نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا لمدير أبحاث السياسات الخارجية في معهد "بروكنغز"، مايكل أوهانلون، حول الانتخابات المقبلة وفرص فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن فيها، وما يمكنه التعلم من انتخابات عام 2004، ذات السياق المتشابه، بحسبه.
وأكد الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21" أن الأوضاع الاقتصادية السيئة تضر بفرص إعادة انتخاب رئيس للدورة الثانية، وهو في هذه الحالة الجمهوري دونالد ترامب، ولكن ماذا عن أزمات الأمن القومي أو السلامة الأمريكية؟
وأوضح "أوهانلون" أن جائحة فيروس كورونا المستجد "غير مسبوقة بأشكال كثيرة كما هي رئاسة ترامب نفسها، إلا أنه قد يكون هناك دروس تاريخية من ظروف أخرى".
وأضاف أن ما يفكر به هو سياق تاريخي محدد: التجربة الأمريكية في العراق التي سبقت المنافسة الانتخابية عام 2004 بين جورج بوش الابن، الذي كان يسعى لكسب دورة رئاسية ثانية، والديمقراطي جون كيري، حيث نجد فيها تحذيرا لأولئك الذين يفترضون أن الأخطاء العديدة التي ارتكبها الرئيس ترامب خلال أزمة كورونا ستجعله هو المتنافس الأضعف الخريف المقبل.
وتابع أن نتائج السباق كانت متقاربة جدا في ربيع عام 2004، وظهر المنافس كيري في استطلاعات الرأي متفوقا على الرئيس حينها، ومع ذلك فاز بوش في المحصلة بحوالي ثلاثة ملايين صوت، وحصد 286 دائرة انتخابية مقابل 251.
ولم يكن الاقتصاد وقتها في حالة انهيار كما هو اليوم، ولكن كانت أهم قضايا الأمن والسلامة القومية، المترتبة على حرب العراق، في وضع سيئ وتسير نحو الأسوأ.
فبعد الإطاحة بصدام حسين في أوائل نيسان/ أبريل 2003 وخطاب الرئيس بوش بعنوان "تمت المهمة"، من على متن حاملة الطائرات أبراهام لنكولن في 1 أيار/ مايو، انزلقت الأمور في العراق نحو الأسوأ خلال الأشهر المؤدية إلى يوم الانتخابات.
ومع حلول صيف 2003 كان قد أصبح من الواضح أن المقاومة في العراق لم تكن مجرد ما وصفه وزير الدفاع دونالد رامسفيلد: "بقايا الدائرة المقربة من صدام حسين، وسيتم القبض عليهم في أقرب فرصة".
ووقع أول تفجير سيارة مفخخة في شهر آب/ أغسطس متسببا بقتل رجل دين بارز والممثل الخاص للأمم المتحدة في العراق، سيرجيو فييريا دي ميلو. وبقيت أعداد الضحايا في صفوف الجيش الأمريكي ما بين 20 إلى 40 عسكريا في الشهر، وأدرك الجميع أن توقعات إدارة بوش المبكرة بأن معظم الجنود الأمريكيين سيعودون كانت مجرد أحلام، بحسب الكاتب.
ومع وصول العام إلى نهايته ارتفعت معدلات الخسائر في الأرواح بين الجنود الأمريكيين إلى أكثر من 40 في الشهر، حتى بعد اعتقال صدام حسين.
ثم جاء عام 2004 بأحداثه الجسام، وكانت اللحظة التي أصبحت عنوانا لذلك العام في نيسان/ أبريل خلال معارك الفلوجة والرمادي، وهو شهر فقد الأمريكيون خلاله 131 جنديا، إضافة إلى مقتل أربعة مقاولين وتقطيع أوصالهم أمام العالم كله. وبقيت معدلات الخسائر في الأرواح بين الجنود الأمريكيين خلال ذلك العام وحتى يوم الانتخابات تتراوح بين 50 إلى 70 وأحيانا أكثر في الشهر.
اقرأ أيضا: هذا القرار سيحدد مصير حملة بايدن الرئاسية أمام ترامب
وتضاعف حجم المقاومة المقدر، كما سجل في جداول معهد "بروكنغز" فيما يسمى "مؤشر العراق"، أربع مرات ليصل إلى 20 ألف مقاتل خلال العام – مع أن أحدا لم يكن يعرف الأعداد الحقيقية.
