عادت السخونة والمواجهات من جديد للشارع اللبناني موقعة جرحى وإصابات مع رجال الأمن، بالتزامن مع وصول الليرة اللبنانية لمستويات هبوط تاريخية أمام الدولار.
وامتدت الاحتجاجات والتظاهرات التي تواصلت على مدار اليومين الماضيين، من العاصمة بيروت حتى مدينة طرابلس في الشمال، وسط توقعات بمزيد انتشار إلى مدن أخرى ما لم تتخذ الحكومة والقوى المشكلة لها قرارات مصيرية وحاسمة في ما يخص الوضع الاقتصادي المتدهور .
وأدت المواجهات التي اندلعت خلال الليلتين الماضيتين بطرابلس وبيروت، إلى اعتداءات طالت محال تجارية وإغلاق طرق وشوارع فرعية ورئيسية وتدخلا من قوى الأمن والجيش.
وأعلنت غرفة عمليات جهاز الطوارئ والإغاثة اللبناني، السبت، أن الاشتباكات التي وقعت بين الجيش اللبناني ومتظاهرين في ساحة النور ومحيطها في طرابلس (شمال البلاد)، أدت إلى إصابة أكثر من 49 شخصا، ينهم 6 عسكريين بحالات اختناق وجروح ورضوض عديدة، وتم إسعافهم ميدانيا.
وفي وقت سابق من مساء الجمعة، كان الصليب
الأحمر اللبناني، قد أعلن عبر تويتر عن رفع عدد الفرق المستجيبة، إلى سبع في ساحة النور
في عاصمة الشمال اللبناني طرابلس، حيثُ نقل 9 جرحى إلى مستشفيات المدينة.
اقرأ أيضا: إصابات بمواجهات وسط بيروت وإحراق محال تجارية (فيديو)
وتوترت الأجواء في
ساحة النور، بعد وقوع صدامات بين محتجين وعناصر من الجيش، وفق ما نقلت "الأناضول".
ووصلت إلى المكان آليات عسكرية للجيش الذي
عزز انتشاره في المدينة، وسط انتشار المحتجين.
وفي وقت سابق الجمعة، حاول عدد من المحتجين
السيطرة على شاحنتين محملتين بالمواد الغذائية قرب سراي طرابلس (حكومي)، ما دفع الجيش
إلى إطلاق القنابل المسيلة للدموع والتصدي للمحتجين ومنعهم من السيطرة على الشاحنتين.
ووصلت إلى المكان
آليات عسكريّة تابعة للجيش اللبناني الذي عزّز انتشاره في المدينة، وسط انتشار المحتجين.
وشهدت بعض شوارع طرابلس أيضا أعمال شغب حيث أشعل عدد من المحتجين مستوعبات النفايات وقطع الطرقات بالاطارات.
وشهدت ساحة عبد الحميد كرامي في
المدينة بالتزامن اشتباكا بين المحتجين من جهة وعناصر الجيش وقوى الأمن الذين تعرضوا لرشق
بالحجارة وقنابل المولوتوف.
وأقدم عشرات الأشخاص، مساء الجمعة، على تحطيم وإحراق محال تجارية، في مبنى اللعازاريه، وسط العاصمة اللبنانية بيروت.
وتداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لقطات لإحراق شبان، عددا من المحال التجارية، التي قاموا بتحطيمها في محيط ساحة رياض الصلح، وسط بيروت.
وتأتي الاحتجاجات عقب تدهور غير مسبوق للاقتصاد
اللبناني، بعد أن فقدت الليرة حوالي 70 بالمئة من قيمتها، وتجاوز سعر صرف الدولار حاجز الـ5 آلاف ليرة في السوق السوداء.
وتأتي التطورات الميدانية بعد أن كلّف مجلس الوزراء اللبناني، في وقت سابق الجمعة، وزيرة العدل ماري كلود نجم، بالتحقيق في الهبوط غير المبرر لليرة أمام الدولار، "تمهيدا لإحالة ما ينتج عن التحقيقات إلى القضاء المختص".
الحريري: "التخريب" يستبق المظاهرات
وعلق رئيس الحكومة السابق سعد الحريري على "أعمال التخريب في بيروت، متهما من يقف وراءها بأنهم "لا يملكون ذرة من أهداف الثورة وقيمها. إنهم مجموعات مضللة تنجرف وراء مخطط ملعون يسعى إلى الفتنة ولمزيد من الانهيار".
وخاطب الحريري عبر حسابه بـ"تويتر" شباب وشابات الثورة، قائلا "هذه الهجمات هدفها تأليب الرأي العام ضد التحركات الشعبية واستباق الدعوات إلى التجمع والاعتصام (...) احذروا المتسللين الى صفوفكم والمتسلقين على مطالبكم".
كما خاطب الحكومة "لا تجبروا الناس على حماية أملاكهم وأرزاقهم بأنفسهم. المسؤولية عندكم من أعلى الهرم الى أدناه ونحن لن نقف متفرجين على تخريب العاصمة".
تراجع عن إقالة سلامة
وكشفت صحيفة الجمهورية اللبنانية، السبت، تفاصيل جلسة حكومية انعقدت في السراي الحكومي ببيروت بحضور حاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف اللبنانية للبحث بالوضع المالي والانخفاض القياسي للعملة الوطنية أمام الدولار.
ونقلت عن مصادر خاصة أن "إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة كانت فكرة جدية طرحت، ليل الخميس، في السرايا الحكومية. وكان رئيس الحكومة حسان دياب متحمسا لها، وعلى هذا الأساس قرّر عقد جلستين لمجلس الوزراء يوم أمس الجمعة".
وأضاف المصدر: "إلا أن دياب تراجع عن ذلك، بعد دعوة من بعض المستويات الرئاسية إلى التروي وعدم التسرع في اتخاذ أي قرار أو الإقدام على أي خطوة غير مدروسة من شأنها أن تترك مفاعيل سلبية على الواقع المالي في لبنان، وتحقق ما يريده مفتعلو أزمة الدولار. فضلا عن أنها تزيد من تدهور الوضع بدل معالجته".
وأعلن رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، الاتفاق على تخفيض قيمة الدولار مقابل الليرة اللبنانية ابتداء من الجمعة إلى 3200 ليرة لبنانية.
وانتشرت دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي
تدعو إلى التجمع، السبت، أمام وزارة المالية في بيروت والتوجّه من بعدها إلى ساحة
رياض الصلح وسط العاصمة، رفضًا لسياسات الحكومة.
ومنذ 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019، يشهد لبنان احتجاجات شعبية ترفع مطالب اقتصادية وسياسية، أجبرت حكومة سعد الحريري على الاستقالة في 29 من الشهر نفسه، وحلت محلها حكومة حسان دياب في 11 شباط/فبراير الماضي.