فتحت وفاة أحد السائقين المحجور عليهم في مركز حدود العمري على الحدود الأردنية السعودية، الأربعاء، ملف معاناة سائقي الشاحنات الذين أعلنوا منذ اليوم الخميس إضرابا عن العمل.
وقال الناطق الإعلامي لمديرية الأمن العام الأردنية، عامر السرطاوي، إن أحد الأشخاص من المحجور عليهم داخل مركز حدود العمري تعرض للدهس من قبل إحدى المركبات مما أدى لوفاته، وجرى فتح تحقيق بالحادثة.
وأفاد عدد من سائقي الشاحنات في حديث لـ"عربي21" أن السائق المتوفى حاول الهروب من مكان الحجر مختبئا فوق عجلات براد شاحنة كانت تهم بمغادرة الحدود، إلا أنه سقط منها وتعرض للدهس.
وقال السائق المحجور عليه، علي الفارس، إن المتوفى فراس أبو سرحان، أجريت له ثمانية فحوصات لفيروس كورونا؛ جميعها كانت نتيجتها سلبية.
وأضاف الفارس لـ"عربي21" أن "أبو سرحان" الذي لديه ابن وحيد وخمس بنات ويقطن بمحافظة الرمثا، محتجز في الحجر الصحي منذ حوالي ثلاثة شهور ونصف، معللا طول مدة الحجز بـ"الجباية التي تأخذها الحكومة على كل فحص، حيث ندفع على الفحص الواحد 45 دينارا".
وقال إن حوالي 500 سائق شاحنة على حدود العمري يفترشون الأرض ولا يجدون مكانا ينامون فيه، مشيرا إلى أن الحكومة الأردنية تستقبل بين فينة وأخرى 20 سائقا يتم إدخالهم إلى منطقة الكرفانات، وتتم عملية انتقاء السائقين بـ"الواسطة والرشاوي" على حد وصفه، "مع العلم أن سعر الإقامة بالكرفان الواحد 140 دينارا".
وأضاف أن ابنه الذي يبلغ من العمر 9 سنوات يقف خلف بوابة الحدود ليراه من وراء القضبان، "ونحن هنا نقبع في سجن العمري مع أن فحوصاتنا سلبية"، متسائلا: "طالما أن نتيجة الفحص سلبية فما الهدف من الحجر علينا في هذه الظروف الصعبة، ولماذا لا يعاملوننا كما يعاملون السائحين القادمين من خارج البلاد؟".
وأعلنت الحكومة الأردنية، الثلاثاء، عن بدء الفتح التدريجي لحركة السفر خلال النصف الأول من شهر آب/أغسطس المقبل، على أن يتم استقبال القادمين من قائمة "الدول الخضراء" مشمولة بـ22 دولة، بحيث يجرى لهم عند الوصول إلى المطار فحص PCR للتأكد من خلوهم من الإصابة بفيروس كورونا ليتم السماح لهم بعد ذلك بمغادرة المطار.
اقرأ أيضا : اتهامات بتصفية حسابات بأكبر حملة ملاحقة ضريبية بالأردن
وأعلن سائقو الشاحنات المحجور عليهم في مركز حدود العمري، الخميس، بدأهم إضرابا مفتوحا عن العمل، إلى حين تحقيق مطالبهم المتمثلة بإلغاء الحجر للسائق الذي نتيجته سلبية أسوة بالسائحين، وإلغاء المختبر الخاص واستبداله بفريق من وزارة الصحة، والإفراج عن زميل لهم "معتقل" بمركز حدود جابر يدعى إياد البشابشة.
وحاول أحد السائقين المضربين الانتحار شنقا احتجاجا على أوضاعهم الإنسانية؛ إلا أن تدخل زملائه ورجال الأمن المتواجدين في المكان حال دون ذلك.
وكان سائق آخر قد تناول مجموعة من الحبوب، الثلاثاء، محاولا الانتحار، إلا أن زملاءه أقنعوه بالتقيؤ، ما أدى إلى نجاته من خطر الموت.
