صحافة إسرائيلية

صحيفة عبرية: "كورونا" كشفت فشل الساسة والبيروقراطية بإسرائيل

نتنياهو أطاع في البداية تحذيرات وزارة الصحة، لكنه تحت ضغط متزايد تحول لتوصيات وزارتي المالية والتعليم- جيتي

طالب كاتب إسرائيلي بتغيير العمل في مؤسسات الدولة بعدما أثبتت مواجهة وباء كورونا وجود "سياسة فاشلة وبيروقراطية متخلفة بإسرائيل"، وقال إن هذا المطلب بات "ضرورة وجودية".

 

وأضاف ران بيرتس في مقاله المطول على صحيفة "مكور ريشون" اليمينية، ترجمته "عربي21" أن "كورونا كشفت عن التدهور الشديد بقدرة ورغبة السياسيين في إدارة البيروقراطية الخاضعة ظاهريا لهم، فعلى مدى أشهر كانوا غير راضين عن أداء كبار المسؤولين في وزارة الصحة، وبدلا من استبدالهم بسبب عدم رغبتهم أو قدرتهم على تنفيذ المبادئ التوجيهية الحكومية، حاول السياسيون القيام بتجاوز بعد تجاوز".

 

وتابع: "تبين لاحقا أن قادتنا متشبثون بالبيروقراطية، لدرجة أنهم يفضلون تعريض الإسرائيليين لمخاطر الوباء، بدلا من استبدال من فشلوا في تنفيذ السياسة".

 

وأظهرت الكورونا، وفقا للكاتب، أن أحد أسباب الضعف الحكومي الإسرائيلي أنه لا توجد سياسة ثابتة، بل تتحرك بين الضغوط المختلفة لباقي اللاعبين في المشهد، وقال: "ربما تكون هذه المصالح متوازنة بشكل روتيني، ولكن في مواجهة أزمة خطيرة مثل كورونا فما ينبغي أن يتم ذلك".

 

اقرأ أيضا: كورونا يربك جيش الاحتلال.. زيادة بالإصابات وإلغاء تدريبات

وأوضح أن "نتنياهو أطاع في البداية تحذيرات وزارة الصحة، لكنه تحت ضغط متزايد تحول لتوصيات وزارتي المالية والتعليم، وهذا التردد محكوم عليه بالفشل، لأنه ليس سياسة، بل معاداة للسياسة، لأنه خضوع لتوصيات متفرقة من المسؤولين والوزراء الذين ينظرون للأحداث من مصالح ضيقة، رغم أن المسؤولية الكاملة عن تفشي الوباء تقع على عاتق رئيس الوزراء".

 

وبحسب الكاتب، فإن وباء كورونا شكل فرصة لاختبار الادعاءات التي تقول إن المسؤولين الإسرائيليين هم "محترفون وخبراء ويستحقون السلطة"، لكن مع مرور الوقت سرعان ما أصبح واضحا أن هذه العناوين والألقاب كانت "غطاء فارغا"، لأنها "عرّضتنا على الفور لمزيد من الأخطاء، بسبب الافتقار الصارخ للشفافية، والسياسات المخزية، ولو فحصنا الوعود والتقييمات التي قدموها للإسرائيليين فإن النتائج ستأتي محرجة".

 

وأكد على أن "نتيجة الأداء الإسرائيلي تجاه كورونا ستكون فشلا بعد فشل في جميع الوزارات: الأمن والتعليم والمالية، وبالطبع الصحة، التي فشلت بأبسط مسؤولياتها الأساسية، تزامنا مع الاعتقاد السائد بأنه من الناحية العملية تعد الاختبارات وسيلة جزئية للسيطرة على الوباء، لأن العدوى بدون أعراض عالية، ودقة الاختبارات والتحقيقات محدودة، والفيروس قد ينتشر بمعدل سريع للغاية، لذلك لا ينبغي الاعتماد فقط على الاختبارات".

 

وأضاف أن "النموذج الألماني الناجح في مواجهة الوباء كشف أن الاختبارات أداة مفيدة، وليست حلاً، حتى إن خصوم نتنياهو السياسيين حاولوا المزاودة عليه من خلال الوباء بإصدار وعود مثل "اهزم الفيروس"، لكن هذه التصريحات ليس لديها أساس مهني، لأنه لا توجد حلول، ولا هزائم، ولا انتصارات، العالم كله يواجه الوباء، الحذر والتواضع أمران مهمان".

 

اقرأ أيضا: صحيفة إسرائيلية: وصلنا لنقطة اللاعودة مع تفشي "كورونا"
 

وأكد أن "القيادة الإسرائيلية في مواجهة الوباء مطالبة باتخاذ الإجراءات العملية، وليس توزيع الشيكات غير المغطاة، وبث الآمال الكاذبة، رداً على آلام الأزمة الاقتصادية، والخلاصة أنه ليس لدى الحكومة الإسرائيلية سياسة متسقة، بل تتراوح بين ضغوط الفاعلين السياسيين، والنتيجة أن جميع الإسرائيليين يواجهون أزمة اقتصادية كبرى اليوم، لأنهم تضرروا ماليا، وهناك حد لمساعدة الدولة".

 

وأشار إلى أن "أزمة الإسرائيليين واسعة للغاية، فهم يعانون من خسارة كبيرة في الإيرادات، وأصبحوا تحت تأثير مشاكل صحية واقتصادية، سترافقهم في المستقبل القريب، وتزداد الخطورة مع المؤسسات الإسرائيلية البيروقراطية، وأدائها المتواضع، وسياستها المتسرعة، لذلك لا يوجد حل إلا بالحفاظ على المسافة والحذر الصارم، لا تفتيش ولا تحقيقات ولا اعتقالات ولا غرامات ولا إغلاق ولا قيود".

 

وأوضح أن "هذه وسائل صعبة ومؤلمة، وتحمل الكثير من الأثمان، لكن لا يوجد خيار: يجب أن نكون حذرين ودقيقين، وتجنب التجمعات، ونعامل أنفسنا كناقلين محتملين للوباء، ونحافظ على الإرشادات، والحقيقة تقول إنه بدل أن تصمد إسرائيل أمام الاختبار، فقد أثبتت عجزها عن التعامل مع الأزمات الحقيقية، التي تتطلب إدارة المخاطر، وتطوير وتنفيذ سياسة مستنيرة ومتسقة، وتفكير طويل الأمد".

 

وختم بالقول إن "كورونا كشف أزمة مستعصية في المستويات السياسية والمهنية لإسرائيل، وافتقارا للشفافية، وتمسكا بالمصالح الضيقة وغير المهنية، ما يتطلب تغييرا بعمل الدولة، يتضمن نقل المزيد من المسؤولية للمجتمع المدني، وإصلاحا جذريا للخدمة العامة، هذه حاجة وطنية وجودية، ما يتطلب قدرا كبيرا من الصدق والتواضع، وخروج جيل من القادة غير الحاليين، على أمل أن تكون هذه إحدى إيجابيات الجائحة اللعينة".