نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية تقريرا
سلطت فيه الضوء على عقد رئيس الوزراء العراقي العزم على محاربة الميليشيات النافذة
في البلاد.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إن رئيس الوزراء الجديد يرغب في كبح جماح نفوذ التشكيلات شبه
العسكرية القوية المؤيدة لإيران. وعلى إثر اغتيال هشام الهاشمي، البالغ من العمر
47 عامًا، المتخصص في الجماعات المسلحة العديدة
الموجودة في العراق، خارج منزله في العاصمة على يد ثلاثة رجال يركبون دراجة نارية
وفي الوقت الذي تعددت فيه رسائل التضامن والتعاطف، أشاد مصطفى الكاظمي
"الواقع تحت تأثير الصدمة" بصديقه الذي وقعت تصفيته على يد
"جبناء".
يمثل اغتيال الهاشمي أيضاً رسالة موجهة إلى رئيس
الحكومة الذي دخل في مواجهة محفوفة بالمخاطر مع الميليشيات النافذة المؤيدة
لإيران، التي تمثل دولة حقيقية داخل الدولة، والتي يندد بها هشام الهاشمي بانتظام.
وفي الليلة الفاصلة بين يومي 25 و26 حزيران / يونيو، بعد شهر ونصف فقط من تعيين
الكاظمي رئيسًا للحكومة، عقب اتفاق سياسي محلي بين إيران والولايات المتحدة،
وللمرة الأولى، ألقت وحدة النخبة التابعة لقوات العمليات الخاصة لمكافحة الإرهاب، القبض على 14 من عناصر
ميليشيا حزب الله، الفصيل الموالي لإيران الأكثر تطرفا في العراق، والذي يمتلك
العديد من منصات إطلاق الصواريخ.
وتسمح هذه المنصات بضرب أهداف أمريكية بانتظام
في العراق. ولكن، بعد أربعة أيام، "ولعدم كفاية الأدلة"، أُطلق سراح
جميع رجال الميليشيا، باستثناء واحد فقط "مطلوب" لدى الحكومة العراقية
وهو "متخصص لبناني أو إيراني في إطلاق الصواريخ"، وفقا لمعلومات
الصحيفة. على عكس أسلافه، تجرأ الكاظمي، رئيس المخابرات السابق، على القيام بخطوة
حاسمة. ويعتبر خبير غربي في بغداد أن "المواجهة مع الميليشيات أمر لا مفر
منه. ويقع التعامل مع قوات إيرانية، مسلحة ويقودها إيرانيون، بأجندة إيرانية لا
يخفونها حتى".
ضرب مصادر الدخل
وبينت الصحيفة أنه بعد أن سئموا من
التدخل الإيراني في شؤونهم، يرحب معظم العراقيين بمعركة رئيس الوزراء ضد
الميليشيات. لكن يطرح الجميع السؤال ذاته: هل يمكن أن يكون لمصطفى الكاظمي الوسائل
اللازمة لكسب حرب النفوذ الضارية؟
منذ تعيينه، بدأ الكاظمي بإحداث
تغييرات في هرم الأجهزة الأمنية. وفي قيادة مجلس الأمن القومي الذي حوله إلى قاعدة
قبلية، تراجعت رتبة فالح الفياض إلى رتبة زعيم الحشد الشعبي. واستُبدل بقاسم
الأعرجي، المقرب من تنظيم البدر الشيعي. وأضاف الخبير الغربي أن "عسكريين بارزين
آخرين عينهم سلفه عادل عبد المهدي وقع إما تعيينهم في وظائف ثانوية أو إعفاؤهم من
مهامهم".
اقرأ أيضا: الصدر يدين اغتيال الهاشمي وكتائب حزب الله تصدر بيانا
تطرقت الصحيفة إلى أن رئيس الحكومة،
الذي لا يملك حزبا سياسيا يدعمه، وهي سابقة من نوعها منذ سقوط نظام صدام حسين في سنة
2003، يحتاج إلى الحصول على أداة لتعزيز سلطته بشكل عاجل.
