستمر في التقلص، لأن تحالفها مع الكيان الصهيوني وانسياقها وراء مصالح هذا الكيان
ومصالح دول الإمارات التي تنفذ أيضا أجندة الكيان أصبح واضحا الآن. فمن ناحية
سياسية هذا تطور مثير للقلق الشديد بالنسبة لاستقلالية مصر وتطورها في المستقبل،
كما نرى في تسخير ثرواتها الاستراتيجية في الغاز والمياه لصالح إثيوبيا والكيان
الصهيوني".
ولفتت إلى أنه "على
كلا الصعيدين، الاقتصادي والاستراتيجي، مصر تواجه حالة مؤلمة جدا، ناهيك عن البُعد
السياسي والقانوني (مع غياب سيادة القانون) والاجتماعي. وإذا نظرنا إلى الصعيد
السياسي نرى أن الشعب المصري يعيش تحت حصار من قبل المنظومة العسكرية وأذرعها
الأمنية، وهذا الحصار يجب أن تكسره الأغلبية المُحاصرة من خلال انتفاضات مُنظمة، وإضراب
عام في الوقت المناسب من أجل إنقاذ البلاد، والتأكيد على احترام حقوق الشعب".
وقالت: "على
الصعيد الحقوقي، الانتهاكات لن تقل خلال الفترة المقبلة، بل ستزداد ما دامت هذه
المنظومة مُسيطرة على الحكم؛ فليس عند هذه المنظومة أي تقبل لأي مساحة لأي قوى
معارضة حقيقية، كما شاهدنا منذ انتخابات المنظومة الانقلابية المزيفة، وظهور مهزلة
ما يسمى بالبرلمان الذي لا هدف له سوى خدمة الطاغية العسكري. إذن كل من يحاول أن
يجد حلا عبر المساومة سيجد أن كل جهودهم ستذهب سدى، كما رأينا منذ الانقلاب".
وأشارت عزام إلى أن
"المنظومة الحاكمة ومخابراتها سيستمرون في جهودهم لإضعاف وكسر المعارضة
الحقيقية لهم، ولذلك على كل من يعمل ويأمل بتغيير حقيقي أن يسعى لأن يبقى ثابتا، وأن
لا يكل من الإعداد والعمل الوطني الجاد والحقيقي".
واختتمت بقولها:
"لقد أتلفت عقود من الديكتاتورية النسيج المجتمعي والقاعدة الأخلاقية للمجتمع
المصري، ولكن شعاع الأمل الذي بزغ في 2011 وانتخابات 2012 الحرة والنزيهة، والتي أنتجت
أول رئيس مدني منتخب الرئيس د. محمد مرسي غيّرت المعادلة للأبد؛ فالعسكر مكشوفين
عن أي وقت مضى، والأمر ليس إلا مسألة وقت؛ فالمنظومة مستمرة في الاضمحلال ولا
تستطيع أن تقدم لشبابنا خارطة مقبولة لمستقبلهم، وستنهار في النهاية، لكن هدفنا
الأساسي الآن هو أن نستمر في رفضها ونعمل جميعا على إسقاطها".