من جانبه؛ قال رئيس نقابة السائقين محمود المعايطة إن النقابة طالبت وزارة النقل ورئيس الحكومة عمر الرزاز، بتوفير مسكن صحي وجيد للمحجور عليهم من سائقي الشاحنات، أسوة بالذين يتم الحجر عليهم في الفنادق.
وأضاف لـ"عربي21" أننا لا نملك سوى التواصل مع الدوائر الرسمية، إذ إن الوصول إلى حدود العمري يحتاج تصريحا من الحكومة في ظل قوانين الدفاع المفروضة، مؤكدا أن "الحصول على هكذا تصريح صعب جدا".
من جانبه؛ أيد النائب صداح الحباشنة الإجراءات الوقائية التي تقوم بها الحكومة الأردنية لحماية المواطنين، "بشرط أن تتم الموازنة بين هذه الإجراءات وبين حقوق الإنسان".
وطالب في حديثه لـ"عربي21" بتوفير أماكن جيدة للحجر "تليق بكرامة الإنسان"، وأن يكون فحص فيروس كورونا مجانيا، متسائلا: "هل أصبحت الفحوصات تجارة للتكسب على حساب الشعب؟".
وحذر الحباشنة من اللجوء إلى الحجر المنزلي "لأن التجربة أثبتت أن كثيرين يزورون هذا المحجور عليه ويختلطون به، ما يشكل خطرا على المجتمع الأردني".
وكان نقيب أصحاب السيارات الشاحنة محمد خير داود، قد قال في تصريحات صحفية الثلاثاء، إن خسائر قطاع الشاحنات بلغت خلال الثلاثة أشهر الماضية 50 مليون دينار، بعد توقف أصحابها عن العمل منذ العمل بقرار أوامر الدفاع الذي أصدرته الحكومة الأردنية قبل أكثر من 4 أشهر، مؤكدا أن قرار الحكومة بإغلاق منطقة التبادل التجاري في مركز حدود جابر لمدة 15 يوما تسبب بخسائر تجاوزت الـ5 ملايين دينار.
وحاول موقع "عربي21" التواصل مع كل من النقيب داود، ووزير الدولة لشؤون الإعلام أمجد العضايلة، ووزير الصحة سعد جابر، والناطق باسم لجنة الأوبئة نذير عبيدات، دون جدوى.
فحص مجاني وزيادة عدد الكرافانات
إلى ذلك أعلن رئيس الوزراء عمر الرزاز، الخميس، أن الحكومة ستعمل على مضاعفة أعداد الكرفانات المخصصة للحجر والإيواء لسائقي الشاحنات، ليصبح مجموع الكرفانات الموجودة في مركز حدود العمري 535 كرافاناً.
وأكد الرزاز خلال ترؤسه اجتماعا لبحث آخر الإجراءات والقرارات المتخذة على الحدود للحد من انتشار فيروس كورونا، بحضور وزراء الداخلية، والصحة، والدولة لشؤون الإعلام، والنقل، على أهمية توفير جميع الإمكانيات والخدمات اللازمة لسائقي الشاحنات، بما يضمن لهم حياة كريمة خلال فترة الحجر الإلزامي قبل عودتهم إلى منازلهم.
كما أوعز الرزاز للجهات المعنية بإعفاء سائقي الشاحنات الأردنيين القادمين عبر مركزي حدود العمري وجابر من التكاليف المالية لفحص كورونا، وإجرائها على نفقة الحكومة اعتبارا من الأسبوع المقبل.
من جهته أشار وزير الصحة الدكتور سعد جابر إلى أن إجراءات الحكومة المتبعة على الحدود ساهمت في الحد من انتشار الفيروس داخل المملكة، لافتا إلى أن بعض الدول أصبحت تحذو حذو الأردن من خلال تطبيق الإجراءات المشددة على الحدود لضبط الإصابات القادمة من الدول المجاورة.
قرار حل إخوان الأردن.. عوامل التوقيت والضغوط الخارجية
جدل في الأردن حول الانتخابات النيابية.. وانتظار لحسم ملكي
"كورونا" يعمق جراح الصحف الورقية في الأردن