وعلى الرغم من ولائها،
إلا أن وحدات قوات العمليات الخاصة العراقية لا تعد سوى 16 ألف عنصرا في مواجهة
المؤيدين لإيران، الذين يبلغ عددهم على الأقل ضعف هذا الرقم. وبين المصدر ذاته أنه
"لا يمكن للكاظمي نشر رجال قوات العمليات الخاصة ضد تنظيم الدولة للحفاظ على
الأمن ومواجهة الميليشيات. ولدعم هذه القوات، يسعى إلى ضم قطاعات مهنية من
الجيش".
بعد ساعات من اغتيال الهاشمي، أقال
رئيس الوزراء أحد قادة شرطة بغداد. ولكن، إذا تعذرت مواجهتها بشكل مباشر، يعتزم
رئيس الحكومة ضرب مصادر دخل الميليشيات. ويتمثل الهدف من ذلك في استعادة السيطرة
على المعابر التي تشرف عليها الميليشيات بين العراق وجيرانه، بدءا من عشرات
المعابر الحدودية غير القانونية مع إيران، ثم المعابر مع سوريا.
ولدى هذه القوات شبه العسكرية التي
أجبرت على التمويل الذاتي منذ أن قطعت إيران مساعدتها المالية عنها، الكثير من
مصادر الدخل. وقال نائب في البرلمان العراقي، طلب عدم الكشف عن هويته، إنه
"سنويا، تحصل هذه الجماعات المسلحة على ما سبعة وثمانية مليار دولار من تهريب
المخدرات والسلع والأسلحة. إن محاربتها صعبة للغاية". وأضاف أن "العراق
أصبح مصدر دخل لكامل محور المقاومة الموالية لإيران خاصة حزب الله اللبناني".
مصالحة زائفة
ذكرت الصحيفة أن الكاظمي يعتزم استبدال
ما لا يقل عن ستة آلاف مسؤول. يوم الاثنين، أعفى رئيس الهيئة الإعلامية. كما طالت
الإعفاءات موظفين في الطيران المدني وفي المعاشات التقاعدية فضلا عن رئيس مصرف
الرشيد، المتورط في الفساد المتفشي في العراق.
هل سيحظى الكاظمي بدعم سياسي في
البرلمان لتحقيق أهدافه؟ ردا على ذلك، قال النائب: "على الرغم من الفيروس
والأضرار الناجمة عنه وهبوط أسعار النفط الذي يضعف إيرادات الدولة، إلا أن رئيس
الوزراء يحظى ببعض الشعبية". كما يحظى أيضا بدعم رئيس الجمهورية، برهم صالح،
وحزبه الكردي، والزعيم الشيعي عمار الحكيم، ورئيس الوزراء السابق حيدر العبادي
وحتى الزعيم الشيعي مقتدى الصدر. ويتجمع خصومه حول ائتلاف الفتح البرلماني ورئيس
الوزراء السابق نوري المالكي وإياد علاوي.
في مواجهة التهديدات الصريحة لأعدائه،
يحاول الكاظمي "الآن تهدئة اللعبة سياسياً"، وفقا لتحليل أحد
الدبلوماسيين. يبحث رئيس الوزراء أيضا عن الدعم الأجنبي، الذي سيحظى به من طرف جان
إيف لو دريان في منتصف شهر تموز / يوليو، عند زيارته لبغداد. وستفعل الولايات
المتحدة الأمر ذاته مع الزيارة القادمة لرئيس الحكومة العراقية إلى واشنطن.
ولكن في انتظار ذلك، بدأت مصالحة زائفة
بالتشكل. حسب النائب، "باعتباره رئيسا للمخابرات، لدى الكاظمي معلومات عديدة،
ويدرك أعداؤه أنهم هدفه، ولكن من خلال ضغوطاتهم، أظهروا قدرتهم على إلحاق
الضرر". يعرف المحور المؤيد لإيران أنه يلعب ورقة بقائه. وتكاد تكون هذه المصالحة
الزائفة مؤقتة.
قضاء العراق يبرئ رافع العيساوي من تهم "الإرهاب"
الخزعلي يحذر الكاظمي بعد القبض على عناصر من "الحشد"
الكاظمي يقر بضغوط و"بمحاولات تشويش" ضده.. ويتحدى