ينتظر اللبنانيون بشغف وفاء بعض الدول العربية وخاصة الخليجية بوعودها الخاصة بتقديم مساعدات عاجلة للحد من الانهيار المالي والاقتصادي لبلدهم.
وتتفاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان، يوما بعد آخر، مع انهيار العملة المحلية (الليرة) مقابل الدولار، وغلاء جنوني، وتذبذب في وفرة السيولة وضعف وفرة السلع الأساسية، وأبرزها الطاقة، بسبب عدم توفر النقد الأجنبي.
ما يزيد الثقل على كاهل اللبنانيين، أنه لم تقدم الدول العربية حتى الآن، وخصوصا الخليجية منها، أي مبادرة حقيقية لمعالجة الأزمة أو حتى تخفيف وطأتها على المواطنين، باستثناء مبادرات من السعودية والإمارات، تمثلت بتوزيع حصص غذائية على بعض الفقراء.
يعاني لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975- 1990)، ما فجر احتجاجات شعبية، ترفع مطالب سياسية واقتصادية، أجبرت حكومة سعد الحريري (مدعوم من السعودية) على الاستقالة.
ويطالب المحتجون برحيل الطبقة السياسية، التي يحملونها مسؤولية "الفساد المستشري" في مؤسسات الدولة، والذي يرونه السبب الأساسي للانهيار المالي والاقتصادي.
ضمن جهود السلطات لإيجاد حلول تضع حدا للانهيار، أوفدت الرئاسة اللبنانية المدير العام للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، إلى الكويت، في 12 يوليو/ تموز الجاري، لطلب المساعدة.
وقال إبراهيم، في تصريح صحفي من الكويت، إن "الزيارة تستهدف مناقشة الأفكار المشتركة التي تساعد لبنان في الخروج من الأزمة الاقتصادية التي يعيشها، ونحن نعلم أن الكويت على مدى التاريخ لم تقصر".
وأضاف: "الكويت، كما ذكر رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد في اللقاء، تقف دائما إلى جانب لبنان في الأزمات، ونحن نجد في الكويت ملجأ للإعراب عن همومنا وقلقنا على مستقبلنا، ومستقبل لبنان واستقراره".
وذكرت وسائل إعلامية لبنانية، أن إبراهيم زار سلطنة عمان وقطر قبل زيارته الكويت، وأنه قد ينتج عن زيارته الدوحة تقديم مساعدات لبيروت لمنع الانهيار التام.
ويرفض مكتب اللواء إبراهيم، حتى الآن، ذكر أي تفاصيل عن زياراته إلى دول خليجية.
وعود خليجية
وقالت مصادر دبلوماسية على صلة بسفراء عرب، للأناضول، إن اللواء إبراهيم زار قطر وسلطنة عمان والكويت، والقطريون وعدوا بتقديم مساعدات للبنان، كما عمان والكويت.
ورجحت مصادر، طلبت عدم نشر أسمائها، أن المساعدات المالية والهبات مستبعدة.. "قد تكون مساعدات لقطاعات في لبنان.. وهناك من يعمل على هذا الموضوع في بيروت والدوحة وعمان على ضائقتهم الاقتصادية ومستعدون للمساعدة".
وبشأن موقف الرياض حيال دعم الدوحة المحتمل، رأت المصادر أنه لا يمكن تقدير موقف المملكة من الدعم القطري، "والسعوديون أعطوا لبنان إشارات أكثر من مرة على أنهم غير مستعدين للشراكة أو لتقديم أي مساعدة".
واستطردت المصادر: "هناك محاولة جديدة من الحكومة اللبنانية مع السعودية.. اللواء إبراهيم طلب الذهاب إلى الرياض".
شرط سعودي
عقب عودة اللواء إبراهيم من الكويت، توجه إلى سفارة السعودية في بيروت، مساء الأربعاء، والتقى سفيرها وليد البخاري، لبحث سبل مساعدة لبنان اقتصاديا.
وقال إبراهيم، في تصريح متلفز بعد اللقاء، إن "لبنان يعتبر السعودية مفتاح الدول العربية، وننظر إليها كشقيق أكبر، وقد أخبرت السفير ظروف الجولات التي قمت بها، وأجواء الزيارات إيجابية".
وقال رئيس تحرير جريدة "اللواء" اللبنانية صلاح سلام، إن "الموقف السعودي ليس منسجما أصلا مع الوضع الحالي ومع السلطة الحالية، وبالتالي لن يكون هناك شيء جديد".
وثمة اتهام لحكومة دياب، تنفي صحته، وهي أنها خاضعة لهيمنة جماعة "حزب الله"، حليف إيران، "العدو الأول" للسعودية.
وأضاف سلام، وهو قريب من السفير البخاري، أن "موقف الرياض يعبر عن نفسه بشكل واضح جدا.. السفير السعودي لم يزر حتى الآن رئيس الحكومة".
وتابع: "موقف السعودية واضح، وهو ضرورة تشكيل حكومة فيها توازن وطني، وتمثل كل الأطراف الوطنية وتعيد لبنان إلى الصف العربي، وإلا فالمساعدات مستبعدة".
وأردف: "بالنسبة للكويت، ليس هناك حتى الآن كلام عن مساعدات، زيارة اللواء إبراهيم لم تثمر عن نتائج، وليس من المتوقع أن تصل المساعدات منها".
دعم دولي كبير
في ظل تحرك بيروت دبلوماسيا على المستوى العربي، يرى خبراء اقتصاديون أن لبنان، حتى وإن وصلته مساعدات من قطر والكويت، فهو بحاجة إلى دعم دولي كبير لإنقاذه من الانهيار، خاصة مع الاستنزاف النقدي الذي يعانيه، ويُترجم في انهيار سعر صرف الليرة مقابل الدولار.
والليرة مربوطة رسميا عند 1500 للدولار، لكن يتم تداولها حاليا في السوق غير الرسمية عند حوالي 9 آلاف ليرة لكل دولار، بعد انخفاضات حادة في الأيام الماضية.
تعليقا على احتمال وصول مساعدات من قطر والكويت، قال الخبير الاقتصاي لويس حبيقة، إن "هذه المساعدات المالية بالتأكيد تنفع لبنان، لكن هذا حسب وصول الأموال".
وأضاف: "إذا كانت المساعدات عبارة عن ودائع واستثمارات فهذا شيء، وإذا كانت مساعدات للفقراء فشيء آخر.. بكل الحالات من المهم أن تصل الأموال، خصوصا أنها تصلنا بالدولار، ونحن بحاجة إلى عرض الدولار في السوق".
وقدر حبيقة أن "لبنان بحاجة إلى 5 مليارات دولار، ولا بد أن تصل بالدولار وعبر استثمارات في القطاع الخاص، في الاقتصاد نقول إنه عندما يكون الوضع الاقتصادي والأمني سيئا، فإمكانية الربح تكون أكبر، لأن المخاطر أكبر".
مع احتدام الأزمة.. تسريح مئات العاملين بمركز طبي كبير ببيروت
مصرف لبنان المركزي يشكل لجنة لإعادة هيكلة البنوك
لبنان يطلب وقودا من الكويت لتخفيف أزمته الاقتصادية