وبعد تراجع عدد الجنود الأمريكيين في العراق خلال ذلك العام بشكل قليل إلى 122 ألف جندي من حوالي 150 ألف جندي في ربيع عام 2003، عاد إلى 140 ألف جندي عام 2004.
وانتهى احتلال العراق الذي قادته أمريكا وصادقت عليه الأمم المتحدة في حزيران/ يونيو 2004. ولكن ذلك لم يعكس أي شعور بـ "التحرير" بين العراقيين على الاستقرار في الأشهر التي أعقبت ذلك.
ومع ذلك فاز الرئيس بوش بالانتخابات. وفعل ذلك بعد 18 شهرا من الأخبار السيئة لحرب "اختيارية" بدأت بتحضيرات قليلة لاحتمال الفوضى والعنف بعد الإطاحة بصدام حسين.
ويتساءل الكاتب بعد هذا العرض التاريخي، لماذا فاز بوش بتلك الانتخابات وما الذي يمكننا أن نتعلمه من ذلك؟
ويوضح أولا فشل جميع مساعي إدارة بوش حتى ذلك الوقت إلا أنه لم يغسل يديه من العراق. وتم تطوير نظريات جديدة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أو على الأقل التقليل من التورط الأمريكي بالنظر إلى الأمام. وحتى إن كنا قد عرفنا بحلول ذلك الوقت أن العراق لم تكن لديه أسلحة دمار شامل أو أي علاقة واضحة بأحداث 11 أيلول/ سبتمبر، فقد بررت الإدارة الغزو كجزء من أجندة نشر الديمقراطية والحرية.
ولم يكن البلد العربي خاليا تماما من المؤشرات الواعدة التي يمكن التركيز عليها خلال الحملات الانتخابية. فقد عاد توليد الكهرباء إلى المستوى الذي كان عليه قبل الحرب وعاد تدفق النفط إلى مستويات معقولة أيضا. وحددت مواعيد ثلاثة انتخابات في 2005، لإنشاء حكومة مؤقتة والثاني للتصويت على دستور جديد والثالث لانتخاب حكومة دائمة.
وويضيف الكاتب أن جون كيري كان بمقدوره التعامل مع ملف العراق بشكل مختلف تماما لو كان رئيسا عامي 2003 و2004. ولكن لم يكن ذلك هو المطروح أمام الناخب في تشرين ثاني/ نوفمبر 2004 بالضبط كما أن ما كان يمكن لبايدن أن يفعله حتى الآن بشأن "كوفيد-19" ليس هو السؤال الرئيسي أمام الناخب في تشرين ثاني/ نوفمبر.
ويوضح أن النقاش حول الماضي جزء مقبول في اللعبة السياسية، ولكنه قليلا ما يكون حاسما وسط أزمة. وما يريد الأمريكيون معرفته هو الخطط المستقبلية، وليس كلاما كثيرا عن الأخطاء التي ارتكبت. وأفكار كيري حول الطريق إلى الأمام في العراق أواخر عام 2004 لم تكن تختلف كثيرا عن أفكار بوش.
ومع يوم الانتخابات تم تصوير كيري على أنه "متقلب"، وشكك فريق بوش بكفاءات خصمه القيادية ليتمكن من أخذ العراق إلى اتجاه أفضل عام 2005.
ويتساءل الكاتب: ما الذي يجب أن يتعلمه فريق بايدن من تلك المقارنة التاريخية في 2020؟ ويجيب أن هنالك على الأقل أمرا واحدا واضحا: يكمن ذلك في اختيار مرشحه لنائب الرئيس.
ويوضح أن على بايدن أن يقدم كيف يمكن لشريكه أن يساعده على تطوير وتأطير، وفي المحصلة القيام بخطة شاملة متطلعة إلى المستقبل لمواجهة التهديدات الرئيسية التي تواجه البلد اليوم.
NYT: أزمة فلويد تجاوزت حدود أمريكا.. العالم يتابع برعب وأمل
NYT: حلفاء ترامب "المحاصر داخليا" يتخلون عنه
هل تكون العنصرية بأمريكا سببا يوصل بايدن إلى الرئاسة؟