جاء الإعلان عن موعد انتخابات مجلس الشيوخ
بمصر مؤخرا ليجدد الكثير من المخاوف المتعلقة بهذا المجلس والذي كان تحت مسمى الشورى
إبان حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، حيث تم
استخدامه ككيان للمجاملات وإصباغ الحماية والحصانة على الفاسدين والداعمين للسلطة
وهو ما دفع إلى إلغائه في دساتير ما بعد ثورة يناير، ولكنه عاد عبر بوابة التعديلات
الدستورية الأخيرة.
وأكد عدد من السياسيين على هذه المخاوف
عبر تصريحاتهم لـ"عربي٢١" مستغربين الإصرار على عودة هذا الكيان مرة أخرى،
رغم إلغائه في دستور ٢٠١٤ أو ما يسمي بدستور السيسي، باعتباره بوابة خلفية للمجاملة
والتستر على الفاسدين.
وحددت الهيئة الوطنية للانتخابات مؤخرا
يومي 9 و 10 آب/ أغسطس المقبل موعدا لانتخابات
مجلس الشيوخ في الخارج، ويومي 11 و12 من نفس الشهر لإجراء الانتخابات في الداخل، وتكون
الإعادة يومي الأحد والإثتين 6 و7 سبتمبر وفي الداخل 8 و 9 سبتمبر.
كما تم الإعلان عن بدء تلقي طلبات الترشح
لمجلس الشيوخ في 11 تموز/ يوليو الجاري.
وسبق ذلك تصديق قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي على القانون
الخاص بهذا المجلس، حيث يتم انتخاب ثلثي أعضائه ويتم تعيين الثلث الآخر.
"مجلس المجاملة وحماية الفساد"
وفي تعليقه قال رئيس الحزب البديل الحضاري عضو المجلس الثوري أحمد عبد الجواد: "يجب
التذكير بأنه منذ ست سنوات قام الانقلاب العسكري بحل مجلس الشورى بدعوى فقدان أهميته
وغياب دوره وإرهاقه لخزينة الدولة، وهو الأمر الذي تضمنه دستور 2014، وبعد هذه السنوات
ها هو الانقلاب يعيد مجلس الشورى وهو الغرفة البرلمانية الثانية، بعد التعديلات التي
أدخلها ائتلاف دعم مصر صاحب الأغلبية في البرلمان والموالي للسيسي، ضمن حزمة تعديلات
سمحت للسيسي البقاء في السلطة حتى عام 2034، وبالتالي فنحن أمام منظومة انقلابية لا
تحترم شيئا حتى الدستور الموضوع بمعرفتهم وتحت أعينهم".
و أضاف في حديثه لـ"عربي٢١":
"يهدف السيسي من هذه الخطوة إلى إرضاء الشخصيات التي دعمت وما زالت تدعمه من العائلات
الكبيرة، وكذلك تسكين لواءات الجيش المحالين للتقاعد، بغرض إحكام قبضة العسكر خاصة
في مجال الإعلام، وحقوق الإنسان، وتقنين القوانين الداعمة للاستبداد، وبالمطلق فإن
مجلس النواب ومجلس الشيوخ في عهد السيسي ليس لهما مهمة إلا تقنين الجرائم التي ارتكبها
ويرتكبها بحق مصر، وبالتأكيد لاتوجد ثمة ضمانات تضمن عدم المجاملة وشراء الذمم والمواقف،
فالمنظومة الانقلابية العسكرية انتقلت من مرحلة حماية الفساد إلى إدارته ورعايتة بل
وتقنينه".
"تخبط دستوري ونيابي"
وأبدى البرلماني السابق عبدالحميد أحمد
استغرابه من هذا التحول؛ وذلك من إدانة لهذه الغرفة واعتبارها عبئا تشريعيا وماليا،
إلى النقيض تماما واعتباره شيئا مهما وإضافة للحياة البرلمانية، واصفا ذلك "بالتخبط
الدستوري والنيابي، ويعد انقلابا على الدساتير التي جاءت بعد ثورة يناير بما فيها دستور
٢٠١٤ أي دستور السيسي، ولم يكن هذا هو الانقلاب الوحيد، فما تم بشأن مجلس الشيوخ جاء
في إطار حزمة من التعديلات، كان ضمنها هذا المجلس وتمديد فترة رئاسة السيسي وغيرها
من المواد الأخرى".
وأضاف في حديثه لـ"عربي٢١": "من
المؤكد أن هذا المجلس لن يضيف جديدا وإلا كان حدث هذا مع الغرفة الأم والرئيسية وهي
مجلس النواب الذي لم يقدم جديدا، بل هو مجرد أداة وآلية لتفعيل وتقنين كل ما يراه السيسي
ونظامه، ولم يقدم شيئا للشعب الذي جاء من أجله،
بل شرع قوانين تثقل كاهله بدلا من محاسبة الحكومة على أدائها، وبالمثل سيكون المجلس
الجديد، بل ربما أكثر سوءا لأنه سيكون بابا خلفيا للفساد، من حيث منح الفاسدين والداعمين للسلطة الحصانة البرلمانية لحمايتهم، خاصة أن ثلث هذا المجلس سيكون بالتعيين".
"مجرد ديكور"
من جانبه أكد استاذ العلوم السياسية رفعت
سيد أحمد أن هذا المجلس إذا لم يكن محدد الوظائف وله اختصاصات تشريعية واضحة وله دور
مؤثر في الحياة السياسية، فإنه سيكون تحصيل حاصل ومجرد ديكور ويعيد إنتاج مجلس الشورى
في فترة حكم مبارك، والذي تم إلغاؤه لاحقا، وطالما تم التوافق على التعديلات الدستورية
بشأن الغرفة الثانية، فيجب أن تكون هناك أسباب مقنعة لهذه العودة وليس مجرد ديكور أو
أعباء مالية جديدة".
وطالب رفعت في حديثه لـ"عربي٢١"
بضرورة حسن اختيار الأعضاء الممثلين في هذه الغرفة، سواء في قوائم الترشح أو في قوائم
التعيين، ووضع مواصفات ومعايير تطبق بدقة،
منها الخبرة والكفاءة السياسية والعلمية، لأنه يقال عنه أن أعضاء مجلس شيوخ
سيكونون أصحاب خبرات، وإذا لم تطبق هذه المعايير فسوف نكون تمام اختيارات لا تتوفر
فيها الشفافية، ونعود مرة أخرى للمجاملة واختيار المقربين للوجاهة والحصانة وفقط".